23 ديسمبر، 2024 8:24 م

رئاسة الحكومة القادمة بين نوري المالكي وباقر جبر صولاغ

رئاسة الحكومة القادمة بين نوري المالكي وباقر جبر صولاغ

غالبا ما تكون نتائج أي انتخابات مطابقة أو قريبة من التوّقعات واستطلاعات الرأي العام , ومن النادر جدا أن تحدث مفاجئات خارج نطاق هذه التوقعات والاستطلاعات , ففي الانتخابات البرلمانية الماضية كانت المنافسة محصورة بين كتلتين سياسيتين وشخصيتين سياسيتين تحديدا , هما رئيس الوزراء نوري المالكي رئيس تحالف دولة القانون والدكتور أياد علاوي رئيس القائمة العراقية , لكنّ هذا لم يمنع وزير الداخلية آنذاك جواد البولاني من طرح نفسه كمنافس لمنصب رئيس الوزراء , حتى بلغ به الطموح في إحدى لقائاته مع قناة السومرية الفضائية , القول بأنه المنافس الوحيد لنوري المالكي والتنافس محصور بينه وبين المالكي تحديدا على رئاسة الوزراء , لكنّ نتائج الانتخابات جائت بالعكس من رغبات السيد جواد البولاني , وعكست الواقع الحقيقي على الأرض .

لكنّ الذي يميّز هذه الانتخابات أنه لا يوجد حتى هذه اللحظة منافس وندّ حقيقي أمام رئيس الوزراء نوري المالكي , وقطعا أنّ التنافس الحقيقي سينحصر بين مرشح تحالف دولة القانون برئاسة نوري المالكي وبين أحد مرشحي كتلتي المواطن والأحرار , والأقرب للواقع أنّ هذا التنافس سينحصر بين نوري المالكي ومرّشح كتلة المواطن , وأغلب التوّقعات تشير إلى السيد باقر جبر صولاغ , أي بمعنى أنّ التنافس على رئاسة الحكومة القادمة سيكون بين نوري المالكي وباقر جبر صولاغ , ومن المؤكد أنّ حظوظ كل واحد منهما في الوصول إلى رئاسة الوزراء ستحدده نتائج الانتخابات والتحالفات التي ستتشّكل بعد الانتخابات .

ومن الواضح أنّ كتلة المواطن التي ينتمي إليها السيد باقر جبر صولاغ تمّهد الأجواء لتحالف الكتلة الأكثر عددا , والتي ستقطع الطريق على تحالف رئيس الوزراء نوري المالكي بتشكيل الحكومة القادمة , وهذا احتمال قوي وقائم في ظل الوضع السياسي الراهن والواقع على الأرض , لكن مع كل هذا لا زالت حظوظ السيد نوري المالكي برئاسة الحكومة القادمة قوية هي الأخرى بفضل التأييد الشعبي المتعاظم له , فالكثير من المراقبين يرون إنّ اتجاهات الشارع الشيعي تتجه نحو نوري المالكي باعتباره الأكثر قدرة على التصدي لطموحات مسعود البارزاني والقيادة الكردية اللامشروعة , خصوصا فيما يتعلق بالنفط والثروة , والأكثر قدرة على التصدي للإرهاب ومن يقف خلفه , بحكم التجربة التي اكتسبها بقتاله مع الإرهاب , واغلب الناس يعتقدون إنّ فشل حكومة المالكي الحالية في تحقيق اهدافها يرجع إلى تعمدّ الشركاء في الحكومة بترشيحهم وزراء فاسدون وغير إكفاء بهدف إفشال هذه الحكومة , وهنالك أكثر من دليل يثبت سوء نوايا الشركاء وتعمدّهم في إفشال عمل الحكومة .

كما إنّ الوضع الأمني وما تمرّ به المنطقة من أحداث سياسية , هي الأخرى تلقي بضلالها على هذه الانتخابات , فاي تغيير لرأس السلطة في العراق قد تترتب عليه نتائج لا ترضاها إيران , وبالتالي فإنّ هذا قد يدفع بإيران للضغط على عمار الحكيم ومقتدى الصدر بالتراجع والانسحاب من تحالفهم مع أسامة النجيفي وأياد علاوي ومسعود البارزاني , والقبول بتحالف شيعي برئاسة نوري المالكي , وهذا السيناريو هو الآخر ممكن وقائم , وربّما هو الأقرب للواقع الذي يعكس الانقسام الطائفي في المجتمع العراقي , فنوري المالكي وفق هذه التصورات قادم للولاية الثالثة بقوة , وحكومة الأغلبية السياسية باتت اليوم أقرب من أي وقت مضى , وتمّثل مخرجا حقيقيا لهذه الأزمة التي تعصف في البلد .