من ضمن الشتائم التي إعتدنا على سماعها ومشاهدتها وأصبحت من يوميات حياتنا هو إستهزاء الفاسدين لعقول المجتمع العراقي بطرق تعبيرية مختلفة، فليس بالضرورة أن تكون الشتائم مباشرة بالوجوه بل يكفي ظهور الزعيم أو السياسي من على الفضائيات وهو يرتدي بدلته الغالية وربطة عنق لا تقل غلاءً عن إكسسواراته الأنيقة، منتفخ الأوداج والكروش، وهو الفاسد الذي يتحدث عن محاربة الفساد والطائفي الذي يمقت الطائفية.
يكفي من الشعب أن يشاهد السُرّاق واللصوص وهم يتنعمون بثرواته المسروقة وخيراته المنهوبة في مشاهد تمثيلية تقودنا إلى حقيقة مفادها أن كهنة المعبد مصممين على إحتقار ما تبقّى من المشاعر لدى العراقيين وإمتهان عراقيتهم المسلوبة مع خيراتهم وثرواتهم.
لا نعلم من أين يحصلون على كل هذه الجرأة والصلافة وكيف لا يترددون من التعامل بها وهم الذين تركوا البلاد بعد صدور مذكرات قبض بحقهم وملفات فساد في حكمهم أزكمت الإنوف وأقرفت الأنفس؟.
في حفل عقد قِران ولي العهد الأردني بقصر زهران ظَهر رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي وهو يرتدي ربطة عنق (الوردة) كنوع من الإكسسوار الغربي الذي يوضع في العنق في الحفلات، ويبدو أن أغلب السياسيين العراقيين إختاروا هذا النوع من الإكسسوار كنوع من التميز والتفرد في المناسبة.
لازالت سرقة القرن بنتانة جريمتها حاضرة في عقول العراقيين حيث لم تغب عن ذاكرتهم سرقة أكثر من ثلاثة مليار دولار تبخرت في سماء بغداد بفعل أحزاب وشخصيات يقودهم كبيرهم الذي علّمهم السحر.
صحيح أن العراق ومنذ عشرينيته المظلمة التي خيمت عليه منذ عام 2003 وحدوث الكثير من السرقات كان يمكن لكل واحدة منها أن تسمى سرقة القرن، لكن المصيبة أن الأخيرة فاقت كل الترتيبات في الفساد الممنهج المرتب.
ظَهر الكاظمي في عمّان بإكسسوار غربي ليُعلن من هناك أن الفساد باقٍ ويتمدد، وإن كل ما يقال عن محاربته هو مجرد هُراء أو سفسطة كلام لخداع السُذّج والجُهّل الذين لازالوا يرون أن هناك ضوءً في نهاية النفق.
صور الكاظمي التي إلتُقطت في الحفل أوصلت رسائل سياسية إلى شركائه السياسيين في بغداد بقرب إنطلاقته السياسية كما تشير بعض المصادر، حيث لايمكن التجرؤ على محاكمته أو المساس به وهو الذي كان رئيساً لجهاز المخابرات العراقي قبل ولايته لرئاسة الوزراء ويمتلك من ملفات الفساد والأضابير والتسجيلات الصوتية التي تُدين أغلب شخوص المنظومة السياسية ويحتفظ بها في صندوقه الأبيض لليوم الأسود.
سرقة القرن التي ستخرج أموالها للنور قريباً لتُستعمل في الحملات الإنتخابية والترويج الدعائي لمواسم الانتخابات عند الكثير من الأحزاب والشخصيات السياسية لتُعلن بلا خوف أو وجل أنها سرقة إشتركت بها شبكات وشخوص سابقة وحالية متمرسة تمتهن السياسة والفساد في آن واحد.
تحت قبة قاعة الحفل حضر الكاظمي جنباً إلى جنب مع عدد من الشخصيات السياسية العراقية كان من بينهم رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد والزعيم الكردي مسعود بارزاني، ومثيراً للإنتباه غياب محمد الحلبوسي رئيس البرلمان العراقي وزوجته التي تعيش الترف الفاحش، فهل مازال من يتحدث عن كذبة مكافحة الفساد؟.
ربطة العنق (الوردة) لم يكن الكاظمي وحده من إرتداها بل كان إلى جانبه رئيس الجمهورية الحالي عبد اللطيف رشيد والسابق برهم صالح مرتدين نفس الوردة، تُرى هل هذه صدفة أم عمل مخطط له؟.