من يطلع على اللقاء الصحفي الذي أجرته صحيفة الشرق الأوسط السعودية مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يجد إن السيد قد وضح الكثير من الحقائق التي يجب الوقوف عندها وعدم تغافلها باي حال من الاحوال على الرغم من اجتهاد القائم باللقاء الصحفي في صياغة الاسئلة والاجوبةلتتلاءم مع سياسة الجريدة.
وبالعودة لكلام السيد مقتدى نجد انه عندما تم توجيه السؤال التالي إليه:
(كيف ترى الأوضاع في العراق.. وإلى أين تمضي في اعتقادكم؟)
أجاب :-
– قلت.. وما زلت أقول إن الأوضاع في العراق في خطر.. وليس العراق اليوم في قمة الخطر وحسب، بل إن هناك ما هو أكثر من ذلك مقبل على العراق. فالعراق بات الآن أسير الإرهاب، وأسير التشدد والعنف. فالحاكم في العراق هو الإرهاب والسيارات المفخخة والقتل والدم، وليس من أي شيء يحكم وليس من قوانين سوى الموت هو الذي يحكم.. هذا هو العراق وهذه هي أوضاعه”
وهنا اراد السيد مقتدى ان يمرر رسالة مهمة للشعب العراقي وهي ان من يقوم بالقتل والتفخيخ ليس جهة واحدة وليست جماعة معينة فهناك البعث والقاعدة واصحاب الاموال والدول الاقليمية والمخابرات المعادية للإسلام..و..و..و لذلك أجملها السيد بعنوان (الارهاب) فهو كما يقال بالمنطق جامع مانع لكل هذه الجهات ولاتحتاج الى تسمية فهذه الجهات تتوزع بين من يمول وبين من يدعم اعلاميا وبين من ينقل ارهابيين ووغيرها من الادوار القبيحة .
(وعندما سأله الصحفي كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد.. ومن قادها إلى هذا الوضع؟)
أجاب
” برأيي سبب ذلك هو عدم وجود شخصية أبوية حاكمة.. لو كان هناك حاكم أب راعٍ لكل أطياف المجتمع لما آل الوضع إلى ما هو عليه.. بالإضافة إلى السبب الرئيس وهو «هدام» (صدام حسين) والاحتلال”
وهنا اراد السيد ان يوجه رسالة الى الجهة السياسية التي تحكم العراق ان تنتهج النهج الابوي مع ابناء شعبها والا تنظر بعين عوراء فالمواطنين متساويين في الحقوق والواجبات ولايفرق بينهم الدين او المذهب او العرق والرسالة الثانية الى الجهة الدينية والمتمثلة بالحوزة العلمية ان تصحح الكثير من الافكار التي سبق وان هدها الشهيد الثائر محمد الصدر( رضوان الله تعالى عليه ) وهي ان المرجع ابا لجميع العراقيين ومايترتب على الاب في العائلة يترتب على المرجع في العراق
وبخصوص السؤال الذي تضمن ما يلي ( أنتم من أوصلتم من يحكم العراق اليوم، ولنسمِّه نوري المالكي، رئيس وزراء العراق، إلى الحكم للمرة الثانية، واليوم تتحدثون ضده؟)
اجاب:-
” نعم، هذا صحيح.. فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم”
هذه نقطة يعترف بها العدو قبل الصديق فلولا موافقة كتلة الاحرار التي تأتمر بأمر السيد مقتدى الصدر لن يكون هناك رئيس وزراء من التحالف الوطني ولن يكون هناك مالكي او غيره وهذه النقطة يعترف بها المالكي نفسه وان حاول اكثر من مرة ان يغض الطرف عنها او يحاول تشويهها وكل من ينكر ذلك اما متوهم أو انه يعمل لأجندة خاصة .
(وبخصوص السؤال الذي تمحور حول هل تعتقدون أن المالكي سيبقى لولاية ثالثة كرئيس للحكومة؟)
اجاب :-
” سيبقى.. مع هذا الوضع الشعبي والوضع السياسي سيبقى ولمدى الحياة”
وهذا الجواب هو اقوى ما موجود في اللقاء حيث انها رسالة الى الشعب العراقي المظلوم والمغيب ان ينتبه الى نقطة مهمة جدا وهي ان رئيس الوزراء الحالي قد فشل فشلا ذريعا في ادارة البلاد ومع ذلك فهو سيبقى اذا بقي الحال عما هو عليه من تغافل الشعب وعدم معرفته بحقائق الامور والتي من اهمها ان سبب كل مايمر به البلد من مآسي سببها وجود شخص المالكي فاذا اراد الشعب ان يغير فهو القادر على ذلك واما مايمر به البلد من احداث فهي تصب جملة وتفصيلا في مصلحة المالكي مع العلم ان السيد في اكثر من مرة يبين انه لا يوجد هناك استهداف او عداء لشخص المالكي وانما المشكلة تكمن في ادارته الفاشلة .
(وعند سؤال السيد حول الوضع الشعبي يبدو ضده (المالكي)؟)
أجاب” يبدو ضده.. لكن في الحقيقة هناك معطيات أخرى غير الوضع الشعبي.. هناك مفوضية الانتخابات، وهناك الأعوان، وهناك الدعم الخارجي، ودعم داخلي.. هناك أمور كثيرة ومقومات أخرى تقوم الحكومة وليس فقط الشعب، هذا ما عدا وجود المخططات السياسية، وقد يتعاون مع الأكراد من جديد، ويتعاون مع (أسامة) النجيفي من جديد، ويتعاون مع (العرب) السنة من جديد، وقد تحدث قصة جديدة ويحصل من خلالها على الأصوات من أجل أن يبقى. هذا ما أقوله أنا.. وأرجو أن تكتب ذلك وتثبته، هذا إذا قامت انتخابات برلمانية في العراق من أصله، مرة أخرى وفي موعدها.. قد يتم تأجيلها وقد تؤجل إلى أجل غير مسمى. وقد تحدث أمور أخرى”
نعم كان السيد صادقا في تحليله وهو ان المالكي قد اتفقت الكثير من الظروف والاحداث الى ابقائه في السلطة على الرغم من وجود الرفض الشعبي وهذه الجهات والامور التي عددها السيد في جوابه ستكون حائلا امام ارادة الشعب
اما بخصوص السؤال ( بأن بعض المراقبين يقولون إن الحكومة القادمة سيشكلها التيار الصدري.. ما رأيكم في ذلك؟)
اجاب :
“إذا كتب للتيار الصدري تشكيل الحكومة القادمة بروح وطنية وبروح أبوية فأنا معه، وإلا فأنا ضد التيار الصدري إذا اقترف هذه الذنوب التي تقترفها الحكومة اليوم. أنا لست صاحبا (صديقا) لأحد، أنا صاحب الشعب العراقي.. أنا صاحب العراق. إذا العراق استفاد فأنا معه وإذا لا.. فلست معه. أنا معروف عني أستنكر وأصدر تعليمات كصاكيص (أي الأوراق القصيرة المقصوصة) ضد من ينتمي إلي أكثر مما أصدرها بحق الآخرين”
وهذا الذي يخشاه اعداء البلاد من داخل البلد ومن خارجه فبحكم القاعدة الشعبية التي يمتلكها التيار وفشل الجهات الاخرى التي تصدت لإدارة البلد فان التوقعات تتجه نحو قدرة التيار الصدري في حصد الاغلبية داخل الاوساط الشيعية وكنتيجة طبيعية سيقوم بتشكيل الحكومة .
وعندما سأله الصحفي (هل هناك فساد مالي في التيار الصدري أو الهيئة السياسية أو كتلة الأحرار ؟)
اجاب :
“لا أخفي عليك، أنا أبحث وأرصد أي حالة فساد في التيار الصدري أو الهيئة السياسية أو كتلة الأحرار، وإذا اكتشفت وجود فساد فسوف أكشفه للعالم اليوم قبل الغد”
وهذا مالم يفعل اي قائد او مسؤول لجهة سياسية او دينية لأنه في الاغلب تقوم القيادة بالتستر على افرادها بحجة المصلحة العامة بينما نرى القيادة الصدرية تختلف عن ذلك فهي السباقة لفضح ومحاسبة كل انحراف او استغلال وعلى مختلف المستويات .
(وفي سؤاله عن الفساد؟)
اجاب :-
“لا نستطيع أن نصف ما يحدث بالفساد، إذا عندكم وصف أكبر من هذا سيكون ذلك أفضل. أنا لا تحضرني الآن كلمة أخرى، لكن إذا عندك كلمة أكبر أرجوك أن تقولها”
نعم ولو كانت هناك كلمة اكبر من القتل لقلناها لوصف مايمر به الشعب العراقي
(وبخصوص حزب الدعوة ووصفه له بالحزب الحاكم ؟)
اجاب
“نعم، ولو مجازا، نعم هو الحزب الحاكم”
وهذه حقيقة يعرفها الشعب العراقي المظلوم اكثر من غيره وحتى كلمة الاسلامية قد تم رفعها بعد ان كان يسمى (حزب الدعوة الاسلامية) بل ان الكثيرين من العراقيين يتندرون فيما بينهم بحيث يسمونه (حزب الدعوة العربي الاشتراكي )
(وبخصوص السؤال حول تدخل تركيا بالشأن العراقي )
اجاب :
” كلا.. لا أعتبر تدخلها سلبيا في الشأن العراقي. تدخلت في المظاهرات الغربية الموصلية والأنبارية والسامرائية وغير ذلك لم تتدخل في الشأن الداخلي”
وهذه حقيقة بدأت تتوضح شيئا فشيئا على الرغم من قيام المتصيدين بالماء العكر على تهويلها وايجاد الاسباب المقنعة لها لتنطلي على السذج من الناس .
(وعند سؤاله بخصوص التظاهرات في المناطق الغربية ؟)
اجاب :-
” شعبية وشرعية ما دامت سلمية”
ولا اعتقد ان عاقلا يخالف السيد فيما ذهب اليه وهي رسالة للمتظاهرين وللقائمين على التظاهرات بضرورة المحافظة على سلمية المظاهرات وتوحيد المطالب الحقيقية للمتظاهرين والا ينجرفوا مع الذين يحاولون توظيف هذه التظاهرات لتمزيق وحدة الصف العراقي وترك الاصوات النشاز التي تحاول خلط الاوراق .
(وبشأن سؤاله عمن اخرج القوات الأمريكية يقول السيد الصدر)
“المقاومة العسكرية.. كل المقاومة العراقية السنية والشيعية. كل العراقيين قاوموا الاحتلال “
وهذه لاتحتاج الى دليل فدليلها واضح جدا وهو الذي يعترف به الجانب الامريكي قبل غيره لان الالاف من الجنود الامريكان الذي قتلوا في العراق ابان الاحتلال ولحين خروجه والذي تجاوزوا الاربعة الاف من قتلهم؟ ومن دمر الياتهم؟ والجواب بسيط جدا هو ومقاومة الشعب العراقي بشيعته وسنته .
أما آخر سؤال للسيد مقتدى من صحيفة الشرق الأوسط السعودية فكان :
(سؤال أخير.. كيف ترى المستقبل القريب للعراق؟)
– المستقبل القريب.. سيئ.. وسوف يمضي إلى ما هو أسوأ .
صدقت يا سيدنا فوفق هذه المعطيات وبوجود عقول مازالت تعيش بفكر الثمانينات وفكر القائد الضرورة ونظرية (جوع كلبك يمشي وراك ) لن يكون هناك بريق امل يمكن ان يدخل الفرح والسرور على قلوب الملايين من العراقيين .