22 ديسمبر، 2024 5:07 م

رؤية ماركسية حول الحرب الاوكرانية — الروسية / الحلقة الخامسة

رؤية ماركسية حول الحرب الاوكرانية — الروسية / الحلقة الخامسة

(( الراسمالية — ذلك النظام الذي يجر الأفراد والشعوب عبر الدم والوحل والاذلال)).  ماركس. ((
ان نزع السلاح هو مثل اعلى للاشتراكية،  ففي المجتمع الاشتراكي لا ثمة حروب وسيتحقق بالتالي نزع السلاح)).  لينين.
(( ان اكبر مظهر لتجلي الديمقراطية هو موقفها من القضية الأساسية حول الحرب والسلام)).  لينين.
تحول غير مألوف
ان التحول من الاشتراكية الى الراسمالية في الاتحاد السوفيتي منذ عام 1992 ، يعد تحولاً غير مألوفا وفق منطق التحول في المجتمع ووفق النظرية الماركسية، حول حتمية التطور للمجتمع البشري. بعد عام 1991 ولغاية الان تم تفكيك الاتحاد السوفيتي بفعل تظافر العوامل الداخلية والخارجية واصبح العامل الخارجي هو الموجه والمنظم للعامل الداخلي وهذه حقيقة موضوعية ويمكن ان تكون فريدة وعلى اثر ذلك تم ظهور اسم جديد بدلاً عن اسم الاتحاد السوفيتي الا وهو رابطة الدول المستقلة ومنذ عام 1992 ولغاية اليوم فان جميع هذه الدول قد واجهت ازمات عامة وشاملة وشملت كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية… وحدوث الانقلابات الحكومية وما يسمى بالثورات الملونة وكان يقف وراء كل ذلك قوى الثالوث العالمي وحلفائهم.
ان اوكرانيا لم تكن بعيدة عن كل ذلك فواجهت الثورة الملونة وتمت الاطاحة بالرئيس كوجما ومجيئ الرئيس يوشنكو الموالي للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وهو قومي متطرف ودعم وساند البنديرين في الظهور والعمل العلني وهم شكلوا احدى القوى الساندة له ( البنديرية تيار نازي / فاشي ظهر في الحرب الوطنية العظمى والعادلة للمدة 1941-1945 وتم دعمه واسناده من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والبريطانية في الحرب ضد السلطة السوفيتية والتعاون مع هتلر النازي في حربه غير العادلة ضد الشعب السوفيتي).
ان ما يسمى بالمعارضة الاوكرانية لم تلتزم بالاتفاق الذي تم توقيعه مع الرئيس الاوكراني الشرعي وممثل  ووزير الخارجية الفرنسي والألماني والبولوني حول موعد الانتخابات الرئاسية المبكرة وبعد التوقيع على الاتفاق بأيام قليلة حدث الانقلاب الحكومي في شباط \ 2014 وكان هذا الانقلاب قد خطط له مسبقاً من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والبريطانية…، وبعد حدوث الانقلاب ونجاحه هرب الرئيس الاوكراني يوكونوفيج الى روسيا الاتحادية واستلمت المعارضة الاوكرانية السلطة وكان ثمن هذا الانقلاب هو 5 مليار دولار لشراء ذمم كبار المسؤولين في السلطة الاوكرانية.
تورجينوف رئيس مؤقت
وفق الدستور الاوكرايني في حالة وجود فراغ دستوري وخاصةً فيما يتعلق بالرئيس مثلاً يتولى رئيس البرلمان رئاسة البلد ولمدة 6 شهور وخلال هذه المدة يتم العمل على الانتخابات الرئاسية. ولكن خلال  الفترة المؤقتة قام تورجينوف بشن حرب  غير عادلة ضد جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك واستخدام سياسة الارض المحروقة ضد شعب الدونباس علماً انه من ذوي التوجه القومي البنديري وحضى بدعم واسناد من قبل القوى الاقليمية والدولية. وعليه فهو من بدا بالحرب ضد جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك. وعند انتهاء تورجينوف اجريت الانتخابات الرئاسية وفاز بروشينكو واصبح اول رئيس الى اوكرانيا بعد الانقلاب الحكومي في شباط \ 2014 وخلال حملته الانتخابية تبنى شعارات عديدة ومنها العمل على وقف الحرب والاعتراف بحقوق شعب جمهورية دانيتسك ولوكانسك….، ولكن لم ينفذ اي شعار اتجاه شعب الدونباس وعلى هذا الأساس تدخلت المانيا وفرنسا وروسيا بالعمل على توقيع اتفاقية مينسك الاولى من اجل وقف الحرب وتم توقيع الاتفاقية من قبل بروشينكو وميركل وفرانسو اولاند والقائد اليساري ممثل الدونباس الاكسندر زاخارجينكا وممثل منظمة الامن والتعاون الاوربي وتم اقرارها من قبل مجلس الامن الدولي كوثيقة رسمية،ولكن بروشينكو لم يلتزم بتنفيذ اتفاقية مينسك الاولى  واستمر بسياسة الأرض المحروقة ضد شعب الدونباس.
زيلينسكي رئيس اوكرانيا.
بعد انتهاء مدة الرئاسة اجريت الانتخابات الرئاسية في اوكرانيا وتمت المنافسة بين زيلينسكي وبريشنكو وطرح زيلينسكي برنامجه الانتخابي على الشعب الاوكرايني ومن اهم الشعارات التي تبناها هو وقف فوري للحرب، الاعتراف بحقوق شعب الدونباس، الاعتراف باللغة الروسية لشعب الدونباس واعطاء حكم الفيدرالية لجمهورية دانيتسك ولوكانسك وغيرها من الشعارات الاخرى وحصل زيلينسكي على 72 بالمئة من اصوات الناخبين وكانت حصة الاسد من الأصوات هي من شعب الدونباس وبالضد من بروشينكو، ولكن عندما استلم السلطة رسمياً لم يقوم بتنفيذ اي شعار من شعاراته بل استمر على نفس نهج تورجينوف وبريشنكو في سياسة الارض المحروقة حتى عام2021. ومن خلال سياسة الارض المحروقة التي اتبعها زيلينسكي وبضغط من روسيا الاتحادية ومعها المانيا وفرنسا تم توقيع اتفاقية مينسك الثانية في باريس وبحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند والرئيس الاوكرايني زيلينسكي ووقع الجميع على بنود اتفاقية مينسك الثانية بهدف وقف الحرب ضد الدونباس الا ان زيلينسكي لم يلتزم بالاتفاقية ولم ينفذ اي بند من بنودها * ويبرر انه لم يوافق، لم يفهم،  وقع تحت ضغوطات وغيرها من الخزعبلات الاخرى.
الحرب من شباط \ 2014 — 2021
الحقيقة الموضوعية تؤكد ان الحرب الاوكرانية ضد شعب لوغانسك قد بدأت منذ شباط \ 2014 وحتى عام 2021 حرباً دارت بين النظام البنديري \ الارهابي الحاكم في اوكرانيا وبدعم واسناد من قبل واشنطن ولندن وباريس وبون والناتو وبروكسيل وتم تقديم الدعم المالي والعسكري للنظام الحاكم في اوكرانيا ناهيك عن الخبراء العسكريين والارهابيين والمرتزقة الاجانب لدعم النظام البنديري \ النيونازي في اوكرانيا. وتم استخدام جميع الأسلحة التي كانت في حوزة النظام البنديري الحاكم في اوكرانيا ضد الشعب الدونباسي انها فعلاً سياسة الارض المحروقة للمدة المذكورة أعلاه.
القاعدة،  داعش وأخواتها في اوكرانيا.
لعبت دول الغرب الامبريالي دوراً مهماً وكبيرا في ارسال الارهابيين والمرتزقة الاجانب الى اوكرانيا من اجل دعم النظام البنديري الحاكم في اوكرانيا وتم تقديم الدعم المالي والعسكري الى اوكرانيا و من اجل  تحقيق النصر العسكري على جمهورية دانيتسك ولوكانسك واستخدام الجيش الاوكراني مع دواعش اوربا كل اصناف الأسلحة لديهم وقد قام الجيش الاوكراني مع المرتزقة والارهابيين الاجانب بممارسات غير مالوفة ومنها: قطع الرؤوس والاذان والاغتصاب للنساء والأطفال وقصف المدارس والجامعات والمعاهد وقصف الجسور ومحطات الوقود والكهرباء وكذلك قصف الاسواق المحلية اسواق بيع وشراء الملابس اسواق بيع الخضروات وقصف محطات نقل الركاب وفي اوقات بداية ونهاية الدوام وقصف الجسور  وقصف السجون التي خصصت للاسرى الاوكراينين وكذلك قصف المستشفيات والمستوصفات ووضع المعدات العسكرية الاوكرانية في وسط المساكن في الدونباس  ناهيك عن الممارسات اللاإنسانية ضد الاسرى من شعب الدونباس وغيرهم وكما تكبد شعب الدونباس للمدة شباط \ 2014 — 2021 اكثر من 15 الف قتيل واكثر من 50000 جريح ومعوق بسبب الحرب الاوكرانية ضد الدونباس بالمقابل ان ما تم ذكره وغيره كان معروف لواشنطن ولندن وباريس وبون والناتو وبروكسيل ولم يحركو اي ساكن اتجاه جرائم النظام النيوفاشي \ النيونازي الحاكم في اوكرانيا ومع ذلك يدعون الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير وغيرها من الخزعبلات الاخرى.
يلاحظ، خلال فترة الحرب الاوكرانية ضد الدونباس والتي تميزت بسياسة الارض المحروقة يلاحظ صمت مطبق كصمت اهل الكهف من قبل دعاة الحرية والديمقراطية في العالم الامبريالي بزعامة الامبريالية الاميركية وكما يلاحظ ايضاً الموقف الغير واضح من قبل روسيا الاتحادية واستمرار سياسة الارض المحروقة صحيح كانت هناك مساعدات للجيش الشعبي الدونباسي وهناك متطوعين من الروس ومن بعض الدول الأوروبية بما فيها من اميركا ولكن لم تتخذ القيادة الروسية الموقف الحاسم اتجاه النظام البنديري \ الارهابي في اوكرانيا بدليل استمرار التجارة بين البلدين للفترة( شباط \ 2014 -2021) وان الاوليغارشية الروسية والاوليغارشية الاوكرانية نشاطهم مستمر المالي والتجاري وبيع الغاز والنفط الروسي الى اوكرانيا وباسعار تفضيلية وان الميزان التجاري احياناً يكون لصالح كييف….؟  بعض التبريرات سواء كانت
معلنة او غير معلنة، ان روسيا الاتحادية لم تكن قادرة على خوض الحرب مع النظام البنديري الحاكم في اوكرانيا والمدعوم من قبل واشنطن ولندن وباريس وبون والناتو وبروكسيل وان روسيا الاتحادية كانت تملك من حيث المبدأ السلاح النووي بالدرجة الأولى وليس لديها السلاح الذي تمتلكه اليوم بالمقارنة قبل بدء الحرب الاوكرانية ضد الدونباس في شباط \ 2014 –2021.
اتفاقية اسطنبول
كانت هذه الاتفاقية تكاد أن تكون الفرصة الأخيرة امام النظام البنديري الحاكم في اوكرانيا وقد اجريت المباحثات بين الوفدين الروسي والاوكرايني في اسطنبول وكانت ناجحة وجيدة وتم الاتفاق بين الوفدين على تنفيذ بنود اتفاقية اسطنبول والتي تضمنت نحو 18 مادة قد وافق عليها الطرفان في اسطنبول من اجل انهاء الحرب بين الشعبين الشقيقين الروسي والاوكرايني وحال التوقيع على اتفاقية اسطنبول ورجوع الوفدين الى بلديهما وليس من باب الصدفة  ان يقوم بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني السابق بزيارة مفاجئة الى اوكرانيا كما قال رئيس الوفد الاوكرايني اراخامي وعبر مقابلة تلفزيونية معه اذ قال(( ابلغ جونس القيادة الاوكرانية بعدم تنفيذ اي بند من بنود اتفاقية اسطنبول وعليكم الاستمرار بالحرب حتى اخر جندي اوكرايني وبنفس الفترة جاء وفد اميركي الى كييف وبزيارة مفاجئة وابلغ القيادة الاوكرانية بالاستمرار بالحرب حتى اخر جندي اوكرايني وعدم تنفيذ اي بند من بنود اتفاقية اسطنبول؟  سؤال مشروع؟  من كان ولا يزال يقف وراء الحرب الاوكرانية ضد الدونباس وروسيا الاتحادية؟  لمن ولمصلحة من تم ويتم ذلك؟
* انظر: تأليف مجموعة من باحثين تحرير الاستاذ سرمد امين، لوحة الجيوبولتيك ترسمها الحروب دراسة في اسباب ونتائج الحرب الروسية على اوكرانيا،  كلية القانون والعلوم السياسية،  الجامعة العراقية،  الطبعة الأولى،  السنة،  2023، ( بحثنا بعنوان: نظرة من الداخل،  من بدا الحرب؟  ص399–438)
يتبع