تشكلت سيرة الإمام الحسين عليه السلام،من سيرة ومسار جده الرسول الأعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم،في مواجهة الشرك والجهل والاستبداد والطغيان والظلام،ومقارعة الباطل بكل أشكاله وألوانه الطائفية والقبلية والعرقية والعنصرية،لذلك ليس غريبا على الحسين بن علي عليهما سلام الله،أن يخرج من المدينة المنورة بهالات النور والإيمان شاهرا سيفه سيف الحق لمواجهة سيف الظلام والطغيان في الكوفة،ليس حبا بالسلطة والجاه كما يزعم بعض الأدعياء والمغرضين،بل حبا في تنفيذ أمر الإله ووعد جده العظيم محمد أن يروي دمه الطاهر ارض العراق في كربلاء ،في أبهى طف تشهده ارض الأنبياء والأولياء والصديقين والحضارات ،ارض الرافدين الثائر أبدا بوجه والظلاميين ،وبسط سلطة الحق والعدالة والإنصاف، في سلطة متهرئة غطى ظلامها وفسادها ارض العراق جورا وغدرا وطائفية لئيمة حاقدة ،بلى كان الحسين(ع)يحمل مشروعا تنويريا وتحريريا وإنسانيا مبشرا الإنسانية بأن ربيع الثورة لا يزهر إلا بسيف الثوار سيف النور والعدل والإيمان،وكسر سيف الباطل ودحره إلى الأبد وتحطيم أصنام الطائفية والعنصرية والحقد والسلطة الفاسدة الظالمة،لهذا كله جاء حسين العروبة والإسلام
رافعا راية جده من المدينة المنورة إلى الكوفة عام(61ه-680م)، ومعه ثلة من الثائرين وأفراد عائلته الكريمة المباركة،ولم يتجاوزوا السبعين ،وهكذا اشتبك الإيمان كله بالكفر كله في واقعة ألطف النورانية في كربلاء،فكان نصر الحسين مشكاة فخر وهداية للإنسانية كلها ،ولكل المؤمنين بعدالة قضيتهم وشرعيتها،وانتصر دم الحسين على سيف جلاده الظالم، وأزهرت سنابل مجده المؤثل بدماء شهداء ألطف على ارض الرافدين حبا وبطولة ،فكانت طف كربلاء مصابيح عز تضيء دروب المجد إلى جلجلة الخلود،واليوم يعيش العراقيون كل لحظة(طفهم)،بين شهيد ومعتقل ومهجر ومهاجر إلى أصقاع الأرض والمنافي،ومعتقل ومخطوف ومهان ومظلوم جراء الاحتلال الأمريكي وعملائه لأرض الرافدين ارض دم الحسين الطاهر الزكي،ارض ادم وإبراهيم الخليل والنبي يونس وجرجيس وشيت صلوات الله عليهم أجمعين،ارض موسى الكاظم وأبو حنيفة النعمان والكيلاني عليهم السلام،ارض الحسن البصري وسفيان الثوري وجنيد البغدادي وأبن القيم الجوزية وأبن الأثير،ارض المتنبي وأبو تمام والجواهري والسياب والبريكان ومحمود جنداري ومحمد خضيرونجمان ياسين ،ارض خالد الرحال ونجيب يونس وفائق حسن ومحمد غني حكمت وإسماعيل الترك ،ارض القبنجي ويوسف عمر وإسماعيل الفحام وناظم الغزالي،ارض العراقيين كلهم سنة وشيعة كرد وتركمان صابئة ومسيحيين وايزيدين ،من عهد بابل وآشور وسومر وأكد حاضرة اور نمو وحمو رابي ولبت عشتارونبوخذ نصر باني الجنائن المعلقة وبرج بابل وآشور بانيبال صاحب أول مكتبة في التأريخ،ها قد هزم المحتل الأمريكي البغيض تحت جنح الظلام،شر هزيمة،بصمود وصبر وبسالة العراقيين ومقاومتهم البطلة،مقلدي سيرة وبطولة جدهم الحسين في مقارعة الظلم والظلاميين من بائعي الشرف الوطني للأجنبي المحتل،العراقيون الاصلاء الذين لم يخذلوه هذه المرة ،كما خذلوه من قبل أهل الكوفة،وتركوه وحيدا في صحراء كربلاء إلا من سيفه الباشط الصقيل الذي انتصر به على سيف الجلاد في واقعة طف كربلاء،فأين منا الآن سيرة إمام الشهداء،ونحن نرى الظلم يفتك بأبناء شعبنا ويغطي سماء العراق ،ظلم يتاجر بدم الحسين الشهيد ،وهاهو الفساد المالي والإداري والأخلاقي ينخر بجسد الحكومات المتعاقبة كسرطان يملأ مؤسسات الدولة وهاهي الاعتقالات تضج بها سجون الحكومات وجلهم من الأبرياء ،والتفجيرات على أشدها في شوارع وأسواق العراق،لا لسبب سوى مقارعة الظلم والاختلال الأمريكي،ويدفعون ثمن الحقد والضغائن الطائفية في النفوس المريضة،فهل يرضى حسيننا الشهيد ما يعانيه أهله وأحباءه العراقيين من ظلم وجور من أبناء جلدتهم،حاشاك ياسيدي أبا عبد الله أن ترضى عراقي يذل ويهان ،ودمك الطاهر فينا ضوءا ودليل،فربيعك قادم فينا وهو بوصلتنا المضيئة بالإيمان،سنشيها خطوة خطوة كما مشيتها من المدينة المنورة إلى الكوفة،وسائرون على درب ربيعك الزاهر لدحر الباطل كله ،بسيف الحق ،لينتصر ثانية الدم على سيف الجلاد كما انتصر دمك الطاهر على سيف الباطل في طف كربلاء…