22 مايو، 2024 5:42 م
Search
Close this search box.

رؤيتنا لتنحي السيد نوري المالكي عن الولاية الثالثة

Facebook
Twitter
LinkedIn

مع اننا نثمن ونقدر الموقف الذي اتخذه السيد نوري المالكي الا ان ذلك لا يمنعنا من تحليل الظروف التي ادت بالسيد المالكي لاتخاذ مثل هذا القرار الصعب.
ان المراقب والمتابع للاحداث المتوالية يرى ان الاخ السيد المالكي لن يتنازل عن هذا المنصب الى اخر مرحلة لثقته بكتلته وعدم تشذيها كما ان علاقته بالاتلاف الوطني كانت مبنية على نقطتين.
الاولى:- خوفه من ان يتهم بشق الصف الشيعي.
والثانية:- ثقته بان التحالف الوطني سيرضخ لما تريد كتلة القانون للاعتبارات التالية
اولا:- خسارة الوزارت
ثانيا:- انشقاق التحالف وفرط عقدة السبحة الشيعية وبقاء كتلة المالكي هي الاكبر وسيصار لها تشكيل الحكومة
ثالثا: قناعة التحالف بان السيد المالكي اذا استطاع ان يكون الكتلة الاكبر ويكلف من قبل رئيس الجمهورية فسوف يحصل على عدد الاصوات التي تؤهله لنيل الثقة من البرلمان لان التحالف يرى ان المناصب الوزارية ستغري الكثير من السياسيين في الكتل الاخرى.
ومن هذه الباب وهذه الرؤية كان السيد المالكي غير مهتم بوحدة التحالف الوطني.
 لذلك كان يعول على ان تسمى كتلة دولة القانون هي الكتلة الاكبر بالبرلمان وقد طلب من السيد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بتسمية الكتلة الاكبر وتكليفه ولكن السيد معصوم لم يستجب لهذا الطلب.
ولكي نفهم الجو العام لابد لنا ان نتعرف على اراء الكتل الاخرى بترشيح السيد المالكي فاذا استقرأنا اراء الكتل الكردية فسوف نجدها لا ترغب بتولية السيد المالكي لولاية ثالثة ولكنها لم تغلق كل النوافذ مع كتلة دولة القانون لانها كانت تعتقد ان المالكي يمتلك اوراق ضغط تؤهله للولاية الثالثة.
أولا:- تماسك كتلة دولة القانون.
ثانيا:- عدم ثقة الاكراد بان التحالف الوطني قادر على ترشيح بديل عن السيد المالكي.
ثالثا:- قراءة الكتل السياسية الكردية لواقع المكون السني تجعلهم لا يثقون بقدرة هذا المكون على التماسك.
اما كتلة الاحرار وكتلة المواطن فكانا مصرين على عدم تولي السيد المالكي لولاية ثالثة حتى وان ادى هذا الامر الى تشذي العراق لاعتقادهم ان الولاية الثالثة للسيد المالكي ستقظي على مستقبلهم السياسي لذلك كانوا مستعدين لان يذهبوا الى نهاية النفق.
اما بالنسبة لكتلة الاصلاح والفضيلة وبعض التكتلات الصغيرة فكانوا يمسكون العصى من المنتصف لذلك استطاع السيد الجعفري من لعب دور المقرب لوجهات النظر كونه رئيس الاتلاف الوطن.
اما الكتل السنية فكانت ليس مع تولي السيد المالكي للولاية الثالثة ولكنها لا تمتلك ادواة القوة التي تؤهلها لان تستمر الى النهاية بالمطالبة برحيل السيد المالكي فكانت اشبه بالممزقة والضعيفة والذي جعلها ضعيفة وغير متجانسة عدة اسباب.
اولا:- دخول داعش لمناطقهم واستباحة الاقليات وقتل الجيش العراقي بدم بارد.
وثانيا:- صراعهم على الزعامة السنية.
وثالثا:- الخوف من فقدان المناصب بالدولة العراقية اذا استطاع السيد المالكي الحصول على الولاية الثالثة.
كل هذ المعطيات كان السيد المالكي واثق من الوصول للولاية الثالثة ولكن سقوط الموصل بهذه السرع وانهيار الجيش ودخول الدواعش ارض العراق قلب المعادلة فقد اثبتت هذه القضية هشاشة الحكومة العراقية وعدم قدرتها على استيعاب ما حدث من تداعيات خطيرة في البلد.
وكان اول المستشعرين بعمق الخطر هي المرجعية الشيعية وقد تداركت نقاط الضعف في الحكومة العراقية فاصدرت الفتوة الجهادية .
ولكن المالكي لم يدرك ان هذا المتغير الجديد كان كفيلا بتغيير اللعبة السياسية.
 كما ان المرجعية الشيعية تاكدت بان نظرتها بالتغيير كانت صائبة فزدادت قناعة بان التغيير ضروري في هذه المرحلة ولابد من سياسة جديدة تختلف عن سياسة المالكي.
وايضا جاء سقوط الموصل كقارب النجاة لخصوم المالكي في التحالف الوطني فعملوا على تطويقه سياسيا واعلاميا وعسكريا ودخلوا على خط المواجه دون ان ياخذوا اذن القائد العام للقوات المسلحة ولكن المرجعية كانت حريصة على وحدة الدولة العراقية فجعلت الجهاد عن طريق الدولة وبما يتناسب واحتياجات الجيش وهذه دلالة على عمق الرؤيه التي تتمتع بها المرجعية الشيعية.
ودخلت الجمهورية الاسلامية على الخط لانها استشعرت بخطورة سقوط الموصل وديالى وصلاح الدين فسارعت لدعم الحكومة العراقية ولكنها ايضا رأت ان السيد المالكي فشل في بناء الجيش العراقي فكان ان اقتنعت بالضغوط التي مارسها المجلس الاعلى والتيار الصدري عليهم فسحبت دعمها للسيد المالكي.
وجاء الرد الامريكي بعدم مساعدة بغداد الا بتشكيل حكومة شاملة تجمع مكونات الشعب العراقي ولها مقبولية من كل الاطراف وكانت هذه الرغبة مطابقة لرغبة المرجعية الشيعية وهذا يعني ان السيد المالكي خسر الدعم الامريكي ايضا.
وبما ان العالم العربي كان غير مستوعب فكرة الحكم الشيعي بالعراق فلم يمد يد العون للعراق بل ساهم بشكل مباشر بعدم استقرار العراق تاهما السيد المالكي بالطائفية وتشكيل لوبي كبير بالعالم يمارس الضغط  للاطاحة بحكم الشيعة بالعراق وكان الاعلام العربي بما يملك من قوة مالية  وخبرة اعلامية مسخر للنيل من الحكومة العراقية مع ان السيد المالكي يحاول ان يكون عروبيا وان يمتد للحضن العربي ولكن العرب وبما يملكون من خلفية طائفية لم يسمحوا للسيد المالكي بالتقرب اليهم.
كل هذه المعطيات ولم يدرك السيد المالكي بتغيير اللعبة ولو كان لديه مستشارين منصفين لاستطاع ان يغير البوصلة.
لاننا كنا نعتقد ان امام السيد نوري المالكي خطط لكسب المعركة وتغيير المعادلة لصالحه نلخصها بما يلي:-
اولا:- تقديم اعتذاره واستقالته للشعب العراقي بعد ان يشرح ملابسات سقوط الموصل. ولو فعلها لخرجت جماهير الشعب العراقي كلها تطالبه بالعدول عن الاستقالة ولخلد زعيما عراقيا كما خلد الزعيم الراحل عبد الناصر.
ثانيا:- الرجوع للمرجعية الشيعيه المتمثلة بالسيد السستاني وتوضيح موقفه وطلب الاذن منه بالاستقالة مع توضيح كل الخفايا التي حدثت اثناء سقوط الموصل ومن المحتمل ان يحصل على دعم المرجعية حتى دحر الارهاب.
ثالثا:- اخذ راي التحالف الوطني بالاستقالة وتقديم البديل مع الاعتذار للشعب العراقي.
رابعا:- أما اذا كان يرى انه الاجدر والاقدر في استرجاع الاراض التي اغتصبت من العراق كان عليه ان يعلن الطواريء والاحكام العرفية وتجميد العملية السياسية حتى استرجاع الارض العراقية كلها واي معترض يتم اعتقاله لاننا نرى ان الديمقراطية لا معنى لها بوجود جزء من العراق محتل كما اننا نعتقد حتى وان تم استرجع الارض من هؤلاء الخوارج فلن تنتج دولة مستقرة لانها ستجلب نفس الوجوه التي لا تؤمن ببناء العراق.
وهذا الموقف يترتب عليه اعتبارات كثيرة يجب ان تدرس بشكل جيد قبل الدخول فيها واولها ان يعقد اتفاقية استراتيجية دفاعية مع احد الدول الكبرى  امريكا روسيا الصين او الاتحاد الاوربي او الدول المجاورة ايران تركيا السعودية او مصر.
ولكن السيد المالكي لم ينتبه لكل هذا المتغيرات والاحداث ومضى ياطالب بالولاية الثالثة ضانا انه لوحده قادر على كسب المعركة مع ان المعركة كان فيها محترفون.
فجاءت المفاجئه التي لم يحسب حسابها ولم يتصور انها ممكن ان تحدث لان مستشاريه لم يخطر ببالهم ان كتلة المالكي ممكن ان تتفكك فلم ينصحوه فاما لماذا لم ينصحوه فلانهم كانوا يفكروا في الامتيازات التي يملكونها ولم يكونوا مستعدين للتخلي عنها فعمت قلوبهم قبل عقولهم.
فكانت الصدمه ان ترشح السيد حيدر العبادي لمنصب رئيس مجلس الوزراء عن التحالف الوطني والسيد المالكي لايدري بالانشقاق بل كان يعتقد انهم لن يجرؤوا على تنفيذ هكذا خطوة فكيف تتخذ قيادات حزب الدعوه هذه الخطوة وهو الامين العام انها كارثة لم تحدث في تاريخ الاحزاب.
 اما لماذا اتخذت قيادات الدعوة هذه الخطوة وتبعتها كتلة مستقلون.
فاننا نرى ان قيادات الدعوة قرأت الساحة السياسية بواقعية ورأت ان العراق سائر للمجهول فالسيد المالكي لا يدرك حجم الخطر الذي يهدد وحدة العراق ووحدة التحالف الشيعي ولا يدرك ان السياسة التي اتبعها ما جاءت الا بدمار العراق وعليه حان التغيير ولابد من ايجاد بدائل للفكر الذي حكم العراق لمدة ثمان سنوات فلا يعقل ان اطياف كثيرة من المجتمع العراقي والمجتمع الدولي غير راضية على اداء وسياسة الاخ المالكي وهو لا يعبه بكل هذا.
وهنا لابد لنا ان نؤكد ان الاخوة في الدعوة وكتلة مستقلون لابد وان اشاروا على المالكي بخطورة المرحلة ولابد من ترشيح البديل ولكنه اصر ولم يبالي محتج بالاستحقاق الانتخابي. كما ان قول المرجعية الشيعية لها الاثر الكبير في احداث هذا التغيير ونحن نعتقد ان الامتثال لرغبة المرجعية ضمان لوحدة العراق.
ومع هذا كله لم يستسلم السيد المالكي وبدأت خطاباته المتشنجه والمخيفه وبدأت بوادر الانقلابات تفوح وكان العراق على شفى هاوية الانفجار. الا انه بدأ يلاحظ ان بوادر الانشقاقات تزداد وكتلة بدر صرحت بعدم مخالفتها لرغبة المرجعية احس السيد المالكي ومن حوله من مستفيدين انهم قد خسروا المعركة ولابد من الخروج باقل الخسائر.
فكان ان توصلوا الى هذه النتيجة:-
اذا اصر السيد المالكي على رفع الدعوى وانتظار الاجابة من المحكمة الاتحادية وقد تطول مدة الاجابة فسيجدون انفسهم امام حكومة مشكلة ومقرة من قبل البرلمان وموقع عليها رئيس الجمهورية ومعترف بها من قبل المجتمع الدولي حينها سيكونوا امام امر واقع اما ان يصطدموا بكل هذه الارادات واما ان يستسلموا للامر الواقع وفي كلى الحالتين سيكون السيد المالكي ومن معه هم الخاسرون الاكبر.
وكي لا يخسروا كل شيء وينفرد بها المجلس الاعلى والتيار الصدري وحزب الدعوة قرروا التفاهم واعادة دولة القانون كي يحافظوا على المناصب والامتيازات التي يمتلكونها.
ولكننا نعتقد ان هذا وان ظهر على انهم اعادوا دولة القانون الا ان الانشقاق قد وقع وليس من السهل ردم هذا الانشقاق وسيظهر هذا جليلا في الايام القادمه وفي التحالفات الجديدة.
لذلك نحن نقول ان تنحي السيد المالكي لم يكن رغبة حقيقية لفهم الواقع او تضحية منه تستفاد منها الاجيال القادمة وانما نابعة من حسابات نفعية غير مكترثة لمصلحة الوطن.
ومع هذا كله نحن نثمن للسيد نوري المالكي هذا الحساب المنطقي لانه جنب الوطن هاوية الانفجار وشكرا لكل الاعمال التي قام بها فقد اجتهد في ادارة البلد على قدر استطاعته.
ونحن بدورنا نشكر جميع الاخوة الذين ساهموا في تقريب وجهات النظر وسارت المركبة دون ان نخسر دم اخر.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب