23 ديسمبر، 2024 6:28 ص

رثائية الشاعر الخالد المرحوم عبد الرزاق عبد الواحد (أبا خالد)

رثائية الشاعر الخالد المرحوم عبد الرزاق عبد الواحد (أبا خالد)

(أرِحْ رِكابَكَ) أضنى عمرك القلمُ    يا مسك مَنْ شَعِروا ياحبر من نَظَمُوا
حيٌ بإرثيكَ مرفوعا كما العلمُ        يا قامةَ الشِعرَّ يا ابداعَ مَنْ خَتموا
يا باعِثَ العَزمِ سيفاً بعدما جَذَبَتْ     فينا القرائحُ والأفكارُ والهِمَمُ
يا بَيرق الشعر دمعاً حين ينسجه    إن طَالهُ العزِّ أم حلّت بِهِ ظُلَمُ
يا صانع الذهب المسبوك في نسج   يصوغ منه حُلاً أحشائها ألم
يا صوتَ كلِّ العراقيين في مِحَنٍ      وطوَد كلِ قريضِ الشعرِ يتَّسِمُ
عِراقُه أُحتلَّ غدراً لم يَعدْ سَكَن       ولم يَعدْ بعده عَيشٌ بهِ حَشم
ما عَادَ يَكسوهُ زهوٌ ابيضٌ ألقٌ      ولم يرى الصمت حلا فيه يَختَتِم والأرضُ ما احتملت زهوا به ألفت   أنفاسَهُ في ِرئى جنبيه تكَتم
فكان أول من شَدَّ الرِحِال الى        دمشقَ ينشدُها شِعراً ويلتهم
لعلَّ في الشامِ عن بغدادَ تسكنه     حيث المعَّري ومَنْ في جنبه نُوًّمُ
أبا( فراتْ) ويا( نوابْ) عادَ لكُم     فذٌّ بشعر به من غاضه نقموا
لكنَّها الشامُ في بغدادِها التحقتْ     لكيْ تعاني بِما بغدادُ تَحتَدِمُ
فجاءَ عمّان فيها لاهباً هٍمًمَا        حيثُ الهواشمُ فيها تَنبع الشيّم 
تبقى قصائدُ ما أنشدتَ مُعجزةٌ       تَحكي معاناةَ شعبً نالَهُ السَقَمُ
(صبرُ العراقِ صَبورٌ أنتَ يا جَملُ)  كلُّ العراقِ دماً يبكي ويَعتَصِمُ
يا شاعرَ العربِ الموهوبْ منزلةً       ما خانه النظمُ حتى حِينَ يأتلم
حب العروبة في اعماقه امتزجت      يزهو بها شعره فخرا ويتسم
يشدو بوعد لهم بالنصر ما صبروا    وأنهَمْ خَير قَومٍ إنْ هُمُوا اعْتَصَمُوا
قُدسيّة الدين في وجدانِه ارتسَخَتْ     في فهمه الدين اصلاح ومُرْتَسَمُ
كل الفضائل في الأديان مقصدها      إصلاحُ اقوامٍ في احوالهم أزموا
كل النبيين في التاريخ  أعمدة         (محمدٌ) كان فيهِا حَاسمُ خَتَمُ
 هو الذي قد أعز العرب منهجه       وصحبه والحسين الفذ هم أمم
رثى الحسين ومن في ركبه قدموا     بأبلغ القول مما ترثه العِمَمُ
 ما كانَ يمدحُ شخصاً كي يُجاملُهُ      وإنما المدحُ فيما تَنجزُ القِمَمُ
رثاء من جابه الأوغاد  منتصبا       كانت لوقفة عزٍ عند من عدموا
ما كانَ صدَّام لٍصاً أو له صِلةٌ          بالأجنبيِّ كمَنْ مِنْ بعدِهِ حَكَمُوا
حيّا فلسطين فيما العنق مُعتَصَمُ       وبالشهادة لبّى عيدَ من حَرِموا
هذا الذي نحن فيه الآن من مِحَنٍ      ما كان يحدثُ لولا غدرَ مَن قَدِموا
يا منشد الشعر في عهد به صمتت    ابواق مدحٍ بذاك العهد تزدحم
يا ثَابِتَ القولِ في الوجدانِ منبعه      يا قامةَ الشِعرَ لا يَعلوْعَليه فَمُ
يا نجل يحيى بك الأديان جامعة        في قولة الصدق لا ظلم ولا شتم
طًوعاً له المفرداتِ الغرِّ ينشدَها       والحب في نظمه حِسٌ به نَغَمُ 
والوصف في شعره فيضٌ ومتسَعٌ    والنقد في شعره صِدقٌ به حِمِمُ
والطفل يحسبه كونٌ به ورعٌ          و(الأمُ مدرسةٌٌ) في نِهجِها قِيَّمُ
يا قامةَ الشِعرِ في قَرنَينِ كُانَ بها     الشاعرُ الفذُّ لاخَصمٌ ولا حَكَمُ
يا صائلا بوجوه الغدر قولته          أنت الأميرُ على من صابه صَمَمُ
مِنْ بعدِك الشعرُ ما بَانَتْ إمارتُهُ      من كان رهنك في تقييمك انقسموا
فطاحل الشعر في بغداد قد رحلت    ولَمْ يعَدْ شعرها بالفكر منسجم
في ظلِهم لم يعد للفكر منزلة        تَباً لجمعٍ على تأبينِك اخْتصَموا
لو كان ذرة انصافٍ بمجمعهمِ       لأدركوا إن مَنْ نَرثي هوَّ القَلمُ
عهدٌ سنمضي ولا يوم سيوقفنا     رتلٌ الغزاةِ ومن في غيِّهم وَهِمُوا
أبوك يا (ياخالدٌ) ، حيٌ بأفئدةٍ       قد كان ينشدُها شِعراً يَفوحُ دَمُ
مَجداً ورِثتَّ وعنواناً به فَخَرٌ       المالُ يَفنى وطِيبُ العيش لا يَدِمُ
أبوك قَدْ أرَّخَ الأحداثَ خالدةً       في شِعرِه الفَّذِ ، تاريخٌ بِهِ شِمم
باقٍ مدى الدهر تروينا قصائده    ما هزَّه الظلم أو أعيى به ندم
باقٍ سيذكرُهُ التاريخُ معجزةً       كالخالدين ومن في شعرهم وُسِمُوا
10 تشرين الثاني 2015 عمان الاردن