18 ديسمبر، 2024 9:00 م

ربيع الإستثمار والإعمار في العراق !

ربيع الإستثمار والإعمار في العراق !

التبرير الظاهري لزيارة السيد الكاظمي لدول أوربا ، هو الإتصال بالشركات الكبرى والرصينة وإقناعها بالإستثمار والإعمار في العراق ، والسيد الكاظمي سيّد العارفين ، أن هذه الشركات (الرأسمالية) ، لا تحتاج إلى لقاء مسؤول حكومي رفيع كشخص السيد الكاظمي ، لكن كل ما تحتاجه هذه الشركات وقد تسلل الكساد إلى أعتابها بسبب جائحة كورونا ، هو إلى عنصرين أساسيين ، هما الأمن والمال ، وكلا هذان العنصران ، غير متوفّران على الإطلاق ! ، وهذه الشركات ليست بذلك الغباء ، خصوصا بعد ما حدث لمدير شركة (دايو) لبناء مشروع الفاو ، هذه الشركات على علم تام أنها أمام حكومة لا تمتلك الحدود الدنيا من الموثوقية والمصداقية ، تعلم جيدا أنها دخلت مرحلة التسوّل ، وآخر “إنجازاتها” هو عجزها عن صرف رواتب الموظفين منذ ما يقرب الشهرين !. .

فكيف تأتمن هذه الشركات الكبرى البلد ، والسيد الكاظمي وهو القائد العام للقوات المسلحة بكل صنوفها وأجهزتها الأمنية التي لا تُعد ، ليس قادرا على مجرد تحرير المتظاهر المختَطَف (سجاد) أبن الناصرية رغم معرفة ذويه ومعارفه بمكانه وبمختطفيه ؟! ، كيف تأتمنه وقد وصل الأمر أن تُسرق الجسور ليلا كجسر المسيّب وأجهزة الأمن غافية ؟ !.

كيف تأتمن هذه الشركات البلد ، وثمّة أكثر من 600 شهيد شاب سقط في سوح التظاهر ، وعدد كبير من روّاد الكلمة الحَرّة ، وقيدت كل هذه الجرائم ضد مجهول ؟ ، ولو حدث أقل بكثير من ذلك في أكثر الدول تخلّفا ، لرأينا سقوط جماعي لبرلماناتهم وحكوماتهم ، وهم مكللين أمام العالم بالعار والشنار .

كيف تاتمنه مع غياب تام للشفافية في مئات التحقيقات بلجانها الكثيرة ، آخرها حادثة الإنتحار المزعوم لمدير شركة (دايو) في العراق ، وإلا لماذا تفكّر الشركة في ترك إكمال مشروع ميناء الفاو؟! وهناك أخبار عن النية في إتمام هذا المشروع من قبل شركات صينية ؟ .

ماذا يُدعى أن نسمع بين فترة وأخرى عن أشخاص برتب كبيرة ، يستخدمون موارد الدولة من حمايات وإمتيازات وسطوة وما ينتج عنها من إبتزاز ، وإذا بهم ليسوا سوى وهميين ومنتحلين ! ، يُقال بعد ذلك أن الجهات الأمنية ألقت القبض عليهم ؟! ، كيف لأشخاص تافهين أن يخترقوا المؤسسة العسكرية والأمنية بهذه السهولة ولوقت طويل ؟! .

أجهزتنا الأمنية مفلسة من ناحية الإعلام والفعّاليات ، رغم وجودنا في دوامة من الإرهاب والسرقات والجرائم الكبرى تعصف بنا وبإستمرار ، لذلك ترى أخبارهم المزعومة مليئة بالسفاسف التي لا شأن للمواطن بها ، من قبيل ، عملية نوعية وبتنسيق عالٍ مع ، وبدعم من ، (ويدرجون أسماء عدة أجهزة أمنية) ، ويذكرون اسماء المشتركين ، دون أن يذكروا اسماء المجرمين ! ، ولا بُد أن يرفض الشخص المُعلِن عن هذا الإنجاز ” الكبير” الكشف عن أسمه ، سبحان الله لا أدري لماذا ؟! ، آخرها ما يُزعم القبض على قاتل المتظاهر الشهيد (عمر الدليمي) في البصرة ، من قبل أحد منسبي جهاز مكافحة الشعب ، عفوا أقصد الشغب ! .

ماذا يُدعى أن ما يسمى البرلمان ، وعدد كبير منهم مطلوبون للعدالة ويتحدونها ، يتصرف كمنظمة سرّية ويُكرس مفهوم الدولة العميقة ، ولا يتصرف على الإطلاق كممثل للشعب ، تمرر خلاله كل قرارات تدمير ما تبقى من البلد ومقوماته رغم المعارضة الجماهيرية العارمة ، قرارات تعود بالفائدة لمنتسبيه فقط ، ولتذهب الجماهير إلى الجحيم ، كتجديد تراخيص الهاتف النقال الغنية عن التعريف في الفساد ، وكارثة معادلة الشهادات ! ، وكوارث تبديد ثروات البلد ورهن حاضره ومستقبله ، وغيرها كثير .

لا يوجد إنجاز واحد تمخضت عنه الحكومة لصالح الشعب ، ووالله أوجست في نفسي خيفة عندما زفّت لنا وزارة الإتصالات عن خبر تحديث شبكة الإنترنيت بعمليات “الصدمة” التي ملأت أخبارها الآفاق ، وها هي خدمة الإنترنيت ، من سيء إلى أسوأ ما يكون هذه الأيام !.

خبر آخر زفته لنا وزارة النفط عن تقفيص أقصد تخفيض سعر البنزين المُحسّن إلى 650 دينار بدلا من 950 دينار ، ووالله لقد عرفت أن هذا البنزين ستنخفض نوعيته أيضا ! ، وها هي مواقع التواصل الإجتماعي تشكو من نوعية هذا الوقود كونه نفس نوعية البنزين العادي الذي يصيب السيارة بعسر الهضم ، إن لم يكن أسوأ ! .

حكومة خالية من كل الأعراف ، مجردة من الأخلاق والإنسانية ، بعيدة كل البعد عن الحدود الدنيا من المهنية والتدبير والإدارة والقيادة ، حكومة لا يوجد مثيل لها في الكون ، رجالاتها ببدلات وأربطة عنق ، لكنهم يحملون عقلية إنسان الكهف بل أكثر تخلفا ، ستزخر بها الموسوعات السياسية مستقبلا ، كأسوأ نظام (إن كانت به رائحة نظام) في التاريخ البشري ستخجل منه حتى موسوعة (غينيس) للأرقام القياسية في الفشل والفساد والفوضى والدماء .