17 نوفمبر، 2024 10:32 م
Search
Close this search box.

ربنا.. وحريتنا …!

الحرية الاقتضائية… او الضرورية.. او ما يصطلح عليه بالاباحة الاقتضائية.. ويمكن القول انها احد الاحكام الخمس .. او الثلاث الرئيسة في الشريعة . كيف…؟في الاديان كافة تقسم الاحكام الى ثلاثة اقسام هي : واجب وممنوع ومسموح.. او ما يصطلح علية بالواجب والمحرم والمباح …ولكل من هذه الاقسام درجات متفاوتة في الشدة او ما يصطلح عليه بالمفهوم المشكك او المتفاوت.. يعني المحرم يكون فعلا مبغوضا من قبل الخالق .. وكلما انخفضت المبغوضية يكون محرما مخففا او ما يصطلح علية بالمكروه..وتحديد شدةالمبغوضية تستند على الادلة المنصوصة ..وعلى درجة النباهة والقدرة الاستنباطية عند المشرع.. لان الشريعة هي نتاج بشري .طبقا للادلة النصية.. ليس الا ….ويبدو ان مصلحة رجال الدين تحتاج الى التركيز على المحرمات لاجل جر الفرد والمجتمع الى سلطتهم… لذا نجد اغلب رجال الدين يبالغ في التشدد في الاحكام.. لشد وربط الافراد بشخوصهم لاسباب مادية استثمارية ..ليس الا..ويهدف رجال الدين _غالبا_ الى اتهام الناس بالكفر والخطيئة . لاسباب منها:اولا: يحاول اكثر رجال الدين ان يمدحوا انفسهم بطريقة غير مباشرة … فهم يتهموا المقابل ليظهروا نقاءهموطهارتهم .. وهذا الفعل هو لاجل خداع الناس واستغلالهم..ثانيا : ان اقناع الفرد بخطيئته . يؤدي به الى البحث عن مخرج ومنقذ له .. وبالتالي يتوجه الى رجل الدين الذي اقنعه بالخطيئة ليتخلص منها… فيكون فريسة سهلة للابتزاز … او شراء صكوك الغفران…ثالثا: ان اغلب رجال الدين هم ممن لا يمكنه الوصول الى المفاهيم الدينية العليا.. لذلك لا يتصور الخارطة الكلية للمشروع الالهي.. ولا يقدر اهمية حرية الانسان في التخطيط الالهي..ويمكن القول ان الخالق تعالى جعل الحرية هي المحور الاساس لحركة الانسان ضمن تخطيطه… وهذا ما لم تستوعبه الملائكة.. لذااعترضوا وقالوا: هل تجعل في الارض .. مخلوقا يفسد لعدم انضباطه التام والمقيد … وهو مخلوق مخير وليس مسير مثلنا… ؟!ويمكن الاشارة الى ارادة الخالق في ان يكون الانسان حرا في اختياره وليس مقيدا …في عدة نقاط منها..:اولا: خلق سبحانه ادم .. ونصحه بخصوص الشيطان والشجرة وترك له الاختيار..ثانيا.: في اوثق النصوص الالهي وهو القران الكريم .. ورد ما نصه: لا اكراه في الدين .. اي في العقيدة عموما … فضلا عن عشرات او مئات النصوص الالهية التي تخاطب الانسان بلطف وتترك له الحرية….بل نصح الخالق تعالى النبي موس (عليه السلام).. في الذهاب الى فرعونومخاطبته بلطف ولين .. بمضمونه: قل له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى… لاننا خلقناه ونريد له ان ينفع نفسه ومن معه من البشرية …لكنه يسير في الاتجاه الخاطئ.. ومن جهة اخرى.. لم يقل موسى عليه السلام ..نعم يا سيدي ساذهب فورا وافعل ما تريد..لاحظ .. ان موسى فكر في ان يكون في الجانب الامين.. وطلب ان يكون معه اخوه هارون عليه السلام … وهو يتدلل على رب العالمين ..! .. وهي صورة اخرى لما يريده الخالق تعالى من الحرية للبشر… فلنتفكر…!ومن الناحية الثقافية…يمكن القول انه يوجد حكم واحد هو الاباحة او الحرية… اي انت حر في ان تلتزم او تترك ..دون اكراه.. لانك مخلوق مخير… ومسؤول عن اختيارك وملزم به… الذي يحدد علاقة صداقتك مع خالقك … وقد منحك العقل لتميز بين ما ينفعك ويضرك… و هذه السطور الجريئة لاسباب منها:اولا: انتشار التشدد الديني.. وهو مخالف للذوق الالهي.. لان الخالق لم يصرح بالاكراه في الدين .. بل لا اكراه…ثانيا: ان العلمانيين والملحدين ذهبوا بعيدا في تقديس رجال الدين… فاعتبروهم ممثلا للخالق.. وعندما تناقشهم في الغيب والايمان… يحتجوا عليك بما يقوله رجال الدين ويفعلونه… مثلهم مثل الجهلة والسذج الذين يتبعون داعش وغيرها…ثالثا: ان الموضوع الديني هو قضية عقلية وفكرية.. ولا دخل لرجال الدين فيها ..بل هي اختصاص اهل الفكر.. لذلك يتم تدريس علم المنطق لانه مقدمة للتفكير الصحيح الذي يقود الى الايمان بالخالق …رابعا: ان الثورة الاوربية والفرنسية ضد رجال الدين وظلمهم ..قادت الى الفكر الالحادي الذي انتشر لاحقا…..حتى وصل الى الشرق.. لكن الخالق تعالى لم يكن مع اولئك الظالمين… ولم يمنحهم التخويل… بل ارسل الانبياء والرسل… الذين كانوا ..غالبا.. ضحية المؤسسة الدينية.. وخاصة ابراهيم وعيسى عليهمالسلام..خامسا: ان العلماء الحقيقين يقولون بهذا اجمالا.. مثلا ..انظر موضوع الاباحة الاقتضائية في الحلقة الاولى من كتاب علم الاصول للعالم محمد باقر الصدر.. وانظر موضوع التخطيط الالهي العام في الجزء من الموسوعة المهدوية للعالم محمد الصدر…سادسا: ان الايمان بالخالق شيء عقلي.. وبحرية دون اكراه… اما الالتزام بالتعاليم يكون لاحقا لاجل ترتيب علاقتنا مع الرب.. وهي الشريعة التي يضعها رجال الدين. ويفترض بنا ان لا نقرر الالتزام بها الا بعد حصول الاطمئنان بصداقتهم مع الخالق تعالى… وليس كما هو الحال الان…!سابعا: ان العقل هو الشاهد على الانسان. فاذا حصل اليقين بتعاليم معينة.. كونها صادرة من الخالق.. صار الانسان ملزما بها . . وهذا يصطلح عليه بالمنجزية في علم الاصول. . وهو ابو العلوم في الدين.. اما ما لم يقع في منظور العقل… فاننا معذورون فيه..وزبدة القول ان الخالق جعل الحرية في الاختيار هي العمود الفقري للانسان.. ويمتاز بها عن باقي المخلوقات. وان الرب يريدنا احرارا.. لنتمكن من ايجاد الطريق الى صداقته.. حتى يصبح التزامنا مع الله هو حريتنا الحقيقية..وللحديث بقية… 

أحدث المقالات