لم نتعرف كعراقيين على حقيقة الفساد المالي والاداري قبل حقبة البعث,الا في بعض البلدان العربية(بما فيها سوريا),يستقبلك شرطة الحدود والمطارات ومكاتب الجوازات بطلب علني بدفع الرشوة لتمر بسلام,ويقال ان المخابرات الدولية عجزت في فترات سابقة عن ايجاد عملاء جواسيس لها من داخل العراق,لكن اثناء وبعد فترة الحصار الاقتصادي انهار المجتمع ,واصبحت لقمة العيش تشترى بأي ثمن,انزلق هذا الانهياربالتدريج الى مستويات خطيرة جدا,بحيث اصبحت بعد التغيير الديمقراطي ظاهرة الفساد ,ظاهرة خارجة عن سيطرة الدولة والمجتمع,واكثر العوامل المؤثرة في زيادة هذا الحالة المخزية والمخجلة هو سيطرة الاحزاب الاسلامية على مفاصل الدولة والحكومة والمؤسسات التابعة لها,فقد استدرجت اغلب القيادات الاسلامية المعارضة العائدة الى العراق بعد 2003 الى مستنقع الفساد المالي والاداري,الذي بنته عصابات مدربة جيدا في عمليات غسيل اموال الدولة,فلاحظنا تكرارظاهرة حرق مكاتب الدوائر الحكومية الخاصة بملفات ووثائق العقود,وتغييب اغلب القضايا التي رفعت الى مكاتب النزاهة ,ودائرة المفتش العام المنتشرة في اغلب الدوائر الحكومية في عموم البلاد,وعندما يسأل المواطنون عن ملفات الفساد المعلنة يسمعون جواب”اغلق من بغداد”,وكنا دائما نسمع السيد رئيس الوزراء السابق المالكي وهو يرددعبارة “ائتوني بملفات الفساد”,فتبين ان الفساد وصل حد مكتبه الخاص في المنطقة الخضراء,ولايخفى على احد ان صفقات السلاح التي ذهب لابرامها في روسيا, الغيت بسبب الفساد,بل ان انهيار الوضع الامني والعسكري هو نتيجة لسياسة خاطئة اتبعت لسنين متتالية من التخريب المنظم للمؤسسة الامنية والعسكري,اذن من هو الفاسد ومن هو المفسد,في الاصل المجتمع العراقي (وبكل الم نقول ذلك) هو عبارة عن مجتمع فاسد نسبيا
( اي الطبقة المتوسطة ,والطبقة العالية المستوى),وذلك يرجع لسياسة البعث وصدام وثقافتهم البدائية المخالفة حتى لفكر المؤسسين للبعث بما فيهم عفلق, التي استمرت باستهداف النخب والكفاءات الوطنية وبمختلف انتماءاتها وثقافاتها وتصفيتها بالكامل,وهاجر الاخرون هربا منه ومن جلاوزته,فتركت البلاد بين ايديهم وايدي القدر,ثم جاءت الحروب الطويلة,والكل يعلم كيف تدمر الحروب المجتمعات,
لكن لماذا دمر المجتمع العراقي ,ونهض بقوة المجتمع الايراني,الفرق ان البيوت الايرانية وبالذات بيوت السياسيين ترفع راية اهل البيت ع بصدق,اضافة الى تواصلهم الحضاري الغير منقطع عن التاريخ,وفي العراق لايوجد الصدق الا في بيوت الفقراء,قد يقول البعض هذا تقييم متشنج انفعالي,لكن كل مواطن عراقي عليه ان يرجع الى عام 1979 وصولا الى 2014,(ليرى من كان يكتب تقارير كسر رقاب المؤمنين والمواطنين الاخرين-من كان يحاصر ويبتز العوائل الشريفة بحجة انهم معارضين او لديهم معارض خارج البلاد-من
كان يغتصب الاطفال علنا ويعتدي على المواطنين-من يسرق قوت الفقراءاليوم-من ينهب ثروات البلد-من يدعم الارهاب-من يسرق اموال المهجرين والنازحين-من يبيع الوظائف الحكومية-من يسرق اموال الشعب بحجة الاستثمار,الخ.)
سيبحث من حوله عن الشرفاء والخيرين,اصحاب النفوس العفيفة النظيفة,سيجد ان عبارة احد شيوخ الجهاد صحيحة وكافية كرد واقعي وهو يقول”اني اشعر في العراق في سجن كبير لقلة المؤمنين”,تصوروا ان اغلب الدوائر الحكومية في المحافظات تعمل تحت حماية الاحزاب الاسلامية المتنفذة(فالمحافظات الجنوبية على وجه التحديد,وزعت السلطات المحلية فيما بينها,المحافظ وبقية المسؤولين كالمدراء العامين هي حصص تعطى في مجالس المحافظات),
ولنتحدث عن واحدة من اكثر الدوائر الخدمية الحكومية فسادا في تلك المناطق ,وهي التابعة لوزارة الصحة اي مديرياتها العامة,ولعل المواطنين على اطلاع كامل على خدمات دوائر الصحة,وخصوصا ان العديد منهم سافرللسياحة او للعلاج في مستشفيات تركيا وايران او لبنان والهند فضلا عن الاردن ودول اوربا ,ويعرفون جيدا طبيعة اداء تلك الدوائر ,وطرق عملها الدقيق,ففي احدى دوائر الصحة من المحافظات الجنوبية ,يتحالف مدير دائرة الصحة مع مجموعة من الموظفين الفاسدين(وهم غالبية موظفي الدائرة ,تصور ايها المواطن العراقي الشريف ان نسبة الموظفين النزيهين في تلك الدائرة يتراوح بين 2%-5% تقريبا,وهذه تشمل اغلب دوائر الدولة),
تستورد الاجهزة الطبية بعقود وشهادات منشأ مزورة,بل ان بعض الاجهزة الطبية تزال عنها العلامة المسجلة اي ماركة تصنيع الجهاز ,وتوضع علامة دولة اخرى ,والتي تم حصر استيراد الاجهزة الطبية منها ,وفقا لشروط وزارة الصحة,وعندما تكتشف دائر النزاهة هذا الامر تحال الاوراق للمحاكم,ولكن لماذا تحال للمحاكم؟
هل لكشف الفساد ؟
ام لابتزاز الفاسدين من اجل اغلاق الملف!
,ربما يقول قائل هذا مجرد ادعاء,نحن نقول الامر هين,السيد العبادي وفقا لما ذكر, انه ينوي محاربة الفاسدين اينما كانوا,عليه بتشكيل لجان وزارية مدعومة باعضاء اخرين من اللجان البرلمانية,لبحث هذه المواضيع وكشفها,ولترسل رسائل الى الشركات الموردة لمعرفة التفاصيل,
(ونحن على يقين ان الفساد سيخترق حتى تلك اللجان المفترضة),وليرى ان الاجهزة الطبية التي استوردت بمليارات الدنانير عاطلة عن العمل لانها صناعة صينية مغشوشة!
ان عاشوراء ليس ميدان للتنافس الانتخابي او السياسي,وليست قدرا كبيرا للطعام ,انها ميزان الايمان والبراءة من المشركين والشيطان,انزعوا عنكم رداء الفساد,اعيدوا اموال الدولة للفقراء,فكل دولارا يسرق فيه رغيف خبز لفقير جائع,
متى كانت السرقة في بلاد الرافدين سهلة,من اين تعلم العراقي ان عملية غسيل الاموال الحكومية حلال,فبعد كل هذه المدارس الدينية ,والزيارات المليونية للعتبات المقدسة ,نجد ان المتطفلين من الاحزاب الاسلامية الشكلية يتسترون على جنود الشيطان الفاسدين,والبعض منهم من له تاريخ عائلي ديني كبير,يخجل الانسان من التطرق الى اسماءهم,لكن هذه هي مراحل الاختبار الحقيقي,بين كفة نهب ملايين اومليارات الدولارات وفقا للفتاوى الكيفية المؤطرة باطارالحيل الشرعية,وبين ان يبقى حريصا على ايمانه وتدينه واخلاقه بنظافة الروح والجسد,فاختار الكثير منهم(افراد وقيادات اسلامية) للاسف كفة الميزان الاولى,
علما ان بلاد ماوراء المتوسط لاتؤمن بدين معين ,الا انها مرت بفترات تنويرية رائعة ,هذبت من اخلاق مجتمعاتهم,فانتجت فكرا وثقافة واخلاقا انسانية سوية راقية,ترى مظاهرها بوضوح في شوارع مدنهم ,ووفي مؤسساتهم ودوائرهم واجهزتهم الحكومية والمدنية.
ان بيوت الفقراء العفيفة التي لاتجد مايسد حاجتها,كانت سخية حد الافراط ,بتقديم اعز ماتملك فداءا للوطن والدين,ابناءها في الحشد الشعبي,هؤلاء الذين يقاتلون تحت راية اهل البيت ع بشجاعة,بعد ان دعتهم المرجعية الحكيمة في النزول الى ساحات الجهاد,سيكونون هم لبنة العراق الديمقراطي الجديد,هم القوة التي ستقتحم كل حصون وقلاع الفساد المستشري في عموم البلاد,وسيكون معهم كل النخب الوطنية الفاعلة والعاملة في الساحة,وسنرى عراقا نظيفا من المفسدين والفاسدين,ولن تخدعهم بعد اليوم عمائم الدجل والنفاق ,او اصحاب رايات السوء,ممن يرفع راية العباس ع زورا ,كي يعبرعلى رؤوس الفقراء والمساكين من الشيعة المضطهدين الى المنطقة الحمراء..الخضراء.
عاشوراء شهر لتجديد العهد والبيعة لله سبحانه ورسوله ص واهل البيت ع,بالبقاء على خط الاسلام المحمدي العلوي الاصيل رغم انف داعش والداعشيون الفاسدون…