نلحظ في الوقت الراهن خلافات سياسية شديدة، داخل قبة البرلمان العراقي بين الكتل،حول ترشيح الوزراء للوزارات الشاغرة،وهناك من يريد ان يفرض رأيه بالقوة من خلال زج الشارع العراقي في هذه المسألة عن طريق المظاهرات.
الاسلام له رؤيته في إعطاء المناصب، وتوزيع الإدارة والمسؤولية،فالمشرع الاسلامي يعطي الأولوية في هذه المسألة،للذين هاجروا وجاهدوا،وضحوا بأموالهم وأنفسهم،فلا يمكن ان يتساوى من كان قاعدا متزلفا منافقا،مع من كان مجاهدا مضطهدا مشردا من قبل الطواغيت والظالمين فأصحاب الثورات دائماً لهم الأولوية في الإدارة والمسؤولية، قال تعالى: (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
كما أن المشرع الاسلامي،رجح التخصص والكفاءة العلمية للإدارة، ولكن بشرط ان توّظف هذه الكفاءة والمهارة في خدمة الإنسانية، والاهداف النبيلة،والغاية الرئيسية منها هو الإصلاح،فقد قال تعالى:( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).
يرى الإسلام أيضاً ان العلم والتخصص وحده لا يكفي،إذا لم تتوفر معه ملكة التقوى والعدالة والصلاح بالفرد، وكم من عالم ومتخصص في مجاله لكنه فسد وأفسد في الإدارة؟
من هذا المنطلق الاسلامي الواعي، قال السيد محمد باقر الحكيم “قده”رؤيته،ففي خطبته الحادية عشرة في صلاة الجمعة،ذكر عدة شرائط ينبغي ان تتوفر في الوزارة والوزير.
دعا”قده” الى اعتماد الكفاءة دون التركيز على الأنتماء السياسي، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة، والعمل بجدية وتقديم كل ما هو مطلوب ولازم للمواطنين كافة،و اختيار الوزراء المتّصفين بالصلاح وحسن السيرة والماضي النزيه، وتوفير الحرية والعدالة لكافة العراقيين.
لكن مع شديد الأسف والندم،ان الحكومة السابقة جانبت بعيدا هذه الرؤية الإسلامية الإصيلة،بل عملت على خلاف ذلك تماماً، فقد أبعدت عن مواقع المسؤولية اصحاب السيرة الحسنة،والتاريخ النضالي،والماضي النزيه،وأتت بالبعثيين والمتزلفين والفاسدين الى مواقع الإدارة والمسؤولية،،فعجّلت بانهيار وخراب الدولة العراقية،وتسببت في كثير من المشاكل والأزمات،فلا سائل لها ولا مسؤول،ولا حول ولاقوة لهذا الشعب الاّ بالله العلي العظيم.