21 أبريل، 2024 1:43 ص
Search
Close this search box.

راهن و مستقبل حركة الاخوان المسلمين

Facebook
Twitter
LinkedIn

تنظيم جماعة الاخوان يعيش لحظات دقيقة من تاريخه الطويل والملئ بالعنت و الدم والدموع والعرق له ولمن اصطدموا به، مع لحظات استثنائية قليلة من ذلك التاريخ شهدت سلاما وتناغما او (هدنة) بينه وبين المجتمعات التي نشط فيها او الحكومات التي عارضها او هادنها!

قبل ان نخوض في ملامح هذا الظرف الدقيق من عمر الجماعة لمعرفة ابعاده واسبابه و مألاته لابد من العودة للوراء والمرور سريعا علي محطات في تاريخ الجماعة مثلت علامات فارقة فيه او قادت الي هذه اللحظة.

تأسست الجماعة في مصر سنة 1928م علي يد (الامام) حسن البنا و هو مدرس من نواحي الاسماعيلية بشمال مصر، واراد لها في ذلك الوقت ان تكون جماعة دعوية وحركية اسلامية ‘منظمة مدنية’ لذا لم يكن لها دور يذكر في حراك المصريين ضد الاستعمار او ضد الملكية ‘الخديوية’ و لم يكن لها اثر في الحركة الوطنية المصرية.. علي العكس كانت هناك شبهات حول مؤسسها تتهمه بالارتباط بالمخابرات البريطانية ‘الاستعمارية’ في مصر.

اول حدث صعد بها الي السطح كان بعد عقدين علي تأسيسها وهو حرب 1948م عند تسليم البريطانيين لارض فلسطين للمستوطنين اليهود، حينها تحدثت الجماعة عن الجهاد و حثت عضويتها للاشتراك في الحرب، بعدها اتهمت الجماعة بمحاولة اغتيال الملك وحدثت تطورات متسارعة من بينها اغتيال مؤسس الحركة.

الحدث الثاني كان موقفها من ثورة 23 يوليو، اذ يزعم البعض ان الاخوان كانوا الجماعة الوحيدة التي اعلمها ‘الثوار/الانقلابيون’ بموعد التحرك لتوفير دعم وسند شعبي لهم، لكن سرعان ما حدث التصادم بين الفريقين واتهمت الجماعة بمحاولة اغتيال ‘ناصر’ وحدثت حملة ملاحقات امنية ضخمة و محاكمات افضت لاعدامات و سجن و هروب قيادات الجماعة..

انتهت هذه المرحلة بهدنة في عهد الرئيس ‘السادات’ الذي توصل لصيغة تعمل بموجبها الجماعة في ظل الدولة لكن هذه المرحلة انتهت باغتيال الرئيس ‘السادات’ في حادثة المنصة الشهيرة و التي حملت الحكومة مسؤوليته للاخوان وبدأت بعدها مرحلة ملاحقات امنية طويلة ومريرة و نتج عنها انفصال الاخوان الي عدة جزر متقطعة ومعزولة تمثلت في جماعات اكثر عنفا ‘السلفية الجهادية، الجهاد الاسلامي، التكفير والهجرة،…الخ’.

في اخريات عهد خليفة السادات مبارك عادت الصيغة القديمة للعمل ونشط الاخوان في السوق المالي ‘شركة الريان’ وفي الاقتصاد والعمل الاجتماعي ‘الخيري!!’ والعمل السياسي ايضا حيث اصبحت الجماعة ثاني قوة في برلمانات النظام المتعددة حتي سقوط نظام مبارك بضربة موفقة من الشارع غير المسيس ‘انتفاضة 25 يناير’ و ظن الاخوان حينها ان هذه فرصتهم لجني ثمرة التغيير الشعبي وحدهم وبناء دولة الاخوان!

لكن و نتيجة لاسباب عدة اهمها ان الاخوان لم يكونوا مهئين للحكم بطبيعة تكوينهم وقعوا في اخطاء فادحة مكنت جهاز الدولة المصرية البروقراطي و ‘الامني’ تحديدا من الانقضاض عليهم مجددا والحاق ضرر غير مسبوق بهيكل و قلب الجماعة ودماغها.

هذا كله بالطبع في مصر فقط التي تخلق ونشأ فيها التنظيم! لكن التنظيم طار وباض وفرخ حيثما وجد البيئة ملائمة في اقطار الشرق الاوسط والادني. حكم في السودان منذ 1989م منفردا، وحكم تركيا منذ 2002م، ويحكم قطاع غزة منذ 2006م، والمغرب منذ سنوات اقل، ومشارك في حكم تونس بعد ثورة الياسمين، علاوة علي وجود قوي في الاردن و الجزائر…

في كل تلك البلدان وصلت جماعة الاخوان ( حاكمة كانت او معارضة ) وصلت او تكاد تصل لنهاية مسدودة! و ذلك لأن التنظيم ( الجماعة ) صممت اصلا كحركة احتجاج اكثر من كونها تنظيم سياسي؛ ولأن فلسفتها في شأن الحكم تقوم علي اعادة واستحضار الماضي مع الجهل بأن لذلك الماضي مثالب وعيوب و اشكالات في زمانه ذاته؛ هذا علاوة علي ان اختلاف الازمان والاماكن وبقية الشروط تتطلب احكام مختلفة ايضا!! وصلت تلك ( الجماعات ) لنهاية بائسة في السودان وتركيا وغزة والمغرب وتونس لكنها تكابر و تصر علي التشبث بالمسرح السياسي مستفيدة من عنصر ( الغلبة ) المستمد من ( فقه الغلبة )؛ واعتمادا فقط علي ان الخطاب السياسي المحشو بالاستشهادات من القرآن واحاديث النبي و مأثورات سيرة الصحابة والتابعين يجد هوي في نفس العوام الذين يمنحون الناطق بهكذا خطاب تفويضا مفتوحا و بلا ضوابط!

هذا بخصوص الجماعات الفرعية، اما راهن ومستقبل الجماعة ( الأم ) اي التنظيم المصري فأنكي و امر، اذ اضافة لفقر الرسالة والخطاب اضيف ايضا عامل الملاحقة الامنية والقضائية التي لا هوادة فيها، وملاحقة الدولة للاخوان في عهد ( السيسي ) تختلف عن تلك التي كانت في زمن ( مبارك، والسادات، وناصر )؛ هناك كانت الملاحقة بهدف تحييد الاخوان وتقزيمهم و تحويلهم لتنظيم وظيفي يخدم السلطة في المعارضة، اما بعد ان تطلع الاخوان للحكم و اصبحوا ( اصحاب ملك مضاع ) فان هدف الملاحقة يكون الافناء!

بالتأكيد يصعب القضاء علي التنظيم قضاء مبرم لكن في احسن احوالهم سيصبح الاخوان كتنظيم القاعدة الذي يمت لهم بصلة النسب ان لم يكن من نسلهم! سيتحولون الي خلايا معزولة عن بعضها تعمل باستقلال لتنفيذ اهداف صغيرة وباجندة مختلفة الي ان يقيض الله لهم امام و مرشد صاحب همة كهمة ( المؤسسين ) يلم شتاتهم.

تنظيم جماعة الاخوان يعيش لحظات دقيقة من تاريخه الطويل والملئ بالعنت و الدم والدموع والعرق له ولمن اصطدموا به، مع لحظات استثنائية قليلة من ذلك التاريخ شهدت سلاما وتناغما او (هدنة) بينه وبين المجتمعات التي نشط فيها او الحكومات التي عارضها او هادنها!
قبل ان نخوض في ملامح هذا الظرف الدقيق من عمر الجماعة لمعرفة ابعاده واسبابه و مألاته لابد من العودة للوراء والمرور سريعا علي محطات في تاريخ الجماعة مثلت علامات فارقة فيه او قادت الي هذه اللحظة.

تأسست الجماعة في مصر سنة 1928م علي يد (الامام) حسن البنا و هو مدرس من نواحي الاسماعيلية بشمال مصر، واراد لها في ذلك الوقت ان تكون جماعة دعوية وحركية اسلامية ‘منظمة مدنية’ لذا لم يكن لها دور يذكر في حراك المصريين ضد الاستعمار او ضد الملكية ‘الخديوية’ و لم يكن لها اثر في الحركة الوطنية المصرية.. علي العكس كانت هناك شبهات حول مؤسسها تتهمه بالارتباط بالمخابرات البريطانية ‘الاستعمارية’ في مصر.
اول حدث صعد بها الي السطح كان بعد عقدين علي تأسيسها وهو حرب 1948م عند تسليم البريطانيين لارض فلسطين للمستوطنين اليهود، حينها تحدثت الجماعة عن الجهاد و حثت عضويتها للاشتراك في الحرب، بعدها اتهمت الجماعة بمحاولة اغتيال الملك وحدثت تطورات متسارعة من بينها اغتيال مؤسس الحركة.
الحدث الثاني كان موقفها من ثورة 23 يوليو، اذ يزعم البعض ان الاخوان كانوا الجماعة الوحيدة التي اعلمها ‘الثوار/الانقلابيون’ بموعد التحرك لتوفير دعم وسند شعبي لهم، لكن سرعان ما حدث التصادم بين الفريقين واتهمت الجماعة بمحاولة اغتيال ‘ناصر’ وحدثت حملة ملاحقات امنية ضخمة و محاكمات افضت لاعدامات و سجن و هروب قيادات الجماعة..
انتهت هذه المرحلة بهدنة في عهد الرئيس ‘السادات’ الذي توصل لصيغة تعمل بموجبها الجماعة في ظل الدولة لكن هذه المرحلة انتهت باغتيال الرئيس ‘السادات’ في حادثة المنصة الشهيرة و التي حملت الحكومة مسؤوليته للاخوان وبدأت بعدها مرحلة ملاحقات امنية طويلة ومريرة و نتج عنها انفصال الاخوان الي عدة جزر متقطعة ومعزولة تمثلت في جماعات اكثر عنفا ‘السلفية الجهادية، الجهاد الاسلامي، التكفير والهجرة،…الخ’.
في اخريات عهد خليفة السادات مبارك عادت الصيغة القديمة للعمل ونشط الاخوان في السوق المالي ‘شركة الريان’ وفي الاقتصاد والعمل الاجتماعي ‘الخيري!!’ والعمل السياسي ايضا حيث اصبحت الجماعة ثاني قوة في برلمانات النظام المتعددة حتي سقوط نظام مبارك بضربة موفقة من الشارع غير المسيس ‘انتفاضة 25 يناير’ و ظن الاخوان حينها ان هذه فرصتهم لجني ثمرة التغيير الشعبي وحدهم وبناء دولة الاخوان!
لكن و نتيجة لاسباب عدة اهمها ان الاخوان لم يكونوا مهئين للحكم بطبيعة تكوينهم وقعوا في اخطاء فادحة مكنت جهاز الدولة المصرية البروقراطي و ‘الامني’ تحديدا من الانقضاض عليهم مجددا والحاق ضرر غير مسبوق بهيكل و قلب الجماعة ودماغها.
هذا كله بالطبع في مصر فقط التي تخلق ونشأ فيها التنظيم! لكن التنظيم طار وباض وفرخ حيثما وجد البيئة ملائمة في اقطار الشرق الاوسط والادني. حكم في السودان منذ 1989م منفردا، وحكم تركيا منذ 2002م، ويحكم قطاع غزة منذ 2006م، والمغرب منذ سنوات اقل، ومشارك في حكم تونس بعد ثورة الياسمين، علاوة علي وجود قوي في الاردن و الجزائر…
في كل تلك البلدان وصلت جماعة الاخوان ( حاكمة كانت او معارضة ) وصلت او تكاد تصل لنهاية مسدودة! و ذلك لأن التنظيم ( الجماعة ) صممت اصلا كحركة احتجاج اكثر من كونها تنظيم سياسي؛ ولأن فلسفتها في شأن الحكم تقوم علي اعادة واستحضار الماضي مع الجهل بأن لذلك الماضي مثالب وعيوب و اشكالات في زمانه ذاته؛ هذا علاوة علي ان اختلاف الازمان والاماكن وبقية الشروط تتطلب احكام مختلفة ايضا!! وصلت تلك ( الجماعات ) لنهاية بائسة في السودان وتركيا وغزة والمغرب وتونس لكنها تكابر و تصر علي التشبث بالمسرح السياسي مستفيدة من عنصر ( الغلبة ) المستمد من ( فقه الغلبة )؛ واعتمادا فقط علي ان الخطاب السياسي المحشو بالاستشهادات من القرآن واحاديث النبي و مأثورات سيرة الصحابة والتابعين يجد هوي في نفس العوام الذين يمنحون الناطق بهكذا خطاب تفويضا مفتوحا و بلا ضوابط!
هذا بخصوص الجماعات الفرعية، اما راهن ومستقبل الجماعة ( الأم ) اي التنظيم المصري فأنكي و امر، اذ اضافة لفقر الرسالة والخطاب اضيف ايضا عامل الملاحقة الامنية والقضائية التي لا هوادة فيها، وملاحقة الدولة للاخوان في عهد ( السيسي ) تختلف عن تلك التي كانت في زمن ( مبارك، والسادات، وناصر )؛ هناك كانت الملاحقة بهدف تحييد الاخوان وتقزيمهم و تحويلهم لتنظيم وظيفي يخدم السلطة في المعارضة، اما بعد ان تطلع الاخوان للحكم و اصبحوا ( اصحاب ملك مضاع ) فان هدف الملاحقة يكون الافناء!
بالتأكيد يصعب القضاء علي التنظيم قضاء مبرم لكن في احسن احوالهم سيصبح الاخوان كتنظيم القاعدة الذي يمت لهم بصلة النسب ان لم يكن من نسلهم! سيتحولون الي خلايا معزولة عن بعضها تعمل باستقلال لتنفيذ اهداف صغيرة وباجندة مختلفة الي ان يقيض الله لهم امام و مرشد صاحب همة كهمة ( المؤسسين ) يلم شتاتهم.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب