بدأت رحلة سندباد بغداد ( مصطفى الكاظمي ) من بغداد إلى بلاد كوردستان يوم الخميس المصادف 10-9-2020، متوجهًا إلى كعبة السياسة مباشرة حيث محل إقامة فخامة الرئيس مسعود بارزاني في پيرمام / مصيف صلاح الدين وأجرى بعدها لقاء من دولة الرئيس مسرور بارزاني ثم لقاء فخامة رئيس إقليم كوردستان نيچيرڤان بارزاني وبحث معهم مجمل العلاقات الثنائية ما بين بغداد وأربيل والحديث عن الملفات الشائكة التي زادت من حدة وتيرة العلاقة ما بين الحكومتين وأكدوا على تجاوز الظروف الحالية للبلاد والحوار المنطقي القائم على أساس الدستور من أجل التوصّل إلى حلول جذرية ما بين بغداد وأربيل ،كما تناولوا التنسيق المشترك ما بين قوات الپيشمرگة ، والجيش العراقي في مواجهة الإرهابيين فكانت الأجواء إيجابية ما بين الطرفين فحاول الكاظمي كسر الجليد في ظل الأجواء الحارة وتحريك المياه الراكدة منذ زمن لكسب ود الحزب الديمقراطي الكوردستاني على وجه التحديد فضلًا عن بقية الأحزاب الكوردستانية لدعمه في البرلمان العراقي فهناك تحرّك سياسي لاستجوابه وذلك لعدم تنفيذ برنامجه الحكومي فهذه رحلة سندباد بغداد ( مصطفى الكاظمي ) للحصول على دعم الكورد له .
وقد أخذت هذه الزيارة بُعدًا أكثر من حجمها ويمكن توصيفها بأنها زيارة إعلامية استعراضية من قبل الكاظمي برفقة عدد من وزراء حكومته وخُدع كثير من المواطنين بها ظنًا منهم أن سندباد بغداد قد جاء بصرّته ( بقجته ) ويحمل فيها ما يأتي :
– رواتب موظفي إقليم كوردستان والتي قطعت مع ميزانيته منذ سنة 2014 في حقبة المالكي وإلى هذا اليوم !
– رواتب قوات الپيشمرگة التي لم تسلّم منذ 2005 وإلى هذا اليوم فضلًا عن التجهيزات العسكرية !
– مستحقات فلاحي كوردستان للسنوات ( 2014 و 2015 و 2016 ) الذين سلّموا محصول الحنطة إلى الحكومة الاتحادية ولم يتم تسليمهم المستحقات إلى الآن !
أليس مصطفى الكاظمي نفسه أطلق جملة من الوعود للشارع العراقي منها :
– حصر السلاح المنفلت بيد الميليشيات ووضعه بيد الدولة علمًا أن جُل رؤساء وزراء العراق من 2005 وإلى هذا اليوم جميعهم يرددون تلك العبارة ( حصر السلاح بيد الدولة ) ولم يستطع أحد تطبيقها على أرض الواقع !
– أليس الكاظمي وعد المتظاهرين بتلبية مطالبهم المشروعة وحقوقهم المسلوبة ؟!
-أليس الكاظمي وعد حملة الشهادات بإيجاد فرص التعيين والعمل في أقرب وقت ؟!
– أليس الكاظمي وعد عوائل الشهداء الذين ذهبوا غدرًا على يد الجماعات المسلحة بتقديم الجناة إلى العدالة ؟!
كل هذا لم يحصل ولم يستطع تنفيذ أي وعد من الوعود التي أطلقها وتلك الوعود عبارة عن تخدير عام وتخدير موضعي للسيطرة على الوضع المنفلت أمنيًا واقتصاديًا في الشارع العراقي وفشل الحكومات العراقية المتعاقبة وذلك لعدم إيجاد فرص عمل للشباب ولحملة الشهادات منهم وكذلك انعدام البنى التحتية وتقديم أفضل الخدمات للمواطن العراقي إلا أن ذلك كله لم يحصل على الرغم من تخصيص نسبة 83% من الميزانية العامة للمحافظات العراقية ونسبة إقليم كوردستان 17% علمًا أن هذه النسبة لم ترسل بصورة دقيقة فلو دققنا في نسبة الميزانية المخصصة لإقليم كوردستان فلن تتجاوز 7% !
وبتلك الميزانية استطاعت حكومة إقليم كوردستان من بناء المشاريع والبنى التحتية وإيجاد فرص عمل للمواطنين وخير دليل على ذلك عندما أعرب الكاظمي عن إعجابه بمشروع شارعي 120 و 150 المتري في أربيل عاصمة إقليم كوردستان لاسيما بعد جولته مع رئيس وزراء إقليم كوردستان السيد مسرور بارزاني فضلًا عن المشاريع الأخرى ثم بعد ذلك توجه إلى محافظة دهوك وتحديدًا إلى معبر إبراهيم خليل الحدودي لمتابعة سير عمله وإجراءاته القانونية ثم زيارته إلى مخيم قاديا لنازحي شنگال من الإيزيديين وهناك أطلق جملة من الوعود في المخيم منها عودة الإيزيديين إلى شنگال وفتح باب التطوع في الجيش والشرطة ، فلنكن واقعيين أكثر ، هل يستطيع الكاظمي إخراج القوات غير النظامية من شنگال والمتمثلة بالــ YPŞ (وحدة حماية شنگال ) المنضوية تحت حزب العمال الكوردستاني أيديولوجيًا والمرتبطة رسميًا بهيئة الحشد الشعبي ويتسلمون رواتبهم من الحكومة العراقية ؟!
أو أنه سيقوم باستبدال ملابسهم الحشدية إلى الزي الرسمي للجيش أو الشرطة فتتحول من منظمة إرهابية إلى جهة رسمية أو ما يسمى بالإرهاب المنظم والشرعي تحت أنظار الحكومة !
فلو ألقينا نظرة سريعة على المناطق الكوردستانية خارج إدارة إقليم كوردستان مثل : كركوك وتلعفر و شنگال وزمار ووانة وسهل نينوى وخانقين ومخمور لوجدت في تلك المناطق حشود شعبية من أهل المنطقة نفسها من جميع الأطياف والمكونات والقوميات والديانات والمذاهب والغرض هو إحداث شرخ كبير بين المنطقة الواحدة ووجودهم عبارة لأغراض ومصالح شخصية وحزبية ضيقة منها الانتخابات ( البرلمانية والمجالس المحلية) المقبلة والحصول على الأصوات من تلك المناطق الكوردستانية المحتلة واستغلال الوضع السياسي لعدم وجود مقرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني !
ثم انطلقت رحلة سندباد بغداد ( مصطفى الكاظمي ) بعد ذلك إلى أضرحة شهداء عمليات الأنفال في محافظة دهوك مدينة الشهداء والتقى بمجموعة من عوائل ضحايا الأنفال السيئة الصيت من قبل نظام البعث المقبور ومن عوائل الضحايا كانت السيدة ( عالية رشيد چيچو ) من بينهنّ وتحدث معها الكاظمي عن قريتها سپينداري التي تعرضت للعمليات العسكرية وكون الكاظمي كان موجودًا بكوردستان أيام معارضة النظام البعثي وكانت كوردستان ملاذًا آمنًا للمعارضين السياسيين فقالت له : ( تە ئەمانەت کوردستان ) وترجمتها للغة العربية ( كوردستان أمانتك ) والمقصود من هذه العبارة أنك أكلْتَ وشربْتَ من خيرات كوردستان لأن بحسب الأعراف والعادات والتقاليد الكوردية الموروثة أن من أكل وشرب من خيرات كوردستان يجب ألا يخونها وأن يكون وفيًا لها وكأنّ لسان حالها يقول : ( لا تكرروا الأنفال مرة أخرى في كوردستان ) !
وبسبب هذه الجملة البريئة من هذه المرأة المُسنّة من ذوي الضحايا قامت القيامة ولم تقعد وفسِّرت العبارة بتفسيرات وتأويلات ما أنزل الله بها من سلطان وهذا نابع من كمية الحقد لدى بعض ضعاف النفوس تجاه حكومة إقليم كوردستان !
وكان الأولى بالكاظمي والحكومات العراقية السابقة أن يقدموا اعتذارًا رسميًا عن جرائم البعث الصدامي كما فعلت ألمانيا مع اليهود فقاموا بتقديم اعتذار رسمي لليهود عن جرائم النازيين كما قدمت تعويضًا ماليًا كبيرًا لليهود واعترفت بجرائم هتلر ضد اليهود ولكن الحكومات العراقية من سنة 2005 وإلى سنة 2020 لم نرَ منهم اعتذارًا رسميًا ولا تعويضات مالية لأهالي الضحايا المؤنفلين وكذلك جريمة الإبادة الجماعية في حلبچة المحافظة الرابعة بإقليم كوردستان التي زارها الكاظمي ضمن جولاته فهكذا زيارات غير كافية من دون اعتذار رسمي أو دفع التعويضات لعوائل الضحايا ولاننسى الــ 8000 بارزاني الذين دفنوا وهم أحياء !
ثم توجه بعد ذلك إلى محافظة السليمانية وكان في استقباله رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح والتقى ببعض الشخصيات السياسية مع جولة سريعة إلى معبر باشماخ الحدودي ثم حزّم أمتعته وغادر كوردستان مع فريقه الوزاري إلى بغداد في رحلة استغرقت يومين وهذه الزيارة كشفت عن سلوكيات بعض الكورد والذين يمكن أن نطلق عليهم ( جحوش الكاظمي ) عبر صفحات التواصل الاجتماعي !
فصفّقوا وهوّسوا له معتقدين أنه المنقذ للوضع السياسي والاقتصادي والأمني والتعليمي والصناعي والزراعي !
شعبيًا حدث لغط في الشارع العراقي عبر منصات التواصل الاجتماعي وتسميتهم لكوردستان بــ ( شمال العراق ) هذا مصطلح استفزازي للشعب الكوردي لأنه يذكرهم بجرائم البعث المقبور فليعلم هؤلاء أن جنوب كوردستان ( إقليم كوردستان ) انضمّت إلى المملكة العراقية في سنة 1925 فلم يحصل الشعب الكوردي على حقوقهم منذ انضمامنا لهم وإلى هذا اليوم ،وهل يصلح العطار ما أفسده الدهر ؟!
فهل يمتلك الكاظمي عصا موسى كي يحل جميع الملفات العالقة والشائكة ما بين بغداد وأربيل لاسيما أن عمر كابينته قصيرة فالزيارة كانت إعلامية واستعراضية بامتياز مع – جل احترامي لشخصه –
فإن قام سندباد بغداد بحل الملفات التالية فيمكننا أن نصدق أفعاله قبل أقواله ألا وهي :
– حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كوردستان ودفع مستحقاتهم ولا ينبغي إدراج الرواتب ضمن الخلافات السياسية مابين بغداد وأربيل وإبعاد المواطن عن الخلافات السياسية .
– حل مشكلة المناطق الكوردستانية خارج إقليم كوردستان والمعروفة في الدستور العراقي بالمادة 140 .
– عودة قوات الپيشمرگة إلى المناطق الكوردستانية خارج إقليم كوردستان وكذلك عودة المقرات الحزبية والأمنية ( الآسايش ) لضبط الأمن وحفظ النظام والسيطرة على المناطق الكوردستانية وعدم إفساح المجال للإرهابيين في تلك المناطق لتكرار الهجمات من قبل عصابات تنظيم الدولة الإرهابية !
– دفع ميزانية إقليم كوردستان كاملة .
– تقديم اعتذار رسمي لعوائل ضحايا الأنفال وحلبچة والبارزانيين مع دفع تعويضات مالية لتلك العوائل المتضررة لغرض بيان حسن النية ولتخفيف جزء من الألم .
– دفع مستحقات فلاحي إقليم كوردستان للسنوات ( 2014-2015-2016) .
– حل المشكلات العالقة ما بين أربيل وبغداد على أساس الدستور لأنه الفيصل في كل شيء.
– إخراج الميليشيات والقوات غير النظامية من المناطق الكوردستانية خارج إقليم كوردستان .
– إيحاد حل لملف النفط والغاز ما بين أربيل وبغداد .
– براءة شيوخ العشائر من الإرهابيين وتقديم المتورطين منهم إلى العدالة ولاسيما المتلطخة أيديهم بقتل الإيزيديين وسبي نسائهم وبناتهم .
– دفع تعويضات مالية لعوائل ضحايا الإبادة الجماعية ( جينوسايد ) للتخفيف عنهم .
ومن إيجابيات زيارة سندباد بغداد ( مصطفى الكاظمي) إلى بلاد كوردستان أنه يعلم جيدًا دور إقليم كوردستان وقادته السياسيين في العملية السياسية ببغداد وذلك من خلال لقائه بفخامة الرئيس مسعود بارزاني ورئيس إقليم كوردستان السيد نيچيرڤان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كوردستان السيد مسرور بارزاني وحصوله على دعم منهم في البرلمان العراقي وتقليل الضغوطات عليه من قبل الكتل السياسية ببغداد .
وزيارته فيها رسالة واضحة للشارع العراقي والمجتمع الدولي أنه مستعد لحل الخلافات العالقة ما بين أربيل وبغداد على أساس الدستور كون دولة رئيس وزراء حكومة إقليم كوردستان السيد مسرور بارزاني أعلن عن استعداده للوقوف مع حكومة الكاظمي ودعمها وحل كافة الخلافات والملفات الشائكة على أساس الدستور .
واختيار توقيت زيارته إلى كوردستان إقراره ضمنيًا بمنجزات ثورة أيلول التحررية واستفتاء كوردستان من أجل الاستقلال كانت بسبب غلق الطرق أمام الحوارات الجدية ما بين الطرفين .
نقل التجربة العمرانية من كوردستان إلى بغداد وبقية المحافظات الجنوبية .
تناول الكاظمي ملف الانتخابات البرلمانية لأنه في إطار تشكيل حزب أو كتلة سياسية فالكورد دورهم مهم في اختيار الشخصية لهذا المنصب فهو يبحث عن دعم الكورد له ولاسيما الحزب الديمقراطي الكوردستاني .
ومن سلبيات رحلة سندباد البغدادي ( مصطفى الكاظمي ) إلى بلاد كوردستان أنه استغل الخلاف السياسي بين الحزبين الرئيسيين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني سياسيًا ومناطقيًا .
كذلك كوين لوبي كوردي يمكن أن نطلق عليهم مصطلح ( جحوش الكاظمي ) في كوردستان الذين يلهثون وراء سراب من الأوهام ويعتقدون أنهم سيحصلون على مكتسبات وهم لا يعلمون أن خزينة العراق فارغة ومثقلة بالديون وهؤلاء الخرنگعية سيعملون معه في الانتخابات البرلمانية المقبلة المزمع إجراؤها في شهر حزيران من سنة 2021 لأن زيارته إلى كوردستان جزء منها كدعاية مسبقة لخوض الانتخابات البرلمانية !
كذلك استغلال السذج من النازحين ولاسيما في المخيمات لكسب أصواتهم وإطلاق وعود أكبر من عمر كابينته الحكومية والتي لا يستطيع تنفيذ شيء منها سوى حملة إعلامية استعراضية وكما قيل : ( إذا لم تكن قادرًا على الوفاء لا تنطق كلمة وعد ) !
ومن المواقف التي حدثت ذات يوم جاء رجل إلى صاحبه فقال له صاحبه لماذا لا نذهب إلى فلان كي يرى لنا المستقبل فذهبا إليه فلما شاهدا حال الرجل وثيابه البالية ورثّة فقال إن كان صادقًا كما يدّعي فليرَ المستقبل لنفسه ويغيِّر من حاله إلى أحسن حال ولا يختلف الحال مع الكاظمي فإن كان لديه الإمكانية والقدرة فليبدأ ببغداد والمحافظات الجنوبية وهم في وضعية يرثى لها من حيث الخدمات والبنى التحتية .
ومن سلبيات زيارته استغلاله لعدم وجود خطاب كوردي موحّد من قبل القيادات الكوردية فضلًا عن وجود خلل في الصف الكوردي ولاسيما من قبل جماعة 16 أكتوبر الذين يفتخرون ببيعهم لكركوك لصالح الميليشيات فيبدو أن هناك طبخة جديدة يتم تحضيرها من قبل تلك الجماعة نفسها وكأن الخيانة أصبحت وراثة لدى بعض الشخصيات السياسية !
الإعلام الكوردستاني أعطى هالة كبيرة لسندباد بغداد و( صرّته ) كانت فارغة لم تكن تحمل شيئًا للشعب الكوردي وغادر بلاد كوردستان إلى بغداد ونتائج زيارته الإيجابية والسلبية ستظهر في الأيام المقبلة !
يردد فخامة الرئيس مسعود بارزاني دائمًا أن مشكلتنا الرئيسية مع الحكومات العراقية وليس مع الشعب ولكن يبدو لي أن الشعب لديه عقلية لا تختلف عن عقلية السياسي العراقي فاليوم مشكلتنا مع الشعب أيضًا من خلال كمية الحقد الدفين تجاه كوردستان عبر منصات التواصل الاجتماعي والفضائيات والجرائد والمجلات فضلًا عن الشعب الذي يتم تحريكه من قبل الأحزاب السياسية فكثير منهم لا يؤمن بمصطلح ( إقليم كوردستان ) فليعلم الجميع من الشعب العراقي أن مصطلح ( إقليم كوردستان ) هو مصطلح دستوري يطلق الكيان المعروف بحدوده السياسية وكوردستان جزء من خارطة العراق السياسية وليست جزءًا منها كوطن وأرض فكوردستان أقدم من العراق !
وأختتم مقالتي قائلًا: في حال تم الاتفاق ما بين أربيل وبغداد على تسليم واردات المنافذ الحدودية بنسبة 50% وتسليم 250 ألف برميل من النفط إلى بغداد وتثبيت حصة إقليم كوردستان من الموازنة العراقية العامة بنسبة 13.9% فهذه الخطوة ستكون إيجابية لبداية صفحة جديدة وسينال سندباد بغداد ( مصطفى الكاظمي ) ثقة الكورد في المستقبل ودعمه لولاية ثانية في رئاسة الوزراء العراق لأنه من دون الكورد لا يمكنه الحصول على هذا المنصب لأنهم بيضة القبان في العملية السياسية فزيارته بصورة عامة كانت من أجل الحصول على دعم الكورد له في بغداد .