تقنية وعي بمستوى احترافي عالي الصدقية أجاب السيد مقتدى الصدر على اسئلة قناة الشرقية الضاغطة سياسيا ًوواقعيأ، اسئلة تضع غالبية سياسيي المرحلة العراقية الحرجة يتهيبون أو يهربون من الإجابات الصريحة ، حيث يتم تداولها في الغرف المغلقة .
اجابات الصدر أعطت جملة رسائل صريحة للشعب وللفرقاء السياسيين وللدول الفاعلة في العراق ، نحاول قراءة أمور تتقدم على غيرها في الواقع العراقي المأزوم .
الشيء المهم أنه اشار بوضوح تام الى المخاوف في مرحلة مابعد “داعش” محذرا ً من سيطرة المتشددين بمعنى التشكيلات المتشددة أو المتطرفة ، الميليشيات الوقحة كما أسماها ، وبهذا فأنه يطلق انذارا مبكرا ً في أهمية إنقاذ العراق من الغرق في بحر التطرف والارهاب والانهيار .
حاول الصدر تثبيت قناعته بأهمية التغيير السياسي ، مشككا ً بقدرة الحكومة على محاربة الفساد وحماية المواطنين ويعيد أهمية اقامة حكومة تكنوقراط مستقل بديلا ً عن الحكومة القائمة ، ملمحا ً الى احتمالية اشتراك اطراف سياسية داخلية في جريمة الكرادة ( أتمنى ان تكون داعش هي الفاعل في جريمة الكرادة ) ، اشارة الى وجود جهات مسلحة وفاعلة تبحث عن منفذ لإذكاء حرب طائفية تؤجل مشروع الإصلاح وتأتي بالتطرف والمتشددين ..!
ركزّ السيد الصدر على مواطنية الفرد العراقي واقترابه أو ابتعادة عن المشروع الوطني والسلام الاجتماعي والأرهاب ، دون تمييز طائفي أو اتهامات استباقية كما يذهب بعض الساسة المتطرفين وزعماء الميليشيات ، وهو يسعى لسحب الوعي الجمعي نحو منطقة التهدئة وعدم التصعيد .
اراد الصدر إيضاح مفهوم الإحزاب الإسلامية باعتراضه على تسميتها اسلامية ، مصححا ذلك بتسميتها دينية ، كون الإسلام يرتبط بالمعصوم ..الخ
ولا أجده قد وفق في هذا لأن لا احزاب دينية في العراق، اي لايوجد حزب مسيحي وآخر يهودي وثالث مندائي ، إنما هي أحزاب اسلامية فقط وبعضها يسعى بأهدافه الى الدعوة لإقامة دولة اسلامية .
اكتفى السيد مقتدى الصدر الى تقديم اجابات نصفية بطابع مجاملة ذكي حين ذهبت الأسئلة نحو العلاقة مع ايران ، او مساعدة دول اخرى في الحرب على داعش .
باختصار اقول ان الصدر لم يكن متفائلا ، ولم يقدم اجابات قاطعة كالمرات السابقة ،وبرغم صراحته العالية فأنه احتاط كثيرا ً في حديثه عن ايران وامريكا والحشد الشعبي وغيرها .