المتتبع للشأن العراقي بات يتوقع ان الجماهير تغلي في تموز من كل عام، تضامنا مع أشد الشهور حراً في العراق، وكأن التظاهرات اصبحت ظاهرة تلوح وتتكرر في البلاد في كل عام مرة ولمدة شهر بأكمله، حتى وان الساسة باتوا يسمون هذا الشهر من العام شهر ” الفلتة”، فمع وطأة الحر والغضب، يلجأ الأعم الأغلب الى قضاء شهره هذا بالسفر والتجوال في بقاع العالم المستقرة والمترفة بحثاً عن الرفاهية التي لم يوفروا العراق أدنى مقوماتها.
بينما ينتفض أبناء الوسط والجنوب، بينما لا نرى من ابناء الغربية والشمال سوى التفرج على المشهد، فمن يمتلك زمام الحكم، عليه تحمل المسؤولية سواء أكانت بالاعتراض على السياسة الحاكمة، او في اختيارها، او لربما هم يكفّرون عن سوء اختياراتهم، بكفارة التظاهر ضد هذا الاختيار.
في هذا العام خرجت تلك التظاهرات عن نمطيتها المعهودة، ربما لأن أسوار الخضراء باتت أكثر منعة، أو أن من تسيد فرص التأجيج لإمتطاء هذه الاسوار، لازال يعيش نشوة النصر والفرح، بعد حصوله على العدد الأكبر من المقاعد الشيعية، الاغرب ان هناك تصرفات غوغائية في هذه المظاهرات، والتي لا يختلف اثنان فيها على ان اتباع مقتدى الصدر يعشقون هذا النمط، لما لا نجدهم يتصدرون المظاهرات بشعاراتهم الاصلاحية الجوفاء؟ فهل اقتنع المواطن العراقي بخطب الإصلاح؟ او ربما ان قائد الاصلاح اخذ وصفة التأني، فشفي من ميزة التسرع المعهودة، او انه يشعر بـ ” الصفنة”.
شعارات رفعت، ومقرات أحرقت، وهتافات كثيرة تشتعل بين الحين والآخر للكتل الشيعية كافة، لكن سلم التيار الصدري في كل منها، هل لأنهم باتوا يحضون بالمقبولية من قبل جميع الأطراف؟ أم أنهم وراء كل ما يحصل، لغاية تظليل الرأي العام والاشارة الى أنهم غير مستهدفين.
المصالح الضيقة غالبا ما تكون مصحوبة ببعض التغابي او الإستغفال العلني، وهذا ما نراه واضحاً جلياً لدى العبادي، ذلك الرجل القصير الذي يملك اليد الحديدية، التي يقول انه سيضرب بها رؤوس الإرهاب والفساد، فمن يتحكم بغيبوبة العبادي المتعمدة، او ظهوره، هي تلك المصالح؛ والمواطن بات يرمي الى تشكيل حكومته الجديدة بقوة الزيت والنار!
المتوقع، هو ان صاحب اليد الحديدية سيظهر مجددا ليعتلي المنصة، ويعلن بيانا بعد خطبة المرجعية الاخيرة، كيف لا وهو الذي يجد ان المواصفات التي ذكرتها المرجعية تنطبق عليه تماماً رغماً عن عدم إمتلاكه واحدة منها.
الخدمة الحقيقية هي ما يصبو إليه الشعب، لأن خيرها سيعم على الجميع، وأعتقد جازمة؛ أن العبادي والصدر هما من سيركبان الموجة، فالأول راعي النصر على الارهاب! والثاني راعي الاصلاح المرتقب، وأتمنى على الاثنين ان يترجلا عن صهوة جواد واحد، إمتطوه سويا، وقد أثقله ما يحمل، فانتفض!