22 نوفمبر، 2024 1:29 ص
Search
Close this search box.

ربما….؟!

أرى عبر ثقب إحساسي موجات الريح تتكاتف وأمواج البحر, ويحضن بعضها بعضًا بحنين أخافني وهزّ فرائصي, اهتزت عمارتنا بهزّة أرضية على مقياس ريختر بزمن منهار, لو أُعطِيَتْ درجة قياسه لكانت القيامة بعد دقائق, أرى خلف زجاج عمارتنا المتصدّعة أرواح الناس تتطاير, فوقعتُ في حيرة : هل الروح تتجسّد؟! أم أن الأجساد تطير بلا أجنحة؟! ولم أعرف بعدُ الجواب….!
ومن خلال ثقب إحساسي الذي يتسع مرّة ويضيق أخرى, أرتجف بنوبات هستيرية تحت أصوات انهيار طبقات فندق شامي في عاصمتي الحبيبة, تبتلعه زوبعة, فعرفت أني قد تجاوزتُ حدودَ المكان والزمان, وصرتُ أتلمّس نفسي هل أنا حيّة أم ميتة…؟!
ركبتني شجاعة مفاجئة, هممتُ بدخول ذلك الثقب, وهو الذي لا يتسع لرأس خنصري, تضاءلتُ حتى عبرتُ, وما زلتُ لحد الآن منشغلة بتحسّس أعضائي…! هل كلي موجود؟ هل فقدتُ شيئًا مني؟ هل متُّ …؟!
ولولا لهاثي لصرخت على جنازتي, لكني عدت لتيهي, وأنساني مشهد هذا الفندق نفسي….
عجبًا ؟! فبلادي تنهار … ؟!
عجبًا ؟! هل هي القيامة…؟!
تساءلت كثيرًا وأنا بين الغيبوبة والوعي, تصوّرتُ نفسي شخصَين, أحدهما حي والآخر ميت, الحي تحت مرأى مفاصل الفندق وهي تدور تحت منفاخ العاصفة وكأنها طبق فضائي!
بدأت السحب ترمي بنفسها فوق هذا المشهد, وهي تتقطّع بسكين البرق قطعًا متناثرة فوق أرض تحتل المشهد بين السماء وأرضنا المعهودة, فقلت لنفسي :” إنها النهاية, فهل من عودة لأكون في جانب الحياة بقساوتها تلك؟ أم أبقى بموتي لأستريح ؟!”
لا رجحان لهذا الخوف, ففي الحياة عذاب أهلها, وفي الموت عذاب الله, فأيهما أختار؟!
وأخيرًا.. تخطّتْ بناية الفندق زمن بلادي, بآهات الأطفال وصرخات الثكالى ونحيب الشيوخ, لتلحق بي نحو المهجر, تصطدم بمسكني في بلاد الله البعيدة, فهل من مهرب من مصير سوري احتلت حياته جميع حالات الفناء, فلم يبقَ في الأرض ولا في القدر من فناء مخبوء, كل نهاياتها موت وتشريد وعويل, يا الله ..هل من مهرب ….؟!
وأنا في التحام المكانين توحّدتْ زمكانية المكان بسجاد أخضر يُفرش أمامي متجهًا نحو قاع الأرض, فعرفت أنه انفلات من المصير, فموتي ليس اليوم, ربما غدًا أو بعد غد…؟!
لم يبق لي أمام الموت إلّا نَفَس, حتى سلاح الانتحار ضاق في يدي, فتجرّدت من أملي, وقذفتُ بنفسي فوق البساط الأخضر, منزلقة نحو المجهول ….!
استدار رأسي نحو الأعلى, وكأن نواظري قد ارتبطت بأولادي بأسلاك من حديد, بدأت تسحبهم خلفي, وتلاشى ثقب إحساسي.

أحدث المقالات