كانت رحلة الى الله ومع جند الله وبتوفيق من الله، هناك حيث التأريخ الاصيل الذي كتب من دماء الشرفاء والفقراء وأبناء الفطرة الانسانية السليمة، وليس تاريخ أبناء الطلقاء، حكايات من الزمن الصعب ، بشرٌ ام ملائكة . يأنسون بالجهاد فرحين مستبشرين، فالشيخ الكبير يبكي لانه يرى شباب بعمر الزهور تقاتل ببسالة وأنهم لن يصلوا لما وصل اليه هؤلاء الفتية، والشباب تغبط الكبار لأنهم أهل الله وخاصته، يَرَوْون حكايات عن الغربان السوداء، كيف يتفننون في صنع الأحزمة الناسفة، لكنهم لا يستطيعوا تفجير الحزام عندما يصلوا اليهم، وقد راينا كثير من تلك الأحزمة بيد ابطال الحشد . يتعجبون لما يحدث، انها معاجز كما يقولون. احد الاخوة يقول وجدت احد الشباب وهو مهموم فقلت له، ما الذي يهمك فقال له بان زوجته تطلب منه ان يترك القتال، وماذا قلت لها ؟ ( يسأله ) فيقول قلت لها انه انت يجب عليك ان تختاري اما تبقين معي على هذا الحال او تذهبي الى بيت اهلك فأنا لا اترك الجهاد، ويتابع بان القرار كان صعب علي لأَنِّي احبها قبل الزواج وعشنا قصة حب جميلة لمدة أربعة سنوات ولي ولد منها، فكيف اتركها بهذه السهولة، ولكني خلاص اتخذت القرار المناسب اما الدين او الدنيا .
شخص يقول بأنهم مسكوا احد الدواعش وكان تونسي فيقول عندما حققنا معه قال بأننا نستلم راتب ٣٠٠٠ دولار شهريا ونقاتل ٤ ساعات ناخذ استراحة ٢٠ ساعة . فأين المقارنة من ذلك مع الحشد الذي يقاتل بدون مقابل ولأيام وشهور .
مواكب تقدم الطعام كانك في زيارة الأربعين ، كانت محطتنا الاولى الى الصقلاوية ثم ناظم التقسيم في الثرثار ثم اتجهنا الى الجسر الياباني وما بعد الجسر في الرمادي ، بعدها اتجهنا الى مدينة العسكريين سامراء وشاء الله ان تبقى سامراء مدينة للعسكر فلم نجد فيها غير العسكر الا نَفَر قليل من الزوار قضينا ليلتنا عند الإمامين الغريبين عليها السلام، وتحت وقع أصوات المدافع والاطلاقات النارية . بعدها اتجهنا الى بيجي مرورا بمكيشيفة والمزرعة اذ جرت فيهما أقوى المعارك اثناء عمليات التحرير بعدها اتجهنا الى جبال مكحول حيث التلال العالية، لاحظنا كم هو حجم الدمار الذي خلفه داعش الإرهابي بتلك المناطق . لم يفصلهم عن العدو في اغلب المناطق التي زرناها الا مسافة قليلة مثل نهر او وادي او بضع أمتار . راينا نفقا يمتد لمسافة ما يقارب ٤-٥ كليو مترات من الجسر الياباني باتجاه ناظم التقسيم .
المعنويات كانت عالية جدا . بعض المناطق لم يسمحوا لنا بدخولها بسبب خطرها اذ تجري فيها معارك . رغم وجود الحشد في المتقدم ولكنهم رفضوا حتى ان نبعث لهم المساعدات لان المكان خطر جدا . بعض المناطق أخذونا بسياراتهم لانها اكثر امنا مِن السيارات المدنية . شهدنا ونحن هناك تبادل لإطلاقات النار . وعملية تعرض قام بها الدواعش الانجاس في جبال مكحول. كان المجاهدين فرحين بِنَا اي فرح ، لا لشيء ، فقط لأننا نسال عنهم ننقل سلام الناس لهم . اكلنا معهم، لم يكن أكلهم كما تصورنا، فقط رز يابس بدون إضافات ، ثم اسعفونا ببعض كاسات اللبن الرائب وكانوا خجلين منا قالوا هذا نظهره فقط للزائرين، ولكن لا عجب فالذي يكرم بنفسه يهون عنده ما دون ذلك
والجود بالنفس أغلى غاية الجودِ
كانوا كلما تحدثوا عن موقف مر بهم يتذكرون معركة الطف ولهم بكل موقف شاهد من المعركة .
التقينا ببعض القطعات العسكرية كانت معنوياتهم اكبر مما تصورنا وجدنا عندهم الإصرار والشجاعة شاهدنا بعض عملياتهم التي سجلوها بهواتفهم النقالة حيث جثث الدواعش العفنة تملأ الأماكن .
كانت رحلة الهية بمعنى الكلمة ، غبطناهم، وكم رددنا ياليتنا كنّا معكم فنفوز فوزا عظيما ،
حدثنا احد الاخوة الذين يجمعوا تبرعات للحشد الشعبي يقول جاءتني امراءة كبيرة في السن ، ولديها اربع قطع ذهبية ،وقالت هذا كل ما املك اريد ان أقدمه للحشد الشعبي، فيقول قلت لها بان تحتفظ بقطعة واحدة على الأقل لعلها تحتاج اليها، في هذا الزمن الصعب ، يقول رفضت وقالت كل ما املك فداء للمجاهدين.
فهنيئا للمجاهدين ، وهنيئا للشهداء وهنيئا لمن سُجل اسمه في سجل المجاهدين المخلصين.