20 ديسمبر، 2024 7:40 ص

رؤية مستقبلية حول واقع وأفاق الديمقراطية في العراق

رؤية مستقبلية حول واقع وأفاق الديمقراطية في العراق

خطة البحث
 
مقدمة
المحور الأول: الديمقراطية، ماهيتها وتطورها التاريخي.
المحور الثاني: أهداف الديمقراطية
المحور الثالث: أثر الديمقراطية على الاقتصاد والمجتمع العراقي.
المحور الرابع: مأزق(( ديمقراطية)) الاحتلال في العراق.
الخلاصة.
مصادر البحث.
مقدمة:
ارتبط مفهوم الديمقراطية وتطورها بتطور المجتمع البشري، وان اسلوب الانتاج السائد في المجتمع هو الذي يحدد طبيعة وهدف الديمقراطية، ويعد شكل الملكية المفتاح الرئيس لفهم وتحديد طبيعة النظام الحاكم، وهناك علاقة وثيقة بين شكل الملكية والديمقراطية، فالملكية الخاصة لوسائل الانتاج تمثل وتعكس ديمقراطية الاقلية من حيث شكلها ومضمونها، وهي تعبر عن المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإيديولوجية للطبقة البرجوازية الحاكمة، اما الملكية العامة لوسائل الانتاج، فهي تعبر عن ديمقراطية الاكثرية من حيث الشكل والمضمون وكما تعبر عن المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية والايديولوجية للشغيلة، أي انها الديمقراطية الشعبية التي تمثل مصالح الشغيلة وحلفائها من الفلاحين وشغيلة الفكر… وان الصراع كان ولايزال وسيبقى داخل المجتمع الطبقي بين ممثلي ديمقراطية الاقلية وديمقراطية الاكثرية، ونعتقد ان أي تحليل خارج عن اطار هذا التقسيم لايتصف بالعلمية والموضوعية بل يراد منه تضليل وتجميد للصراع السياسي والاقتصادي- الاجتماعي والايديولوجي.
     تعد مسألة الديمقراطية من أحدى اهم واعقد المسائل التي تواجه الشعوب وقواها السياسية اليوم، ولكن الموقف من الديمقراطية ينبغي ان ينظر اليه من زاوية وهي ان الديمقراطية لايمكن ان تكون مفهوماً، اطاراً عاماً بلا حدود وبلا ضوابط، فأذا جرى التعارف على ان معنى الديمقراطية هي حكم الشعب، هذا صحيح في ظل المجتمعات اللاطبقية، اما هذا المفهوم لايمكن تطبيقه او الحديث عنه في ظل المجتمعات الطبقية، فالترويج لهذه الفكره هدفها الرئيس خدعة وتضليل الرأي العام ، ويتم التلاعب في هذا المفهوم وبما يخدم مصالح الطبقة البرجوازية الحاكمة.
      ان الديمقراطية هي مفهوم سياسي واقتصادي واجتماعي وإيديولوجي يعبر عن مصالح طبقة اجتماعية محددة، سواء كانت في الحكم او خارج الحكم، ولايمكن ان تكون الديمقراطية خارج اطار التمثيل الطبقي في شكلها ومضمونها، وعليه يمكن القول ان الديمقراطية مفهوم كان وسيبقى يحمل طابعاً طبقياً وايديولوجياً، فالديمقراطية الاقتصادية في المجتمع الطبقي الرأسمالي مثلاً تعني اقتصاد السوق الرأسمالي وتعني الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وتعبر وتخدم المصالح الاقتصادية للطبقة الرأسمالية الحاكمة، وتعكس مصالح الرأسمال المالي بهدف تعظيم الربح، والديمقراطية الاجتماعية في المجتمع الطبقي تعبر عن المصالح الاجتماعية للطبقة البرجوازية الحاكمة وضمان حقوقها الاجتماعية سواء كان ذلك بشكل قانوني اوغيره.
يمكن طرح أسئلة عديدة ومشروعة حول الديمقراطية وهي:
هل أن الغرب الرأسمالي فعلاً كان لا ويزال ديمقراطياً؟، وهل ان قادة البلدان الرأسمالية وخاصة رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية يؤمنون بالديمقراطية؟، هل ان ملوك ورؤساء البلدان العربية ديمقراطيون؟ ، هل ان قادة الاحزاب السياسية في البلدان العربية من الاسلاميين والقوميين كانوا ديمقراطيون ويؤمنون قولاً وفعلاً بالديمقراطية؟، ويؤمنون بالتداول السلمي للسلطة؟ ، وهل أن الغالبية العظمى من قادة الاحزاب الشيوعية بشكل عام، والاحزاب الشيوعية العربية بشكل خاص يؤمنون بالممارسة الفعلية للديمقراطية داخل بيتهم الشيوعي، ام منظرين للديمقراطية فقط. فلا ديمقراطية حقيقية بدون احزاب ديمقراطية.
      نعتقد لاتوجد ديمقراطية في البلدان الرأسمالية بما فيها الولايات المتحدة الامريكية، أذا نظرنا الى تطبيق هذا المفهوم داخل المجتمع الرأسمالي من زاوية تحقيق المصلحة العامة لغالبية مواطني البلدان الرأسمالية، اما اذا نظرنا الى الديمقراطية في الغرب الامبريالي من زاوية طبقية وإيديولوجية فهذا المفهوم مطبق في البلدان الرأسمالية 100% بدليل ماحدث للشعب الياباني في كارثة هيروشيما وناكازاكي وماحدث للشعب الفيتنامي والهايتي وشعب لاوس وغرينادا وشيلي واندونيسيا وللشعب الكوري والسلفادوري والغواتيمالي ولشعب نيكارغوا وكولومبيا للشعب الكوبي واللبناني والشعب الليبي عام 1986، والشعب العراقي عام 1963، و1980-1988 والحصار الاقتصادي والغزو والاحتلال عام 2003، ومايحدث اليوم في البلدان العربية من سيناريو كارثي ومايسمى بالربيع العربي وماحدث في الجزء الهام من المعسكر الاشتراكي وتحت غطاء كاذب وسيناريو تخريب مأساوي من مايسمى بالبيروسترويكا سيئة الصيت 1985-1991 الا دليل حي عن مفهوم طبقية وايديولوجية الديمقراطية بالنسبة للغرب الامبريالي.
      ان كل ماتم ذكره وغيره أعلاه يعد تدخلاً سافراً ومخالفاً للقانون والشرعية وهو مخالف لابسط مفاهيم الديمقراطية، وفي الوقت نفسه فأن هذا الأسلوب اللاقانوني قد عكس مفهوم وجوهر الديمقراطية الطبقية للمجتمع الرأسمالي وان كل ماتم ذكره قد تم في ظل مفهوم ديمقراطية الاقلية الطبقية في المجتمع الرأسمالي وان الهدف الرئيس هو العمل على تقويض الأنظمة الوطنية والاشتراكية كنظام تحت غطاء مايسمى بنشر الديمقراطية وحقوق الانسان والتعددية وفق النموذج الغربي_ الأمريكي، وفي الوقت نفسه العمل على تصريف جزءاً من ازمة نظامهم المأزوم والمريض من خلال الاستحواذ على ثروات الشعوب وتحت مبررات لاتحتكم لمنطق القانون الدولي وتحت مسوغات واهية.
      نعتقد ان الغالبية العظمى من قادة الاحزاب السياسية العراقية من الاحزاب الاسلامية والقومية واليسارية لايؤمنون بالديمقراطية من حيث الممارسة والتطبيق الفعلي لها فهم لايطبقونها لا في بيوتهم الخاصة ولا في احزابهم، ويعود السبب الرئيس الى الجذر الاقتصادي- الاجتماعي، وبقايا مخلفات الإرث الثقيل لشكل العلاقات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت سائدة في المجتمع الإقطاعي، والذي حافظ على ديمومته واستمراريته في الرأسمالية التابعة والمشوهه التي نحن فيها. اذا كانت الغالبية العظمى من قيادات هذه الاحزاب السياسية لاتؤمن ولاتطبق الديمقراطية بشكل سليم في عملها ونشاطها وبيتها السياسي، فهل يمكن ان نقول على هولاء القادة السياسيون ديمقراطيون؟ أنهم بارعون في ( التنظير) للديمقراطية فقط ولكن ما ان يصل اليه النقد الهادف والبناء والموضوعي يتحول هذا القائد الى ديكتاتور في السلوك والتعامل الحزبي 100% ؟ هذه هي ازدواجية القادة السياسيين في العراق والا ماذا يفسر حدوث الانقسامات والتكتلات والتأمر ومحاربة المبدئيين والمخلصين لايديولوجيتهم والمعارضين للنهج السياسي الخاطئ الذي تسير عليه هذه القيادة او تلك، والخروج عن الثوابت المبدئية وعدم سماع رأي الكوادر والقاعدة الحزبية حول كثير من القضايا المصيرية التي تهم الحزب. ان كل ذلك وغيره سببه غياب تطبيق الديمقراطية.
       يمكن القول ان سلوك القادة السياسيين هو سلوكاً ديكتاتورياً فالتنظير حول الديمقراطية والسلوك الديكتاتوري سواء داخل الحزب او السلطة ماهي الا ادواراً متناقضة في شكلها ومضمونها ومن هنا ينبع الخطر على وحدة الحزب وقوة الحزب وأضعاف دوره ومكانته بين الجماهير وبالتالي ينشأ خطر تفكك واختفاء الحزب من السلطة والساحة السياسية وهذا ماحدث لكثير من الاحزاب السياسية التي حكمت ولفترة طويلة.
      ان الديمقراطية الحقيقية هي ممارسة وسلوك واعي وهادف وهي فعل وتطبيق عملي في المجتمع من اجل تحقيق المصلحة العامة فأذا فشلت هذه القيادات في تطبيق الديمقراطية في أحزابها السياسية فهل يمكن ان يطبقوا الديمقراطية خارج حدود أحزابهم؟
ان من اهم الاخطار الي تواجه الديمقراطية والمجتمع والاحزاب السياسية في العراق:
الخطر الاول: يكمن بالتدخلات الاقليمية والدولية في الشؤون الداخلية للعراق سواء كان ذلك بشكل مباشر أوغير مباشر وانعكس ذلك على تأجيج وتفاقم الصراع بين قادة الاحزاب السياسية المتنفذة في الحكم وبشكل مستمر وبهذا يمكن القول اصبح العامل الخارجي هو الموجه والمهيمن على العامل الداخلي ومن هنا ينشا الخطر على العراق ووحدة العراق ارضاً وشعباً.
الخطر الثاني: يكمن في الكارثة الحقيقية والمحدقة على الشعب العراقي والتي تتمحور في محتوى الدستور العراقي المعمول به وصياغته المتناقضة والذي تم إعداده على عجالة ووفق مبدأ ( السلق والمراوسة) وهذا مخالف للديمقراطية.
الخطر الثالث: يكمن بالعمل بمبدأ خاطى وقاتل وغير ديمقراطي ألا وهو نهج المحاصصة الطائفي القومي السياسي والسيء الصيت والذي طبق ( بشكل مبدع) في الرئاسات الثلاث، رئاسة الجمهورية، ورئاسة السلطة التشريعية، ورئاسة السلطة التنفيذية وانتقل هذا ( المبدأ السرطاني) الى السلطة القضائية.
الخطر الرابع: غياب الثقة المطلقة لغالبية الشعب العراقي بالسلطة التنفيذية والتشريعية وكذلك غياب الثقة بين قادة الكتل والأحزاب المتنفذة في السلطة بعضها مع البعض الاخر.
       ان اهمية الديمقراطية الشعبية تكمن في تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع واحترام حقوق الانسان ومبدأ المواطنة، ويجب ان تكون للديمقراطية انعكاسات ايجابية على تطور المجتمع والاقتصاد الوطني وينبغي على المتنفذين من قادة الأحزاب الحاكمة ان لايقلدوا ويستنسخوا النماذج الديمقراطية الغربية وفرضها وتطبيقها على بيتهم وظروفهم غير الملائمة لهذا النموذج الغربي، لان لكل مجتمع ظروفه الخاصة ودرجة وعيه السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي تميزه عن غيره.
في هذه الدراسة تم التطرق الى اهمية الديمقراطية وتطورها التاريخي وتم استعراض اهم الخصائص التي تتميز بها االديمقراطية الغربية، ثم تناولت اهداف الديمقراطية في الميدان السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبينت الدراسة ايضاً انعكاسات الديمقراطية المستوردة على الميدان السياسي والامني والاقتصادي والاجتماعي، كما تم توضيح مأزق ديمقراطية الاحتلال واثر ذلك على الاقتصاد والمجتمع العراقي.
 
 
 
 
المحور الأول: الديمقراطية- ماهيتها وتطورها التاريخي
إن الديمقراطية تعني شكل من الحكم السياسي، من السلطة الحكومية، يتميز بمشاركة المواطنين في الإدارة، وبتساويهم إمام القانون، وبتوفير قدر معين من الحقوق والحريات الشخصية(1) .
     إن الديمقراطية تطورت بتطور المجتمع البشري، وان التاريخ لم يعرف الديمقراطية العامة، وإنما شهد إشكالا مختلفة من الديمقراطية، وارتبط شكلها ومضمونها بأسلوب الإنتاج السائد، وان طبيعة النظام الحاكم هو الذي يحدد طبيعة وشكل الديمقراطية في المجتمع، أي ان مضمون الديمقراطية يعتمد على طبيعة النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي القائم، وان الديمقراطية كانت ولا تزال تحمل طابعاً طبقياً ومنحازا لصالح الطبقة الحاكمة والقابضة على السلطة السياسية والاقتصادية في المجتمع.
   شهد المجتمع البشري أنواعاً مختلفة من الديمقراطية، ففي المجتمعات الطبقية ظهرت ديمقراطية من نمط خاص إلا وهي ديمقراطية الأقلية والتي عبرت وتعبر عن المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية للطبقة الحاكمة، فمثلاً في المجتمع العبودي، ظهرت ديمقراطية الأقلية والتي مثلت وعكست مصالح الطبقة السائدة والحاكمة إلا وهي طبقة الأسياد أو النبلاء، إما طبقة العبيد في هذا المجتمع فلم يتمتعوا بأي حقوق إنسانية مطلقاً، فهم أشبه بالسلعة يباعون ويشترون حسب رغبة أسيادهم.
     أن تطور المجتمع وانتقاله من التشكيلة الاقتصادية- الاجتماعية العبودية إلى تشكيلة اقتصادية- اجتماعية جديدة إلا وهي الإقطاعية، ظهرت ديمقراطية جديدة وطبقية منحازة لصالح طبقة الإقطاع وحلفاؤهم، إما طبقة الفلاحين فكانت مستغلة ولاتملك أي حقوق إنسانية تذكر لا في العمل ولا في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، فهي لن تختلف كثيراً عن طبقة العبيد، وبسب تفاقم حدة الصراع والتناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج في مرحلة الإقطاع انتقل المجتمع إلى تشكيلة اقتصادية- اجتماعية جديدة أكثر تطورا وتقدماً من المرحلة السابقة إلا وهي مرحلة الرأسمالية، وظهرت في هذه  المرحلة ديمقراطية جديدة في شكلها إلا وهي ديمقراطية الطبقة البرجوازية في المجتمع الرأسمالي، أي ديمقراطية الأقلية التي امتلكت السلطة والمال العام والإعلام…. في يدها، إما طبقة العمال فليس لديها أي ديمقراطية حقيقية تذكر فهي مجبرة على إن تبيع قوة عملها بثمن رخيص من اجل العيش فقط، وفاقدة لمعظم حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية…. ويمارس ضدها أبشع أنواع الاستغلال والاضطهاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري، وبالرغم من أنها صانعة بجهدها لفائض القيمة التي تحصل عليها الطبقة الرأسمالية الحاكمة.
أن ((الديمقراطية)) في المجتمعات الطبقية( العبودية، الإقطاعية، الرأسمالية) كانت ولا تزال تحمل طابعاً طبقياً وأيديولوجياً، وهي عكست وتعكس ديمقراطية الأقلية الحاكمة، ديمقراطية الاستغلال والنهب والاستحواذ على ثروات الشعوب، وان المواطن في هذه المجتمعات فاقداً لا هم حقوقه المشروعة والإنسانية وفي مقدمتها حق العمل وحقه في التعليم والعلاج والسكن المجاني، فمن يملك المال في هذه المجتمعات يستطيع ان يحصل على التعليم والعلاج والسكن…، ومن لايملك المال فمصيره نحو الجحيم والعذاب… ويتحول إلى عبد مطيع لأسياده، وهذا مخالف لكل الأعراف السماوية والدنيوية والإنسانية، ومع ذلك يدعون بحقوق الإنسان!!!
     أن (( الديمقراطية)) في المجتمع الطبقي وخاصة في المجتمع الرأسمالي، ماهي ألا شكل من إشكال دكتاتورية الطبقة الرأسمالية في النظام الرأسمالي، وكما تستخدم هذه الطبقة الديمقراطية و ((دمقرطة)) المجتمع وفقاً لمصالحها وأهدافها السياسية والاقتصادية- الاجتماعية والإيديولوجية، ولايمكن للديمقراطية في المجتمع الرأسمالي من إن تتعارض مع مصالح الطبقة الرأسمالية الحاكمة.
   لقد طرحت الطبقة البرجوازية الحاكمة شعارات كثيرة ومتعددة وفي مقدمتها(( الحرية والإخاء والمساواة والديمقراطية))، وهي اليوم تستخدم هذه الشعارات وغيرها بهدف تحقيق مطامعها اللامشروعة وفي مقدمتها الاستحواذ على ثروات شعوب العالم سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر بهدف تصريف الأزمة البنيوية التي يعاني منها نظامهم.
     أن (( الديمقراطية)) التي تنادي بها الطبقة البرجوازية اليوم في البلدان الرأسمالية وحلفاؤهم في بلدان الجنوب الفقير ماهي إلا وسيلة لتحقيق أهداف متعددة سياسية واقتصادية وأيديولوجية، فمثلاً قيام البرلمانات والانتخابات ووضع الدساتير والديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان…. ماهي ألا وسيلة ومن خلالها يتم تحقيق مجموعة رئيسة من الأهداف التي تخدم الطبقة البرجوازية في الغرب الامبريالي، وكما يلاحظ أيضا إن الطبقة البرجوازية الحاكمة في البلدان الرأسمالية وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد أسلوب الكيل بمكيالين، أو الانتقائية في تحديد واستخدام وتطبيق هذه الشعارات وحسب الظروف والحاجة لذلك، فتارة يتم استخدام هذه الشعارات البراقة كأداة ضغط سياسي واقتصادي وإيديولوجي بالضد من الأنظمة الرافضة للنهج الأمريكي، بهدف ترويضها أو تقويضها، وتارة أخرى لايتم استخدام هذه الشعارات مع ((حلفاؤهم)) و ((أصدقاؤهم)) في وقت معين لان هذا (( الحليف او الصديق)) مطيع ومنفذ ولازالت ورقته رابحة لهم، وما حدث في عدد من بلدان أسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية بشكل عام وفي غالبية البلدان العربية بشكل خاص إلا حقيقة وبرهان على مصداقية ذلك، بدليل إن نظام السادات- مبارك، كان من وجهة نظر(( رائدة الديمقراطية)) نظاماً (( ديمقراطياً 100%) وان (( ديمقراطيته وانتخاباته الديمقراطية)) نزيهة وسليمة والنتيجة 99% لصالح رأس النظام، وكذلك ما حصل في العراق وفي تونس والأردن والمغرب…. ألا أدلة وبراهين على (( الديمقراطية)) المصدرة للشعوب؟ فأين موضوعية ومصداقية (( الديمقراطيات الكبرى)) مما حدث وحصل سابقاً مع حلفاؤها من بعض الأنظمة العربية وما يحدث اليوم بما يسمى بالربيع العربي، لمن، ولمصلحة من؟ وما هي القوى السياسية الحقيقية المخططة التي تقف وراء ذلك.
أن ما يحدث اليوم في غالبية البلدان العربية من كوارث سياسية واجتماعية واقتصادية ومن جرائم تحمل في طياتها بذور الفاشية…. وكل هذا تم ويتم تحت مايسمى بالربيع العربي، فهو لم يكن ثورة، بل هو عمل تنسيقي تم بين قوى الثالوث العالمي وحلفاؤهم الجدد في هذه البلدان وهو يحمل طابعاً سياسياً واقتصادياً وإيديولوجيا ولكن (( بثوب جديد)) وهذا (( الربيع العربي)) لم يكن بالضد من مصالح الطبقة البرجوازية في الغرب الرأسمالي وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، بل ان الطبقة الحاكمة اليوم في بلدان مايسمى بالربيع العربي هي (( حليفة)) و ((صديقة)) ومنفذة ومطيعة للمخطط الغربي المرسوم، وتحظى هذه الطبقة بدعم وإسناد سياسي واقتصادي ومالي من قبل الغرب الرأسمالي ومن قبل المؤسسات الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليين، ولا توجد أيه خلافات بين الطبقة البرجوازية في البلدان الرأسمالية بشكل عام والطبقة البرجوازية في المجتمع الأمريكي بشكل خاص وبين الطبقة البرجوازية الحاكمة في بلدان مايسمى بالربيع العربي لا في الميدان الاقتصادي- الاجتماعي ولا في الميدان الإيديولوجي.
      إن أهم مايميز الديمقراطية البرجوازية في المجتمع الطبقي الرأسمالي، هو ان السلطة التنفيذية تتركز كلها في يد الجهاز الإداري البيروقراطي غير المنتخب والوثيق الصلة بالاحتكارات الرأسمالية، وفي عصر الامبريالية يتعزز نزوع الطبقة البرجوازية الاحتكارية الحاكمة إلى تقليص الحريات والديمقراطية، ويرافق ذلك تعزيز سلطة الطغمة المالية وعسكرة الاقتصاد وتنامي وتيرة سباق التسلح وتنامي النزعة العدوانية وتأجيج النزاعات الطائفية والقومية وتحت مبررات عديدة.
   أن من أهم الخصائص التي تتميز بها (( الديمقراطية)) في النظام الرأسمالي وخاصة في مرحلته المتقدمة- الامبريالية هي الأتي:
1- تكريس وتعميق التفاوت الاقتصادي والاجتماعي داخل المجتمع بدليل(( إن نسبة 1% من العائلات الأمريكية في العام 2007 تملك نسبة مذهلة من الثروة القومية الأمريكية تصل إلى 33,8%، في حين إن حصة شريحة الـ 50% الدنيا لم تكن تتجاوز 2،5%)) (2). وفي الوقت نفسه تنتج الفقر والبطالة والجريمة في المجتمع.
2- تكريس هيمنة الطبقة البرجوازية على السلطة والاقتصاد والإعلام….. وكما تكرس استغلال الإنسان للإنسان وبشكل مرعب، وكما تؤجج حدة الصراعات السياسية الاقتصادية- الاجتماعية والقومية في المجتمع سواء في بلدان المركز أو في بلدان الإطراف.
3- أنها تمثل ديمقراطية الأقلية المنحازة والمؤدلجة لصالح الطغمة المالية الحاكمة، بدليل إن أمريكا تمثل (( قوة توسعية شرهة إقليميا، ومتعطشة للأرض، ولا تعرف معنى الرحمة في السعي لتحقيق المصالح المادية، وامبريالية في طموحاتها الدولية، ومنافقة على صعيد نزعاتها الديمقراطية)). (3) . وان الامبريالية ماهي ألا الرأسمالية المتعفنة والطفيلية والمتحضرة والإجرامية.
4- هناك علاقة وترابط وتكامل بين الاقتصاد والديمقراطية وبهذا الخصوص يشير جوزيف ستيغليز إلى إن (( السياسة الاقتصادية هي اليوم، بدون شك العنصر الأكثر أهمية في علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع العالم، لكن ثقافة الأشخاص الذين يصيغون السياسة الاقتصادية العالمية في هذا البلد، ليست ثقافة ديمقراطية)) (4).
5-  تستخدم هذه الديمقراطية من قبل الطبقة البرجوازية الحاكمة وفقاً لمنظورها ومصالحها الخاصة، وهي تحمل طابع الكيل بمكيالين أو ازدواجية المعايير، وهذا النوع من الديمقراطية المؤدلج هو الذي ينتج الأزمات و الحروب غير العادلة وبشكل مستمر، ويتم دفع الشعوب نحو الكوارث والماسي، وما الحروب غير العادلة ومنها الحرب العالمية الأولى والثانية، وما يسمى بالحرب الباردة، والحروب والنزاعات الإقليمية في دول عالم الجنوب الفقير، وما يحدث اليوم من إخطار جدية في أهم منطقة حيوية في العالم ألا وهي منطقة الشرق الأوسط… ألا دليل على حدة وتفاقم التناقضات في المجتمع الرأسمالي والى ((الديمقراطية)) المؤدلجة والمنحازة.
6- أن الديمقراطية البرجوازية ترفض ولن تسمح بإقامة السلطة الشعبية الحقيقية وإشراك الجماهير الكادحة في إدارة شؤون المجتمع والدولة، وان الطبقة البرجوازية الحاكمة لاتسمح بنشاط للأحزاب  المناهضة لها إيديولوجياً، فعلى سبيل المثال، الحزب الشيوعي الأمريكي محرم نشاطه، فأين الديمقراطية وحقوق الإنسان؟
  أن الهدف الرئيس للديمقراطية البرجوازية في النظام الرأسمالي وخاصة في مرحلته المتقدمة، الامبريالية هو قيام دكتاتورية سلطة البرجوازية، دكتاتورية رأس المال المالي، أي دكتاتورية الطغمة المالية الحاكمة في الغرب الرأسمالي.
أما الديمقراطية في المجتمع اللاطبقي، أي في المجتمع الاشتراكي، فهي تمثل مصالح الغالبية العظمى من المواطنين، وان الديمقراطية الاشتراكية تمثل أرقى وأفضل شكل للديمقراطية، وهي تعبر عن الشكل والمضمون للدولة الاشتراكية، وفي ظل الديمقراطية الاشتراكية يتمتع كافة المواطنين وبغض النظر عن الجنس او القومية او العرق بحقوق متساوية في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والثقافي…. وان تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية يتمثل في المبدأ الاشتراكي للتوزيع (( من كل حسب قدرته، ولكل حسب عمله)).  ان الديمقراطية الاشتراكية تؤمن وتضمن كافة الحقوق الأساسية والرئيسة للمواطن ووفق الدستور الاشتراكي وفي مقدمتها ضمان حق العمل، وحق التعليم، والعلاج، والسكن المجاني، والضمان المادي للشيخوخة، وحق الراحة، وكما تكفل المشاركة للكادحين في إدارة شؤون الدولة والشؤون الاقتصادية والاجتماعية، وان النضال من اجل الديمقراطية الشعبية هو جزءاً أساسياً من النضال من اجل الاشتراكية الحقيقية فلا اشتراكية حقيقية بدون ديمقراطية شعبية.
     أن الديمقراطية الاشتراكية قد قضت والى الأبد على البطالة والأمية والشعوذة والفقر والجهل، وتصفية كافة إشكال الاضطهاد والاستغلال في المجتمع، وخلقت مجتمعاً يخلوا من الأزمات المالية والاقتصادية، مجتمع تحقق فيه نوعاً من العدالة الاجتماعية والاقتصادية، ومجتمع تحقق فيه السلام والعمل والحرية مجتمع تسوده المساواة والإخاء والسعادة.
   أن الكارثة التي حلت في الجزء المهم من المعسكر الاشتراكي وخاصة الاتحاد السوفيتي وفق سيناريو ما يسمى بالبيرسترويكا الصفراء، ترجع إلى تضافر العوامل الداخلية والخارجية، وفي هذه الحالة الفريدة من نوعها، لعب العامل الخارجي الدور المنظم والموجه للعامل الداخلي، ومما ساعد على ذلك إن يكون عامل الخيانة العظمى التي حدثت في قيادة الحزب الحاكم وعلى رأسهم غورباتشوف وياكوفلييف وشيفرنادزة ويلتسن وغيرهم دوراً رئيسياً في تقويض دولتهم العظمى ونظامهم العادل.
   أن تفكك الاتحاد السوفيتي لن يرجع إلى فشل الاشتراكية كنظام سياسي واقتصادي- اجتماعي، بل يرجع إلى وجود ((عملاء النفوذ)) في قمة الحزب والسلطتين التشريعية والتنفيذية، والى ضعف مستوى تطبيق الديمقراطية داخل الحزب والمجتمع، والى (( تقديس)) النظرية الماركسية- اللينينية،لغرض تجميدهاوعدم تطويرها وفقا لواقع التطور الاقتصادي والاجتماعي، ولعبت العناصر المتنفذة غير الروسية في قيادة الحزب والسلطة الدور الرئيس لتنفيذ مخطط قوى الثالوث العالمي من اجل تقويض الاشتراكية كنظام وتفكيك الاتحاد السوفيتي كدولة عظمى وقطب رئيس في معادلة التوازنات الدولية.
وبهذا الخصوص يؤكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن (( انهيار الاتحاد السوفيتي يعد أكبر ماسي القرن العشرين)) (5).
المحور الثاني: أهداف الديمقراطية
هناك أهداف عديدة للديمقراطية، وتتحدد هذه الأهداف بطبيعة وشكل الديمقراطية السائدة في المجتمع، وان الديمقراطية السياسية تتوقف وترتبط في شكلها ومضمونها مع طبيعة النظام السياسي والاقتصادي- الاجتماعي الحاكم وعلى الطبقة الحاكمة، وان أهم الأهداف الرئيسة للديمقراطية تكمن في الأتي:
أولاً: الميدان السياسي: يشكل الميدان السياسي هدفاً رئيساً للديمقراطية السياسية، وان شكل ومحتوى الديمقراطية هو الذي يحدد طبيعة وهدف العمل السياسي للأحزاب السياسية في البلد، وكما تشكل الديمقراطية السياسية الفضاء والميدان الواسع لنشاط وعمل الأحزاب السياسية في البلد، وان من أهم مبادئ وشروط العمل السياسي في إطار المجتمع الديمقراطي هي:
1- ينبغي إن يتم تشريع قانون للأحزاب السياسية، قانون ديمقراطي وعادل يؤمن ويضمن ويكفل للأحزاب السياسية حق العمل والنشاط السياسي وحق التكافؤ في جميع المجالات.
2- من الضروري ان تؤسس الأحزاب السياسية في العراق على أساس مبدأ الديمقراطية والطوعية والتمثيل الطبقي- الاجتماعي، ورفض تأسيس أي حزب سياسي على أساس طائفي- ديني.
3-  يجب على كل حزب سياسي أقرار نظامه الداخلي وبرنامجه السياسي والاقتصادي- الاجتماعي عبر مؤتمر الحزب وبشكل علني ونشر هذه الوثائق الرسمية من خلال وسائل الإعلام، وينبغي على الأحزاب إن تثبت في نظامها وبرنامجها على نبذ العنف، والميلشيات سواء كانت مسلحة او غير ذلك.، وان تؤمن بالديمقراطية سلوكاً ونهجاً وقولاً وفعلاً.
4- يجب على الأحزاب ان تقر وتلتزم بمبدأ التداول السلمي للسلطة قولاً وممارسة، وهذا يساعد على إنهاء احتكار السلطة لأي حزب يفكر بذلك، لأنه مخالف للديمقراطية، وعلى الأحزاب ان تؤمن بالصراع والتنافس والتعايش السلمي في نشاطاتها وعلاقاتها السياسية.
5- من حق كل حزب سياسي ان يتبنى إيديولوجيته الخاصة التي يؤمن بها  ويناضل من اجلها ووفقاً لنظامه الداخلي وبرنامجه السياسي والاقتصادي- الاجتماعي، ويشكل الاختلاف الإيديولوجي في المجتمع ظاهرة سلمية وصحية، وان صراع الإيديولوجيات وبشكل سلمي وعلى أساس مبدأ الديمقراطية هو عامل رئيس لتطور المجتمع والاقتصاد الوطني، وإعطاء حرية للشعب في الاختيار الحر لأي أيديولوجية يقتنع ويؤمن بها طوعاً.
6- ينبغي إن يتم التمويل المالي للأحزاب السياسية من قبل الحكومة ووفق قانون مشرع وضوابط واضحة ومعروفة وغير قابلة للتفسيرات او الاجتهادات من قبل الجهات ذات العلاقة، وان يكون هذا القانون عادلاً وبدون تمييز بين الأحزاب السياسية.
7- من الضروري إن يتم تشريع قانون جديد لانتخاب السلطة التشريعية( البرلمان)، وان تساهم في تطويره واغناؤه جميع الأحزاب السياسية سواء المشاركة في الحكم أو غير المشاركة في الحكم، وان يضمن هذا القانون العدالة والتكافؤ والديمقراطية.
8- يجب ان تكون علاقة أي حزب سياسي سواء على الصعيد الداخلي او على الصعيد الخارجي، شفافة وموضوعية وغير منحازة لأي طرف إقليمي كان ام دولي، وان يكون ولاؤه الوطني للوطن والشعب أولاً وأخيرا.
9- أن هذه الشروط ( المبادئ) وغيرها يمكن ان تشكل مجتمعة القاعدة والأساس للعمل السياسي الديمقراطي للأحزاب السياسية في العراق وضمن إطار القانون ومبدأ الديمقراطية من أجل خلق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فبدون ديمقراطية شعبية لايمكن تحقيق الاستقرار.
 
ثانياً: الميدان الاقتصادي- الاجتماعي:
تهدف الديمقراطية السياسية إلى تفعيل وتنشيط العمل السياسي بين الأحزاب السياسية على أساس ان لكل حزب سياسي لديه برنامجاً أقتصادياً- أجتماعياً معبراً عن أيديولوجيته الخاصة به في الميدان الاقتصادية والاجتماعي والثقافي…، ولا ضيراً او خوفاً من وجود أختلاف في البرامج لهذه الاحزاب المختلفة سياسياً وايديولوجياً، ولكن يجب ان تكون هناك مشتركات جامعة ورئيسة بين هذه الاحزاب السياسية وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية وخاصة خلال المرحلة الانتقالية والتي ينبغي ان تحدد لها فترة زمنية محددة، فعلى سبيل المثال فترة ( 2014-2024).
     أن من اهم المشتركات بين هذه الاحزاب السياسية والتي تستند وتقوم على اساس الديمقراطية بهدف تحقيق المصلحة الوطنية للشعب العراقي من خلال الحفاظ على وحدة العراق ارضاً وشعباً، والعمل سويه وبشكل جاد على نبذ ورفض مبدأ المحاصصة السياسية والطائفية والقومية… سىء الصيت، والعمل على تطوير الاقتصاد الوطني بهدف تلبية الحاجات المادية والروحية للمواطنين، واحترام ارادة ورغبة الشعب العراقي في أختيار نظامه السياسي والاقتصادي- الاجتماعي في المستقبل وبشكل واعي وطوعي وديمقراطي، فالشعوب الواعية قادرة على ان تختار نظامها السياسي والاقتصادي-الاجتماعي وهي قادرة أيضاً على ان تصنع مستقبلها في يدها، ولكن هذا يشترط وجود طليعة سياسية منظمة وموحدة وطنية وثورية.
إن من أهم المهام الاقتصادية والاجتماعية للمرحلة الانتقالية والتي يجب ان تحضى بإجماع سياسي من قبل الاحزاب السياسية العراقية ومن قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفي حالة تحقيق ذلك يمكن إصدار قانون خاص بذلك ويصبح ملزم التنفيذ والتطبيق من قبل السلطة التنفيذية ومحاسبة كل من يعرقل تنفيذ القانون ومهام المرحلة الانتقالية والتي تكمن بالاتي:
1- الإقرار بتعدد الأنماط الاقتصادية في الاقتصاد العراقي، وهذا يعني مشاركة قطاع الدولة والقطاع التعاوني، والمختلط، والخاص، وان يكون عمل ونشاط هذه القطاعات واحداً مكملاً للأخر ووفق خطة اقتصادية- اجتماعية واضحة المعالم والأهداف، وان يلعب قطاع الدولة الدور الرئيس والموجه والمنظم للقطاعات الاخرى وفق إلية قانونية وإدارية واضحة وملزمة التنفيذ للجميع.
2- العمل على تعزيز دور ومكانة الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، لانها الجهة الرئيسة التي لديها الموارد البشرية والمادية وامكانية أستخدام هذه الموارد وفق خطة أقتصادية لمعالجة المشكلات التي تواجه المجتمع والاقتصاد بهدف تحقيق الرفاهية والرخاء للمجتمع.
3- من الضروري أعطاء الاولوية لتطوير وتفعيل القطاعات الانتاجية وخاصة القطاع الزراعي والصناعي، لان هذه القطاعات هي المعززة والمحفزة للانتاج المادي والضروري للمجتمع، ويمكن للقطاع الزراعي والصناعي وقطاع الاسكان من ان يلعبوا الدور الرئيس في معالجة البطالة ولاسيما وسط الفئات الشبابية في المجتمع.
4- ينبغي الاعتماد وتطبيق مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وبغض النظر عن الانتماء السياسي أو القومي او الطائفي، بل اعتماد مبدأ الكفاءة والنزاهة والاخلاص… هي المعايير الرئيسة لتسنم المناصب الادارية في السلطة التنفيذية.
5- العمل الجاد على مكافحة البطالة والفقر والامية…. وضمن خطة أقتصادية قصيرة ومتوسطة وطويلة الامد، ويتم ألزام السلطة التنفيذية بتنفيذ هذه الخطة بعد اقرارها من قبل السلطة التشريعية، وبعد ذلك تصبح هذه الخطة قانوناً ملزم على الجميع الالتزام به وتنفيذه.
6- ينبغي أقرار حق العمل دستورياً، وضمان حق التعليم والعلاج والسكن….المجاني ووفق الدستور.
7- مكافحة الفساد المالي والاداري داخل السلطتين التشريعية والتنفيذية…. والعمل على تشريع قانون خاص واضح المعنى والهدف ألا وهو قانون ( من اين لك هذا)، والعمل على محاسبة كل المفسدين والمرتشين وفق القانون وبغض النظر عن الانتماء السياسي او القومي او الطائفي ومصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة، وانزال أقصى العقوبات بما فيها عقوبة الإعدام، لان الفساد المالي والاداري والخيانة وجهان لعملة واحدة.
8- ينبغي اعطاء الاهمية لتطوير البنى التحتية وفق خطة اقتصادية واضحة المعالم والاهداف ونابعة عن حاجة الاقتصاد والمجتمع للمرحلة الانتقالية.
9- العمل على تشريع قانون يضمن الحق العلني والمشروع للمنظمات الجماهيرية والمهنية وفي مقدمتها اتحاد نقابات العمال، واتحاد الفلاحين، واتحاد الطلبة والشبيبة، ورابطة المرأة والعمل على وحدة هذه المنظمات الجماهيرية، وكذلك المنظمات المهنية ومنها نقابة المحامين وجمعية الاقتصاديين والمحاسبين والمهندسين والاطباء والصيادلة… وان يكون لهذه المنظمات الجماهيرية والمهنية دوراً شعبياً ورقابياً هاماً وكبيراً ومسموعاً لدى الجهات الرسمية وغير الرسمية.
10-ينبغي العمل على دمقرطة السلطة التنفيذية بهدف خلق جهاز إداري كفوء ومخلص، وفي الوقت نفسه العمل على دمقرطة وسائل الإعلام كافة، والوقوف منها على مسافة واحدة من قبل السلطة التنفيذية، وان تحضى بدعم مالي وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
11-من الضروري على الأحزاب السياسية العراقية الوطنية النضال الجاد من اجل التحرر الاقتصادي، لان لاقيمة للتحرر السياسي بدون التحرر الاقتصادي، وهذا يتطلب عدم الاخذ بوصفة صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية، لان هذه الوصفة مؤد لجة ومنحازة لصالح فئة محدودة من المجتمع، وهي تحمل في جوهرها(( الشعوذة)) والفساد بكل اشكاله، وفي الوقت نفسه لاتعبر عن واقع وحاجات ومصالح الغالبية العظمى من المواطنين.
12-النضال من اجل السلام والتعايش السلمي داخل المجتمع العراقي، وبين الاحزاب السياسية، فبدون السلام والتعايش السلمي داخل المجمع سوف لن يتوحد، ولن يتطور الاقتصاد والمجتمع.
    أن النضال من اجل الديمقراطية السياسية ماهو ألا جزء لايتجزأ من النضال من اجل السلام والتعايش السلمي داخل المجتمع، وان الهدف الرئيس للديمقراطية الشعبية هي تحقيق السلام والمساواة والرفاهية والحرية وحق العمل للمواطنين.
لايمكن تحقيق العدالة الاجتماعية بدون دمقرطة المجتمع.
لايمكن تحقيق تنمية اقتصادية- اجتماعية بدون تطبيق ديمقراطية شعبية حقيقية.
ولا ديمقراطية سياسية جادة بدون تحقيق عدالة اجتماعية واقتصادية.
ولا عدالة اجتماعية وسياسية، بدون دمقرطة الاقتصاد، فالاقتصاد تعبير مكثف عن السياسة.
ولاأستقرار سياسي واقتصادي- اجتماعي بدون تحقيق الديمقراطية، لان تحقيق هذا يعني أحلال الدولة الديمقراطية محل دولة الاستبداد والقمع في المجتمع.                                                                 
 
 
المحور الثالث: أثر(( الديمقراطية)) على الاقتصاد والمجتمع العراقي
هناك علاقة وثيقة وحميمة بين علم الاقتصاد وعلم السياسة ولايمكن الفصل بينهما في القراءات والتحليلات السياسية والاقتصادية، فعلم الاقتصاد والسياسة علوم مؤدلجة ومنحازة في أي مجتمع، فالديمقراطية الاقتصادية والديمقراطية السياسية هما وجهان لعملة واحدة، فالعلاقة بينهما تأثير وتأثر متبادل، وهناك علاقة وثيقة بين شكل الملكية السائدة  في أي مجتمع وشكل ومضمون الديمقراطية، فشكل الملكية  السائد والمهيمن هو الذي يحدد محتوى الديمقراطية في أي مجتمع وبالتالي فالسلطة الاقتصادية هي التي تقرر شكل ومضمون السلطة السياسية الحاكمة.
   بدون ديمقراطية حقيقية في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي لايمكن تحقيق المصلحة العامة، فالملكية الخاصة لوسائل الانتاج هي التي تحدد طبيعة وهدف الديمقراطية في المجتمع البرجوازي، فمثلاً الملكية الخاصة الاحتكارية في مرحلة الامبريالية، والشركات العابرة للقارات والمؤسسات المالية… هدفها الرئيس هو تعظيم الربح من خلال الهيمنة والاستحواذ على ثروات الشعوب وبشكل غير مشروع وغير قانوني وتحقيق المصلحة الخاصة، أي مصلحة الطغمة المالية الحاكمة.
     أن المجتمعات الطبقية وخاصة المجتمع الرأسمالي هي مجتمعات لاتؤمن في الواقع الملموس بالديمقراطية الشعبية، فالرأسمالية والديمقراطية متعارضتان من حيث المبدأ وبهذا الخصوص يشير الملياردير الأمريكي جورج سورس على ان ( الرأسمالية والديمقراطية يتبعان قوانين مختلفة… المصالح التي تخدمها الرأسمالية هي المصالح الخاصة، اما المصالح التي تخدمها الديمقراطية فهي المصالح العامة)) (6) . كما يؤكد سورس على (( إن العدو الرئيس لمجتمعاتنا- الرأسمالية- ليس الشيوعية وأنما الرأسمالية)) (7). وكما يؤكد مارك فلورباييه ان (( عبارة الديمقراطية بحد ذاتها نموذج جيد للدعاية الكاذبة للاشارة نوعاً ما الى المجتمعات الغربية)) (8).
يلاحظ إن (( الديمقراطية الأمريكية في مأزق عميق اكبر مما يتصوره الناس… ففي أعلى مراتب السلطة في الدولة فأن قوة القرار قد انتقلت من الشعب إلى فئة قليلة))، وكما تؤكد الكاتبة الهندية(Roy Arundhati) (( تجابهنا إمبراطورية منحت لنفسها حق اعلان الحرب متى شاءت… والديمقراطية هي صيحة حربها، ديمقراطية يتم إيصالها الى عتبات البيوت بواسطة الصواريخ))، وفي العام 1941 أكد هنري ليس Henry Luce (( علينا أن نقبل بشكل كامل واجبنا وفرصتنا كأقوى دولة في العالم، وبناءاً عليه، ان نفرض على العالم نفوذنا لاي غرض نختاره، وبأي طريقة مناسبة)) (9).
   يؤكد البروفيسور الأمريكي ليستر ثرو (( في أخلاقيات الرأسمالية، فان الجريمة هي ببساطة احد الأنشطة الاقتصادية)) (10). وان (( التصرف الاجتماعي والنموذج الاقتصادي الذي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية الى فرضه على العالم لايمكن ان يتحققا ألا من خلال هدم او تدمير الثقافات والقيم والسياسات المحلية للدول الاخرى، واستبدالها بثقافة العولمة وقيمها)) (11).
    فالامبريالية الأمريكية ومن خلال استخدامها لأدواتها الرئيسة والمتمثلة بالمؤسسات المالية والاقتصادية والتجارية الدولية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية على (( فرض الديمقراطية على الجميع، يعني فرض النظام الغربي على الجميع، فتصبح الديمقراطية بحق هي (( نظام التكفير)) لكل من يخرج عن النموذج الغربي…، أن عملية التكفير على ملة الديمقراطية تؤدي الى استحلال دماء الآخرين وحريتهم وإنسانيتهم… فاننا نواجه فرض الديمقراطية بقوة السلاح)) (12).
     يؤكد الرئيس الامريكي السابق هيربرت هوفر الى انه (( ليست هناك أيه قواعد البتة لهذه اللعبة( الحرب الباردة)…. لذلك ليس بالامكان تطبيق النواميس والاعراف الإنسانية المقبولة…. لو أردنا للولايات المتحدة الأمريكية ان تعيش، فأن علينا ان نتعلم كيف نخرب ونهدم وندمر اعداءنا بوسائل اكثر حنكة ودهاء وتعقيداً وفاعلية من تلك المستخدمة ضدنا)) (13) . ومع ذلك يدعون إنهم ديمقراطيون؟!
  ان الديمقراطية الشعبية التي تقوم على اساس الملكية العامة لوسائل الإنتاج، هدفها الرئيس يتمثل في خدمة المجتمع والاقتصاد الوطني، والاستخدام المخطط والعقلاني للثروات المادية والبشرية ، والتوزيع العادل للثروة الوطنية ومشاركة الجميع في ادارة شؤون البلد، وحسب التخصص والكفاءة والنزاهة في العمل، وهي ديمقراطية الاكثرية وتمثل مصالح الغالبية العظمى من المواطنينن ولن تكون في خدمة الطغمة المالية المافايوية والحيتان والديناصورات الطفيلية والإجرامية في المجتمع.
أن غياب العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وغياب الحريات السياسية الحقيقية والفعلية في أي مجتمع سوف يؤدي ذلك إلى قيام نظام/ دولة بوليسية قمعية تستخدم وتوظف الإرهاب والقمع وفقا لمنظورها وفلسفتها ومصلحتها الخاصة بشكل عام وعلى القوى الوطنية واليسارية بشكل خاص.
   أن غياب الديمقراطية السياسية والاقتصادية سوف يؤدي ذلك الى عدم تحقيق المساواة بين المواطنين وبين الأحزاب السياسية، وهذا سيؤدي الى تكريس سلط الاحتكار في الميدان السياسي والاقتصادي ثم الى تشديد الاستغلال والاضطهاد ثم الى العبودية.
ان الشعوب تواقة إلى تحقيق الديمقراطية الشعبية الحقيقية التي تضمن العدالة والمساواة والحرية والسلام وتحرير الإنسان من الاستغلال والاضطهاد والقمع، وكما تضمن الرفاهية والرخاء في المجتمع اللاطبقي.
     ان تطبيق نموذج الديمقراطية الغربية بشكل عام والنموذج الأمريكي بشكل خاص قد أثر وبشكل سلبي وملموس على الاقتصاد والمجتمع العراقي، فأن هذا النموذج قد دفع الاقتصاد والمجتمع بأزمة عامة وشاملة، وذات طابع بنيوي، فاشتداد الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، والصراع داخل السلطة التنفيذية نفسها، واشتداد وتعمق الصراع والتناقض داخل السلطة التشريعية، وغياب الثقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وغياب الثقة بين قادة الأحزاب والكتل السياسية بعضهم مع البعض الأخر، وضعف الثقة من قبل غالبية المواطنين بالسلطتين التنفيذية والتشريعية وغير ذلك.
أن اشتداد وتفاقم الصراع داخل المجتمع العراقي بشكل عام وداخل السلطتين التشريعية والتنفيذية بشكل خاص يعود الى عوامل داخلية وإقليمية ودولية، دفعت الى دخول الاقتصاد والمجتمع في أزمة بنيوية هي ان هذا النموذج(( الديمقراطي)) المستورد لايتلائم مع واقع وطموحات وحاجات الاقتصاد والمجتمع العراقي، وهذا لم يكن وليد صدفة بل يعود الى مبدأ المحاصصة السياسية والطائفية والقومية سى الصيت والى مضمون الدستور العراقي الذي تم (( تفخيخه)) وبشكل مقصود (( بقنابل)) قابلة للانفجار وفي أي وقت تريده القوى السياسية التي قامت بعملية (( التفخيخ)) هذا هو جوهر (( ديمقراطية)) الاحتلال.
    أن الاقتصاد العراقي كان ولا يزال اقتصاداً تابعاً ومتخلفاً ومرتبطاً بالاقتصاد الرأسمالي العالمي، واٌقتصاداً ريعياً وحيد الجانب يعتمد على إيرادات قطاع النفط بالدرجة الاولى، وان النهج السياسي والاقتصادي- الاجتماعي منذ العام 1968 ولغاية العام 2003، ومنذ الاحتلال ولغاية اليوم قد التزموا وطبقوا السياسات الاقتصادية التي فرضتها المؤسسات الدولية وقوى الثالوث غير المقدس والمتمثلة بصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية.
وخلال فترة الاحتلال بدأت المؤسسات الدولية ومن خلال دفع وتوجيه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بممارسة ضغوطات مختلفة وعديدة سواء كانت مباشرة او غير مباشرة، تقديم (( النصائح)) و (( الإرشادات)) للنظام الحاكم في العراق من اجل تبني وتطبيق وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين والتي تتمحور في الأتي:_ العمل على ليبرالية الأسعار، وليبرالية التجارة، وتطبيق برنامج الخصخصة، والعمل على رفع الدعم للقطاعات المختلفة سواء كانت إنتاجية ام خدمية، وإضعاف وإنهاء دور الدولة وقطاعها( قطاع الدولة)، والعمل على تعزيز دور ومكانة القطاع الخاص الرأسمالي في منظومة الاقتصاد العراقي، ولعل الهدف الرئيس من كل ذلك هو تثبيت الرأسمالية كنظام سياسي واقتصادي- اجتماعي في العراق، رأسمالية تابعة ومتخلفة وتحويل العراق الى سوقاً مفتوحة لتصريف مختلف أنواع السلع الغذائية، الدوائية، السلع المعمرة اوغير ذلك ومعظم هذه السلع تخلوا من المواصفات العالمية المطلوبة.
 أن اهم إفرازات(( الديمقراطية)) المستوردة منذ العام 2003 ولغاية اليوم قد تمثلت في:-
 
أولاً: الميدان السياسي والأمني:
1- منذ احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية في العام 2003 ولغاية اليوم، لم يتم بناء العملية السياسية في العراق على أسس مبدئية سليمة وديمقراطية، أذ تم تشكيل مجلس الحكم الانتقالي، مجلس غير فاعل وضعيف ومسلوب الصلاحيات القانونية الفعلية، فهو يمكن القول عنه ولًد ميتاً، وهذا لم يكن وليد صدفة.
    لقد قامت الادارة الامريكية بتعين بول بريمير كحاكم مدني- عسكري يحكم العراق، فأصبح حاكماً دكتاتورياً يحكم الشعب العراقي وقواه السياسية المتنفذة، وجمع في يده السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية…. وهذه هي الدكتاتورية بعينها، فهو مطلق الصلاحية، ومجلس الحكم جهة منفذة لأوامر الحاكم الدكتاتوري بول بريمير.
2- لقد اقدم الحاكم المدني الامريكي بول بريمير على تنفيذ خطوات (( ذكية)) ومدروسة ولم  تكن في صالح الشعب العراقي وقواه السياسية الخيرة، ومن خلال قراراته الفردية واللاعقلانية، أذ قام بحل الجيش العراقي والاجهزة الامنية الاخرى مما ساعد ذلك على أشاعة الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العراق، وهذه الخطوة السيئة ساعدت على تقويض نظام الدولة العراقية، وبالتالي تم أدخال الشعب العراقي في مأزقً عام وشامل وحقيقي، وبالتالي سادت الفوضى عموم البلاد.
3- أن من أخطر وأسوء نتائج الاحتلال و((ديمقراطيته)) المستوردة هي الضحايا البشرية، أذ كان الثمن باهضاً لهذه (( الديمقراطية)) ولهذا (( النموذج الديمقراطي)) خلال الفترة 2003 ولغاية اليوم نحو 1,5 مليون قتيل وجريح ومعوق.(14)، ومابين 4- 5 مليون شخص مهجر داخل العراق وخارجه.(15) ، وهذا تم وبشكل مخطط من قبل إعداء الشعب العراقي في تأجيج النزعة الطائفية والقومية داخل المجتمع العراقي.
4- أن قوات الاحتلال الامريكية فرضت وعمقت مبدأ المحاصصة السياسية والطائفية والقومية وبشكل مرعب ومخيف في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأصبح بناء الدولة يقوم على أساس طائفي/ قومي، فالرئاسات الثلاث: رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة، كانت ولاتزال تقوم على اخطر مبدأ هدام وغير ديمقراطي، مما ادى ذلك الى استمرار وأشتداد الصراع الطائفي- القومي بين المكونات الثلاثة الرئيسة المتنفذة في الحكم، وهذا مخالف للنهج الديمقراطي الحقيقي.
5- لقد كرست سياسة الاحتلال الامريكي نهج المحاصصة السياسية والطائفية/ القومية في العراق وبسبب هذه السياسة اللاديمقراطية عمت الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والامني في عموم العراق، وتفاقمت حدة الصراعات والخلافات السياسية والطائفية بين المكونات القومية/ الطائفية الثلاثة ( مكون الشيعة، مكون السنة/ مكون الاكراد) بشكل عام، وأحتدام الصراع والاحتراب والتنافس داخل كل مكون بشكل خاص أي داخل(( البيت الشيعي)) و (( البيت السني)) و (( البيت الكردي))، وهذا ماتريده قوى اقليمية ودولية للعراق من أجل تعميق مظاهر الفوضى وعدم الاستقرار بكل أشكاله.
   أن أستمرار هذا النهج المأساوي قد يؤدي الى تقسيم العراق الى دويلات ذات طابع طائفي- قومي، الى دويلات متناحرة ومتصارعة ومتحاربة في المستقبل، وبالتالي إختفاء العراق من الخارطة السياسية، وهذا هو جوهر مشروع بايدن اللاشرعي والسي الصيت، وفي حالة نجاح هذا المشروع فستكون النتائج الكارثية على عموم الشعب العراقي والتاريخ سوف لن يغفر لقادة الاحزاب، والكتل المتنفذة والحاكمة في المستقبل في حالة وقوع هذه الكارثة المحدقة على فقراء الشعب العراقي.
6- ان من الافرازات الاخرى (( للديمقراطية)) المستوردة هو فشل مايسمى بحكومة الوحدة الوطنية، وحكومة الشراكة الوطنية، وحكومة التوافق وغيرها من التسميات الاخرى، ويعود السبب الرئيسي الى عوامل داخلية وخارجية ومنها:
   غياب الأسس العلمية والموضوعية لطبيعة وشكل هذه الحكومات، وغياب الثقة السياسية بين المكونات السياسية الرئيسة وخاصة بين قادة الكتل والاحزاب السياسية، فالريبة والخشية والحقد وعدم الثقة وحتى غياب الارتياح الشخصي بين قادة الكتل والاحزاب السياسية، ويعود السبب الرئيس لكل ذلك الى الصراع بين قادة هذه الكتل حول السلطة ومستقبل النظام السياسي اللاحق للعراق، وكما تلعب الدول الاقليمية والدولية دوراً كبيراً في تأزم الوضع الداخلي، ودفع هذا الطرف بالضد من الطرف الاخر وفقاً لمصالحها الخاصة.
7- ان الحديث عن حكومة الاغلبية من حيث المبدأ هو سليم وصحيح، ولكن واقع وظروف العراق ومكوناته السياسية وتركيبته الطائفية اليوم لم تسمح بتحقيق ذلك، أي تشكيل حكومة الاغلبية، أذا عرفنا ان الصراعات السياسية والطائفية والقومية مستمرة بين المكونات الثلاثة الرئيسة، واذا عرفنا الواقع الحي وبالملموس فان داخل كل (( بيت)) طائفي يوجد صراع وخلاف واضح المعالم، فالبيت الشيعي غير موحد والبيت السني غير موحد وكذلك البيت الكردي، فهذا التقسيم القائم على اساس طائفي/ قومي لن يسمح بتشكيل حكومة الاغلبية.
ان هذا النموذج أي حكومة الاغلبية وفق الشرعية والديمقراطية النظيفة والحقيقية هو أرقى من مستوى النضج السياسي لغالبية قادة المكونات السياسية في العراق. أن فشل هذه النماذج من تشكيل هذه الحكومات يعود الى السبب الرئيس ألا وهو ان قوى الاحتلال قد رسمت وفرضت نهجاً كارثياً لواقع العراق اليوم، ألا وهو أعتماد نظام المحاصصة السياسي والطائفي/ القومي، وكما كرست هذه (( الديمقراطية)) المستوردة في اتباع نهجاً خاطئاً اخر غير ديمقراطي وغير دستوري ألا وهو ((مبدأ)) التوافقات السياسية اللامبدئية المعمول بها  بين قادة الاحزاب والكتل السياسية الحاكمة المتنافسة والمستحوذة على السلطة والنفوذ والمال والاعلام، وهذا النهج يتعارض مع القانون الاساسي والرئيسي ألا وهو الدستور. فضلاً عن ان الدستور يتطلب أعادة نظر بصورة جدية وقانونية وواقعية  للتخلص من القنابل الموقوتة والتخلي عن نهج المراوسة التي أطرت ضمن مضامين الدستور العراقي منذ عام 2005 ولغاية اليوم، وما نحن فيه اليوم من صراع وحراك سياسي، طائفي- قومي خطير ألا نتيجة لهذه (( الديمقراطية)) المستوردة وافرازاتها الكارثية، أي انها سياسة خاطئة في شكلها ومضمونها.
أن الحل الجذري لمشكلة نظام الحكم في العراق اليوم يتطلب أقرار مرحلة انتقالية محددة ولفترة 10 سنوات (2024-2014)  وفق برنامج سياسي وأقتصادي- أجتماعي محدد، وهذا البرنامج والمشروع الوطني ينبغي إقراره من قبل السلطة التشريعية وبعد ذلك يصبح قانوناً ملزماً على الجميع تنفيذه وخاصة من قبل السلطة التنفيذية، وهذا المشروع الوطني يتطلب حكومة ائتلافية مركزية قوية وعادلة تقوم في تشكيلها على مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب، وتحديد الصلاحيات للجميع ومحاسبة المقصرين وبشكل علني، وان تكون هذه الحكومة خاضعة للاشراف والرقابة الصارمة من قبل السلطة التشريعية والمنظمات الجماهيرية، وتطبيق صارم للقانون على كل من يخالف أو يخرق هذا القانون لما فيه خدمة الشعب العراقي مستقبلاً.
 
ثانياً: الميدان الاقتصادي: الإفرازات الاقتصادية ((الديمقراطية)) المستوردة
ان من اخطر النتائج الاقتصادية- الاجتماعية لهذه الديمقراطية هي الأتي:
1-  تنامي معدلات البطالة ولاسيما وسط الشباب، أذ تشكل البطالة نسبة 28،1% من اجمالي القوى العاملة، وتشكل نسبة البطالة بفئة عمرية مابين 15-24 سنة لعام 2006 نسبة 50،5% من اجمالي القوى العاملة(16). وهناك تقدير اخر يؤكد على ان البطالة لاتزال عند حدود 30% ولم تعمل التطورات الاخيرة على التخفيف منها(17).
   ان تنامي معدلات الفقر في العراق اخذ أبعاداً خطيرة في الميدان الاقتصادي- الاجتماعي بدليل (( اعلنت الامم المتحدة بأن مايحصل في العراق من كارثة انسانية ومفارقة عجيبة بين ان يكون العراق في صدارة الدول الغنية بثرواته وموارده المالية…. وبين ان تكون نسب الفقر والفقر المدقع وتدني المستوى المعاشي وانعدام الخدمات…. بالشكل الموجود، واعلنت منظمة الصحة الدولية بان الوضع الصحي في العراق يمثل كارثة انسانية حقيقية… واعلنت منظمة الشفافية العالمية بان مايحصل في دول مثل العراق يمثل كارثة انسانية حقيقية لايمكن السكوت عنها)) (18).
وكما يلاحظ وجود مابين 6-8 مليون امي(19) ، واكثر من 4 مليون عراقي مهاجر داخل وخارج العراق(20)، وان 70% من سكان العراق لايحصلون على إمدادات المياه الصالحة للشرب، و80% من سكان العراق لايحصلون على خدمات الصرف الصحي، و30% من اطفال العراق يعانون من سوء التغذية، و70% من الشعب العراقي يعيشون تحت خط الفقر(21). ووجود اكثر من ربع مليون طفل مشردين في الشوارع(22). وبلغ عدد الإجمالي للأيتام حتى أكتوبر العام 2007 مليون يتيم، وهناك 3 مليون امرأة أرملة(23).
2-  تعمق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع العراق ولاسيما بعد العام 2003 ولغاية يومنا هذا، فالمجتمع العراقي فيه عدد كبير من المليونيرية والمليارديرية الذين جمعوا ثرواتهم بشكل غير مشروع وغير قانوني وبدعم ورعاية خاصة من قبل قوات الاحتلال والحكومات المتعاقبة، فهولاء يمثلون سراق كبار وحيتان وديناصورات جشعة وغير وطنية وعلى الحكومة والسلطة التشريعية ان تشرع قانون((من اين لك هذا)) وتصادر هذه الأموال وإرجاعها للشعب ولصالح الاقتصاد الوطني.
3-  انهيار شبه كامل للقطاعات الإنتاجية( القطاع الزراعي والصناعي)، وكذلك انحطاط مستوى التعليم والخدمات الصحية، وهذه الحالة غير طبيعية او شاذة وفي حالة استمرارها سوف يكرس التخلف والتبعية للاقتصاد والمجتمع العراقي وتنذر بخطر جدي على مستقبل الاقتصاد والمجتمع، بدليل بلغ اجمالي الاستيردات لعام 2004 مبلغاً مقداره 9،6 مليار دولار، وزاد في عام 2010 الى 42 مليار دولار، ثم الى 50 مليار دولار في عام 2011(24)، وثم صرف 300 مليار دولار على الخدمات(25). وان اكثر من 95% من المشاريع الخاصة متوقفة عن العمل بعد العام 2003 أي أكثر من 40 الف مؤسسة صناعية(26). وكما يعاني القطاع الزراعي من مشكلات كثيرة، أذ بلغت نسبة التصحر 70% من الأراضي الزراعية المطرية تعاني من التصحر، وخطر جفاف نهري دجلة والفرات حتى عام 2040، وان مساحة 80% من مساحة السهل الجنوبي تعاني من التملح(27).
4-  تفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري بشكل مرعب في العراق، وليس غريباً من ان يحتل العراق المرتبة المتقدمة من بين الدول في ظاهرة الفساد المالي وبهذا الخصوص  يؤكد رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي الى ان (( المحاصصة الطائفية والحزبية ادت الى تغيب غالبية الشعب ودفعت بشخصيات فاسدة وضعيفة الى مكان صنع القرار وفي بعض مفاصل الدولة….. وان استشراء الفساد المدعوم من بعض أصحاب القرار ادى الى ضياع الكثير من حقوق الإنسان)) (28). أذ تنفق الحكومة العراقية سنوياً مبلغاً فلكياً على الايفادات الرسمية، أذ تبلغ سنوياً مليار دولار(29). وان 96% من المبلغ الإجمالي المودع في صندوق إعادة أعمار العراق قد أخذت طريقها الى وجهة مجهولة؟(30) . وهناك تقديرات تؤكد على اختفاء 40 مليار دولار من صندوق تنمية العراق(31).
يشير السيد موسى فرج في كتابه القيم( قصة الفساد في العراق) أذ طرح امثلة على هذه الكارثة المأساوية، اذ يؤكد لنا ان العراق قد خسر خلال الفترة 2003-2008 مبلغاً فلكياً مقداره 90 مليار دولار( صفحة 287)، وتم اكتشاف 50 ألف راتب وهمي في وزارة الداخلية كلفت الحكومة 5 مليار دولار سنوياً( صفحة 288)، وعن ملف صندوق أعمار العراق من قبل السفارة الأمريكية في بغداد فقد ضاع او سرق او غيب 9 مليار دولار ( صفحة 293)، وحتى وصل الامر بالكونغرس الأمريكي الى مسألة بريمير حول مصير 4 مليارات دولار، ومسالة السفارة الأمريكية عن مصير 8 مليارات دولار، وعن ملفات أخرى تخص 100 مليار دولار( صفحة 293)، ويؤكد موسى فرج رئيس هيئة النزاهة في العراق سابقاً(( كيف يتم ملاحقة 500 مدير عام فاسد من بين 600 موجدين في العراق)) (صفحة 329)، ويشير موسى فرج الى ان(( حجم الفساد في العراق يعادل تقريباً نصف الموازنة المالية للبلاد أي 40 مليار دولار من أصل الموازنة البالغة 80 مليار دولار)) (صفحة 332)، ويؤكد فرج (( ان عدد المطلوبين للهيئة بأوامر قبض أو استقدام من قاضي التحقيق 3318 متهماً موظفاً منهم بدرجة مدير عام فأعلى و6 تهم بدرجة وزير)) (32). ثم يشير فرج الى ان(( الفساد كلف العراق 250 مليار دولار في 5 سنوات)) (33).
     أن الفساد والجريمة هما وجهان لعملة واحدة، فمن يتستر على الفساد فهو يعد من المجرمين في حق الشعب، ومن يتستر على الجريمة من أي نوع كانت فهو يعد من الفاسدين بحق الشعب. أن (( ديمقراطية) المحاصصة تعمل على تخريب البلد وزرع ملامح الفوضى وعدم الاستقرار وعامل مهم في تفشي الفساد المالي والجريمة في المجتمع، فكم عدد (( الفضائيين)) في وزارة الداخلية والدفاع وجهاز الدولة الإداري؟ فأن هولاء يعملون رسمياً في الوزارات، ولكنهم يعطون نسبة من رواتبهم الشهرية تتراوح مابين 60-70% الى كبار المسئولين في دوائرهم، وهذا يتم لاعتبارات عديدة منها الجانب الأمني…، ناهيك عن دفع الدفاتر ( الدفتر 10 الف دولار) في السجون العراقية للخروج/ الهروب، والتعيينات العسكرية- المدنية تتراوح المبالغ التي تدفع على شكل رشوة لكبار السماسرة والمسئولين وحسب درجة الصداقة والمعرفة مابين 5000-10000 دولار و….. و…..و…..، ناهيك عن الشهادات المزورة والتي يبلغ عددها كما أعلنت الصحافة 50 الف شهادة مزورة.
أن العراق اليوم لم يتحرر وبشكل كامل لا من الناحية السياسية ولا من الناحية الاقتصادية، فلا يزال يعاني العراق من استمرار الضغوطات والهيمنة والاحتلال بإشكاله المختلفة سواء كان ذلك  بشكل مباشر او غير مباشر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وبهذا الخصوص يؤكد موسى فرج ان ((الاميركان كانوا يسيطرون رسمياً على مواقع التصدير، حتى اني عندما قررت الوقوف ميدانياً على تلك المواقع أثناء  رئاستي لهيئة النزاهة حضر الى مكتبي ممثلين عن السفارة الأمريكية لكي يخبرانني بان ذلك يتطلب الحصول على موافقة واشنطن! وعندما قلت لهم: كيف يكون ذلك وهو بلدي! وهو نفطي! وانا رئيس الجهاز المركزي لمكافحة الفساد في العراق… قالوا: هي الأوامر ولايمكن التقرب أكثر من ثلاثة كيلومترات من تلك المواقع دون باج أمريكي وألا تضرب بالنار….) (34) فأين الحقوق؟ واين السيادة الوطنية؟ وأين الديمقراطية التي تدعي بها الامبريالية الأمريكية؟
    أن تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية حافلاً بالجرائم أبتداءاً من قصة الهنود الحمر وهيروشيما وناكازاكي وفيتنام ولاوس وغرينادا والارجنتين وغواتيمالا ونيكارغوا وتشيلي وايران وليبيا وكوبا وأندونيسيا… والعراق، فاستخدمت الامبريالية الامريكية الانقلابات العسكرية والابادة الجماعية والقنابل الذرية والنابالم والعنقودية والاسلحة الكيمياوية واليورانيوم المنضب، أذ تم القاء ألف طن من اليورانيوم المنضب على رؤوس الشعب العراقي في حين تعترف الامبريالية الامريكية بوجود 5000 طن من اليورانيوم المنضب، هذه هي حقوق الانسان والديمقراطية لدى الولايات المتحدة الامريكية.؟!
     يشير موسى فرج الى ان (( الامريكان دعاة الحرية وحقوق الانسان… إرتكبوا ابشع جريمة يندى لها جبين الذئاب وليس البشر، فقد أستخدموا بتخطيط وسبق أصرار في حروبهم ضد العراق أعتدة مصنوعة من مخلفات اليورانيوم وهو مايسمى باليورانيوم المنضب وهو طبعاً مشع ويتشظى الى جزئيات حجمها أصغر من حجم كريات الدم الحمراء يستنشقها الانسان مع الهواء وتسبب بالاضافة الى سرطان الدم فانها تتغلغل الى المخ وتعبث بالمنظومة الجينية والاطفال المولودين يولدون مشوهين ولاسيما مايسمى بشكل السمكة حيث يولد الطفل بعين واحدة…))(35). وعلى هذا الاساس فان الولايات المتحدة الامريكية(( تخدع العالم بأسم الحرية)) (36).
 
 
المبحث الرابع:  مأزق ((ديمقراطية)) الاحتلال في العراق:
تدعي الولايات المتحدة الامريكية ان الهدف الرئيس في تقويض النظام العراقي السابق في أبريل العام 2003 يستند الى عدة اسباب ومنها: انه نظاماً ديكتاتورياً ويهدد السلام والامن القومي للولايات المتحدة الامريكية، ويملك اسلحة الدمار الشامل وغيرها من الأسباب الاخرى، وعلى هذا الأساس تم غزو واحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها وتقويض النظام العراقي السابق وبناء دولة ديمقراطية تكون مثالاً يحتذى به في منطقة الشرق الاوسط.
   أن السبب الرئيس لاحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية هو الاستحواذ على ثروات الشعب العراقي وفي مقدمتها النفط والعمل على ربط العراق سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وامنياً بالولايات المتحدة الامريكية، والعمل الجاد على ضمان امن اسرائيل من خلال القيام (( بالبيرسترويكا)) عربياً وكان الضحية الأولى في نهج مايسمى بالبيرسترويكا العربية هو العراق، وما يحدث اليوم في منطقة الشرق الاوسط فيما يسمى بالربيع العربي ماهو ألا سيناريو لخدمة أهداف الولايات المتحدة الامريكية وأسرائيل وليس خدمة الشعوب العربية.
  يكمن مازق ((ديمقراطية)) الاحتلال الامريكي في العراق في الاتي:
1- لم تنجح الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها في أرساء دعائم نظاماً ديمقراطياً  شعبياً حقيقياً في العراق، ويعود السبب الرئيس الى الدستور العراقي، الذي كان ولايزال يمثل العقبة الرئيسة في عدم تحقيق الاستقرار في العراق لانه دستوراً (( مفخخ بالقنابل)) الموقوته وكثرة التناقضات في الدستور وهذا لم يكن وليد صدفة. وبالتالي يتطلب معالجة جذرية لذلك وفق الاليات الديمقراطية.
2- عملت قوات الاحتلال الامريكي وبشكل منظم ومدروس على تفكيك الدولة العراقية ولاسيما أهم مؤسساتها وحلها وفي مقدمتها الجيش العراقي، وقوات الشرطة، وقوى الامن والمخابرات والاستخبارات…. وهذا لم يحدث نتيجة  الخطأ في القرارات، بل كانت هذه الاجراءات مخطط لها من اجل تحقيق اهداف مستقبلية تخدم مصالح الولايات المتحدة الامريكية وأسرائيل.
3-  لقد كرس الاحتلال الامريكي وبشكل منظم ومنهجي أسوء نظام ألا وهو نظام المحاصصة السياسي والطائفي والقومي… فضلاً عن ظروف العراق الصعبة والمعقدة، وأستمرار هذا النظام سيء الصيت سيعرض وحدة وكيان المجتمع والدولة الى خطر التفكك والانهيار.
4- فشلت (( الديمقراطية)) المستوردة في معالجة ومحاربة اهم الظواهر الاقتصادية والاجتماعية وفي مقدمتها تنامي معدلات الفقر والبطالة وعودة الامية في العراق والتي تتراوح مابين 8-9 مليون أمين وانتشار ظاهرة التسول والايتام والارامل والشعوذة في المجتمع، وكما لازم هذا النموذج من الديمقراطية تفشي ظاهرة الفساد المالي والاداري في مؤسسات الدولة وأصبحت الرشوة (( عرفاً)) و ((قانوناً)) وبدون ذلك لايمكنك ان تحصل على حق التعيين أو العلاج او الخروج من السجن و…..و…. و…….!!، وبسبب تنامي هذه الظاهرة الخطيرة والقصور الجدي والحقيقي في محاسبة المرتشين، ظهرت الحيتان والديناصورات المالية، وفي الوقت نفسه تعمقت وبشكل مرعب الفجوة الاقتصادية- الاجتماعية في المجتمع العراقي لمصلحة النخبة- الاقلية الحاكمة، في حين يوجد أكثر من 7 ملايين مواطن تحت خط الفقر والبطالة تجاوزت 30% (37)، أذ بلغت مستويات البطالة بين الخريجين سنوياً أكثر من 50% وهذه تشكل خسارة مادية وعلمية حقيقية للمجتمع والاقتصاد(38).
5-  أن ديمقراطية الغرب الامبريالي مؤدلجة وطبقية بأمتياز ومنحازة لصالح الطغمة المالية الحاكمة ولايمكن ان تكون خارج أطار ذلك، وبهذا الخصوص يشير السيد محمد باقر الصدر الى ان (( الديمقراطية في ظل الرأسمالية لاوجود لها، فقلة قليلة من الرأسماليين هم الذين يحكمون وان الحكم يتداول بينهم من خلال هذه القلة المتحكمة، ففي الولايات المتحدة الامريكية يتولى الحكم حزبان هما في الحقيقة حزب واحد قد يكون الفرق بينهما في بعض الوعود التي يطرحونها امام الجمهور)) (39).
  يؤكد بريجنسكي (( لقد كانت امريكا الجديدة شيئاً مختلفاً تماماً، قوة توسعية شرهة اقليمياً، ومتعطشة للارض، ولاتعرف معنى الرحمة في السعي الى تحقيق المصالح المادية، وامبريالية في طموحاتها الدولية، ومنافقة على صعيد نزعتها الديمقراطية)) (40).
  أن النظام الامريكي لم يعد نظاماً أنموذجاً يحتذى به لاسياسياً ولا اقتصادياً- أجتماعياً ولاايديولوجياً، فهو نظام فيه الغني يزداد غنى، والفقير يزداد فقراً، وعليه فهو نظاماً غير عادلاً، وبهذا الخصوص يشير بريجنسكي ان (( نسبة 1% من العائلات الامريكية في العام 2007 تملك نسبة مذهلة من الثروة القومية الامريكية، تصل الى 33،8%، في حين ان حصة شريحة 50% الدنيا لم تكن تتجاوز 2،5%)) (41).
6- إن ((ديمقراطية)) الاحتلال الامريكي قد أدخلت العراق أرضاً وشعباً في دوامة من الفوضى وعدم الاستقرار، وتعميق اوجه الصراع، واشتداد حدة التناقضات بين الاحزاب السياسية، وبين مكونات الشعب العراقي، أذ كان ثمن هذا النموذج الامريكي (( الديمقراطية)) الامريكية في العراق ثمناً باهضاً من الناحية البشرية والمادية،   فحرب الخليج الأولى والثانية، وفرض الحصار الاقتصادي اللامشروع واللاقانوني ومنذ العام 1980-2013، حيث تجاوزت الخسائر البشرية والمدنية 1،5 مليون قتيل، ومابين 4-5 مليون عراقي مهاجر داخل- خارج العراق، اما الخسائر المادية خلال الفترة المذكورة فقد تجاوزت تريليون دولار.
       أما الخسائر البشرية للحكومة الأمريكية فقد تراوحت مابين 4500-5000 قتيل عسكري منذ عام 2003 ولغاية رحيل القوات الأمريكية من العراق، وأصيب فيها أكثر من 100 ألف عسكري بعاهه أو بأخرى(42).
       لقد كانت الكلفة المادية لعملية الحرية للعراق باهضة وخيالية، وبهذا الخصوص يشير جوزيف ستيغلتز الى ان (( الكلفة الاجمالية للحرب تتراوح مابين 2،7 تريليون دولار كنفقات ميزانية صرفة و 5 تريليونات دولار كأعباء أقتصادية اجمالية حسب السيناريو( حالة فضلى))، اما السيناريو المتفائل للغاية سوف تتجاوز الكلفة الاقتصادية الاجمالية للحرب سقف التريليوني دولار، وفي ظروف كهذه يبدوا لنا رقم 3 تريليونات دولار ككلفة أجمالية رقماً حكيماً)) (43).
 
 
 
 
 
 
الخلاصة:
ينبغي على قادة الأحزاب والكتل السياسية المتنفذة في الحكم والأحزاب السياسية غير المشاركة في الحكم الجلوس سويه من أجل أعداد مشروع سياسي- اقتصادي- أجتماعي وديمقراطي في شكله ومضمونه من أجل العراق، ووحدة العراق أرضاً وشعباً، ولعل من اهم البنود المقترحة للمشروع الوطني يستند الى جملة من النقاط التي سوف نؤشرها ضمن الأتي:
1-من اجل الخروج من مأزق (( ديمقراطية)) الاحتلال وتحقيق الاستقرار ينبغي أقرار مرحلة انتقالية ولفترة محدودة من عام 2014 ولغاية عام 2024، والعمل بالنظام الرئاسي للفترة الانتقالية فقط وتشكيل حكومة مركزية حازمة وعادلة ومهنية وغير طائفية من اجل أعادة بناء العراق اقتصاديا واجتماعيا وعسكرياً والحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً.
   أن النموذج ((الديمقراطي)) المعمول به منذ الاحتلال الامريكي ولغاية اليوم، ادخل العراق، والشعب العراقي في دوامة من الفوضى وعدم الاستقرار، وهدد ولايزال يهدد هذا النموذج بتفكيك الدولة العراقية وتقسيمها الى دويلات متصارعة ومتحاربة، ودويلات تقوم على اساس طائفي وهذا ما لايتلائم مع واقع وتطلعات الشعب العراقي.
2-من الضروري إعادة النظر ببعض بنود الدستور وبشكل جذري وفق الآليات والأسس الديمقراطية والقانونية، لان هذا الدستور بشكله ومضمونه الحالي يعد المصدر الرئيس للازمات في المجتمع العراقي.
3-من الضروري، وعلى جميع قادة الأحزاب والكتل السياسية المتنفذة في الحكم ان ترفض وتنبذ قولاً وفعلاً وممارسة نظام المحاصصة السياسي- الطائفي- القومي السيء الصيت وان يتم تثقيف أعضاء وكوادر وجماهير هذه الأحزاب بذلك، واستخدام كافة وسائل الإعلام العامة والخاصة لكي تلعب دوراً مهماً في تثقيف المواطنين بمساوئ هذا النظام.
4-ينبغي أعادة النظر في بناء الدولة العراقية وعلى أسس وطنية وديمقراطية ومهنية واعتماد المبدأ السليم وهو وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وهذا يساعد على التخلص من نظام المحاصصة المرعب المخيف.
5-العمل الجاد ووفق القواعد الإدارية والقانونية في محاربة ظاهرة الفساد المالي والإداري، هذه الظاهرة (( السرطانية)) الخطيرة التي شملت كافة مرافق الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية العسكرية والأمنية وحتى السلطة القضائية، حيث بعض رموزها وقعوا في هذا المستنقع الخطير، ومن هنا ينبع الخطر على النظام والمجتمع العراقي، ومن اجل المحاربة الحقيقية والجادة لهذه الظاهرة الإجرامية يتطلب تطبيق العقوبات القانونية ومنها مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة للفاسدين، وإنزال أقصى العقوبة ألا وهي عقوبة الإعدام كعقوبة رادعة بالعابثين والسارقين لثروات الشعب العراقي.
6-ينبغي عدم الأخذ بنماذج الديمقراطيات الغربية- الأمريكية سواء في الميدان السياسي أو الاقتصادي- الاجتماعي، لان هذه النماذج لاتتلائم مع واقع وظروف تطور الاقتصاد والمجتمع العراقي، وان هذه النماذج كرست وأفرزت نتائج سلبية في البلدان الرأسمالية وفي مقدمتها تنامي معدلات الفقر والبطالة والمديونية الداخلية والخارجية، وتنامي معدلات الجريمة وانتشار المخدرات في المجتمع ولاسيما وسط الفئات الشبابية، وتوليد الأزمات، وغياب العدالة الاجتماعية في هذه المجتمعات الغربية، وطموحها اللامشروع في النهب والاستحواذ والهيمنة على ثروات الشعوب وقيادة العالم.
7-أن الديمقراطية التي يحتاجها الاقتصاد والمجتمع العراقي اليوم هي تلك الديمقراطية التي تحترم وتخدم الانسان وتؤمن له كافة حقوقه الرئيسة وضمانها دستورياً، وهي حق العمل، وحق التعليم والعلاج والسكن المجاني…. واحترام مبدأ المواطنة، وإقامة علاقات متكافئة بين المواطنين ورفض التمييز بين المواطنين، وإقرار مبدأ التعايش السلمي، وتحقيق الاستقرار، وإقرار مبدأ التداول السلمي للسلطة، ويجب ان تكون المصلحة الوطنية فوق المصلحة القومية والطائفية السياسية.
8-من اجل ترسيخ الديمقراطية الشعبية وتعزيز مسارها السياسي  والاقتصادي- الاجتماعي في المجتمع العراقي يتطلب تشريع عدة قوانين مهمة وفي مقدمة هذه القوانين، هو تشريع قانون الاحزاب السياسية وبشكل عصري يلبي طموح ورغبات جميع الاحزاب السياسية العراقية، وكما يجب اجراء تعديل جذري لقانون الانتخابات وان يكون اكثر عدالة وديمقراطية وان يأخذ بنظر الاعتبار ظروف وعمل ونشاط جميع الاحزاب كبيرة كانت ام صغيرة، حاكمة اليوم او غير حاكمة، ومن اجل تطوير وتعزيز المسار الديمقراطي ان يكون عادلاً وناجحاً ينبغي القيام بالتعداد السكاني الواضح المعالم والاهداف، وذلك لكي يتسنى المعرفة الدقيقة لعدد المواطنين الذين لهم حق الانتخابات وبشكل دقيق، وليس الاعتماد على وثائق غير دقيقة مثل البطاقة التموينية وغيرها من القوانين الاخرى.
9-ينبغي على قادة الكتل والاحزاب السياسية المتنفذة والحاكمة اليوم وغيرها ان يرفضوا ويتخلوا عن جميع المليشيات المسلحة العسكرية وحلها واعتبارها غير قانونية وهي تتعارض مع مبدأ الديمقراطية وينبغي حصر السلاح في يد الدولة فقط، ويجب ان يشرع قانوناً واضحاً يمنع تشكيل أي ميليشيا وتحت أي هدف او مبرر كان فلا مليشيا في المجتمع الديمقراطي اذا اردنا ان نبني مجتمعاً ديمقراطياً حقيقياً.
10-ان الديمقراطية لاتعني فقط التوجه الى صناديق الاقتراع، بالرغم من اهمية ذلك، ولكن يجب ان تضمن الديمقراطية قانونياً التكافؤ والعدالة للاحزاب السياسية في المشاركة والنشاط الاعلامي والدعم المالي… لجميع الاحزاب وبدون تمييز، وينبغي على الديمقراطية ان تحقق العدالة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، وتعمل على تعزيز وحدة العمل وفق القانون وحسب الاختصاصات والصلاحيات بين السلطات  التشريعية والتنفيذية والقضائية وبنفس الوقت تنظم عمل ونشاط السلطة الرابعة- الاعلام- وفق القانون.
11-ينبغي على الديمقراطية الشعبية ان ترفض وتنبذ النهج الطائفي- القومي السيء الصيت، وبنفس الوقت من الضروري ان تعزز اللحمة والتعايش السلمي بين مختلف الاحزاب السياسية قادة وكوادر واعضاء من جهة، وبين الشعب والسلطة من جهة اخرى، والعمل على أقرار حرية الرأي والتظاهر السلمي، ونبذ الاعتقالات السياسية، وتحقيق حرية الاعلام والصحافة بكل انواعها وبدون رقابة ولكن ضمن الاطر القانونية المعمول بها، والعمل على محاربة الفساد المالي والاداري داخل المجتمع، واحالة المفسدين وفق القانون للمحاكم لينالوا الجزاء العادل.
12- تعني الديمقراطية، الرفض المبدئي لكل اشكال التطرف الديني والطائفي والعنصري وان تعتمد وتقر مبدأ المواطنة والمساواة للافراد داخل المجتمع، وان من اهم سمات الديمقراطية هي وجود معارضة سياسية حقيقية فاعلة وناشطة داخل المجتمع، وليست معارضة كارتونية شكلية تعمل وتنشط وفق ريمونت السلطة الحاكمة.
13- ان الديمقراطية تعني وحدة الشعب أرضاً وجغرافيةً ومحاربة الارهاب والفساد المالي والاداري بأعتبارهما وجهان لعملة واحدة، وهي تعني القضاء على الفقر والبطالة والامية والجريمة والمخدرات…. من خلال تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية- الاجتماعية والتي يكون هدفها الرئيس هو الانسان، وهي تعني المساواة في توزيع واعادة توزيع الدخل القومي لصالح المجتمع والاقتصاد الوطني، وهي أيضاً تعني الالتزام المبدع بتطبيق القانون الرئيس ألا وهو الدستور على جميع أفراد المجتمع وبدون إنحياز او تمييز لهذه الطبقة أو تلك، لهذه الفئة أو تلك، وان تقر قولاً وفعلاً بالتداول السلمي للسلطة، وهذا هو الجوهر الرئيس لحكم الشعب.
14- ينبغي على قادة جميع الاحزاب السياسية العراقية الحاكمة وغير الحاكمة وقادة المنظمات النقابية والمهنية وفي مقدمتها أتحاد نقابات العمال واتحاد الجمعيات الفلاحية….
ان يعلنوا وبشكل رسمي وللشعب العراقي رفضهم لفكرة الاقاليم لانها تمثل البداية الحقيقية لاختفاء العراق من الخارطة السياسية وتفكيك العراق أرضاً وشعباً وهذه الفكرة تقف وراءها قوى اقليمية ودولية معروفة.
أن موقف الرفض العلني هذا يعني افشال مشروع بايدن اللاشرعي واللاقانوني.
  أن الديمقراطية في العراق اليوم في مأزق حقيقي، وان العراق أرضاً وشعباً يواجه تحدياً ووضعاً غير عادياً، وكما يواجه الشعب العراقي اليوم أزمة عامة وشاملة، أزمة نابعة من بنية النظام الحاكم، فامام الشعب العراقي وقواه الوطنية خياران لا ثالث لهما وهما:-
الخيار الأول: ينبغي على كافة قادة الأحزاب والكتل السياسية الحاكمة وغير الحاكمة الجلوس سوية من اجل التفاهم وتقديم التنازلات وتغليب المصلحة الوطنية للعراق على المصلحة القومية والطائفية والسياسية الضيقة، بهدف أعداد مشروع وطني للمرحلة الانتقالية ينقذ العراق شعباً وارضاً من التمزق والاحتراب اللامشروع، وكما ينبغي أيضاً إشراك المنظمات الجماهيرية والمهنية والشخصيات الوطنية المستقلة من القانونيين والاقتصاديين وغيرهم، وبعد أقرار هذا المشروع من قبل قادة الاحزاب والمنظمات والشخصيات الوطنية العراقية، ينبغي اقراره من قبل السلطة التشريعية لكي يصبح قانوناً ملزماً للجميع وعلى الجميع.
 الخيار الثاني: وفي حالة عدم تحقق الخيار الاول أو فشله، فان العراق أرضاً وشعباً سوف يسير نحو الجحيم، نحو المجهول- المعلوم، وسوف تعم الفوضى وعدم الاستقرار، وكما لايستبعد من احتمالات أندلاع حرباً طائفية يخطط لها أعداء الشعب العراقي ومدعومة من قبل دول أقليمية ودولية تهدف الى الخيار الثاني الكارثي.
ليس سراً، هناك صقوراً متطرفة من بين اغلب قادة الاحزاب السياسية العراقية، تهدف الى تحقيق الخيار الثاني، فهولاء- كما نعتقد- انهم يشكلون الاقلية في احزابهم ويسعون الى تحقيق أجندات أقليمية ودولية تسهم بالمحصلة في تفكيك كيان الدولة والمجتمع العراقي بما يخدم توجهات تلك الدول الاقليمية والدولية.
أن أغلب جماهير شعبنا العراقي من قادة وكوادر واعضاء الاحزاب السياسية الوطنية العراقية يرفضون هذا النهج الخطير واللامشروع، وعليه سوف ينتصر الخيار الاول، الخيار الشعبي الوطني والديمقراطي، الأمر الذي يقودنا بطبيعة الحال الى أثارة الكثير من التسأولات ومنها، هل توجد ديمقراطية حقيقية في العراق لمرحلة مابعد 9/4/2003، لاسيما اذا علمنا ان مستقبل الديمقراطية في العراق رهين  بموقف قادة الاحزاب السياسية العراقية فلا ديمقراطية بدون احزاب ديمقراطية ولاديمقراطية شعبية بدون دولة ديمقراطية حقيقية. وعليه فالمستقبل القريب سيكشف لنا كثيراً من الحقائق.
مصادر البحث:
1-   المعجم الفلسفي المختصر، دار التقدم، موسكو، 1986، ص 224-225.
2-   زبيغنيو بريجنسكي، رؤية إستراتيجية، أمريكا وأزمة السلطة العالمية، ترجمة: فاضل جتكر، بيروت، 2012،ص 62.
3-   المصدر السابق، ص 52.
4-   د.رجب بودبوس، العولمة بين الانصار والخصوم، بيروت، 2002،ص 51.
5-   طريق الشعب 10/10/2007.
6-   د.عبد الحي زلوم، أزمة نظام الرأسمالية والعولمة في مازق، عمان، 2009، ص 53.
7-   د.رجب بودبوس،  العولمة بين الانصار والخصوم، بيروت، 2002، ص 114.
8- طارك فلورباييه، الرأسمالية أم الديمقراطية- خيار القرن الواحد والعشرين، ترجمة: عاطف المولي، الجزائر، 2007، ص 43.
9-   د.عبد الحي زلوم، أزمة نظام، مصدر سابق، ص 54.
10-المصدر السابق، ص 52.
11-المصدر السابق، ص 148.
12-د.نعمان عبد الرزاق السامرائي، قراءة في النظام العالمي الجديد، لندن، 2002،ص 36.
13- د.عبد الحي زلوم، أزمة نظام، مصدر سابق،، ص 121-122.
14- جريدة البينة الجديدة، 16/10/2011.
15- جريدة معاً نحو الحرية،1/10/2011.
16- جريدة البينة الجديدة، 27/9/2010.
17- مجموعة باحثين، استعادة التوازن، ترجمة: سامي الكعكي، بيروت،2009،ص 72.
18- موسى فرج، قصة الفساد في العراق، دمشق، 2013، 401.
19- جريدة طريق الشعب، 10/9/2012.
20- جريدة المدى، 25/9/2007.
21- جريدة طريق الشعب،2/10/2007، وجريدة الصباح، 10/3/2008.
22- جريدة الصباح، 1/10/2007.
23- جريدة المدى،29/10/2007.
24- جريدة طريق الشعب،15/12/2010.
25- موسى فرج، قصة الفساد في العراق،مصدر سابق، ص 480.
26- جريدة المدى،16/5/2011.
27- جريدة المدى، 11/5/2011.
28- جريدة طريق الشعب، 26/4/2011.
29- البينة الجديدة، 2/5/2011.
30- جريدة المدى،3/5/2011
31- موسى فرج، قصة الفساد في العراق، مصدر سابق، ص 79.
32- المصدر السابق،، ص 334-335.
33- المصدر السابق،، ص 386
34- المصدر السابق،ص 115.
35-المصدر السابق، ص 148.
36- قاسم البغدادي، اللعبة الأمريكية-قناع- ضياع- جياع، بدون دار نشر، 2010، ص7.
37- مجلة الثقافة الجديدة، العدد 342، السنة 2011، ص 20.
38- جريدة طريق الشعب، 25/3/2013.
39- مجلة الثقافة الجديدة، العدد345، السنة 2011، ص 49.
40- زبيغنيو بريجنسكي، رؤية إستراتيجية- امريكا وازمة السلطة العالمية، ترجمة: فاضل جتكر، بيروت، السنة 2012، ص 52.
41- المصدر السابق، ص 62.
42- د. عبد الحي زلوم، ازمة نظام، مصدر سابق،ص 48.
43- جوزيف ستيغلتز، حرب الثلاثة تريليونات دولار، بيروت، ترجمة: سامي الكعكي، 2009، ص 60.

أحدث المقالات

أحدث المقالات