عاد الحاج راهي غاضبا بعد ان فشل وللمرة العاشرة في الحصول على فرصته التأريخية وتحقيق حلم عمره بمقابلة صاحب المعالي السيد الوزير الذي يتوقف على ( شخطة ) من قلم معاليه وومضة من عطفه الأبوي ومسحة من كرمه السخي ونسمة من رعايته الأنسانية استرجاع حقوقه الوظيفية المغتصبة وحسم معاملته المقتضبة التي مضى عليها اكثر من عام ونصف العام , فبعد اللتي واللتيا ووساطة اهل العقد والحل وتدخّل الخيرين من ابناء الحلال الأصلاء وأهل الدراية العقلاء كان قد حصل على موعد مقابلة صاحب المعالي حيث استعد لهذا الحدث الجلل افضل ما يكون بلا كلل او ملل . لم ينم ليلته ماقبل يوم اللقاء الموعود التي قضاها بالصلاة والتسبيح وقراءة ادعية الدخول على السلطان والأستعاذة من شرور الجان ومكائد الشيطان . ارتدى افضل ما لديه من الملابس البالية وتعطر بالمسك والعنبر ورائحة ام السودان .. ولكن .. واصدمتاه .. واخيبتاه .. ذهبت كل آمال الحاج راهي ادراج الرياح وتناثر فرط حلمه المستباح .. نعم فصاحب المعالي شد الرحال الى بيت الله الحرام ليؤدي فريضة الحج بعد ان وفقه الله برحمته التي وسعت كل مخلوق بما فيهم المسؤول والتفتت اليه ملائكة الأرض والسماء واستطاع اليه سبيلا . لكن الحاج راهي ولفرط ما فيه من طيبة القلب تمالك نفسه وتجاوز غضبه واستغفر ربه وقال .. علينا ان نكون منصفين ولا نحمل غيضا في قلوبنا على المسؤولين والنواب الذين ذهبوا للديار المفدسة لأداء فريضة الحج رغم ان البعض منهم يذهب للمرة الرابعة وبنجاح ساحق فهم يستحقون ذلك مع ( سبق الأصرار ) لانهم صدقوا الوعد واوفوا العهد وأبرو القسم الذي أقسموه مع الله ومع ابناء الشعب الذين منحوهم الثقة واعطوهم اصواتهم التي اوصلتهم الى ما هم عليه من حال ومال وجاه وسلطان . فكانت ولم تزل ابوابهم مشرعة للمواطنين ليل نهار يستقبلونهم بإبتسامة الأحباب وتواضع الأطياب وهم ينادون اهلا ومرحبا بأهلنا الطيبين على الرحب والسعة . لم يغيرواّ هواتفهم وهي مفتوحة على الدوام يستمعون لشكوى المواطن بمنتهى الأدب والحياء يشاركونه همومه ويحسون بآلامه ويلبون مطالبه . نعم انهم يستحقون الذهاب لبيت الله الحرام بعدما عمروا البلاد و( ترفعوا ) عن فضائح الفساد فلم نسمع يوما بنائب فاسد ! او مسؤول فاشل ! ولا حتى تردد يوما ما ان لأحد منهم علاقة بجريمة او عصابة اجرام !!! . نعم انهم يستحقون الذهاب الى الحج دائما وابدا فقد عملوا وفق القاعدة الشرعية التي تقول اياك وان تنال رضا المخلوق بسخط الخالق فجدوا واجتهدوا وفعلوا كل ما فعلوا حتى نالوا رضا الله بسخط الشعب عن جدارة واستحقاق !!!! يبدو إن دعائهم كان مستجاب وهم ينادون لبيك اللهم لبيك حيث يرفعون اكفهم متضرعين وهم ينادون .. اللهم ارزقني حج بيتك الحرام في عامي هذا وفي كل عام . نعم لقد استجاب الله لهم هذا الدعاء فذهبوا للحج في العام الماضي وذهبوا للحج في هذا العام وسيذهبون للحج في العام القادم والله اعلم .