7 أبريل، 2024 3:51 م
Search
Close this search box.

رباط الخيل

Facebook
Twitter
LinkedIn
ننادي دوما بان الإسلام دين سلام ومنهاج محبة وتعايش ، ودليل ذلك كتابه العظيم الذي ملأت صفحاته الشريفة آيات التراحم والتكافل والصدقات وبر الوالدين والجار والصاحب والاقربين ومسالمة المسالمين و أن {لَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ}
ولكن القرآن الكريم عند دعوته للقتال وحثه على الجهاد وتوثيقه للنصر ووصفه للهزيمة كان ايضا صارما واضحا غير متردد ولا مداهن ولا متعثر : {لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْـًٔا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ}
بل امر بالقتال بيانا عيانا لم يخش ان يلام فيقال ان هذا “دين حرب وعقيدة قتال” ، الذين اخترعوا هذا الافتراء هم الأعداء المبغضون خوفا من الحق الذي يدعو اليه ، والذين روجوا لذلك هم الجبناء او المنافقون ممن ينتسبون اليه ، فالصحابة -رضوان الله عليهم-لم يقولوا ان هذا دين سيف لا نريده بل طلبوا من النبي قائدهم عليه الصلاة والسلام ان يستأذن ربه في القتال فقد أصابهم الحيف من الظالمين المتجبرين الذين يقاتلون الناس لا لشيء {إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّه} ويخرجونهم {مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ}
فيذبحون الضعفاء ويحيدون الأقوياء ، ففاض صبر القوم وتاقت نفوسهم إلى الكرامة والى الموت الكريم او العيش العزيز ، فكان القرآن عند ذلك كتابا عسكريا جهاديا تعبويا صارما ولا غرو ، فلكل مقام مقال ولكل وقت حال وهذا هو الدين ، ولم يكن الدين ليقبل الضعف والهوان لمعتنقه بل ان “المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير” كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام ، فالإسلام نعم حث -عندئذ وفي حال مماثلة- على ألقتال بل وجعله مقدسا وجعل جزاءه الجنة ،
ولم يكن حث القرآن على ذلك نظريا قوليا إعلاميا فحسب بل حقيقيا منظما مقترنا باعداد القوة {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} ،
ومن القوة رباط الخيل ، وفي عصرنا يكون المنقول إلى آلات الحرب اليوم من الدبابات ومثلها ، فتلك كما الخيل “معقود بنواصيها الخير الى يوم القيامة” ، ان اعتليناها كما اعتلى اجدادنا الخيول ، “وترهبون به عدو الله وعدوكم” فالإرهاب الدفاعي والجهادي- الذي صحفوا اسمه ومعناه ليتوئمونه مع الإرهاب المستنكر ويجعلون ارهاب العدو المعتدي كأرهاب المدني الآمن زورا وتجهيلا -هو بث الرهبة في صفوف الأعداء بكل وسيلة عسكرية نبيلة تبينها الأعراف السليمة والمواثيق الدولية والشرائع السماوية غير المحرفة ،
فالتراجع والاعتزال خوفا من الاتهام بالارهاب جهل وغفلة ، كيف نصدق هذا ويوهموننا به فنتبعهم وهم إذا تمكنوا لا يرحمون ولا يألون جهدا ولا يدخرون وسيلة لقتلنا وتشريدنا وتجويعنا واغتصاب اراضينا ،والواقع الجاري شاهد بليغ ، وكيف و هم إذا عاهدونا نكثوا ، وكيف وهم يحرمون علينا ما يحلونهم لأنفسهم و {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا۟ عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا۟ فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَٰهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَٰسِقُونَ} ،
بل الحق الذي لا مراء فيه والواجب الذي لا رجوع عنه هو ان نأخذ حذرنا ونرتب شأننا و ننفر جميعا او من عليه الكفاية {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ خُذُوا۟ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُوا۟ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُوا۟ جَمِيعًا} ،و لنبيع الحياة الدنيا بما هو خير منها فإن لذلك اجرا عظيما {فَلْيُقَٰتِلْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشْرُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلْءَاخِرَةِ وَمَن يُقَٰتِلْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.
وقد وصف الله تعالى المتفيقهين بهذا الأمر بالمتثاقلين الخائفين، وكانوا قلة {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلْءَاخِرَةِ فَمَا مَتَٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا فِى ٱلْءَاخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} ، فمتاع الدنيا بعد كل شيء قليل ،
وإنما يتردد ويتخلف عن جهاد الظالم المغتصب الكافر ويستأذن من كان في قلبه ريب من الإيمان {إِنَّمَا يَسْتَـْٔذِنُكَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ وَٱرْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِى رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ}
بل القتال هو الحل لمن نكث عهده وغدر واعد لنا العداوة ، افلا نقاتل من ظاهرنا بالعداء وسلب ارضنا وقتل نسائنا {أَلَا تُقَٰتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوٓا۟ أَيْمَٰنَهُمْ} !
بل قتالهم فرض وواجب وفعل يخزيهم ويعذبهم ،ويشفي الصدور {قَٰتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}، فلا طائل من المسالمة بعد ،ولا أمل من المهادنة ولا رجاء من العفو والمرحمة ،بل هي الغلظة والرهبة واعتلاء نواصي الخيل ،
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ قَٰتِلُوا۟ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ ٱلْكُفَّارِوَلْيَجِدُوا۟ فِيكُمْ غِلْظَةً وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ}
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب