7 أبريل، 2024 3:14 ص
Search
Close this search box.

رؤية عراقية للقضية المصرية – 4 / المحاصصة الوطنية لا وطنية

Facebook
Twitter
LinkedIn

يبدو أن احد المشاعل المحرقة التي يحملها فخامة الرئيس المصري فوق رأسه هي تشكيل الحكومة ورغم الكم الهائل من الضباب الذي يحيط بالموقف السياسي المصري والذي يثيره مع الأسف الشديد بعض قنوات الأعلام المصري ؛ وما يعنيني هنا على وجه التحديد والخصوص تشكيل وزارة مرسي الأولى والإعلام الموجه يوحي لنا إنها ستكون وزارة ائتلافية وليست وزارة الأغلبية متجاهلين عمداً الخيار الثالث وهو أن يتم تشكيل حكومة تكنوقراط  غير حزبية يترأسها أحد الخبراء من من يقتنع به الرئيس .
ومن ما لا شك فيه إن أي تغيير حقيقي في أوضاع مصر يمكن أن يحقق مطالب الشعب المصري بعمومه والذي كان وراء اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير لا يمكن أن يقوم به الثوار أنفسهم بكل مشاربهم ولكن ( فكر الثورة ) هو الذي يقود هذا التغيير والناس ثاروا على نظام حكم  حزبي جاء بالمقربين وأهل الثقة وأبعد أهل الخبرة والدراية وما تشكيل ( الوزارة المرسية الاولى ) لو تحققت على مبدأ الائتلاف إلا نوع محسن من نفس تشكيلة حكومة النظام السابق .
 ومصر اليوم لا تواجه عملية إصلاح أو ترقيع أو تحسين بل إنها والشعب المصري يتطلع إلى تغيير جذري
متسابق مع الزمن وهو غير مستعد تماماً لتجارب جديدة قد تكون فاشلة فتؤدي بالثورة المصرية إلى ما لا تحمد عقباه حيث لا مجال لأي مجازفة ؛ وأخطر ما لا يحمد عقباه فقدان الأمل لدى عامة الناس من الثورة .  وعلى الحزبين والسياسيين أن يدركوا تماماً إن مصر لا تحتاج إلى الحكومات الحزبية أو العقائدية في هذه المرحلة وهي ليست قاعة للتجارب وتقديم الرؤى الفكرية أو العقائدية وذلك ليس ميدانها ( على اقل تقدير في هذه المرحلة ) والشعب الآن بأمس الحاجة إلى  حكومة خدمات وتغيير وتطوير تحت مظلة الفكر الثوري الوطني والرقابة الوطنية الثورية عبر المؤسسات الشرعية من برلمان إلى القضاء العادل و الإعلام الوطني المنحاز إلى مصلحة المواطن .
ولقد عانينا في العراق ولا زلنا نعاني من حكومات ( المحاصصة الوطنية ) إلى النسخ المتطورة منها ( حكومات المشاركة الوطنية ) والذي كان جل همها إرضاء المتنازعين السياسيين على حساب الوطن ولن ترضى كل الأطراف على التقسيم المتخلف للدولة وسوف ينسحب الصراع السياسي إلى داخل مؤسسات الدولة ناقلاً كل مساوئ السياسة إلى كيان الدولة ويشلها على العطاء ويتصارع أهل الثقة مع أهل الخبرة وسرعان ما ينسحب الخبراء كونهم عاجزين حتى على فهم طبيعة الصراعات السياسية و سيتقاسم الفر قاء المساوئ فيما بينهم وتتوزع الكوارث والأخطاء الحكومية بين الأحزاب كما يتوزع الدم بين القبائل وقد تأتي المحاصصة الحزبية في بعض الأحيان بالجهلة والمتخلفون لمناصب لا قبل لهم بها سواء وزراء أو وكلائهم أو المدراء العامون التي ستصل إليه المحاصصة الحزبية.
 وفشلت كل الوزارات دون استثناء وأصبحت الحكومات العراقية مدارس لتعلم الخبرة وتحولت تدريجيا لتشريع الفساد وتمريره ؛  وأغلب الوزارت العراقية تقريبا تحمل كما هائلا من الفساد الذي يتلاشى داخل الصراعات السياسية وزيادة الحصص أو تقليصها ويبقى رئيس الوزراء حائرا وعاجزاً أمام مبدأ  المحاصصة أو المشاركة التي يتستر الوزراء خلفه ولقد سمعت من احد الوزراء العراقيين في إحدى الوزارات الإئتلافية بعد أن هدده أحد رؤساء الوزراء السابقون بإقصائه بأنه باق رغم انف رئيس الوزراء فهو قد جاء ممثلا عن حزب ولا يقيله أو يحاسبه غير الحزب الذي جاء به !
مصر دولة عظمى في محيطها الإقليمي وهي قائدة للتجمع العربي ولا يمكن إلا أن تساس وفق هذا المبداء وهي الآن بأمس الحاجة للعبور إلى مرحلة التمكين والقوة والحضارة لذا لابد من البحث عن العلماء والخبراء والكفاءات الكبيرة و ها قد جاء دورهم ؛ وحكومة التكنوقراط تلغي كل تحفظات المعارضين وتخوفاتهم وطعنهم وشكوكهم وترددهم ؛ كما أنها تحضى بفرصة اكبر للنجاح وتحقيق اكبر المنجزات بوقت اقصر وهو ما يحتاجه المواطن المصري وما تحتاجه مصر .

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب