19 ديسمبر، 2024 2:04 ص

رثاء أمام حائط الحيران..حب وترقب..!!

رثاء أمام حائط الحيران..حب وترقب..!!

مازلنا نستذكرأيام العشق الاولى ,عندما كانت الحياة نقية طيبة ..زمن بلا كذب أو أغراض اخرى..النظرة البريئة والحب العذري..كنا نراقب حبياتنا عن بعد,نخاف عليهم  .. لحظات تشبه لحد بعيد ذلك الحب النقي كحب قيس وليلى وروميو وجوليت..بلا عنف أو قسوة رغم بعض النهايات المأساوية احيانا بعدم الحصول على النصيب من الحبيب..كتب الكثير من الادباء عن معاناتهم ..واليوم نستعرض عاشق اخر.. عشق ساحر حمله على بساط الريح ..حيث رأى تلك الامنيات الخالدة الماء والخضراء والوجه الحسن…هو الشاعر العراقي عدنان جمعة  في ديوانه الجديد ( زهرتي البرية)..الذي قال فيه كل شي عن قصته في الحب..
الفرحُ راقصني بثمالةِ النشوةِ
لكني الآن حبيساً في منفاي
صلبتُ بعينينٍ مثقلتينٍ
وتجري الدّهور
أعدُو كالمجنونِ
أبحثُ في أصدافِ النساءِ
عن جوهرةٍ
لا جوهرةً إلا أنتِ
انتقالات الشاعر في مساحات وجدانية واسعة  من خلال صور جميلة تجعلنا ننساق معه لمعرفة فحوى الحكاية..
تدفقي مثلَ النهرِ
رونقاً وتألقاً
تبختري كسُنْبلَةٍ
مزهوةٍ بشوقِ الهوى
أيا شقاوةَ الصِّبا
أنتِ الوريثُ الشرعيُّ الوحيدُ
لأمواجِ البحرِ
وأصدافِهِ الممتلئَةِ بعطري اليومي
ما بعَدك من امرأةٍ
تتكئُ على أجنحةِ الوسنِ
تحلّقُ عندمَا يدُاهِمُها القمرُ
بضيائِهِ يغفو في مآقينا
أسمى الأسرار
ولعمق العشق والصميمية التي يحملها الشاعر العاشق لحبيبيته فهو يضع اسمها في كل قواميس الارض ..عندما يحضر الحب بكل معانية الصافية وقيمه العذرية يتحول لملحمة ذاتية تجول في الروح وتعطي مثالا للاخرين لسرمديتة وملائكيته..
أكتبُ أسمُكِ
على محاراتِ شواطئي
ووَجهَ الهَواء
وأشجارُ الكروم
وأهرامُ خوفو
وتأّلقَ قصائدي
سأجعلُ شعاعَ الشمّسَ وشَاحَكِ
أكحّلُ بنورِ القمرِ عينيكِ
وأكتبُ أسمكِ
مراراً
على لبَنَاتِ الحيطانِ
كُتبُ الأطفالِ
قطراتُ ندى الصباحاتِ
الدروب..
الغابات..
البحور..
وأوقدُ أَعوادَ البخورِ
وأنحرُ النذورَ
بطقوسِ نَقْشَ أُسمُكِ
في مداراتِ عشقي
هناك تمنيات وافاق ومواقف يراها ويرغب أن تصل اليه..رغم كل مساحات الجغرافية واختلاف الزمن..
(( أينَ أنتِ مِنّي ))
 
أمدُّ يديَّ في جيبِ معِطَفي الأزرقُ القاتمُ
باحثاً عن أمنيَة
أتحسَسُ مسافاتٌ كبعدِ التاريخِ
تُؤلُمني ..
كأشجارِ النارنجِ رَجَفَةَ الأغصانِ
اكتَسحَها الثلجَ بغفلةٍ
ما أوحش شيبَ الترقبِ
هل تأتي في هذا النهار ؟
وفي داخلي يختبئ البردَ
ويبدو أن اغلب خواتم العاشقين فيها بعض المأساة ..واحيانا يصل لحد الجنون..ها هو الشاعر يقف على اطلال حائط حبيتته يناجيه يخاطبه بحزن وعتب..يسخر منه الصبية ماهذا الوله والجنون..شاعر يخاطب جماد
صبيةٌ تحدقْ بظلي
تمرقُ ضاحكةً
أدعُ بابَ الدارِ مفتوحاً
أحدقُ لشرائطِها الملونةِ
الأولى على الصفِ
اسمعُها .. تضحكُ عند الدكانِ
متجاهلاً صيحاتِ أبي
عاشقٌ .. لم اسمعْ صوتَهُ
استرقُ النظرَ بشوقٍ
 لم اسمعْ صيحاتهِ
أُغني لها واجهلُ النداءاتِ
دندناتٌ على أطرافِ الشفاهِ ..  يصاحبها صفيرُ اللامبالاةِ
كبرياءُ مراهقٍ
وما اروع جموع العاشقين حين يكون الحديث مسترسلا عن الحبيبات , تفوح  منه عشرات الاهات المصحبوبة بالرغبة..فكل منهم يرى وجه حبيبته هي الاجمل والاحلى..
قفشاتُ الرفاقِ على أطرافِ النهرِ
يرسمُ كلٌ منا وجهَ حبيبتهِ بأعوادِ الصفصافِ
مجنونٌ أنا .. بيدي إيقاعُ الصبا والوعودِ
هكذا كان العشق مهابة..عندما يحين وقت التلاقي تضيع الكلمات ويحل الخجل والخوف..من أن تخرج كلمة أو نظرة تؤذي احساسها ..أنه نبل الماضي..
اقتربُ منها يدنو الخوفُ مني
ألهو نفسي بنزيفِ حروفي
بيني و بينَها واوٌ طويلةُ المسافاتِ
ثلاثونَ عاماً وعدةُ أمتارٍ
امضي في دروبِ الأزقةِ
امشي على الجمرِ
معزياً الحظَّ
رثاءٌ أمامَ حائطِ الجيرانِ
وصاحبِ الدكانِ
مسيرة وجدانية يصحبنا الشاعر عدنان جمعة في أروقة ودهاليز الحب..حيث اللازمان واللامكان هو الحاكم الاساسي..ويمكن للعاشق أن يغيرالتقويم السائد بأخر قد يتحقق فيه شي من ذروة الحب..
كوني هادئةً
لنْ تهجرَني الشمسُ
سنعودُ مرةً أخرى
ليلةً بعدَ ليلةٍ
سأتلاعبُ بالتقويمِ
بعيداً عن الشعرِ والهذيانِ
سأزيحُ الغطاءَ منذُ بدءِ الخليقةِ
أعيدُ للزمنِ الصكوكَ الحمقى
وأبيعُ أوراقَ اليانصيبِ
للنوارسِ على مرافئ الانتظارِ
عندما يشعراحدنا أن الابواب اصبحت موصدة في الوصول لغايات العشق النبيل..لا حل امامه سوى اغلاق تلك المعضلات التي تورق الحب العذري ..وهنا استخدم شاعرنا الشمع الاحمر ليختم تفاصيل حب عاشه وشعر به..لكن ليس كل ما يتمنى المرء يناله…لكن مع ذلك لابد من احتمالات حياتية قد تغيرما قد حصل بشكل ايجابي لو بعد حين
(( سأختمُ بالشمعِ الأحمرَ))
 
سيختفي القمرُ
لا غناءَ
لا أنتِ
سأغيرُ أسلوبي
بهدوءٍ
أختمُ سطوري بالشمعِ الأحمرِ
الخريفُ يترقبُ عند أسوارِ العزلةِ
الأبوابُ مشلولةٌ
قصائدي المهداةَ مرتجفةً
أتعلمينَ كم مرةٍ  ؟
أوصيتكِ للعصافيرِ أن لا تبوحي
لئلا تسقطُ تفاحةَ آدمَ
ونكشفُ للشمسِ عورتَنا
وداعاً .. يا جارةَ الأحرفِ
أيتها الكلماتْ
لا تمري على حروفي
إني أجيدُ الإصغاءِ
ربمّا ارتكبُ حماقةً
وارفعُ الشمعَ الأحمرِ
ويبقى ديوان زهرتي البرية يحمل العديد من الصور والمعاني  والتاؤيل للاخرين أن يصوروها كما يفهموها..على اساس التقيم النقدي الصحيح..ويبقى بعض من الحب ما قتل..!!
د.علي حسون لعيبي

أحدث المقالات

أحدث المقالات