الصورة التي إرتسمت في مخيلة كثير من العراقيين عن رجالات ساستهم انها سوداوية في معظمها، وبعضهم دارت حوله الشبهات في علاقاته وفيما إستفاد من أروقة الدولة ومؤسساتها، ربما عدا شخصية واحدة بقيت يداها بيضاء لم تقترب من شبهة من أي نوع، بل انها لم تقترب يوما ما من فساد من أي نوع، ولم تستطع أية جهة ان تثلم من سمعته او أن تنال منه بشيء مما نشر من غسيل قذر عن كثيرين ممن استهوتهم لعبة الانحدار في مهاوي الفساد والرذيلة الى حدود مرعبة.
انه السياسي العراقي السيد أسامة النجيفي، رئيس ائتلاف متحدون الذي يتحدى أية جهة ان تكون قد وجدت في أي ملفات فتشت عنها أن بمقدورها ان تجد ما يمكن ان يفرح قلوب الشامتين بالرجل ومن يتربصون به الدوائر هنا او هناك ، اليوم أو قبل عشر سنوات، وفي مرحلة تسنم فيها أعلى مراحل القيادة وهي رئاسة مجلس النواب او حتى الفترة التي سبقتها او تلتها ،علهم يجدون ضالتهم في ان يتوصلوا الى ما يشكل ( ثغرة ) ينفذون منها الى سجل هذا الرجل الذي بقي أصيلا كأصالة العراقيين الانقياء الذين عرفوا معنى ومغزى ان تكون هيبة الرجال وكيف يحافظون على قيمهم وسط كل هذا الضجيج من مختلف أشكال الانحدارات في السلوك التي ارتضى البعض الانزلاق اليها ، وربما نهب من ثروات العراقيين تحت منافذ شتى كانت مخفية بعض الشيء عن أعين العراقيين، لكن الله جلت قدرته فضحهم في مراحل لاحقة وبانت روائحهم الكريهة حتى أزكمت الانوف.
ومن فضائل شخصية السيد أسامة النجيفي انها كانت صلبة المراس لاتهزها المحن ولا ترهبها الشدائد، وقد أظهرت بريق شخصيته وكمالها عندما كان رئيسا لمجلس النواب للفترة من 2010 – 2014 والتي تعد العصر الذهبي لرئاسة مجلس النواب، إذ كان ذلك العهد يتنافس عليه ثلاثة رجال أقوياء وهم رئيس الجمهورية السابق السيد جلال الطالباني ورئيس مجلس النواب أسامة النجبفي ورئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، بحيث أظهرت السلطات الثلاث انها كانت في بداية مراحلها الاولى انها كانت متماثلة من حيث قوة التأثير، وكان أسامة النجيفي برغم خلافه الكبير مع نوري المالكي في الفترات الاخيرة من حقبة توليه رئاسة مجلس النواب قد خاض مايشبه الحرب ضد المالكي عندما وجد ان هناك محاولات لسلب ارادة مكونه عندما عانى من التهميش ومن مختلف الممارسات وقف خلالها أسامة النجيفي في مؤتمرات صحفية عديدة بل وفي مواجهات مباشرة مع نوري المالكي وبخاصة إبان أزمة التظاهرات وعدم الاستجابة لمطالبهم المشروعة في وقتها والتعدي على ممارسات ديمقراطية اتخذت من التظاهر السلمي منهجا لايصال رسالتها علها تحصل على المطالب، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل بعد ان سعى المالكي لتعكير الاجواء وعدم التعامل مع مشروعية تلك المطالب على بساطتها، حتى تصدى له النجيفي مطالبا بان يتم احترام إرادة الشعب العراقي ، بل ان النجيفي لم يدافع عن حقوق مكونه لوحدهم بل عن حقوق كل المكونات العراقية التي تعرضت للظلم من اية جهة كانت، وكانت مواقفه هيابة بالرغم من كل ماناله من محاولات سعت الى النيل منه بأية طريقة لكنهم جميعا يأسوا من من اية محاولة لاكتشاف مايمكن ان يشكل ( ثلمة ) يمكن ان ينفذ منها المتربصون لتشويه سمعته، وهكذا كانت مواقف الرجال في أصعب المواقف.
لكن المرحلة الاكثر قساوة وصعوبة بالنسبة الى السيد أسامة النجيفي كانت في المرحلة التي احتدمت فيها المواجهة مع داعش وبخاصة بعد النكسة الأليمة التي تمثلت في احتلال نينوى ومن ثم سقوط الانبار والتي كانت درسا مريرا ، عانى منه النجيفي كون محافظته التي ولد فيها ودافع عنها لم تجد من يدافع عنها بسبب سياسات المالكي وقوات الجيش والاجهزة الامنية في وقتها مع أبناء تلك المحافظة،وما تعرض له النازحون من عيش بائس وحياة ممزقة مليئة بالاحزان وصور المذلة ومعالم هجرة العراقيين خارج بلدهم بعد ان ضاقت بهم سبل الحياة ، الى ان حصل ما حصل ومن ثم لم يتبق من كرسي سلطة يمكن ان يدافع به عن اهله الا منصب متواضع وهو نائب رئيس الجمهورية، ومع هذا فأنه حتى هذا المنصب المتواضع الذي قد يفقده في اية لحظة بسبب مخلفات السياسة الحالية، فأن النجيفي لم يبخل على مكونه ولم يتنازل او يتهاون عن حقوق شعبه ومكونه قيد انملة، حتى وان ظن الكثيرون ان رجالات السياسة جميعهم مقصرون، وان النجيفي مع رجالات مكونه قد تعرض لحملة ظالمة ، ربما أثنت الكثيرين عن القيام بما يكفي لرفع الغبن والحيف عن أبناء مكونهم، وان كان الأذى الذي ناله النجيفي حتى من مقربين من داخل ائتلافه او من ائتلافات مناظرة لم يتخذ من المحاولات ربما مايكفي لنصرة اهله وجمهوره عندما تعرضوا لمختلف أنواع الظلم في فترات مختلفة وبخاصة بعد احتلال نينوى ونزوح اهاليها الى كردستان ومحافظات أخرى، ووجه اللوم الى القائمين على شؤون هذه المحافظة لانهم لم يتمكنوا ربما من حفظ حقوق اهلهم وشعب مكونهم، وكانت آلامهم محل اهتمام النجيفي في كل لحظة تكون هناك فرصة للدفاع عنهم ورفع الحيف لمن ضاقت به السبل او تقطعت به الاحوال، بعد كل الذي جرى من مصائب وأهوال.
والاكثر ايلاما ربما ، مما عاناه النجيفي هو ان هناك ساسة من داخل مكونه لم ينصفوه بالرغم من كل ما سعى لاظهار مكانتهم والدفاع عنهم، وبعضهم لم يترك مناسبة الا وتحالف مع من يضمرون الشر للنجيفي من خارج مكونه، وانزلق البعض ممن كانوا محسوبين على مكونه الى مصالح وانانيات ضيقة لاترتقي الى آلام شعبهم وما عاناه مكونهم وفضلوا كراسي سلطة ومواقع حتى وان كانت على حساب حقوق مكونهم والدفاع عن مصالحه وباع البعض منهم مكونه بثمن بخس في أروقة السياسة وفي دهاليزها، حتى وان وصلت مرتبات البعض الى مكانات وضيعة ، لمجرد ان يكون رقما يدخل في قائمة الأذى التي توجه الى صدور من يتصدون للمسؤولية في أعلى مواقعها، وكان أذى الكثيرين من أمثال هؤلاء هم من اوصلوا جمهورهم الى هذه المكانة ولم يتصدوا بما يكفي للدفاع عن حقوق مكونهم ، حتى تولدت تلك الصورة السلبية لدى جمهور واسع عما وصل اليه حال رجالات السياسة من تدهور وانحلال وبيع الضمير الوطني في مزادات السياسة ، لمجرد الحصول على مغانم وثروات، تدخل حسابهم، في وقت يتعرض جمهورهم الذي يمثلونه او يدعون الدفاع عنه الى الغاء كامل لوجوده ومحو هويته، ومع هذا لم يرف جفن لكثير من ساسة هذا المكون لكي يرتقوا الى حجم الآمال التي يتمناها مكونهم لرجالات ساستهم وعلى الحال الذي يفترض ان يكونوا عليها.
هذا بعض مايمكن ان يرسم من معالم عن تلك الشخصية السياسية التي بقي لها رصيد كبير في ضمائر من عرف قيمة المعدن الاصيل لاسامة النجيفي ، وهو رصيده الكبير الذي لاتدانيه قيمة في انه بقي نظيفا امينا صادق الوعد ، حافظ على قيم شعبه وأوفى العهد له، وهو يرى انه يتمنى لو كان له موقع يقدم له الخدمة الأفضل، ومع هذا حتى وان كان داخل تركيبة قيادة الدولة او خارجها ضمن قيادة ائتلاف متحدون فهو كما عرفناه شهما يدافع عن الحق ولا يهاب فيه لومة لائم، ولن ينسى العراقيون الاخيار الانقياء حتى ممن تعرض للاذى الكبير من ايام محنة احتلال محافظاتهم ان النجيفي يبقى هو المدافع الأمين عن حقوق العراقيين جميعا ومنهم حقوق أهله وابناء محافظته، التي يحفظ لها في قلبه ما يشكل معينا ثرا لقيم الوفاء والشعور العالي بالمسؤولية لان يخلصهم من ربقة احتلال محافظاتهم سواء في نينوى او الانبار وكل بقعة ارض عراقية تعرضت للظلم اينما تكون، وهذه سمات الرجال الانقياء المتواضعين الكبار في أعين شعبهم ، وهذه أعز قيمة يحلم بها سياسي عراقي نذر نفسه لأن يبقى في الواجهة يتقدم الصفوف لإعلاء شأن مكونه وكل العراقيين ، الى حيث الرفعة والسمو والمكانة التي يستحقون، وهو كما عهدناه سيبقى هكذا ، الرجل الأكثر وفاء وصفاء ونقاء والاكثر مواجهة من أجل نصرة الحق ، وإعلاء مكانة بلده بين الأمم.