كان جرس الإنذار الأكبر للعالم الغربي من خطر داعش , فقط عند اقترابها من اربيل , فأحس الغرب بالتهديد الحقيقي, عندها بدا الصخب الإعلامي والمؤتمرات والاجتماعات, وتشكل التحالف الدولي ضد داعش, ومعه تشكلت رؤية جديدة للمنطقة, مختلفة لما كان قبل تهديد داعش لاربيل.
لكن هل يتوازن حجم التحالف الدولي مع الهدف المعلن ( ضرب داعش )؟
المتابع للحملة الدولية الكبرى, وصخبها الإعلامي ضد تنظيم داعش الإرهابي, بأنها غير متناسبة مع الهدف, فالتحالف الدولي يشمل أقوى المنظومات العسكرية في المعمورة, من قبيل أمريكا وفرنسا وبريطانيا, مع ثلاثين بلادا لحد ألان , بالمقابل العدو مجرد تنظيم صغير, ولازال عمره لا يتجاوز الثلاث سنوات , فحجم الحملة اكبر من الهدف المعلن! إذن هناك أمراً اكبر يدفع الغرب لتحشيد العالم.
العالم الغربي تحركه المصالح ولا شي غيرها, بني أساس حضارتهم على المنفعة والمصلحة, هي المحرك في سلم الحياة, هكذا هي سيرتهم , واليوم من يقود التحالف في ضرب داعش فالتفكير في مصالحه يكون مقدم على التفكير في شعوب المنطقة وما يتعرضون له؟ فما هي مصلحته؟
الغرب نظر لداعش على أنها تمثل خطر أيديولوجي متطرف , يسعى لتعطيل مصالح الغرب في المنطقة, خطر لا يمكن السيطرة عليه إن نما وكبر وتمدد, فالحملة الأصولية سوف تؤثر كثيرا على المصالح الغربية في المنطقة ,فأدرك الغرب إن خطر داعش ينطلق من قدرتها على تحشيد الآلاف من الشباب العربي في إعمال إرهابية تحت عناوين الجهاد, بالإضافة لقدرتها على مسك الأرض والسعي لإعلان خلافة إسلامية متشددة غريبة في كل شيء, وهذا يمثل تهديد حقيقي لمصالح الغرب الكبيرة جدا في المنطقة, والغرب مصلحته هي التي تحركه, فهب دفاعا عن مصالحه.
لذلك جاءت حملته الجوية لضرب أوكار داعش في العراق وسوريا, لكن دعونا نتساءل هل تكفي الضربات الجوية لتحقيق النصر على داعش ؟ الواقع يقول لا يمكن تحقيق نتائج حقيقية على الأرض, بالاعتماد فقط على الضربات الجوية.
فهي نعم قد تحد من حركة التنقل للدواعش, لكنها لم تمنعه من محاصرة منطقة كاباني الكردية في سوريا, واجتياح عشرات القرى وتهجير عشرات الآلاف نحو الأراضي التركية , وفي العراق لم تمنعه من محاصرة معسكر الصقلاوية وقتل وخطف ثلاثمائة جندي , هذان الحدثان حصلا بعد بدا العمليات الجوية مما يدلل على عدم كفاية الضربات الجوية في القضاء على داعش.
وهنا يأتي دورنا نحن لنستفيد من الصورة الجديدة المشوشة, والولادة لحدث مستقبلي لازال في طور التشكل. مع التنبيه على اهمية الحفاظ على استقلالية القرار العراقي , وطريق الاستفادة هو :
أولا إن التحالف الدولي دفع بدول راعية للإرهاب إن تحول مسارها وتعلن وقوفها ضد الإرهاب مثل السعودية وقطر وتركيا وهذا أمر ايجابي لنا يجب إن نستفيد منه ونتعامل معها على أساس موقفها الجديد , فاليوم هناك إمكانية لإذابة جليد السنين مع دول الجوار.وهنا دعوة للخارجية ان تنشط في هذا المسار.
ثانيا الدعم الدولي للعراق مكن لنا الانفتاح نحو العالم, والخروج من عزلة فترة الحكومة السابقة, وهذا الأمر يجب الاستفادة منه قدر المستطاع, عبر رسم رؤية للمستقبل وكيفية الانفتاح على العالم بعلاقات تنفع العراق وتجعل منه شريك مهم.
ثالثا الاستفادة من الدعم الدولي في المطالبة بالتسليح وبأقصى سرعة لإنجاح الجهد الدولي في حرب داعش فالمنطق يطالبهم في دعم الجيش العراقي وتسليحه .
رابعا رفع الصوت في المطالبة في تجفيف روافد الإرهاب والدعوة لمحاسبة الدول التي تدعم وتمول الجماعات الإرهابية, لذا ليكون موقفنا متناغم مع الموجة العالمية. لانه فيه مكاسب يمكن ان نحصل عليها الان .