17 نوفمبر، 2024 1:28 م
Search
Close this search box.

رجل الموقف والحكمة

رجل الموقف والحكمة

ينقل عن حكيم قوله « ثلاثة لا يُُعرَفون إلا في ثلاثة مواطن : الحليم إلا عند الغضب ، ولا الشجاع إلا في الحرب ، ولا الأخ إلا عند الحاجة » .
التاريخ يصنع من قبل الدولة والأفراد، والأمم تكتب وتسجل أمجادها بأسمائها وكل عظمائها من أبنائها، والتاريخ تدوين لمجموعة الحوادث اليومية السياسية وغيرها، ويكون مميزاً للدولة صاحبة المبدأ و التي تحمل وجهة نظر معينة، خاصة إذا كان إلهياً تعمل على نشره في العالم لصالح البشرية.
بالرجوع إلى التاريخ نجد الحوادث الكثيرة، التي وقفت فيها الدول مواقف مشرفة، خُلدت على مر العصور.. والأمة التي تستميت من أجل نشر رسالتها، تعيش او تموت بعزة ورفعة، وأما التي تموت وتنحني أمام الآخرين وتفقد الجرأة تموت بذل وهوان .
قال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) .
هنا تبين الآية أن هناك رجالاً، وليس كل المؤمنين، ومن هنا للتبعيض وقد حددت الآية صفات للرجال، ولم تقل الآية من المؤمنين ذكور، وليس كل ذكر رجلاً، ولا كل المؤمنين، ولا كل أصحاب العضلات المفتولة، ولا كل أصحاب النياشين البراقة، ولا كل الأمة الإسلامية ذات المليار ونصف المليار مسلم كلها رجالاً..
وصف الرجال في القرآن، منح لصنف معين من الناس، وهم الذين صدقوا ولم يغيروا ولم يبدلوا، ولم يهادنوا ولم يداهنوا ولم ينافقوا، ولم يتنازلوا عن أرض الإسلام ولا عن حكم شرعي واحد..
هنا يصح القول الرجال مواقف، لانها معيار الرجولة الحقيقية، التي تكشف معادنهم، يعني الرجل بكيفية تصرفه في الموقف الذي يوضع فيه، اما ان يتصرف بحكمة وشهامة ورجولة، وبذلك يقال ان هذا رجل، او ان يتصرف بشكل ينتقضه الناس عليه…
الرجال تحتاجهم الأمة في كل ظروف تاريخها الطويل ، وحاجتها إليهم اليوم أشد ، إنهم رجال المواقف،
القادرون على بيان الحق برحمة وإشفاق ، المتمكنون من إعانة المخطئ في العودة عن خطئه، بالحكمة والموعظة الحسنة.
القادرون على إعادة التوازن في الأمة بأناتهم وحلمهم ، وخاصة عند ظهور فتنة الاختلاف وكثرة الرويبضات.. فهم ملتزمون ببيان الحق بدليله، وتصحيح الخطأ، ولكنهم في الوقت نفسه، حريصون على تماسك الصف وثبات أركانه، يعلمون أن غفلتهم عن أحد هذين الركنين، ستكون سبباً للتصدع وفساد ذات البين وذهاب الريح.
إن رواد الأمة يقفون على أرض راسخة، من البصيرة والورع لا يستفزهم الجدل، ولا تثيرهم أهواء الناس، بل تراهم يأخذون بحظ وافر من النصيحة، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وليس كل أحد يستطيع أن يبصر مآلات الأمور ، ولا كل مبصر لها قادر على درئها.
أنهم رجال ينظرون بعين المصلح، الذي يرعى المقاصد الشرعية والاجتماعية، المأمور بها جميعها، فيقدمون أولاها وأقربها لمراد الخالق عزَّ وجل ومرضاته.
ليس صحيحاً أن المواقف هي التي تصنع الرجال وإنما الصحيح هو أن المواقف تولد في ظل الأقوياء من الرجال..
هكذا تتجذر الصفات في رجل عاش في كنف مرجعية والده السيد محسن الحكيم (قدس) وترعرع في غربة عن وطنه وشعبه، ليكون قياديا يقارع نظاما طاغيا متسلطا على رقاب الشعب، فكان أحد أبرز المعارضين لنظام الحكم في العراق.. فهو غادر العراق مطلع ثمانينيات القرن العشرين، ولم يعد إليه إلا بعد سقوط النظام البعثي عام 2003.. وازداد دوره السياسي في العراق، بعد تولّيه قيادة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، إثر اغتيال أخيه محمد باقر الحكيم، في تفجير سيارة مفخخة في النجف عام 2003.
انه رجل الموقف في العراق حيث حرص على وحدة العراق، أنه السيد عبد العزيز الحكيم(قدس)، كما عبر عنه السيد الديباجي على ان السيد الحكيم، يرحمه الله، كان لا يخاف في الحق لومة لائم ويعمل جاهدا لمصلحة شعبه وأمته.

أحدث المقالات