23 ديسمبر، 2024 1:15 ص

ربما سيشهد العراق حكومة زئبقية

ربما سيشهد العراق حكومة زئبقية

أقول ( ربّما ) وكل الاحتمالات ممكنة في بلد مثل العراق اختلط فيه الحابل بالنابل ، وأصبح مسرحاً مفتوحاً لأجهزة المخابرات الأجنبية بما فيها ( جزر الواق واق ) . وطالما أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد لهذا البلد الاستقرار الحقيقي ، وتحاول بشتى الطرق والوسائل خلق الفوضى العارمة فيه اكراما لعيون ( الكيان الصهيوني ) فانه من الممكن جدا أن يشهد العراق حكومة زئبقية مقبلة يقودها رجل أرعن يتميز بشخصية زئبقية لا تستقر على قرار ثابت وعلى نهج ثابت ، وانما يتحرك في جميع الاتجاهات من أجل أن يشبع غروره غير المحدود . وأرى أن الولايات المتحدة0 الأمريكية اتخذت قرارا صائبا بدعمها للتيار الصدري في الانتخابات الأخيرة ( وربما الانتخابات السابقة ) ووقفت بكل ما لديها الى جانب هذا التيار لتحقيق الفوضى المدمرة في البلد . هذا لا يعني أن أمريكا وحلفاءها يميلون الى التيار الصدري من باب الحب وتبادل المشاعر الصادقة ، بل من المستحيل أن تكون لأمريكا أواصر حب ووئام معه بسبب علمهم أن زعيم التيار مقتدى الصدر لا يصلح لمثل هذه العلاقات ، ولكنه يمكن أن يؤدي خدمة كبيرة في نشر الفوضى وتمزيق البلد ارباً اربا ( وهذا هو الهدف المطلوب ) .

وبما أن ( ربّما ) ممكن أن تتحول الى واقع مفروض ، أي بمعنى آخر ربما يتمكن مقتدى الصدرمن استلام السلطة التنفيذية ، فهذا يعني أن العراق مقبل على عصر يتميز بردود أفعال وقرارات عشوائية كما يتميز الزئبق في الاناء ، حيث لا يستقر عند وضع ثابت بلْ تراه يتحرك بكل الاتجاهات بشكل ( قرقوزي ) . ولأن الكتلة الصدرية ( كما هو معلوم للجميع ) لا تملك لنفسها ضراً ولا نفعا ، وانما حالها ومصيرها مرهونان بيد زعيمها الأوحد الذي اذا قال قولا لا يستطيع أحد غيره أن يناقشه أو يضيف لقوله شيئا آخر ( فهذا الأمر محرم ومن الكبائر الكبرى في شريعة مقتدى ) . وعليكم أن تتصورا حجم النجاح الذي ستحققه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في العراق عن طريق قيام نظام ( لا يعترف بالنظام ) وعن طريق تشكيل سلطة تنفيذية ( يتم التحكم بها بواسطة قصاصات ورق تصدر من منطقة الحنانة في النجف ) وعن طريق رئيس مجلس وزراء ووزراء ومدراء عامين ( لا يملكون الاّ أسماءهم ، بل هم كالأصنام على الكراسي المخصصة لهم ) . وعليكم أن تتصورا الى أين سيتجه العراق الذي سيقوده جاهل أحمق لا يملك من الحنكة والخبرة السياسية شيئا . وعليكم أن تتصورا لوْ أن المعارضة وقفت في طريقه ماذا سيكون رد فعله . وعليكم أن تتصورا كم عدد المرات التي ( سيزعل فيها مقتدى مهدداً بالانسحاب ) وكم عدد المرات التي ( سيعود فيها مقتدى بعد التهديد ) . وعليكم أن تتصورا كيف ستكون علاقة العراق مع الدول الأخرى ( المجاورة وغير المجاورة ) وأعتقد أن الدولة التي تستطيع أن تبتلع مقتدى من خلال التطبيل له ستكون أكثر الدول قربا من العراق . وعليكم أن تتصورا كم من الأسماء المنبوذة التي لا قيمة لها في المجتمع وليس لديها المؤهلات العلمية والثقافية ستحصل على مواقع مهمة أكبر بكثير من خيال أصحابها . وعليكم أن تتصورا من الذي سيسيطر السيطرة المطلقة على القيادة العامة للقوات المسلحة ( بجنرالاتها وفحولها ) ولأيّ صورة ستتحول هذه المؤسسة المهمة تحت بطش وغطرسة ( اصحاب سيارات البطة ومؤسسي مقابر الضحايا خلف السدة ) . وعليكم أن تتصورا حال القضاء العراقي الذي سينام في غفوة عميقة بعد أن تصبح ( محاكم مقتدى الشرعية ) البديل عنه . وعليكم أن تتصورا كيف سينظر العالم الى العراق انْ بقي للعراق وجه يليق به .