23 ديسمبر، 2024 10:28 ص

رجل بالجنّهْ ورجل بالنار

رجل بالجنّهْ ورجل بالنار

وهذا المثل يقال للذي لايعرف اين يحط رحاله، فيبقى متأرجحا بين امرين، ويحكى في هذا : ان الغراب اراد ان يقلد مشية القطاة، فلم يتقنها، ومن ثم اراد العودة الى مشيته الاولى، فلم يستطع، فقالوا عنه انه: ضيّع المشيتين، وفي هذا قال الشاعر:

( ان الغراب وذاك قول ثابت…. في سالف الازمان والاحوالِ

حسد القطاة فرام يمشي مشيها….. فاصابه ضرب من العقّالِ

فأضاع مشيته وضيّع مشيها……….. ولذاك سموه ابا مرقالِ)

وهذا ماتفعله الحكومة العراقية في تأرجحها بين ايران التي اشتركت معها في حرب داعش بعد ان تخلى عنها العرب، بل على العكس ساندوا داعش بالقوة والسلاح والفتاوى، وبين اميركا التي لم يعرف احد حتى الآن ماذا تريد من المنطقة برمتها، وبين العرب الذين لم يتورعوا في محاولة الاخلال بامن العراق منذ سقوط صدام وحتى الآن.

الحكومة العراقية في موقف لاتحسد عليه، المطلوب منها ان تجلس مع من ادخل الارهاب الى العراق، وان تؤيد قتل السعودية وحلفائها للشعب اليمني المبتلى بالتشتت والحروب، وان تقف ضد ايران التي وقفت الى جنبها والتي تمثل ثقلا كبيرا في الشارع العراقي، في حين تحاول حكومة العراق ان تأتلف في اتحاد ربما اسهم كثيرا في تفتيت العراق، وربما تدور الدائرة فيكون العراق مكان اليمن هدفا لقصف الطائرات السعودية والقطرية والمصرية، فالسيسي ممثل كبير، يركن الى الجانب الذي يدفع اكثر.

نصف الحكومة العراقية مع السعودية والرئيس معصوم اول المباركين للتحالف العربي الجديد الذي سيعطي دفعة قوية للمشروع الكردي، والذي سيعطي السنة في العراق قوة مضافة وكبيرة وعهدا بالامان، والمطلوب من الشيعة ان تتخلى عن حليفتها القوية ايران، لتهبط في جيب السعودية وتأتمر بأوامرها، وهذا مخالف للايديولوجية الشيعية التي اتعبت صدام ابان الحرب العراقية الايرانية، ولم يحصل خلالها على فتوى واحدة من المرجعية تبيح للعراقيين مقاتلة ايران.

اصعب موقف سيمر به العبادي حين سيصرح معصوم او يتفق مع التحالف العربي الباكستاني الجديد، حيث لم يبق لايران سوى استنهاض حليفتها الهند لتخلصها من خطر باكستان ولتتفرغ للجيش العربي المصري وحليفته السعودية، والمحرج هنا اين سيقف العراق، سيكون العبادي مثل الوجعتها (اب)، من جهة لايستطيع التفريط بعاطفة الشارع الشيعي الموالي لايران، ومن جهة اخرى فالعبادي يحلم بانضمام قوي للعرب، على اعتبار انهم وقفوا الى جانبه وساندوه بسرقته لمنصب رئيس الوزراء الذي وضعه معصوم بجيبه.

الايام الآتية ستكون صعبة جدا على الحكومة العراقية والمطلوب من العبادي، الايفرط بالخط الثوري الذي يتمثل بسوريا ولبنان والحوثيين وايران وروسيا والصين، لانه يعلم تماما ان اميركا ليس لها صديق وربما تكون العمليات العسكرية التي تقوم بها السعودية فخا كبيرا شبيها بالفخ الذي نصبته الولايات المتحدة لصدام،ولهذا عليه ان يستفتي الشعب قبل الوقوع في الفخ الذي تنصبه مصر في شرم الشيخ والمسمى قمة عربية.

الطائرات التي قصفت اليمن ليس مستبعدا لها ان تقصف العراق، وبحجج كثيرة، وربما تكون سوريا هي الهدف الثاني بعد اليمن ماقبل العراق، هذه رسالة العرب لاسرائيل اطمئني فسنقوم مقامك في كل شيء، ولك الصمت ومنا القصف وقتل الابرياء، وليبقى العبادي بدبلوماسية غبية يضع قدما في الجنة وقدما في النار.