لم تكن المسافة بين بيتي وعيادة المضمد بعيدة لمن لا يحتاجون مثلي إلى عصا لا اهش بها عن غنمي وليس لي فيها مآرب أخرى غير التعكز بسبب كسر في رجلي لذا جلست عند العودة بعد أن تركني من اوصلني للعيادة تحت ظل شجرة هرمة تؤرخ للازمنة الماضية ووجدت تحت الظل هرمان اكل عليهم الدهر وشرب ربما لترات من ** السفن اب ** وكانا يتحدثان عن ملاك الأرض السابقين واسمهم ( آل بصل) وكيف دالت دولتهم التي كانت لاتغيب عنها الشمس من ابي عروج شمالا حتى معمل الطحين جنوبا ومن الجسر الفرنسي شرقا حتى شارع حي النصر غربا وكيف أصبحوا أثرا بعد عين ولم يبقى منهم حتى البصل بعد أن استولى أبناء الزمن على مملكتهم الشاسعة وحولوها إلى اقطاعيات ومزارع واحياء سكنية بعد أن وزعوها إلى قطع سكنية وباعوا بعضها أكثر من مرة ومنذ عشرين سنة والسكان الجدد يطالبون بتمليكها لكن الدولة تماطل حتى وافقت اخيرا بمناسبة قرب الانتخابات لكن موافقتها كانت مجحفة إذ طلبت لنفسها مكسب مادي غير معقول بعد أن ضربت الرقم عشرات المرات وبذا يتوجب على الساكن فيها دفع سعر خرافي للمتر الواحد قياسا بما تم دفعه لكل القطعة التي اشتراها المواطن الفقير بعد افول دولة آل بصل علما ان عمرها يقارب الربع قرن ولم ينبت في شوارعها ( تيل) كهرباء واحد ولم يحمل ايا من شوارعها وازقتها الكثيرة اسم ( معبد) اما الماء فأصبح مثل وصفة الطبيب مرة الصبح ومرة قبل النوم..
بعد هذا تنهد احد الشيخين وقال.. رحم الله آل بصل فقد كان عهدهم خالي من الحكومة والاحزاب المتنفذة والقوانين الجائرة والأمانة التي لو كان لحم الفقراء يؤكل لفرضوا على كل أسرة من الساكنين في المنطقة احد أطفالها لشوائه فطورا او تمتوعة لموظفي الأمانة وحبربشيتها.