22 ديسمبر، 2024 5:19 م

رؤية ماركسية حول الحرب الاوكرانية — الروسية

رؤية ماركسية حول الحرب الاوكرانية — الروسية

مقدمة :
(( ان الراسمالية — ذلك النظام الذي يجر الافراد والشعوب عبر الدم والوحل والاذلال)).  ماركس.
ان(( نزع السلاح هو مثل اعلى للاشتراكية، ففي المجتمع الاشتراكي لن تكن ثمة حروب وسيتحقق بالتالي نزع السلاح)) .  لينين.
(( ان اكبر مظهر لتجلي الديمقراطية هو موقفها من المسالة الأساسية حول الحرب والسلام)).  لينين.
تعد الحرب الاوكرانية — الروسية  واحدة من  اخطر الحروب التي حدثت بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991، و شكلت احدى اسوأ  النتائج التي حدثت بعد عام 1991.ان هذه الحرب تدور في اطار منظومة النظام الراسمالي العالمي و تحمل طابعاً سياسيا واقتصادياً وعسكريا تنافسيا بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جهة وبين روسيا الاتحادية من جهة أخرى، وهي اشبه بالحرب العالمية الثالثة اذ تخوض روسيا الاتحادية تنافسا حاداً وقويا مع اكثر من 50 دولة في العالم وفي مقدمتها دول حلف الناتو سواء كان ذلك بشكل  مباشر او بشكل غير مباشر، انه حلف دولي تتزعمه اميركا — الناتو ضد  روسيا الاتحادية، الدولة التي تمتلك السلاح النووي…   وان القيادة الروسية تدافع عن امنها القومي وسيادتها واستقلالها الوطني لان ذلك اصبح مهدد بالخطر الجدي من قبل اميركا وحلفائها.
ان القيادة الروسية تدرك وبشكل جيد ان الانكلوسكسوني لديهم استراتيجية تهدف إلى تفكيك روسيا الاتحادية على غرار ما حدث للاتحاد السوفيتي للمدة 1985-1991، وان هذه الاستراتيجية لم تعد سراً على احد فهي معلنة ومعروفة للجميع وان القيادة الاميركية والناتو يسعون إلى تحقيق استراتيجيتهم من خلال اشعال الحرب ضد روسيا الاتحادية وعبر النظام البنديري الحاكم في اوكرانيا ودعم هذا النظام بالمال والسلاح والخبراء العسكريين والارهابيين والمرتزقة الاجانب وكانت بداية تنفيذ هذه الاستراتيجية هي القيام بالانقلاب الحكومي في اوكرانيا عام 2014 ووصول القوى النازية والنيونازية للحكم واستخدام هذا النظام البنديري \ الارهابي في تنفيذ الاستراتيجية الاميركية وحلفائها.
ان هذه الحرب الجنونية تعكس ازمة النظام الامبريالي العالمي بزعامة الامبريالية الاميركية وحلفائها  ، وشكلت الحروب غير العادلة احد  اسوأ واخطر الأساليب لتصريف ازمة هذا النظام المازوم بنيويا وان هذه الحروب ايضاً شكلت نوع من البزنس للنخبة الحاكمة في الغرب الامبريالي وللمجمع الصناعي – الحربي وخاصة للولايات المتحدة الأمريكية فالحروب غير العادلة هي اسلوب لبقاء الراسمالية وفي مرحلتها المتقدمة الامبريالية وهي اشبه بالاوكسجين للاقتصاد الراسمالي وبدون ذلك من الصعوبة بمكان ان يتطور هذا الاقتصادي الراسمالي لان الحرب تدر ارباحا خيالية للنخبة الاوليغارشية الحاكمة في الغرب الامبريالي وخاصة للولايات المتحدة الأمريكية.
من اجل اعطاء رؤية سليمة وموضوعية حول الحرب الاوكرانية — الروسية لابد من معرفة البعد التاريخي لهذه الحرب والهدف الرئيس منها ومن بدأ الحرب؟  وماهي  ابعادها على الشعب الروسي وشعوب العالم كافة، ومن المسؤول عن الاستمرار بهذه الحرب وما هي النتائج الكارثية لهذه الحرب من حيث الخسائر البشرية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية… للبلدين المتحاربين، وما هو  سر  العلاقة بين واشنطن ولندن وباريس وبون والناتو وبروكسيل مع كييف؟  وماهي الجهة التي رفضت وترفض اليوم  انهاء هذه الحرب الجنونية عبر الوسائل السلمية ومن خرق الاتفاقيات الموقعة بين كييف وموسكو وبرعاية بون وباريس وارسو؟.
نود أن نشير الى بعض الحقائق الموضوعية عن هذه الحرب من اجل توضيح شكل ومضمون هذه الحرب استناداً  لمنهج علمي  تاريخي/ اقتصادي وسياسي. ان من اهم الحقائق الموضوعية حول هذه الحرب هي الاتي :
الحقيقة الاولى — البعد التاريخي للعلاقات
معروف، ان العداء التاريخي بين اميركا وروسيا القيصرية قبل عام 1917 كان يحمل طابعاً تنافسا بين روسيا القيصرية والغرب الراسمالي حول الهيمنة والنفوذ والاستحواذ على الثروات الطبيعية…، وهذا التنافس قد تم في اطار منظومة النظام الراسمالي العالمي لان روسيا القيصرية كانت اضعف حلقة في النظام الراسمالي وخاضت حروب عديدة في تاريخها وخلال 1000 عاما لم تعيش في حالة الاستقرار الا نحو 300 عاما والبقية حروب.
اما خلال المدة 1917 –1991   اي بعد ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى فالاتحاد السوفيتي واجه حروب عديدة وحملت هذه الحروب طابعاً سياسيا واقتصادياً وايديولوجيا، مع الغرب الامبريالي، فالحرب الأهلية 1918-1922  ذهب ضحيتها ما بين 8-10 مليون شهيد والحرب الوطنية العظمى والعادلة للمدة 1941-1945 ذهب ضحيتها اكثر من 30 مليون شهيداً ناهيك عن الخسائر الاقتصادية وهي حرب تمثلت بين الاشتراكية كنظام سياسي واقتصادي واجتماعي وايديولوجي مع النازية الالمانيه اللقيط والوريث الشرعي للنظام الامبريالي العالمي. وانتصرت الاشتراكية وتم دحر النازية الالمانيه في عقر دارها. وخلال المدة 1946-1991  وهي الفترة التي سميت (( بالحرب الباردة))  وهي ايضاً كانت تحمل طابعاً ايديولوجيا واقتصادياً وعسكريا.. في آن واحد بين المعسكر الامبريالي بزعامة الامبريالية الاميركية وحلفائها وبين المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي وحلفائه وتم انفاق ما بين 13-15 ترليون دولار أمريكي وكانت حصة الاسد من هذا الانفاق الجنوني للولايات المتحدة الأمريكية.
اما خلال المدة 1992–2007  تميزت العلاقة بين روسيا الاتحادية، الراسمالية والغرب الامبريالي بزعامة الامبريالية الاميركية بالفترة الذهبية وخاصة خلال المدة 1992-1999  فترة حكم الرئيس الروسي بوريس يلتسن المخمور دائماً وان السبب الرئيس لهذه الفترة الذهبية هو ان بوريس يلسين وفريقه قد نفذوا وبشكل علني ورسمي وكامل كل ما ارادته واشنطن وحلفائها والمؤسسات الدولية ومنها صندوق النقد والبنك الدوليين واصبحت روسيا الاتحادية الراسمالية دولة ضعيفة اصابها الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني… وتدمير شبه كامل للاقتصاد الوطني الروسي وخاصة عبر تنفيذ اخطر وصفة عرفها التاريخ الا وهي وصفة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لسحق الفقراء والمساكين والمضطهدين وظهور حيتان وديناصورات الفساد المالي والإداري في عهد يلتسن وهذه الشلة التي نفذت مشروع قوى الثالوث العالمي وحلفائهم اغلبهم اليوم هربوا الى واشنطن ولندن وباريس وبون…  وهؤلاء هم من عملاء النفوذ والطابور الخامس والليبراليون المتطرفون والاصلاحيون المتوحشون وخونة الشعب ومنهم اناتولي جوبايس وكوزيروف وخدركوفسكي وكوخ وكاسيانوف وكاسباروف… ، في عام 2007  في مؤتمر ميونيخ القى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطاباً اكد فية على اهمية الاستقلال الوطني والسيادة الوطنية وتطوير الاقتصاد الوطني… وكذلك اكد على اهمية وضرورة نظام التعددية ونهاية نظام القطب الواحد  ان هذا التوجه الجديد من قبل الرئيس بوتين قد اثار مخاوف واشنطن ولندن وباريس وبون والناتو وبروكسيل وهو من وجهة نظرهم مرفوض وبالتالي بدأت واشنطن وحلفائها يضعون العراقيل والصعوبات السياسية والاقتصادية… امام القيادة الروسية. ان الامبريالية كمرحلة متقدمة من التشكيلة الاجتماعية والاقتصادية للراسمالية قد اتسمت بالاحتكار والطفيلية والتعفن وكذلك بالاجرام والعدوانية… وهذه السمات ناتجة عن تفاقم واشتداد الازمة العامة التي يعاني منها النظام الامبريالي العالمي وان الحروب احد اهم الوسائل الرئيسة لتصريف ازمة نظامهم المازوم بنيويا. ان جوهر الحرب الاوكرانية – الروسية يحمل طابعاً تنافسيا من اميركا وحلفائها الداعمين النظام الحاكم في اوكرانيا من جهة وبين روسيا الاتحادية من جهة أخرى وبالنسبة لروسيا الاتحادية تحمل ايضاً طابعاً دفاعياً من اجل تأمين امنها القومي كدولة راسمالية.
العداء التاريخي: ادلة وبراهين
نعتقد، ان العداء التاريخي بين الشعب الروسي — السوفيتي. قبل ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى وبعدها ولغاية اليوم، هو ان قادة الغرب الراسمالي يخشون من الشعب الروسي — السوفيتي وكذلك لديهم اطماع كبيرة اتجاه  الاتحادية السوفيتي وروسيا الاتحادية ومن هذه الادلة التاريخية هي الاتي :
 في عام 1945 حسب توجيهات الرئيس ترومان في تشرين الثاني \ 1945 خطة للعدوان على الاتحاد السوفيتي وتنص الخطة قصف نحو 20 مدينة سوفيتية بالقنابل الذرية وفي عام 1946، توجيه ضربة نووية واحدة لتحطيم الاتحاد السوفيتي ومراكزه الصناعية وفق خطة(( بيتشر))  بين صيف عام 1946-صيف عام 1947،خطة (( برويلر))  قصف 24 مدينة سوفيتية، خطة ((فليتود))  تهدف على تدمير نحو 70 مدينة سوفيتية بواسطة 130 قنبلة ذرية، عام 1949، خطة ((درويشوف))  ووفق الخطة يتم الهجوم على الاتحاد السوفيتي باستخدام 300 قنبلة ذرية، وفي عام 1957 ووفق خطة (( تروجين))  يتم قصف اكبر المدن السوفيتية بواسطة 155 وحدة من الاسلحة الذرية وخطة (( اوفتيكل))  ضرب الاتحاد السوفيتي ب200 قنبلة ذرية وابادة 30 مليون شخص،  وفي عام 1955، اصدرت اللجنة الموحدة لرؤساء الاركان امراً بالاستعداد ((  لالحاق ضرر بليغ))…  ووضعت قائم لضرب  5000-6000 هدف عسكري في الاتحاد السوفيتي وغيرها من الخطط والبرامج العسكرية الاميركية لضرب الاتحاد السوفيتي . ان هذه الخطط لم تنفذ من حيث المبدأ لان القيادة الاميركية تدرك ان الاتحاد السوفيتي يملك من القوة العسكرية تكفي لانهاء اميركا وحلفائها وعلى هذا الاساس لم يتم تنفيذ هذه الخطط، بدليل بلغ عدد الصواريخ النووية للولايات المتحدة الأمريكية، في عام 1950(360) صاروخ في عام 1960(20434)،في عام 1972(26602)، في عام 1981( 29410) صاروخ اما الاتحاد السوفيتي، (5)،(1605)،(13092)،(50000) على التوالي  هذا هو التوازن العسكري بين واشنطن وموسكو وكان لصالح شعوب العالم كافة بهدف تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني والعسكري عالمياً.  وكما قال وزير الدفاع الاميركي واينبرغر (( اذا استطعنا ان نحصل على نظام يكون فعالاً ويجعل اسلحة الاتحاد السوفيتي غير فعالة، فإننا سنعود انذاك الى الوضع الذي كنا فيه عندما كنا البلد الوحيد الذي يملك السلاح النووي))،  وبهذا يمكن القول (( تحتل الولايات المتحدة الأمريكية المركز الأول بين جميع دول العالم في مجالات الميزانية العسكرية والتكنولوجيا العسكرية وعدد القوات العسكرية التي تملكها في العالم وعدد القوات الأجنبية التي يجري تدريبها بواسطة الولايات المتحدة وقيمة المساعدات التي تقدمها الى الدول الأجنبية وضخامة اسطولها البحري وعدد الطائرات الحربية ومفاعلها النووية والقنابل الذرية التي تملكها)).  ( المصدر: مجلة استراتيجيا، العدد، 75، السنة،  1988، ص،11).
 ماذا قالوا خصوم الاتحاد السوفيتي :؛
ريغان — وصف الاتحاد السوفيتي (( بامبراطورية الشر)).
 نيكسون –(( من اجل المساعدة على ابادة الاتحاد السوفيتي  ينبغي أن نقترب منه، لان اذا ابتعدنا عنه سوف يضعف موقف مؤيدينا داخل المجتمع السوفيتي)).
كلينتون — (( ان الحرب التي بداناها عام1941 قد انتهت عام 1992 بتفكيك الاتحاد السوفيتي)).
الان دالاس رئيس جهاز المخابرات المركزية الأمريكية قال (( ينبغي تركيع الشعب السوفيتي على رجليه لانه شعب يعتز بكرامته وعزته)).
كيسنجر — قال(( انا افضل ان تعم الفوضى والحرب الأهلية في روسيا…)).
بريجينسكي يقول (( ان الشعب الروسي والاوكرايني والبيلاروسي شعوب متمردة في العالم ويجب اخضاعهم ( قهرهم)  ويستحقون القضاء عليهم)) ثم اكد، (( ان النظام العالمي الجديد بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية سيقام بالضد من روسيا وعلى حساب روسيا ومن اجل تحطيم وتفكيك روسيا))  وكما اشار ايضاً (( ان هتلر صبي غبي وهو عمل بشكل علني ( ضد الاتحاد السوفيتي)  اما نحن  فنعمل لتحقيق الهدف بدون ان يكون هناك اثرا لعملنا)).  ومع ذلك يدعون الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير والتعددية…؟.
هل احداً يستطيع من ذكر استشهاد واحد للقيادة السوفيتية من عام 1917-1991  كما صرح قادة اميركا؟.  نعم كان هناك صراع ايديولوحي واقتصادي واجتماعي وسياسي بين اميركا والاتحاد السوفيتي. ان تصريحات قادة اميركا من ترومان حتي بايدن تخلوا من التوازن الدبلوماسي وتعكس المستوى الثقافي والفكري لهم.
يتبع