عودنا معشر الساسة في العراق حين يطلون علينا عبر وسائل الاعلام على كلامهم المعسول الجميل والذي ما ان تسمعه حتى يتبادر الى ذهنك انهم دون الانبياء بدرجة واحدة، وانهم صفوة قد خص الله بها العراق واجتباه بهم لما لهم من منهج ثابت وخوف من الله كبير، ووجل بذات الحجم على مصالح الناس ومستقبل العراق.
لكن حين ترى وتتابع تطبيقهم لذلك المنهج على الارض تعلم يقينا انهم ثلة من المنافقين المتفيهقين الا ما رحم ربي، وانهم وعبر هذه السنوات من الفساد والنفاق السياسي قد وصلوا الى مرحلة تؤهلهم للوصول الى مرحلة الفصل بين العقل واليد واللسان فهم يقولون شيء ويضمرون للفعل عكسه، وانهم وعبر الخبرة التي استمرت لـ12 سنة اصبحوا يحفظون خطابات وتصريحات تعالج كل ما يدور في المشهد العراقي وتقيهم حرارة الاسئلة الموجهة من قبل الاعلاميين والصحفيين، فتراهم جاهزين دوما للاجابة على اي سؤال مع العلم ان هذه الاجابات ليست موجودة على ارض الواقع لكنها مترسخة في اذهانهم كدروع نجاة يحمون بها سرقاتهم وفسادهم ويخدعون عبرها الكثير من الناس.
لكن؛ مع كل هذا تجدهم يبتعدون جهد امكانهم عن ما يخص المشهد المجتمعي لاسيما الطرق الحقيقية والفاعلة لانهاء اكبر واخطر ظاهرة ألمت بالشعب العراقي وهي الطائفية المقيتة، فكل عاقل يعلم ان هذه الظاهرة هي التي اوصلت العراق الى هذا المستوى من التناحر والتباغظ، وانها هي من وطّأ لمبدأ المحاصصة المقيت وربما هذا هو السبب الرئيس الذي يجعل ثلة عظيمة من هؤلاء الساسة يبتعدون عن مكامن الحل لان ابقاء المحاصصة يعني بقاء السرقات وبورصة بيع المناصب.
لكن يبدوا انه لازال في القوم رجل رشيد وربما رجال راشدون، نأمل ان يظهروا الان لان السيل قد وصل الى الزبى، ولم يعد هناك وقت للانتظار، فالعراق في مرحلة حرجة وقد تحدث مواجهة بين الشعب وحاكميه في اي لحظة، واذا حدث ذلك فلا مجال للتراجع وقد نصل الى مرحلة اخطر.
وبما اني لا احب ان امدح رجل دخل ضمن المنظومة السياسية في مرحلة ما بعد 2003 وذلك لما احدثوه بهذا البلد وشعبه، لكن لابد من ان نكون منصفين، فقد سمعت الكلمة التي القاها سليم الجبوري في مؤتمر اليوم حول المصالحة، وبما ان الكلمة لم تخرج عن نطاق الكلمات الاخرى، لكن اثار انتباهي مجموعة من النقاط التي طرحها الرجل لمعالجة الطائفية المقيتة، وربما يكون اول مسؤول عراقي يدخل في تفاصيل معالجة هذه الظاهرة بشكل جدي، واتمنى ان يهتم الجبوري بتنفيذها ويجعلها نصب عينيه لاسيما وان بلده ومحافظته ديالى اكثر المتضررين من هذه الظاهرة، فلو تم الاتفاق على تطبيق هذه النقاط وخصوصا ما يتعلق باعلان العام 2016 عام للتعايش المجتمعي واطلاق حملة بذلك، وكذلك تكليف وسائل الاعلام رسميا بدعم المصالحة المجتمعية والالتزام بضوابط الاعلام التي تدفع باتجاه تحقيقها ومنع اي فعالية اعلامية تضر بالمصالحة، وتحميل الجامعات العراقية ودوائر وزارة الثقافة ودواوين الوقف الشيعي والسني والمسيحي وجميع الدوائر التي تكون على مساس مع الجمهور جزءا مهما من المسؤولية في التثقيف والتوعية عبر ندوات وحوارات ومؤتمرات، وحصر السلاح بيد الدولة، ربما نصل الى جزء من الحل.
وربما الرجل ذكر نقاط اخرى لم يتسنى لي تذكرها لكن اتمنى ان يكون القضاء على الطائفية من داخل المجتمع وليس خلف اسوار المنطقة الخضراء.