23 ديسمبر، 2024 2:56 ص

من يتابع الاحداث التي اخذت تتسابق مع الريح قبل وصول جبل السلطة الجديد (انتخابات 2018) يدرك بأن هذه الاحداث هي بداية المرحلة – ما قبل الاخيرة- النهائية لعرض الاوراق التي تحمل البرامج السياسية لانتخابات 2018 والتي ستكون الانتخابات المفصلية بتأريخ العراق حسب اراء المحللين.
بدءاً من استفتاء انفصال المنطقة الكردية في شمال العراق وليس انتهاءاً بنشاطات الاقليات التي تقطن مناطق العراق المختلفة كالازيديين والشبك, نرى الاحزاب تبدأ باعداد اطباقها السياسية في مطابخ متعددة.
على سبيل المثال, السياسة الكردية التي رسمها رئيس الاقليم مسعود بارازاني للفوز بالانتخابات بقوة تسير لتحقيق هدف من الاثنين: الاول هو للسيطرة على الشعب الكردي من خلال عرض قوة تصلبه برأيه امام الشعب الكردي الذي يرغب بتلك الصفة, اما الهدف الثاني فهو للسيطرة على المناطق المتنازع عليها بين الاقليم والمركز والتي يرغب غالبية الشعب الكردي بانضمامها الى اراضيهم بما فيها من مردود اقتصادي عظيم كنفظ كركوك على الاقل.
السياسة السنية وقادتها هم الاكثر حظاً لعرض برامجهم في الفترة التي يحتاج شعب المحافظات السنية الى مساعدات مالية ومعنوية كاعادة ترميم منازلهم واعادة الحياة للحياة الميتة في مدنهم التي دمرها تنظيم داعش, وبذلك يتسابق الساسة السنة بتأسيس منظمات ومؤسسات مجتمع مدني لدعم النازحين وعوائل المهجرين والعوائل التي فقدت ابنائها نتيجةً لاحتلال داعش مدنهم. الفرصة متاحة امام الساسة السنة لجلب الاصوات التي يبغونها وبالحجم الذي يتمنون وما عليهم الا السير وفق القاعدة التي تقول (اعط اكثر تأخذ اكثر).
السياسة الشيعية هي اكثر سياسة متشظية في العراق على الرغم من ان التشظي موجود في مثيلتيها الكردية والسنية لكن بشكليهما الغير معلن, فالاحزاب الشيعية تقع في فخ المهاترات والمحاربات الحزبية والشخصية وهي بذلك تنقسم الا ثلاث محاور رئيسية يمكنها بلوغ منصب الرئاسة المرجو, وهم: دولة القانون فالحشد الشعبي ثم التيار الصدري.
دولة القانون برئيسها نوري المالكي تعيش حالة من الارتباك في حالة انشقاق رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي الذي يظهر مبتعداً نوعاً ما عن سياستها قبيل الانتخابات مقترباً من الكل بانٍ واحد, اما حظُها فهي تتكئ بقوة على جماهير الحشد الشعبي الذي سيطر على قلوب الشيعة بدورهم في مقارعة تنظيم داعش, لكن هذا لا يعني ان الحشد الشعبي سيكون “عصا” للاتكاء بقدر ما يحاول ان يكون عمود صلباً في حكومة 2018 وبهذه الحالة ستخيب امال دولة القانون وتفقد جزء من شعبيتها ولذلك عليها ان تتمسك بالورقة الرابحة وهي الحشد الشعبي.
لا يخفى على الكثير بأن الحشد الشعبي اخذ مساحة كبيرة في الشارع العراقي بعد 2014, وبهذا يحاول قادة الحشد –المنضمون اغلبهم لدولة القانون- بناء كتلة تمثل نفسها في الانتخابات القادمة وهي بذلك ستمتلك حظاً وافراً بنيل ما تتمناه, لكنها لا تستطيع زرع رئيس وزراء حتى اذا حققت اغلبية مطلقة!
التيار الصدري ذو جمهور كبير, خاصة وانهُ انفتح على الساحتين السنية والعربية بعد زيارة مقتدى الصدر الى السعودية والامارات الدولتان الاكثر دعماً لسنة العراق. لكن التيار الصدري يفتقر للشخصيات التي يتطلب من الصدر عرضها كمرشحين للرئاسة, لذلك اتكئ مقتدى الصدر على شخصيات الحزب الشيوعي الذي حضى برغبة نسبية من الشارع العراقي تحت عناوينه الجديدة التي اطلقها على نفسه وهي “المدنية”. لذلك اعلن الصدر رغبته بتسنم منصب رئيس الوزراء القادم لرائد فهمي القيادي في الحزب الشيوعي العراقي قبل شهرين تقريباً.
كل تلك الجهات التي ذكرتها تخطو وفق سياسات تتبع مطابخ مختلفة, فسياسة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني التي بدئت واضحة في اي مطبخ تُطبَخ اثناء فترة الاستفتاء. طبخة السياسة السنية هي داخل المطبخ العربي الموالي لواشنطن خاصة وان واشنطن شرعت بمساعدتها لاعادة اعمار المدن السنية المدمرة. اما دولة القانون فهي تقترب من المطبخ الايراني بوجود طهاة المطبخ الانكليزي. مطبخ سياسة الحشد الشعبي هو طهران. اما التيار الصدري فهو الاخير مطبخه متعدد النيران الهادئة, وهو والحشد الشعبي اكثر الاحزاب حظاً برضى الجمهور. وهذا لا يعني بأن المطابخ لن تتغير والاطباق ستبقى على نفس ما نراها فلربما نأكل طبق الفطور اثناء العشاء والله اعلم.