قرار برلمان اقليم كوردستان برفع الحصانة البرلمانية عن احد نوابه، وطلب مجلس القضاء الاعلى برفع الحصانة البرلمانية عن 18 نائباً في مجلس النواب العراقي، أثارا الكثير من ردود الافعال والمواقف السياسية والشخصية نتيجة تأثير ومصلحة بعض القوى، رغم انه بالاساس يتعلق بموضوع الحصانة التي نصت عليها اغلب الدساتير والقوانين في مختف دول العالم.
فالحصانة لغة مشتقة من الحصن أي المنع، ويقصد بها أن الشخص الذي يتمتع بها لا يمكن رفع الدعوى عليه لأسباب ينظمها القانون، والحصانة قانوناً هي امتياز يمنحه المشرع الوطني أو الدولي إلى بعض الأشخاص بحكم وظائفهم وهي قيد قانوني مؤقت يمنع تحريك الدعوى الا بعد الحصول على موافقة من المرجع الخاص للمطلوب رفع الحصانة عنه.
وهي على عدة انواع، حصانة سيادية ، ودبلوماسية، وقضائية، ونقابية، وعسكرية، وبرلمانية يعطيها الدستور والقانون للنواب في البرلمان كي يستطيع النائب تأدية وظيفته كاملة كسلطة تشريعية بعيدا عن تاثير السلطة التنفيذية.
الاساس القانوني للحصانة البرلمانية منصوص عليها في المادة(63/ثانياً) من الدستور العراقي لعام2005 والمادة(7) من قانون مجلس النواب رقم 13 لسنة2018 والمادة(20/أولااً)من النظام الداخلي لمجلس النواب.
وتنقسم الى نوعين: حصانة موضوعية تعتمد مبدأ اللامسؤولية الجزائية او اسقاط التهمة، وهي تتعلق بالاقوال سواء كانت داخل ام خارج البرلمان والآراء والافكار التي يطرحها والمتعلقة بطبيعة وظيفته كنائب وهذه الحماية مطلقة تبدأ بعد مباشرته عمله في مجلس النواب وتمتد حتى الى ما بعد انتهاء عمله في مجلس النواب، وحصانة اجرائية ضد الاجراءات الجزائية تتعلق بالافعال التي ليس لها علاقة بوظيفة النائب، وتهدف الى حمايته من الملاحقات القضائية، وهي لا تعفي النائب من الجريمة انما توقف الاجراءات الجنائية فقط.
رفع الحصانة إجراء قانوني يُتخذ لتمكين القضاء من مسائلة نائب في ملف معروض عليه، وتتم اما بطلب من النائب نفسه، او بطلب نائب آخر، أومن القضاء او الادعاء العام، لكن قرار رفع الحصانة لا يتم الا بطريقين:الاول قرار جماعي بموافقة مجلس النواب بالتصويت بأغلبية مطلقة خلال الفصل التشريعي، والأغلبية المطلوبة لرفع الحصانة هي أغلبية عدد الأعضاء الحاضرين.
والثاني: قرار فردي من رئيس مجلس النواب فقط من دون الحاجة لعرضه على المجلس أو التصويت عليه، اذا كان خارج الفصل التشريعي أي خلال الأربعة أشهر من كل عام، وهي مقيدة بتهمة الجناية فقط التي عقوبتها مدة تزيد على خمس سنوات.
يترتب على رفع الحصانة نتائج وآثار وهي جواز اتخاذ جميع الاجراءات القانونية في التحقيق من اوامر القبض والتوقيف ومنع السفر وحجز الاموال والمحاكمة، ويبقى رفع الحصانة مستمرا وإنْ قررت المحكمة البراءة لحين اكتساب الحكم الدرجة القطعية بتصديقه تمييزاً، ويعتبر اتهاما برلمانيا يضاف للاتهام القضائي، وموقف النائب مسحوب الحصانة يكون أشبه بموقف الموظف مسحوب اليد فليس للنائب مباشرة وظيفته التشريعية والرقابية كونه متهما.
اخيرا فالحصانة بكل انواعها قد تُعتبر اخلالا بمبدأ المساواة بين الافراد المقررة بالمادة(14) الدستورية، او قد تشكل خرقاً لمبدأ القانون فوق الجميع ولا أحد فوق القانون أو اخلالا في أركان الحق والمواطنة، الا انها تظل مطلوبة ومقبولة مادامت تتم حسب الدستور والقانون وبعيدا عن الاهواء والمصالح وتصفية الحسابات.