22 نوفمبر، 2024 6:15 م
Search
Close this search box.

رحيل سيدة الصحافة العراقية

رحيل سيدة الصحافة العراقية

في ربیع عام 1987 نسبت للعمل کمتدرب فی جریدة الجمهورية ، وكان اول اسبوع للعمل، في الصفحة الاخيرة ذات الطابع المنوع .
في اليوم الاول حيث كان الوقت عصرا ،استقبلتني الصحافية و القامة الكبيرة الاستاذة ابتسام عبدالله ( ام خالد) والتي حينما ترأس تحرير الصفحة بمعية كل من : عبد المجيد السامرائي وصباح ناهي ويونس حسن .
منذ اللحظات الاولى ، استطاعت ان تستوعب قلقي وارتباكي وادخلتني في اجواء الزمالة والود المهني رغم الفارق الكبير في الخبرة والتجربة .
طلبت مني الجلوس خلف طاولة المحررين وليس على مقاعد الضيوف وشرعت تشيد بحماس ونشاط ومواهب دفعة فرع الصحافة في دورتنا انذاك .
اجبتها بانني لم احدد بعد اتجاها او لونا محددا في مجال الصحافة وذلك حينما سألتني عن الموضوعات التي اركز عليها .
كبداية ، طرحت افكارا للاشتغال عليها وناقشتها معي بعد ان عرضت عليها بعض المقالات والريبورتاجات التي اعددتها للتدريب واخرى وجدت طريقها الى النشر ،ومنها تحقيق صحفي مطول نشرته في مجلة الف باء عن احياء الصالحية التراثية والتي سيسحقها شارع حيفا لاحقا . وتحقيق صحفي بعنوان ( صديقي المتنبي يبيع الشحاطات ) وكتبته باسلوب السرد القصصي الساخر حول تدهور احوال شارع المتنبي وقد نشر في جريدة العراق عام 1985.
شحنة تشجيع اخرى اعادت استقراري وهدوئي خلف طاولة المحررين حينما اعطتني تقييما منحني جرعة من الغرور وهي تقول : انت لست متدربا ، انت كاتب وصحفي تجمع الموهبة والتدريب الاكاديمي .
وكجرعة ثالثة ، أهدتني قلما ودفتر كتابة وعلى اوراقه لوغو الجريدة ، وبنبرتها الهادئة قدمت لي نصيحة (لم اعمل بها في حياتي المهنية) حيث همست قائلة : لا تظهر موهبتك دفعة واحده ، ولا تندفع راكظا متجاوزا مسافة الاخرين فهناك كثيرون سيضعون امامك العثرات ولاسيما وانت شاب في 22 وبعضهم يتبجحون بان تجربتهم المهنية اكبر من عمرك ..
لم يدر في خلدي ان يكون اليوم الاول لقاءا عند القمة ، فالاستاذة إبتسام عبدالله كانت في ذروة تألقها حيث عملت في مختلف مجالات الصحافة والاعلام واستقطبت برامجها التلفزيونية شعبية واسعة .
وبعد خمس سنوات وبعد ان التحقت بمواقع المعارضة في اهوار جنوب العراق ، وجهت عبر البريد رسالة تحذير ووعيد ل300 من العاملين في مؤسسات النظام الاعلامية والصحافية بما فيهم عدي صدام حسين ، واستثنيت الاستاذة ام خالد عرفانا لجميلها المهني .
اليوم رحلت عن دنيانا ،وإن هي اعتزلت عالم الصحافة في العقد الاخير ،إلا أن الكثيرين مثلي يستذكرونها كعلم ومعلم ..
رحمك الله يا أم خالد وطاب ذكرك في كل حين .

أحدث المقالات