12 أبريل، 2024 11:40 م
Search
Close this search box.

رد الإعتبار … رد للظلم وتعويض عن المظالم

Facebook
Twitter
LinkedIn

تحتاج الدولة ودوائرها ومؤسساتها وأجهزتها المختلفة ، إلى من يقوم بأداء المهام وتنفيذ الواجبات والأعمال المنوطة بها ، ضمن خطة إدارة شؤون الدولة والمجتمع فيها ، لتأمين مصالحها بإستثمار ثرواتها الطبيعية والبشرية وحسن إستخدامهما ، وتقديم أفضل الخدمات لمواطنيها ، وبمستويات إختصاصات مختلفة ومتعددة ومتنوعة ، متقدمة ومتطورة ، تواكب تلبية الحاجات الإنسانية المتزايدة والمتجددة كما ونوعا ، ولعل أول من تلقى عليه أعباء تلك المسؤوليات للنهوض بها والوفاء لها والدفاع عنها ، أبناء الوطن الأصليين بالنسب والإنتماء . وقد تحتاج الأوطان إلى جهود غير أبنائها ، فتعمل على إستقدام العمالة إليها لإستخدامها في تنفيذ بعض مشاريعها ، خاصة التنموية منها ، مستفيدة من الخبرات المتنوعة في ميادين وسوح العمل المختلفة ، وقد تكون تلك القوى وافدة برغبة منها ، بحثا عن فرصة عمل تتناسب ومؤهلاتها ، حيث يتم ومن خلالها وبموجبها ، تبادل المنافع من غير بخس للحقوق أو إلحاق الضرر بالمصالح العامة أو الخاصة للفرد أو للمجتمع ، ولما كانت مباديء العدالة والمساواة ، تقتضي خضوع جميع الأفراد أو الجماعات ، إلى ما ينظم حياتها العملية والمعيشية ، فلا بد من وجود قواعد عامة وتفصيلية ، تؤمن تحقيق ذلك بوضوح لا يشوبه أي نوع من الغموض أو الإبهام ، ليعرف الجميع واجباتهم وحقوقهم ، بدءا من مرحلة إختيار التكليف الرسمي ، وإنتهاء بالضمانات المقررة قانونا أثناء الخدمة وبعدها .

*- إن للإشتراطات المطلوبة للتوظيف أو التعيين ، أهداف وغايات قد لا يدرك أهميتها إلا من خبر نتائجها ، وفي مقدمتها رد الإعتبار بالنسبة للمحكومين قضائيا ، الذي غالبا ما ينحصر في مراجعة قرارات الحكم الصادرة بحق المواطنين بشكل خاطئ ، وبذلك فإن ما ينشأ عن إعادة النظر فيها وتصحيحها أو إلغائها ، يمثل ردا لإعتبارهم بأنهم غير مذنبين ولا يستحقون العقوبة التي صدرت ضدهم ، إضافة إلى نظر محاكم الإستئناف أو التمييز في الطعون المقدمة إليها والخروج بمثل تلك النتائج ، مما أدى إلى إلغاء قانون رد الإعتبار رقم (93) لسنة 1963 وتعديله رقم (70) لسنة 1966 مع إلغاء كل نص في القوانين الأخرى ، يتعارض صراحة أو دلالة مع أحكام قانون رد الإعتبار رقم (3) لسنة 1967 ، بغية التخفيف عن كاهل المحكومين ، وفسح المجال أمامهم بعد خروجهم من السجن للعيش الشريف ، وإعادة الحقوق التقاعدية لمن لم يحكم بجريمة مخلة بالشرف تتعلق بوظيفته الرسمية ، والتفريق بين الجريمة السياسية وغير السياسية ، نظرا لطبيعة الجريمة المرتكبة أو علاقتها بالوظيفة ، إذ في الوقت الذي تراعى فيه حقوق الأفراد ، فإنها من جهة ثانية لا تهدر حقوق الآخرين ولا مصالح الدولة .

*- ولضرورة إعادة العمل بموجب أحكام قانون رد الإعتبار رقم (3) لسنة 1967 ، المعدل بالقانون رقم (183) لسنة 1968 ، وإعادة صياغته بما يضمن تشديد أحكامه بسبب إزدياد عدد الخارجين على القانون ومن ساندهم بعد الإحتلال البغيض ، وتماديهم في إرتكاب جرائم الإرهاب البشعة وإنتهاكات حقوق الإنسان التي لا يمكن نسيانها ، إضافة إلى تنفيذ القصاص العادل بالجناة القتلة وسراق المال العام والخاص ، وأرباب الفتن العرقية والطائفية والمذهبية ، ممن فقدوا إعتبارهم الأخلاقي والإنساني بشكل لا يمكن رده ، ولا يمكن التعامل معه إلا بما يتناسب وجعل عقوبته شديدة وقاسية ، بالقدر الذي يجسد الحرص على إجتثاث أصول وفروع الجريمة النكراء ، بإجراءات وقائية فاعلة ، لا تبقي ولا تذر من جنسها ، إلا ما يكون عبرة لمن يريد أن يعتبر ، ويعيش في مجتمع آمن ومستقر ، نستذكر بعض ما نصت عليه المادة (1) منه ، على أن ( أ- من حكم عليه بجناية أو جنحة مخلتين بالشرف أو بجناية غير سياسية يزيد حدها الأقصى على خمس سنوات ، يحرم من التمتع بحقوق ( التوظيف أو الإستخدام في الدوائر الرسمية وشبه الرسمية ، وحمل السلاح والوصاية والقوامة والوكالة وحمل الأوسمة وأي حق يقرر الحرمان منه بقانون آخر) و ( ب- لا تطبق أحكام هذه المادة على الأحداث ، أو على المحكومين مع إيقاف التنفيذ ، لأغراض هذا القانون وقوانين التقاعد) . أما المادة (2) منه ، فقد نصت على أن ( أ- تعتبر الجريمة سياسية إذا أرتكبت بدافع سياسي ، سـواء وقعت علـى الحقوق العامة أو الخاصة ، ما لم تكن في جميع الحالات قد أرتكبت بدافـع أناني دنيء . ولا تعتبر الجرائم التالية سياسية – القتل العمد والإعتداء الجسيم على الأشخاص أو الأموال ، حرقا أو نسفا أو إتلافا أو إغراقا ، والجرائم المخلة بالشرف كالسرقة والإختلاس والتزوير وخيانة الأمانة والرشوة وهتك العرض ) و ( ب- تعين المحكمة في الحكم ، ما إذا كانت الجريمة سياسية أو عادية أو مخلة بالشرف أو غير مخلة به ، ويكون قرارها تابعا لطرق الطعن القانونية معه ) . ونصت المادة (3/أ) منه ، على أن ( أ- يرد بقرار قضائي إعتبار المحكوم عليه ، عند توافر الشروط بأن تكون العقوبة قد نفذت أو أسقطت عنه قانونا . ونفذ ما عليه من إلتزامات مالية للمحكوم له ، أو قام بإجراء تسوية عنها . ورد إعتباره التجاري إذا كان محكوما عن جريمة إفلاس . وأحسن سلوكه داخل السجن وبعد خروجه منه مدة لا تقل عن :-

أولا- أربع سنوات إذا كان محكوما عن جناية مخلة بالشرف حدها الأقصى يزيد على سبع سنوات .

ثانيا- سنتين إذا كان محكوما عن جناية مخلة بالشرف حدها الأقصى لا يزيد على سبع سنوات ، أو عن جنحة مخلة به .

ثالثا- سنتين إذا كان محكوما عن جناية غير مخلة بالشرف حدها الأقصى يزيد على سبع سنوات .

رابعا- سنة واحدة إذا كان محكوما عن جناية غير مخلـة بالشرف حدها الأقصى لا يزيد على سبع سنوات ، وتضاعف المدد المبينة في الفقرات المتقدمة في حالة العود .

ب- تبدأ المدد المبينة في الفقرات المتقدمة بالنسبة للمحكوم عليهم ، بغرامة من يوم دفعها أو من يوم إنتهاء الحبس البلدي عنها.

ج- يرد بقرار قضائي ، إعتبار المحكوم الذي صدر عفو خاص عنه ، سواء عن كل العقوبة أو الجزء الباقي منها ، دون التقيد بالشروط الأخرى ، على أن يكون قد أدى ما عليه من إلتزامات مالية أو أجرى تسوية عنها ، ويسري حكم هذه الفقرة على الماضي لمن أعتبرت جرائمهم عادية .

*- وبرد الإعتبار بعد مرور المدد المذكورة وعلى وفق الشروط المطلوبة ، يكون بإمكان المحكوم عليه سابقا طلب التوظيف أو التعيين في دوائر الدولة ، إلا إن القرار المرقم (997) في 30/7/1978 ، القاضي بإلغاء بعض أحكام قانون رد الإعتبار ، قد نص على إلغاء المواد من (342) إلى (351) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971- المعدل ، وألغى كذلك كل نص يشترط رد الإعتبار لإستعادة المحكوم عليه ، الحقوق والمزايا أينما وردت في القوانين والأنظمة ، كما ألغى نص المادة (96) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 وحل محله أحكاما بديلة ، ومنها ما نص عليه البند ( ثالثا ) منه على أن ( 1- يعتبر المحكوم عليه من العاملين في الدولة أو القطاع الإشتراكي موظفا كان أم عاملا ، مفصولا من الخدمة العامة خلال مدة بقائه في السجن ) و (2- يعاد المحكوم عليه من العسكريين ورجال الشرطة والموظفين والعمال والمستخدمين إلى الخدمة العامة بعد خروجه من السجن ، إلا إذا فقد شرطا من شروط التعيين ، ولا يحرم من تولي الخدمات العامة بشكل نهائي ، وإذا وجد مانع من إعادته إلى العمل الذي فصل منه ، فيعين في عمل آخر في الدولة أو القطاع الإشتراكي ) . كما نص البند (رابعا) منه على إلغاء نص المادة (100) من قانون العقوبات ، ليحل محله ( أ- للمحكمة عند الحكم بالسجن المؤبد أو المؤقت أو بالحبس مدة تزيد على السنة ، أن تقرر حرمان المحكوم عليه من حق أو أكثر من الحقوق المبينة أدناه ، لمدة لا تزيد على سنتين ، إبتداءا من تأريخ إنتهاء تنفيذ العقوبة أو من تأريخ إنقضائها لأي سبب كان . عند ( تولي بعض الوظائف والخدمات العامـة ، على أن يحدد ما هو محـرم عليه منها بقرار الحكم ، وأن يكون القرار مسببا تسبيبا كافيا . وحمل أوسمة وطنية أو أجنبية . والحقوق والمزايا الواردة في الفقرة (ثانيا) من هذا القرار كلا أو بعضا ) … إلخ .

*- إن قرار إلغاء قانون رد الإعتبار ، لم يترك المحكوم عليهم بعد إنقضاء مدة محكوميتهم من دون خضوعهم لقيود الحرمان من بعض الحقوق والمزايا ، وإنما جرى تخفيفها إلى أقصى ما يمكن من التخفيف ، لإفساح المجال أمامهم لإثبات حسن النوايا في التعامل مع الآخرين ، بعد إنتهاء مدة العقوبة مباشرة وبالطريقة التي حددها القرار ، إلا أن ذلك لم يؤد إلى النتائج المتوخاة ، حيث إرتكب الكثيرون ما لم يكن متوقعا من الجرائم المتنوعة والعديدة ، خاصة في زمن الحصار الإقتصادي الجائر على أبناء العراق للمدة ما بين (1991- 2003 ) ، وكان من بين مرتكبي تلك الجرائم ، موظفون ذو شأن إداري في الوسط الوظيفي ، إلا أنهم كانوا أقل عددا وأكثر دهاء ممن عاثوا في دوائر الدولة فسادا بعد الإحتلال الأمريكي البغيض ، ولكن الطامة الكبرى أن يصبح أرباب السوابق في الإجرام قبل الإحتلال وبعده ، أصحاب رأي وقرار ونفوذ ، بسبب عدم تطبيق أحكام القرار المذكور ، ليشغل أغلبهم وظائف متقدمة في إدارة شؤون الدولة ، وإن كانوا لا يمتلكون الحد الأدنى من النزاهة والكفاءة والجدارة ، ليصنف العراق بفضل جهلهم الإداري وعدم أهليتهم ونزاهتهم ، من أوائل بلدان العالم في الفساد الإداري والمالي ، إلى أن يعهد بالإدارة إلى ذوي الكفاءة والخبرة المهنية الفعلية والنزيهة ، لتعود إلى العراق وأهله عافيته ومكانته التي تليق به ، وعلى أن يباشر بإعداد قانون تطهير الجهاز الحكومي ، لمعالجة ما علق به من أدران المحاصصة الطائفية المقيتة ، بإزالة العناصر الفاسدة وإبعادها عن الإدارة الحكومية ، بعد التحقق من عدم الكفاءة أو النزاهة أو الإستقامة ، أو سوء السلوك المتمثل بالإستهتار الخلقي والرشوة بأي وجه كان ، وإستخدام النفوذ الرسمي أو إستعمال السلطة لتأمين منافع وتحقيق رغبات خاصة ، إلى غير ذلك من ظواهر وعناصر مقومات الفساد الإداري والمالي ولتربوي ، عن طريق دراسة أضابيرهم الشخصية ، وكافة أنواع الأدلة والقرائن والبراهين ، بما فيها الشهرة والتواتر ، ومظاهر الحياة التي يحياها الموظف حاليا ، بالمقارنة مع ما كانت عليه حالته الإجتماعية والإقتصادية قبل الإحتلال ( من أين لك هذا ) ، إضافة إلى إعداد قانون رد الظلم والتعويض عن المظالم ، لمعالجة ما تعرض إليه بعض منتسبي الخدمة الحكومية من ضرر ، لأسباب لا تتعلق بكفاءتهم أو نزاهتهم أو سلوكهم ، وربما حيل بين البعض منهم وبين الإستمرار في الخدمة ، أو حجب عنهم دخول الوظائف العامة ، لأسباب عرقية أو طائفية أو مذهبية أو مناطقية لا تمت إلى المصلحة العامة بصلة ، بغية رفع الحيف عنهم ، وتهيئة السبل لمساواتهم بأقرانهم ممن استمروا في الخدمة ، والإفادة من خبرات البعض منهم ، في تطوير وتنمية الخدمة والوظيفة العامة ، ورفع مستواها وتحسين أداءها وتبسيط إجراءاتها .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب