23 ديسمبر، 2024 12:14 ص

رئاسة العراق في “إعلان عام”!

رئاسة العراق في “إعلان عام”!

قبل عشرة أيام أعلنت الدائرة الإعلامية، في مجلس النواب العراقي عن فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، ومما جاء في الإعلان:
” يعلن مجلس النواب فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية فعلى الراغبين بالترشيح ممن تتوافر فيهم الشروط المدرجة أدناه تقديم طلباتهم التحريرية مشفوعة بالوثائق الرسمية، التي تُثبت توافر تلك الشروط فيهم مع سيرهم الذاتية وتسليمها إلى الدائرة القانونية في مجلس النواب…”!
منْ يقرأ الإعلان يتصوّر نفسه في بلاد تَقْطُر ديمقراطية، وفيها تجربة من أروع تجارب الحكم المليئة بالحرية والنزاهة والشفافية، ولن يخطر بباله أن الإعلان في العراق، الذي ألبست فيه الديمقراطية ثوب الطائفية الدكتاتورية المُمزَّق، وأن الحريات الشخصية والقانونية ليس لها أيّ وجود حقيقي على الأرض، فضلاً عن صور السحق والضياع لكرامة الإنسان وحقوقه!
في العراق – ومنذ العام 2005، ووفقاً للنظام التوافقي بين الكتل السياسية- فإن رئاسة البرلمان ذهبت للسنة، ورئاسة الوزراء للشيعة، ورئاسة الجمهورية للكرد، ونتحداهم أن يَخرجوا من هذا السياق التقليدي، الذي لا يوجد ما يدعم استمراره لا في الدستور، ولا في بقية القوانين النافذة!
ورؤساء العراق بعد العام 2003، عدا فترة (مجلس الحكم)، يمكن ترتيبهم على النحو الآتي:
1. غازي عجيل الياور ( عربي سني، حكم لسنة وأربعة أشهر تقريباً)، عينه بول بريمر، بعد اعتذار عدنان الباجه جي عن المنصب.
2. جلال الطالباني مؤسس الاتحاد الوطني الكردستاني، تم اختياره عام 2005، وبقي حتى وفاته عام 2014.
3. فؤاد معصوم، سياسي كردي، أُنتخب رئيساً في أعقاب انتخابات 2014، وحتى الآن.
اليوم – وبعد انتخاب رئيس البرلمان- يجب أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية حتى يتسنى له دعوة رئيس الكتلة الأكبر في البرلمان لتشكيل الحكومة، ولهذا فهي مرحلة انتقالية لحسم معضلة رئاسة الوزراء.
منذ العام 2005، لاحظنا أن القيادة الكردية المتمثلة بالحزبين الرئيسيين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الكردستاني) تسير على عرف سياسي (داخل الإقليم) يقضي بأن يكون منصب رئيس الجمهورية من حصة الاتحاد الوطني،( حزب الطالباني)، ومنصب رئيس الإقليم من حصة الحزب الديمقراطي،( حزب البرزاني)، لكن يبدو هذه المرة الأمور مختلفة، وربما القيادة الكردية غير مُتفقة على شخصية رئيس الجمهورية القادم!
الغريب أن الحزب الديمقراطي قد أصدر بياناً قال فيه إن” رئاسة الجمهورية هي حصة واستحقاق شعب كردستان ولم تكن قط حكراً وملكاً لحزب بعينه”، مشيراً إلى أنه” أبلغ الاتحاد الوطني بأن هذا المنصب سيكون من نصيبه (الحزب الديمقراطي) هذه المرة”.
ولا ادري من أين جاء هذا الحق، والقضية بمجملها لم ينص عليها الدستور العراقي، ولا حتى دستور الإقليم وأنظمته؟
ومن أهم المرشحين الحاليين لمنصب رئاسة الجمهورية:
– برهم صالح، القيادي البارز في الاتحاد الوطني الكردستاني.
– فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان، وهو من الديمقراطي الكردستاني.
– سروة عبد الواحد، رئيسة كتلة التغيير النيابية، المنشقة عن الاتحاد الكردستاني.
هذه الأسماء – بالإضافة لأكثر من (20) شخصية أخرى، بينهم بعض العرب- ستُعلن الثلاثاء القادم تحت قبة البرلمان العراقي للتصويت عليها.
انتخاب رئيس الجمهورية لن يكون دون وجود اتفاقات مُسبقة مع الكتل الشيعية الكبرى، وعليه ربما ستتم “عملية مقايضة”، منْ يصوت – من الشيعة- لهذا الطرف الكردي سيقايضهم على الانضمام له لتشكيل الكتلة الأكبر، وبالتالي نحن أمام مرحلة تبادل أصوات ومصالح بين القوى الحاكمة في البلاد!
أظن أن برهم صالح – وبعد عودته لصفوف الاتحاد الوطني، وإعلان الاتحاد بأنه مرشحهم لمنصب الرئيس- هو الأقرب للمنصب؛ وذلك لوجود توافق إيراني – أمريكي على شخصيته، ولديه مقبولية من غالبية الأطراف الحاكمة في العراق.
خلاصة القول إن منصب رئيس الجمهورية من المناصب غير الفاعلة على الرغم من وجود قرارات مفصلية تقع ضمن صلاحيات الرئيس بموجب الدستور، لكن يبدو أن كابينة رئاسة الحكومة – وبسبب الأكثرية البرلمانية- قد غطّت على بقية الرئاسات من حيث التأثير في مفاصل الدولة العراقية!
تقسيم الرئاسات الثلاث على أسس طائفية وقومية من أهم أسباب زرع الفتنة بين العراقيين، فما هي الغاية الكبرى من هذا التقسيم؟