18 ديسمبر، 2024 10:02 م

رئيس الوزراء الجديد وملف ازمة السكن

رئيس الوزراء الجديد وملف ازمة السكن

توفي ليلة الامس جارنا ابو حسين اثر جلطة دماغية, كانت همومه كبيرة وهي من قتلت الرجل! فهو رب اسرة كبيرة, ويسكن في بيت للإيجار, وجاءه قبل اسبوع صاحب البيت يهدده بترك الدار خلال اسبوع, والا يرميه في الشارع, حاول ان يجد بيت بديل بسعر مناسب, لكن لم يجد والمهلة قاربت النهاية, كان لا ينام ليله يفكر بهذا الزمن المتشح بالظلم, والذي يغيب العدل فيه دوما! فجدلية الدولة العجيبة محنة اهل العراق, حيث تعطي للبعض كل شيء, وتبخل على البعض حتى في مكان النوم والسكن وماء الشرب!

قال بعض الجيران الان فقط ارتاح ابو حسين من هم الحياة في العراق, ان يكون له بيت ملك, حلم لا يتحقق لأغلب العراقيين في العراق! لقد عاش ابو حسين حياة متعبة بين بيوت الايجار, والبعض الاخر حزين على مصير عائلة ابو حسين, فألى اين تذهب وماذا تفعل!؟

منذ عقود طويلة وازمة السكن في العراق من دون حل! حيث تفاقمت وتوسعت بعد سنوات التسعينات من القرن الماضي, التي كانت سنوات حصار مرير على الشعب العراقي, بالاضافة لمنهج الطاغية صدام في عملية سحق الشعب عن قصد, عبر تضخيم ازمة السكن, بل عمل على توسعتها, وكانت الجماهير العراقية تتوق للخلاص من الطاغية كي يأتي المنقذون, ليصبح لكل عراقي بيت ملك خاص به, واقترب الحلم من التحقق.

عندما سقط نظام صدام في نيسان 2003, كبرا الاحلام في الافاق بغد مختلف, حيث حل علينا عهد الديمقراطية الجديدة, وجاءت للحكم طبقة سياسية تدعي الشرف والعفة والدين, ووعدت بحل كل ازمات البلد, حتى قال احد الساسة الكبار” “استعدوا ايها العراقيون فالخير قادم وسيكون لكل عراقي بيت وشقة”.

لكن بعد 15 سنة تبددت الاحلام وحل بدل عنها الكوابيس, نتيجة فساد الطبقة السياسة والسلطة الحاكمة, فضاعت السنوات والموازنات, وتضخمت الازمة مع تزايد عدد السكان وارتفاع اسعار العقارات وتوسع حجم الطبقة محدودة الدخل والفقيرة, مقابل نشوء طبقة برجوازية من الساسة والتجار والمتملقين لهما, فتم قضم اموال العراق من قبل الطبقة القذرة, على حساب اهل العراق.

الان ومع تسلم عادل عبد المهدي رئاسة الوزراء, فأننا نلفت نظره لأهمية ملف ازمة السكن القصوى, فبعد ان اهملها عن قصد كل من سبقه من صدام الى الجعفري فالمالكي واخيرا العبادي, فعليه ان يسرع بوضع خطة محكمة للقضاء على الازمة, وهو امر ليس مستحيل بل سهل جدا, وقد فعلتها الكثير من الدول مثل اندنوسيا وسنغافورة ومصر والاردن, وفي سنوات لا تتعدى الأربع سنوات ان تواجدت النية الصادقة والارادة الفاعلة والقرار الحازم, ونحن نتمنى ان تتواجد هذه الميزات في الرئيس الجديد عبد المهدي, وان لا يخيب املنا فيه كما فعلها من سبقه.

ازمة السكن عندما تحل تعود الحقوق لأهلها, ويتحقق جزء من العدل المغيب في العراق منذ عقود طويلة, وتنتهي معها العديد من المشاكل الاجتماعية, والتي نشئت اليوم من الازدحام السكاني, مثل العنف, والتطرف, والنفاق, والكذب, والخيانة, والمشاكل العشائرية, والتخلف, وارتفاع الامية, وانتشار الانحرافات السلوكية, كل هذا نجد ان احد اهم اسبابها الرئيسية هو عدم الراحة بالسكن والقلق الدائم, فاذا حلت الازمة استقرت الامة وارتفع وعيها, وانتهت المشاكل الاجتماعية تماما.

ننتظر من عادل عبد المهدي عزيمة اكبر وقرارات حازمة في سبيل حل ازمة السكن وتكون اول قراراته في طريق انهاء هذه ازمة السكن لتعود الثقة للجماهير بالساسة ويتحقق العدل بعد ليل الظلم الطويل.