في الكثير من بلدان العالم توجد ثروات وموارد طبيعية كبيرة ومهمة ومع ذلك فإن هذه البلدان لا تنتفع بثرواتها كثيراً ذلك ان اغلب خيرات هذه الدول تذهب الى بلدان اخرى نتيجة امتلاك تلك الدول القوة التي تمكنها من فرض هيمنتها على الاخر فتعمل على استغلال خيرات الدول المنتجة لصالح سكانها فيما يظل أبناء الدول التي تنتج الثروات الطبيعية يعانون من الفقر والحرمان لعدم امتلاكهم القوة او المال والنفوذ ، وكما هو الحال في استغلال الولايات المتحدة لخيرات وموارد بعض دول أمريكا اللاتينية فتعمل تلك الدولة القوية على تسخير خيرات تلك الدول الضعيفة لرفاهية طبقات معينة في مجتمعها مقابل حرمان اغلب أبناء البلدان من ثرواتهم .
وفضلا عن الاستغلال على المستوى الدولي فان هناك استغلالا محلياً يتم داخل حدود البلد الواحد حيث تستحوذ مدينة او مقاطعة ما على خيرات وموارد مدن اخرى لانها تمتلك القوة او النفوذ فتخضع المدن المنتجة للثروات والموارد الطبيعية بسطوتها وتعمل على استغلال ثرواتها لصالحها فيما يظل أبناء المناطق المنتجة تحت رحمة الفقر والعوز وذلك ما يودي عادة الى قيام حركات الاحتجاج والتمرد وربما حتى الانتفاض في تلك المدن حتى تسترد حقوقها وعادة ما يرافق تلك الحركات الكثير من المساوئ قد لا يقل بعضها بشاعة عن الاستغلال الذي لحق بسكان تلك المناطق التي نهبت خيراتها خاصة عندما لا يقود التمرد أناس او حركات تتمتع بالوعي او ادراك حقوقها بالشكل الصحيح والمطلوب كل يحدث عندما يكون هذا الامر في ظل نظام غير ديمقراطي .
اما في حالة وجود نظام ديمقراطي حر فان سبيل الاحتجاج السلمي والمظاهرات المتكررة عادة ما يكون هو الأنجح حيث يؤتي ثماره اما عاجلا او آجلا لحل مثل هكذا ظلم ، وهذا ما يفترض ان يكون عليه الحال في بعض مناطق العراق التي لا يستفاد أبناؤها من خيراتها بالشكل المطلوب فتذهب الكثير من تلك الخيرات الى مناطق ومدن اخرى تتمتع بالقوة او النفوذ ، ولأن فهمنا للديمقراطية مشوه وغير صحيح فان السبيل الذي صار يتبعه البعض هو رد الظلم بظلم أقبح منه ويتجلى ذلك في صور متعددة منها تفضيل الأمي المحلي على المتعلم القادم من المدن الاخرى او تفضيل الموظف الفاسد ابن تلك المنطقة على الموظف الفاسد القادم من تلك المدن المسيطرة وكل ذلك سيؤدي الى زيادة الانقسام داخل أبناء المجتمع الواحد والى مزيد من التنافر والعداوة التي ستقودنا الى المزيد من الظلم والظلام على حساب العدل والحق .
ان التوزيع العادل للثروات وتحقيق العدالة الاجتماعية مع الاهتمام بالطبقات الفقيرة وسكان المدن والمناطق المنتجة للثروات سيكون كفيلا بحل اي مشكلة وسيؤدي الى تحقيق التقدم والازدهار لجميع المدن والمناطق عن طريق المشاركة والتعاون لا النهب والاستغلال ، ولكن السؤال الذي يتوجب علينا طرحه هنا هو كيف سيتم ذلك ما دام فهمنا وتطبيقنا للديموقراطية خاطئا بعد ان جعلناها منها مجرد وسيلة لتحقيق مصالح وارضاء جشع فئات وجماعات محددة دون باقي فئات المجتمع ؟ .