“بابا ليش ماعدنه بيت؟” قالها طفلي متسائلا. صمتتُ برهة ثم اجبته سيكون لنا دار في الاخرة و دور الاخرة افضل يا ولدي ألم ترى يا بني الاية الكريمة التي وضعتها على مكتبي في الكلية (و للآخرة خيرٌ لك من الاولى) و بسرعة سألني سؤالا اشد وقعا من سؤاله الاول، و متى تكون الاخرة يا ابي؟ و قبل ان اجيبه نُودي على طفلي لمشاهدة مباراة الفريق العراقي اذ جاءني المنقذ و تخلصت من الاجابة التي ستدخلني في متاهات اكبر من عمره، و من اين لي بالاجابات و قد اشتعل الراس شيبا.
جلست على مكتبي شاردا مفكرا بهذا السؤال، لم لا نملك دارا؟ و قد مضى على تعييني سبع و ثلاثين سنة! و تذكرت الشيخ زايد رحمه الله اذ كان يتفقد الرعية مع احد وزراءه فشكى له احد المواطنين قائلا انه لا يملك دارا عندها استدار الشيخ زايد الى وزيره و كان مسؤولا عن الاسكان قائلا (اماراتي لا يملك دار أن اعطه دارك التي تسكنها) كانت الاجابة رائعة روعة صاحبها رحمه الله، اجابة مسؤول قاد الشعب الى الثريا و حوّل الصحراء الى ناطحات سحاب بل ان الامارات تفوقت في بناءها و بُناها التحتية و تعليمها و في الخدمات الاخرى على الدول الاوربية. فلماذا حصل ذلك؟ لان المسؤول راعٍ يخاف الله و يخافُ يوما تتقلب فيه القلوب و الابصار، يخاف النار التي يُعرضون عليها غدوا و عشيا، يخاف صرخة تجفل لها القلوب (وقفوهم انهم مسؤولون)، يخاف صرخة النار و هي تصيح (هل من مزيد)؟
و حدث نفس الشئ مع عبد الكريم قاسم رحمه الله في ستينيات القرن الماضي يوم اُقيم حفل في معسكر الوشاش لعرض الاسلحة السوفييتية و رغم الجمع الغفير من السفراء و الوزراء و المسؤولين و قادة الجيش اخترق هذا الجمع ضابط مناديا عبد الكريم قاسم (سيادة الزعيم لقد وُزعت الدور على الضباط الا انا) فما كان من عبد الكريم قاسم الا ان يلتفت الى احد ضباطه قائلا، الم تحجزوا لي دارا؟ قال نعم. حينها قال له الزعيم ان اعطوه هذه الدار فأنا لا احتاجها. و كفاه فخرا ان خاطب الفقراء قائلا (لا اسكن دارا حتى تسكنون) اذ كان ينام على الارض في غرفة في وزارة الدفاع
من اين لي بالشيخ زايد كي يهبني و الاخرين دارا و من اين لي بعبد الكريم قاسم كي يمنحني و الاخرين دارا؟ لذا قررت ان اُرشح للبرلمان العراقي في دورته القادمة او لوزارة عراقية فشهاداتي غير مزيفة و لم احصل على شهاداتي و انا في السلطة يومها ستقر عين طفلي بحصوله على دار سكنية و بعد الدار و الاستقرار في البرلمان و الوزارة ساعالج قلبي بسفرة الى انكلترا و السكري برحلة الى امريكا و العمود الفقري في المانيا و عيوني التي لم تعد قادرة على القراءة في الهند و معدتي التي ارهقتها الادوية بسفرة قصيرة الى روسيا اما الضغط فعلاجه بسيط و سيكون في نزهة لاسابيع في جورجيا و … و …. أي ستقوم هذه الدول (بتجفيت كامل) لجسدي البالي فانا برلماني مُصنف مثل بقية البرلمانيين المنيفســــت.
[email protected]