17 نوفمبر، 2024 10:00 م
Search
Close this search box.

رئاسات بلدنا إثنان وثالثهم…!

رئاسات بلدنا إثنان وثالثهم…!

بعد أن أضحى العراق بلدا تستعر فيه حدة التدخلات الخارجية -فضلا عن الداخلية- وتتكالب عليه جهات من كل فج عميق -إقليمية ودولية- للنيل من استقلاله واستقراره وأمنه وأمانه، لايوجد عذر لجهة او فئة او حزب او شخص عراقي بالتنحي جانبا، وليس من تبرير يسوغ له اتخاذ موقف الحياد او موضع المتفرج، إذ على أصحاب الشأن جميعا اتخاذ الخطوات التي تبعد الشرور عن البلد، ومن ثم العمل في سلم الأولويات بجد ومثابرة فيما يخص جداول أعمالهم. والمقصود بعبارة “أصحاب الشأن” ليس فئة معينة.. او نخبة محددة بشخصية اوكيان اومؤسسة، بل أصحاب الشأن هم كل العراقيين في ظرف كهذا، وأولهم قطعا أصحاب الحل والعقد.. والسياسيون وأرباب الكتل والأحزاب.. وكذلك كل من جلس على كرسي يتسلط من خلاله على جملة قرارات اوتشريع قوانين او إقرارها او تنفيذها، فهم كلهم أصحاب شأن مسؤولون عما يؤول اليه البلد، فضلا عن كونهم المستفيدين الأوائل من صلاحه، وكذلك هم أول المتضررين من خرابه لاسمح الله.

لكن الذي يحدث غير هذا تماما، حيث أن بعض الشخصيات السياسية والكتل والأحزاب مشتركون بهدف واحد ونية واحدة، هي عرقلة كل ما من شأنه النهوض بالعملية السياسية والسير بها باتجاهها الصحيح حيث البناء والإعمار. وأول المعرقلات التي يتبعها هؤلاء هي إثارة المشاكل الداخلية، والأخيرة هذه تتنوع أشكالها وأنواعها وأماكن افتعالها، إذ أن بعضها ينشب تحت قبة البرلمان، وذلك باعتراضات غير مبررة على مادة او فقرة او بند في قانون آخذ طريقه للإقرار والبت. او بتعمد تأخير القراءات وإرجائها الى ثانية وثالثة وعاشرة، او أحيانا تنشب مشكلة ليس لها علاقة بما يناقش على طاولة الاجتماع ساعتها، وأغلبها ناتج عن خلافات في المآرب والمنافع الشخصية والفئوية، حيث تأخذ الأخيرتان حيزا واسعا من اهتمامات أغلب الجالسين تحت القبة.

وليست أروقة البرلمان وحدها المتسبب بعرقلة سير العملية السياسية، فهناك المجلس التنفيذي الذي يشمر بعض الوزراء فيه عن سواعدهم بكل ماأوتوا من قوة، بغية الإبطاء والتأخير وأحيانا إيقاف عجلة تقدم البلد، وذلك باتباع طرائق وسبل عديدة، أكثرها تأثيرا وفتكا بتقدم البلد هو إحكام طوق البيروقراطية والرتابة والروتين في مؤسسات وزاراتهم ودوائرهم، وهذه هي الطامة الكبرى في عصر التكنولوجيا والتقنيات الإلكترونية العالية. حيث مازالت مؤسساتنا ودوائرنا الحكومية تقبع بكل انكسار وخنوع وذلة، تحت سلسلة عمليات تطول من دون طائل.. وتعرض من غير فائدة، بدءًا من شباك الوارد وليس انتهاءً بشباك الصادر، مرورا بما يشيب له الطفل الرضيع من التعقيدات الإدارية التي تصل أحيانا حد السماجة من انتفاء الأهمية وحلول اللاجدوى.

وليس المجلسان التشريعي والتنفيذي وحدهما في ساحة الاتهام بالعرقلة والتأخير والإيقاف، فمجلس رئاسة الجمهورية هو الآخر يشاركهما الإثم..! إذ عادة ما ينأى لوحده بعيدا عن مشاكل الوزارات والمؤسسات غير المرتبطة بوزارة، ويتخذ لنفسه مكانا قصيا في وادٍ غير ذي جدوى، فكأنه أحيانا -بل أغلب الأحايين- “هو والماكو سوة”..! إذ نادرا مانشهد حضورا فعالا للمسؤولين فيه، او نلمس تدخلا جديا في قضية من قضايا البلد المستعجلة، فجلّ ما نسمعه عنهم تصريح او بيان مقتضب لايكاد يشفي غليلا مستعرا يشكوه المواطن، لاسيما والأخير بات على جمر ذكي من المشاكل المحدقة بحياته، وليس له حول ولاقوة إلا بمجالس بلده الثلاث، والأخيرات على مايبدو في واد غير واديه، وهم غير همه.

[email protected]

أحدث المقالات