18 ديسمبر، 2024 3:55 م

رؤية حول مرحلة الكاظمي

رؤية حول مرحلة الكاظمي

الشعارات تبقى في مهب ذاتها إذا فقدت أي صلةٍ بالواقع أي لم تدعم منه، وسيقتصر دورها على بث الحماس دون إن تتجرأ لقيادة ورسم المسار بالنسبة لرافعيها.

التشابك هو سمة هذه المرحلة فلازال العالم برمته يدفع ضريبة صراع القطبية العالمية التي ظهر في أحد أشكالها جائحة كورونا، هذا الأمر قد زاد التعقيدات وملئ رفوف الدول بالمتراكمات من المشاكل، وجعل العامل الاقتصادي له الحاكمية المطلقة ولو لهذه الفترة من الزمن.

إن الكاظمي هو حصيلة هذه المرحلة وهو يمثل الولادة من رحم العقم، ويتجه المعنى في ذلك لمتضادين فإما الإيجابي منه هو أحتمالية نجاحه و السلبي يتمثل بأماني الإنجاب لمن بلغ عتيا ومايتتبعه من وهم شعبي وأحلام يقضة هي أشبه بالشعار الذي بيناه في المقدمة.

الكاظمي نراه اليوم غارقًا في ترميم الصورة السياسية،كذلك هناك مغالطة في تحليل قراره إذا يقال إنه صدى لجعجعة السوشل ميديا، وهذا ما لاينسجم مع إمكانية فريقه الإعلامي وجوقة الجيوش الإلكترونية التابعة، والتي لها القدرة على تشكيل المزاج العام وترتيب أثاره بالشكل الذي يخدم الغاية المبتغاة من قبله.

كنا قد تناولنا في مقالة (العراق إذا ما تسنم الكاظمي) عوامل قد تبث الهدوء خلال حكمه وقد تضاف مسألة التأييد المتصاعد الذي يحظى به الآن نتيجة تركيزه على الشعبوية وبناء شخصية البطل وتشكيل فريقه الإعلامي للمزاج العام الذي يدعم ذلك، ولكن قد أُضيفت عوامل أخرى لما سبق إن اشرناه في مسألة عودة الأزمة المركبة في ذات المقال وهذه العوامل المستجدة:

1_ وقوعه بفخ التحيز لأمريكا، وهذا ما يقلل من فرص نجاحه نتيجة أمكانية المناوئين لهذا الاتجاه من قلب الطاولة، وهم قادرون الآن نتيجة حداثة المرحلة.

2_إن أي تبني مؤسساتي من قبله للإرادة الأمريكية اتجاه الحشد الشعبي تمثل انتحار له، وله في العبادي أسوءة سيئة، وتتمثل هذه الإرادة التي بدأت بتوصيات التشويه التي دعت إليها لجنة كروكر 2016م، وليس أنتهاءً بتوصيات معهد الشرق الأدنى 2020م والتي منها على سبيل المثال (حرمانه من الامتيازات المالية مثل أقرانه، ونزع سلاحه الثقيل، ومنع إضافة منتسبين له والخ….) .

3_ فرض معالجات اقتصادية لاتلائم العراقيين وأين كانت صحتها، فالهوية الاقتصادية للمجتمع العراقي ضائعة مابين رأسمالية الشركات الاستثمارية وضبابيه القرارات الاقتصادية للحكومة، كما إن المجتمع معبئ دائمًا بفكرة إنه بلد الثورات والخيرات، ناهيكم عن الامتيازات الخيالية التي تمتمع بها الطبقة السياسية، وبالتالي ستجابه أي إصلاحات بفكرة أنها سرقة لصالحهم.

4_ فخ المزاج العراقي، إن قدرة فريقه الإعلامي على تشكيل المزاج وترتيبه لايعني الخضوع التام والمستمر للمزاج لغايات هذا الفريق، فسبق وإن اشرنا لحالة التقلب المستمر التي تعانيه المجتمعات العاطفية وبالتالي استحالة ثباتها،
وتكمن الإشكالية في الهوة التي قد تتسع بحسب المسألة بين الواقع والسوشل ميديا، وكذلك إن تكون الأخيرة مرتبة لآثار الأول أي منطلق لاتخاذ قرارات دون الرجوع لفهم الواقع وفرضياته.

5_ العلاقة المتذبذبة مابين تركيا وأمريكا، قد تشكل ورقة ضغط إضافية عليه، ولعل العمليات الجارية في الشمال مصداق لذلك، لكن تحتمل هذه النقطة منظار أخر لو نظرنا لها كورقة ضغط إجبارية للإقليم للانصياع لسلطة المركز، وهو أمر ضعيف نتيجة عمق صلته بالأكراد.

ختامًا فأن القادم سيكون حمال أوجه لوهم واحد، إذا لن يوجد أي بناء حقيقي للدولة مادامت محتلة فعليًا وإعلاميًا من سفارة.