ليست كل الرحلات تبدأ من مكان وبعضها لا تحتاج وسيلة تنقل وهناك رحلات تنبع من أعماق القلب وتستقر في الضمير وتبقى خالدة ما بقي الإنسان على وجه الأرض ومن هذه الرحلات تأتي رحلة العشق للحسين بن علي (ع) تلك التي لا تعرف حدود الزمان والمكان ولا تُقاس بالمسافات بل بالمشاعر والإيمان.
لم يكن الإمام الحسين عليه السلام مجرد شخصية تاريخية خالدة وإنما هو رمز للثبات على المبدأ وصوت الحق في وجه الباطل ومرآة للوفاء والإخلاص والتضحية. ثورته لم تكن لأجل سلطة بل من أجل كرامة الإنسان وحريته لذا فإن عشاق الحسين لا يرون فيه رجلًا مضى بل رسالة حية تنبض في كل زمان وصوتًا ينادي كل من ظلم أو ظُلِم “هيهات منّا الذلّة”.
إن العشق الحسيني ليس عاطفة عابرة ولا انفعالًا لحظيًا ولكن هو رابطة روحية متجذّرة في الوجدان هو حب يُربّي قبل أن يُبهج ويهزّ القلوب قبل أن يُسكِر الأرواح إنه الحب الذي يحمل في طياته معنى المسؤولية والوعي والولاء ويترجم إلى دمعة وزيارة وسير على الأقدام ودعاء في جوف الليل ووقفة شرف في وجه الظلم والفساد.
كربلاء ليست جغرافيا فقط بل هي حلم وملاذ وميثاق وعند ضريح الحسين عليه السلام يشعر الزائر وكأنّه عاد إلى نفسه وإلى فطرته الأولى وهناك وسط الجموع وبين أصوات التوسل والدموع يُسمع نداء الحسين الأزلي:
“ألا هل من ناصرٍ ينصرنا؟”
ويجيب العاشقون في كل زمان ومكان “لبّيك يا حسين.”
رحلة العشق للحسين عليه السلام لا تعرف نهاية لأن الحسين ذاته باقٍ ما بقيت القيم وما بقي الإنسان يبحث عن الحق والكرامة والحرية فحب الحسين ليس طقسًا موسميًا وإنما هو نهج حياة وبوصلة لا تخطئ وتضيء الطريق في ظلمات الزمن.
فسلامٌ على الحسين …
وعلى عليّ بن الحسين …
وعلى أولاد الحسين …
وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دونه …