23 ديسمبر، 2024 1:25 م

ردا على مقال محمد جواد سنبه : السيد السيستاني بين مجاملات السياسة و التقاعس عن الدور المرجعي

ردا على مقال محمد جواد سنبه : السيد السيستاني بين مجاملات السياسة و التقاعس عن الدور المرجعي

1- و مِن سَماعِ تسجيلاتِ الشَيخِ اليَعقوبي، و القاضي الدّكتور وائل عبد اللطيف(روابط هذه التسجيلات في ذيل المقال)، يتّضِحُ أَنَّ قانونَ الأحوالِ المدنيّةِ الجَعفريّ (غيرُ مُلزِمٍ)، و أَباحَ للشخصِ أَنْ يختارَ، أَيّاً من القانونينِ يريدُ أَنْ تُطبَّقَ على قضيَّتهِ، قانونُ الأحوالِ الشخصيّةِ الجَعفريّ، أَمّ قانونُ الأحوالِ الشخصيّةِ ذيّ الرقمِ 188 لسنةِ 1959.

و إِنَّني أَتساءلُ (و أُشهدُ اللهَ تعالى بأَنَّني غيرُ مُنتمي، لأيَّةِ جهةٍ سياسيةٍ أَو حزبية)، ما قيمةُ قانونٍ غيرِ مُلْزِمٍ؟. و مِن المعروفِ عندَ فُقهاءِ القانونِ، إِنَّ مِن أَهمِّ مُميّزاتِ القوانينِ، قُوّةَ التَّطبيقِ القَسريَّةِ، الّتي تَسري على الجميع، حَتى يُضمَنَ للقانونِ تطبيقَه على أَرضِ الواقع.                                                                                                                  

الجواب على الاشكال الاول:

قيمة القانون وان كان غير ملزم ابتداءا قبل التحاكم وفق مضامينه انه يوفر الخيار و الحرية للمواطن الشيعي ان ينظم سلوكه الشخصي وفق معتقداته و مبتنياته الفقهية خصوصا اذا وردت في الرسالة العملية للفقهاء الشيعة و الالتزام بهذه الاحكام يمنع من الوقوع في الحرام والشبهة و اكل حقوق الاخرين المالية فأذا كنت جنابك لا ترى فائدة بتوفير حرية الاحتكام للشريعة الاسلامية وتعتقد ان الاحتكام للقانون النافذ الذي تضمن مخالفات صريحة للشريعة امر لا حرج فيه فهذا اعتقادك الخاص ولا يحق لك ان تكره الاخرين للالتزام بتنظيم سلوكياتهم الشخصية وفق مذهبهم الذي يؤمنون الم تقل (لا اكراه في الدين) أما قولك لا فائدة من قانون غير ملزم فأصل الالتزام بالشريعة و اعتناقها هو بالخيار و لكن حينما يؤمن الانسان و يعتقد بشريعة فأنه يستمر بألتزام احكامها في جميع شؤون حياته ايمانا منه برصانة و استقامه احكامها و تضمنها لمصالحه الدنيوية و الاخروية و لنهيها له عن مفاسد تضره دنيويا و اخرويا.

و قولك (ان اهم مميزات القوانين قوة التطبيق القسرية التي تسري على الجميع) قولك هذا صحيح فيما يختص بالموضوعات ذات البعد الاجتماعي العام والقسر فيها لمنع تمدد او تجاوز فرد او مجموعة على حقوق و حريات المجتمع و المجموعات الاخرى . و لكن في خصوص قانون ينظم السلوكيات الشخصية فيمكن ان يتضمن القانون آلية الخيار و الطوعية في الالتزام به او بغيره و لكن عقيدة اتباع اهل البيت عليهم السلام التي يؤمنون بها تضمنت تشريعات تعالج سلوكياتهم الخاصة و مسؤوليتك و مسؤولية المرجع ان توفر الاجواء و الظروف التي تلائم و تيسر التزامهم بعقائدهم و مبانيهم الفقهية.

  2- قولك (لا ينبغي ل(الشَيخِ اليَعقوبي)، و هو يُعلنُ عن نفسهِ بأَنَّهُ مرجعٌ ديني، أَنْ يَتهجمَ بهذا الشكلِ على مرجعيَّةٍ أُخرى، تُخالفَهُ في وِجهةِ النَّظر. فمِنْ حَقِّ الآخرين الموافقَةِ، أو الاعتراضِ على القانونينِ، فلكُلٍ وِجهَةُ نظَرِهِ المحترمَةِ، في ذلك. هذا معَ عامَّةِ النَّاسِ، فكيّفَ الأمرُ بشخصٍ كالشَيخِ اليَعقوبي الّذي يُوجّهُ حِزباً سياسيّاً، و يرعى طلبةً يُدرِّسُها العلومَ الدينيَّةِ؟. أَينَ منهج لا إِكراهَ في الدين؟. أَينَ منهج الحوّزةِ العلميَّةِ، الّذي خَرَّجَ آلاف العُلماءِ، و فيهم مَن يَختلف معَ الآخرين مِن العلماءِ، في عددٍ من المسائلِ و الآراءِ و الأَحكامِ الفِقهيَّةِ؟) 

الجواب على الاشكال الثاني:حق الموافقة او الاعتراض على ظاهرة او ممارسة او قانون تنظمه الشريعة المقدسة و قواعدها و اصولها في الاحكام. وليس الامر متعلق بقضية شخصية مباحة حتى لا يمكن لنا ان ننتقد او نعترض على موقف السيد السيستاني الرافض والمعطل لقانون شرعي.

و الاختلاف مرة ينشأ من اختلاف المبنى او المنهج الفقهي و نتائج الاستنباط المترتبة عليه وهذا محترم كما ذكرت جنابك ولكن حينما يتفق الجميع على حكم معين و نتيجة استنباط واحدة فمن يتخلف عن الالتزام بها و بمؤداها يكون عرضة للنقد واللوم و العتب.

و ما نحن فيه واضح فالسيد السيستاني في رسالته العملية بخصوص موضوعات الاحوال الشخصية فتاواه لا تتفق مع القانون النافذ المخالف للشريعة وخالف السيد السيستاني فتاواه بموقفه العملي المعطل لاقرار القانون الجعفري. افلا يحق لك ولي ان نستغرب و نتساءل و للمراجع الاخرين ان ينتقدوا و يعترضوا و ينبهوا السد السيستاني على خطأه بتعطيل القانون الشرعي.

و ما ذكرته جنابك ليس موردا للقاعدة الشرعية (لا اكراه في الدين) فهي في مورد عدم اجبار الناس على العقيدة قهرا او قسرا و السيد السيستاني مرجع اعلى للشيعة الذين يؤمنون بتعاليم اهل البيت الشاملة لكل مناحي الحياة الفردية والاجتماعية فهو يؤمن – السيد السيستاني- بأحكام القانون الجعفري و ضمن رسالته العملية احكامها فما المبرر للتعطيل و هل يصح حينما ينتقد موقف المعطل للقانون الجعفري و هو المفروض كمرجع اعلى شاهد ورقيب على تصحيح سلوكيات الشيعة ان تقول جنابك لا تكرهوا السيد السيستاني على الالتزام بأحكام الشريعة في الاحوال الشخصية؟؟

3- قولك (أَلا يَفُتُّ في عَضُدِ مَذهبِ أَهلِ البيّتِ(ع)، أَنْ يكونَ خِطابُ الشَيخِ اليَعقوبي، مُوجَّهاً بهذهِ الحدَّةِ، ضِدَّ شخصِ السيّدِ السيستاني )

الجواب على الاشكال الثالث:ان ما يفت في عضد مذهب اهل البيت ليس نقد السيد السيستاني و تذكيره بمسؤوليته الشرعية و انما موقف السيد السيستاني الرافض و المعطل لاحكام اهل البيت عليهم السلام هو من يضعف و يفتت المذهب و يقرح قلب الامام المهدي عليه السلام.

4- قولك (أَلا يأمرُنا الإِسلامُ بتوّقيرِ الكبيرِ، لا سيّما أَنَّ السيّدَ السيستاني بمقامِ الوالدِ و المُربي للجميع.)

الجواب على الاشكال الرابع: نعم يأمرنا الاسلام بتوقير الكبير و لكن حينما يخطأ الكبير تقتضي المسؤولية الشرعية والادبية ان نقول له لماذا اخطأت خصوصا اذا كان خطأه جسيم و هو يمثل موقع مقدس فنسبة الخطأ تتناسب طرديا مع اهمية الموقع . اذا ان خطأ السيد السيستاني تنتشر اثاره السلبية على ملايين الناس و هذا ما يستلزم نقد خطأه بقوة تتناسب مع اثار خطأه و امتداداته الواسعة على المجتمع.

و لكن اسألك ايهما المقدم في ملاك الاحترام والتوقير توقير كبر السن ام استقامة المواقف و تحمل المسؤولية الشرعية و التزام احكام اهل البيت عليهم السلام؟؟

5- قولك (لماذا نُسَقِطُ هيّبَةَ مرجعيَّةِ مَذهبِ أَهلِ البيّتِ(ع)، في عُيونِ أَبنائنا، قبلَ أَعدائنا؟ و بدلاً مِن هذهِ الحربِ الدّاخليَّةِ المدمّرةِ لكيانِنا الّديني، بسببِ عدمِ تَشريعِ قانونٍ (غيرِ مُلزِمٍ)، أَليسَ الأَجدرُ أَنْ نُوَحِدَ كُلَّ الجُهودِ، مِن أَجلِ مُحاربَةِ الإِرهابِ عقائدياً و فكرياً و ثقافياً؟.)

الجواب على الاشكال الخامس: لم تسقط هيبة السيد السيستاني الا بسبب موقفه الرافض و المعطل لاحكام الشريعة. ولامجاملة و لاقرابة مع اي شخص اذا عطل احكام الشريعة.

نعم اتفق معك بضرورة توحد الجهود لمحاربة الارهاب عقائديا و فكريا وثقافيا. و لكن هل نغض النظر عن اساءة بالغة و رزية عظيمة كالتي سببها موقف السيد السيستاني الرافض للقانون الجعفري , و مقتضى ما تدعو له جنابك كان يستدعي ان يرفض السيد السيستاني قانون تعديل المساءلة والعدالة الذي اقره مجلس الوزراء و منح امتيازات غير معقولة لجلادي الشعب العراقي.

6- قولك (هَلّْ الشَيخُ اليَعقوبي، يُؤسسُ لمشروعٍ يُفضي بالنيجَةِ، لإِنتَاجِ مُتطرفينَ، داخلَ الحوزةِ العلميَّة. لا يَتوَرَعونَ عن القَدحِ بالآخرين، مِن أَجلِ قضيَّةٍ سياسيَّةٍ، ليستْ بتلكَ الضرورَةِ، الّتي يحتاجُها المُجتمعُ، في الظَّرفِ الرّاهنِ)

الجواب على الاشكال السادس: القضية ليست سياسية يا عزيزي بل ترتبط بصلب دين واعتقاد الشيعة و الدليل على ذلك موقف المرجع الراحل السيد الحكيم الذي اعترض على تشريع القانون النافذ رقم 188 سنة 1959 لكونه يخالف الشريعة و رفض المرجع محسن الحكيم لقاء الزعيم عبد الكريم قاسم بسبب تشريع قانون الاحوال الشخصية المذكور المتضمن لمخالفات شرعية واضحة و اتهامك للمرجع اليعقوبي بأنه يؤسس لمشروع يقود اشخاص لا يتورعون عن القدح بالاخرين محاولة تضليل و خداع واضح فصلب مسؤولية الحوزة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر و تذكير المخطيء بخطأه و تنبيه المتقاعس لاداء دوره فما بالك اذا كان المتقاعس هو (المرجع الاعلى)؟؟

7- قولك (الشَيخُ اليَعقوبي في حديثهِ، أعتبرَ أَنَّ زيجاتَنا، و مُطلَقاتَنا، و أَبناءَنا، و مواريثَنا، مَحلُّ شُبهَةٍ (حسبَ رأيه). بسببِ عدمِ وجودِ قانونِ الأحوالِ الشخصيّةِ الجَعفريّ. في حينِ يقولُ القاضي وائل عبد اللطيف، (بما معناه): إِنَّ قانونَ الاحكامِ الشَخصيَّةِ الحَالي، يَضمنُ لكلِّ شَخصٍ، تَطبيقَ الأَحكامِ الشرعيَّةِ الخاصَّةِ بطائِفتِهِ الدّينيَّةِ، فيما يخصُّ الاحوالُ الشخصيَّة.)

الجواب على الاشكال السابع: تقول يقول القاضي عبد اللطيف مع احترامي لك وللقاضي المذكور و لكن هذا ليس من اختصاصه بيان تطابق او عدم تطابق احكام القانون النافذ مع الشريعة , فأذا كان المرجع محسن الحكيم اعترض على تشريع القانون عام 1959 لمخالفته للشريعة هل يصح لك ان تستدل بقول قاضي. ثم اعلم ان جميع المراجع بأستثناء السيد لاسيستاني ايدوا و دعموا تشريع القانون الجعفري فهل يعتمد قول قاض مع اقوال و مواقف مراجع الشيعة العديدين؟؟

و اسأل السيد السيستاني هل يجوز اجراء صيغة العقد الشرعي للزواج بأية صيغة عرفية غير الصيغة الشرعية؟ سيجيبك كلا و القانون الوضعي (188) يجيز اجراء عقد الزواج بأية صيغة عرفية غير الصيغة الشرعية.

و يجيز القانون الوضعي للقاضي ان يفرق بين الرجل وامرأته دون رضاه و هو ما يبقي زوجته بذمته شرعا و قد تذهب للزواج بأخر اعتمادا على تفريق القاضي الوضعي و تحصل الشبهات بالانساب – يا عزيزي-

8- قولك (و بعدَ مراجعَةِ الأَخبَارِ المُوثَّقَةِ، تَبيَّنَ أَنَّ مَجلِسَ الوزراءِ، رفضَ التَّصويتَ على مشروعِ القانونينِ، يومَ 3/12/2013، في حينِ كانَتْ زيارةُ السيّدةِ الوَزيرةِ، لمكتبِ السَيّدِ السيستاني يوم 4/12/2013، أَيّ بعدَ اجتماعِ مَجلسِ الوزراءِ بيومٍ واحدٍ.

و جديرٌ بالذكرِ أَنَّ السيّدةَ وزيرةَ الدّولةِ لشؤونِ المرأةِ، الدكتورة ابتهال كاصد الزيدي، قدّ خاطبتْ مكتبَ السَيّدِ السيستاني، بكتابِ وزارةِ الدّولةِ لشؤونِ المرأةِ، ذِي الرقم 1197 في 4/12/013 موضِحَةً فيهِ العديدِ منَ النُقاطِ، الّتي بحاجةٍ إِلى المراجعِة و إعادةِ النظرِ، الّتي تضمَّنها قانونُ الأحوالِ الشخصيَّةِ الجَعفري. و إِنَّ تطبيقَهُ يُسببُ مشاكلَ اجتماعيَّةً، في مُقدَّمَتِها الطَّلاقُ بسببِ الزَّواجِ المُبَكِّر. حيثُ بيَّنَتْ السَيّدَةُ الوزيرةُ، الزيادَةَ المُقلقَةَ بسببِ كُثرَةِ حالاتِ الطَّلاقِ، بيّنَ الراشدينَ. فكيّفَ الأَمرُ بالفِئاتِ العُمريَّةِ، مِنَ الّذينَ، أَعمارُهُم دُونَ الثامنةِ عشرة مِنَ العُمر.)

الجواب على الاشكال الثامن: تحاول هنا للاسف خلط الاوراق و تضييع الحقائق و تبديل الوقائع فوزيرة المرأة التقت بالشيخ الكربلائي قبل التصويت على القانون في مجلس الوزراء بمدة و التقت بممثل السيد السيستاني الشيخ علي الانصاري و اخبراها كلاهما بعدم موافقة المرجعية العليا على اقرار القانون الجعفري.

و كما تعلم ان الشيخ الكربلائي يمثل وينقل رأي السيد السيستاني و الشاهد على ذلك قراءة الشيخ الكربلائي لبيان السيد السيستاني يوم الجمعة السابق في خطبة الجمعة حول قانون التقاعد الموحد.

نعم الوزيرة بعد جلسة مجلس الوزراء ارسلت رسالة تحريرية للسيد السيستاني و لم يرد جواب من السيد السيستاني لحد هذا اليوم فاسألك اذا المرجع لا يجيب على سؤال فقهي مهم تضاعفت اهميته و اثاره على مجمل المجتمع اكثر من شهرين لا بكلمة نعم و لا بكلمة لا فما تفسيرك لهذا السلوك من المرجع الاعلى.

فلماذا يتردد المرجع الاعلى من اعلان تأييده خصوصا بعد سؤال وزيرة المرأة التحريري و اذا يكون جوابه بالتأييد فيوجد متسع لاقرار القانون في مجلس الوزراء الا تتفق معي ان هذا تعطيل للقانون الجعفري وعدم رغبة في اقراره.

انك ذكرت ان مشاكل اجتماعية تترتب على تطبيقه بسبب الزواج المبكر ؟ و هذا اعتراض منك على التشريع والحكم الشرعي. والا اذا اساءت الناس التطبيق فليس ذلك مدعاة لالغاء التشريع بل مهمة الحوزة تثقيف الناس و توعيتهم وهذه احدى المفارقات التي تدلل على تناقض اقوالك بالدفاع عن القانون الوضعي و انه لا يخالف احكام الشريعة.

فها انت تقول الزواج المبكر وفق الشريعة دون السن المسموح به للزواج في القانون الوضعي.

بغض النظر عن رأيك او تقييمك لان الدين لا يؤخذ من اراء الناس بل من مصادر شرعية محددة القراءن وسنة الرسول الاكرم صلى الله عليه واله و اهل بيته عليهم السلام.