19 ديسمبر، 2024 2:17 ص

رؤية جديدة لشعائر الاسلام

رؤية جديدة لشعائر الاسلام

الدين ليس لهتك كرامة الانسان وخداعه وتخديره او اقصاءه عن ساحة الحياة او لدوس كرامته وشخصيته ، ومن غير الممكن ان يكون لشقاء الانسان وتعاسته وتحميله بفرائض لا جدوى منها وحاشا ان يكون الهدف منه هدر الوقت في طنطنة لا يعرف معناها والى اين توصله وما الهدف منها ، لم يكن الدين ارهابا وتخويفا ، او لشي الناس على النار ، او تقطيع اوصالهم بالقنابل والمفخخات او غليهم احياء بالماء الحار وتذويبهم .
لا يستطيع الانسان السوي ان يحيا من دون عقيدة يعتقدها او دين يدين به والا فحياته ناقصة مهما اضاف عليها من مكملات او سكب عليها اشكال المباهج ، حتى اولئك اللادينيين فانهم غير اسوياء في العيش والاحساس بالحياة برغم مكابرتهم وتغطيتهم على معاناتهم من جراء ابتعادهم عن عقيدة ما تعيش في داخلهم مهما كان نوعها ، انها حقيقة لا يمكن انكارها مهما كانت الاسباب والمدعيات والتبريرات .
الدين عند معظم المسلمين ثروة قابعة من دون استعمال ولا استغلال صحيح ، ثروة هائلة معطلة مطمورة بلا فائدة كثروة في باطن الارض دون استخراج ولا استثمار فيبقى انسانها فقيرا وتحته الغنى ، وهو ينطوي على خزين هائل من الرقي والتحضر متمثلا بتعاليم الدين السمحة التي جاءت لتحييه حياة طيبة اذا استخدمها بعقل وحكمة ، ولكنه لا يستخرجها ليستفيد منها والدليل اننا لم نلمس اثرا وضعيا للممارسات العبادية للمسلم على ارض الواقع فالمسلم يكون في كثير من حالاته ازدواجيا فنرى الغش والكذب والسرقة والسلوكيات غير اللائقة من المصلي الصائم في الوقت الذي تنهاه عبادته عن فعل ذلك .
لم نشهد دولة اسلامية متقدمة في العلوم والتكنولوجيا والنظام والعدالة الاجتماعية في توزيع الثروات وحقوق الانسان والمساواة وتادية المواطنين فيها واجباتهم والاستمتاع بحقوقهم ، وتغطيتهم ماليا من قبل الدولة ورفع الفقر والحيف والظلم عنهم اليس الاسلام يدعو الى ما نشاهده اليوم في الغرب واليابان ، اليست الممارسات العبادية من صلاة وصيام وحج وغيرها من الشعائر تربي فينا ما نراه في معظم اوربا ، اين هو اثر هذه الممارسات العبادية علينا ، اليس تطبيق الاسلام يصنع منا مجتمعا متقدما راقيا يتعالى على صفات الرذيلة ويكون مقلعا لصفات الفضيلة والنجاح .
الخطا ليس في الدين بل في فهمه والتعامل معه انه بضاعة غاية في الجودة ولكن الانسان لايعرف كيف يستفيد منها ويتعامل معها ويعرضها فترجع عليه باثر عكسي ويخسر بعدما ظن الربح في التعامل معه بهذا الشكل الهمجي
البدوي الفوضوي لانه لم يفهمه ويتعامل معه بعقل ليصلحه لان (الدين لا يصلحه الا العقل) .
ان هذه الموجة الارتدادية الخطيرة التي تولدت في نفوس الكثير من المسلمين والتي ادت بهم الى الابتعاد عن الدين بل انكار الخالق وما ظاهرة الالحاد التي تمر بها السعودية – مثلا – وهو بلد عليه سمه الدين الا انعكاسا للصدمة التي تلقاها هؤلاء من نفس المؤسسة الدينية الوهابية في التعامل مع الامور والفضائح التي وقع فيها رموز الدفاع عن العقيدة والاسلام من مؤسسات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فنرى هؤلاء الذين يصّدعون رؤوسنا بكلام طويل عريض عن الالتزام بالدين لا يتمكنون من منع اي فرد ينتمي للعائلة المالكة الفاسدة التي تمارس انواع السرقات والمحرمات ، والاموال الطائلة التي تهدر في السفرات والمجون في وقت يَئِنّ فيه كثير من المواطنين تحت الفقر .
اصبح الدين غولا مرعبا يخاف منه الناس ويبتعدون عنه واصبح ما يعرف (بالاسلامفوبيا ) نتيجة الفهم غير الصحيح لهذه النعمة التي بدلناها وفرطنا بها ايما تفريط وبات الناس ينظرون اليه من خلال لحايا طويله وسخة وشوارب محفوفة وسكاكين طويله يقطعون بها رقاب الناس والاطفال وفتاوى ينزون بها على الاعراض كما تنزوا الحيوانات المغتلمة بسعار الجنس ليلوثوا بها عفاف النساء .
الاسلام اليوم بحاجة الى شريحة الشباب المتيقظ والى العمامة الواعية المنفتحة ذلك الانفتاح الذي لا يخرجها عن اطار الدين وروحه ، وعن الايمان بضرورة من ضروراته ، نسعى جادين لارجاع هيبته وشخصيته التي تعرضت الى هزات وتشويهات من الخارج والداخل لاضعافه واضعاف ثقة المسلمين به ، خاصة شريحة الشباب التي ركز عليها الاعداء تركيزا قويا من خلال تمييعه والهاءه بالتوافه من متع الحياة واشغاله بكل ما يبعده عن التفكير بمستقبله ووطنه ودينه والحفاظ عليه .
ان اصابة هذه الشريحة هي مقتل حقيقي للوطن وهدم لاركانه واستهداف لكينونته اذ لا وطن بدون بناة ولا بناة من غير شباب يقودونه في المستقبل فاذا اراد الاعداء القضاء على امة استهدفوا شبابها ليقتلوا فيهم روح العلم والتدين والبناء والثقافة ، والقضاء على حب المطالعة والمثابرة والابداع فالسارق عندما يريد السرقة يعمد الى اطفاء الانوار ليسرق مايشاء في الظلمة .
لقد سقطت فرنسا تحت ضربات الانحلال قبل السقوط تحت ضربات الاحتلال هذا ما صرح به وزير الحربية الفرنسي عندما سقطت باريس تحت ضربات القصف الالماني النازي في الحرب العالمية الثانية . ان من الامور المهمة التي يجب الانتباه لها جيدا هي كل المفردات العبادية التي اوجبها الله علينا بالاضافة الى الشعائر الحسينية التي يمتلكها الشيعة دون غيرهم والمنطوية على كم هائل من الطاقة والقدرة التغييرية نحو الاحسن والتي تصنع الانسان الثوري المتحرر الواعي
الذي يرفض انواع الظلم والفساد والانحلال الخلقي والاتجار بكرامة الشعوب والاستخفاف بحياتها وسرقتها وتعريضها للخطر والاستهتار بمقدساتها .
لو اضفنا جانب الادراك والفهم الصحيح الى الجانب العاطفي لهذه الشعائر لاستطاعت وبوقت قصير التغيير نحو الاحسن ولاختصرنا مسلسل سفك الدماء ولما وصل البلد الى المستوى المتردي من الفساد والحالة المتفاقمة التي لا تتقبل الاصلاح ، فحسب معادلة واضحة وهي بما ان الحسين عليه السلام ثائر ضد الظلم فان اقامة الشعائر لذكرى هذا القائد تدفعنا الى رفض الظلم والفساد من خلالها التي جعلها الامام خزينا ثوريا وصوتا مدويا صارخا لان اصل هذه الشعائر ثورة وصانعها ثائر والشيعة يقومون – في الحقيقة – بثورة في العاشر من المحرم من كل سنة باستذكارهم حركة الحسين السبط الشهيد .
مفاهيم ثورة الامام قادرة بان تعالِج كل نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والاسرية والتعليمية ، فالرئيس ينبغي ان يكون حسينيا والوزير والطبيب والاستاذ الجامعي والعامل والفلاح وكل مكونات الشعب لان الحسين ثورة واصلاح ، هدم وبناء هدم للشر وبناء لقيم الخير ، منابعنا قربنا ونحن ظِماء واصلاحنا بايدينا ونحن فوضويون .
الثورة الحسينية سارت وتسير الى جنب الاسلام ولا تتقاطع او تتعارض معه فطريق الحسين طريق الله وفكره فكر القرآن وحركته ضد السلطة الظالمة ثورة تصحيحية محضة خالية من اي مكسب دنيوي سلطوي ، وكل ما موجود عنده موجود في الاسلام وانه يصب في مصبه ويرفدة ويقويه ، بدأ الثورة على هدي الله ورسوله وانتهى عندهما ، فسار بخطىً موثوقة على ضوء القران وسنة الرسول الاكرم ، لا كما قال ابن العربي ( ان الحسين قتل بسيف جده او بشرع جده ) .
لو اخذنا – على سبيل المثال لا الحصر – شعيرة ركضة طويريج وهي ركضة يجتمع فيها الملايين من الشيعة في العراق في العاشر من المحرم يوم شهادة الامام نساء ورجالا يبداون الركضة من منطقة قرب كربلاء باتجاه المرقد الطاهر للامام الحسين ريحانة الرسول يهتفون بصوت واحد ( ياحسين ) او مسيرة اربعينية الامام هاتان الشعيرتان كفيلتان بتدمير الظلم الذي نخر واكل الجسد العراقي والى انحسار وتلاشي الفساد وما نتج عنه من التفجيرات والمفخخات التي تحصد ارواح العشرات كل يوم .
اليست هذه الركضة وبقية المراسم العاشورائية رسالة قوية منطلقة من الامام الحسين مفادها تقوى الله ونظم الامر والحفاظ على دولة تقيموا فيها قيم سيد الشهداء واهل البيت برفض صنميات حب المال والمنصب والصعود على حساب الاخرين اليست هذه الشعائر تحمل بين جنبيها القيم العليا والمثل السامية الحضارية التي صنعت بقية الشعوب ، اليس فيها رسالة قوية الى التبصر فيمن تمشون خلفهم والى اي اتجاه يقودونكم ، اليس الاطمئنان الى كل احد قبل الاختبار عجز وهي دعوة الى عدم الخضوع والانبطاح امام الظالم المتسلط مهما كان قويا ، هل
الخلل في ثورة الحسين ام فينا الذين مسكنا القشر واضعنا اللب وبقينا نعيش على هامشها .
فالمعول يقع على المؤسسة الدينية وعلى كل قلم حر مؤمن بالحسين ومحب لوطنه وعلى المثقفين الواعين والجهات التبليغية المختلفة في تفهيم مغزى وهدف هذه الشعائر والغاية منها واحيائها واخراجها من شكلها التقليدي لتنبعث فيها الحياة والا فهي سلاح قد انتزع عتاده وصراخ لا يلبث ان يرتد على مصدره ودموع لا تجرح الا مآقي اصحابها ونشيج لا يتعدى الصدور لانها جمدت على الشكل والصورة ولم تتعداها الى مضامينها الرصينة وتاثيرها البالغ وحتى الصلاة اذا كانت لاتأمر بمعروف او تنهى عن منكر فليمسح بها صاحبها سبلته وشاربه لانها لا قيمة لها والقيمة تكمن في التاثير والتاثر .
نعم الى فهم صحيح ورؤية جديدة الى شعائر الاسلام بما فيها الشعائر الحسينية لكيلا تتكرر ماساة الكرادة وجسر الامامين ، لنوقف ماساتنا بفهم فاجعة الطف فهما ثوريا رافضا لكل مظاهر الجمود ولنكفكف دموع الايتام والارامل بان نعيش خلق الحسين وصموده الى اخر حياته وقوة عقيدته ورفضه المساومة والخنوع لشروط السلطة الجائرة المنحرفة .
المكان الذي يدخله فكر الحسين مكان طاهر والروح التي تنطوي عليه عالية بعيدة عن التفكير بالسرقة من اقوات الناس والجلوس في مكان لا تستحقه ، الذي يبكي على سيد شباب اهل الجنة لا يقبل الضيم والذل والعيش بقلق ودون استقرار يخرج من بيته ولا يفكر في الرجوع الى اهله واطفاله ، نعم الى رفض هذه الحالة والتخلص منها ليعود الاب الى بيته والام الى اولادها ليغطونهم بالحنان والتربية الصالحة لان الفكر والابداع يذهب بذهاب الدول وياتي باستقرارها ولا ابداع مع القلق وذهاب الاوطان .
لنضع الحسين في المكان الذي اراده هو ولنرفعه الى المنزلة التي يستحقها ولا نقصره على الآهة والحسرة والدمعة والصرخة ، الحسين مدى واسع وافق رحيب اطلقوا مسيرته الى خارج الحسينيات والتكايا واماكن العزاء ، لنوجه هذه الطاقة والقدرة على التغيير التي تمتلكه مسيرته الشامخة الى اسباب الفشل في صنع دولة وتحصيل الامن ومعرفتها وحلها ، والى منابع الفساد والارهاب ليدكها بقوة صموده في وجه الطواغيت .
لا يكن غيرنا اعرف منا بحسيننا يقول ماو تسي تونغ مؤسس الصين ورئيسها لياسر عرفات عندكم الحسين وتريد ان تتعلم منا اسس الثورة والتحرير لقد تعدى فكر الامام الشهيد الحدود الى العالم وعرفه الثوريون والتحرريون والواعون . مسيرة الاربعين هذه السنة لاتتوجه الى كربلاء بل الى بغداد لتخنق الظلم والفساد من هناك ولا ترجع حتى تثبت ثوريتها وانتمائها الى الامام الحسين الذي ضحى من اجل حقوق الانسان والانسانية ولتضع حدا لاستخفاف اميركا بالعراق وتقطيع اوصاله وقتله وتدمير آثاره وحضارته بيدها المتمثلة بداعش وراعش والمنظمات الارهابية
الاخرى التي دمرت الشعوب وداست الكرامات والاعراض وباعت النساء وهتكت الاطفال .
لتتوجه المسيرة الاربعينية هذه السنة الى وكر الفساد والتجسس على الوطن السفارة الاميركية هذه المرأة اللعوب التي لا تستحي من شيئ ، التي ازالت شيئا ودمرت اشياء والحقيقة بصوت عال ان كل مشاكلنا وماساتنا من اميركا عدوة الشعوب ، كل تفجير في العراق تعلم به اميركا وتعرف منشاه ومصنعه والى اين سيتجه بل هي التي تصنع وتقتل وتدمر وتسرق فخلاص العراق بالخلاص من السفارة الاميركية في الخضراء راس الشيطان وقرنيه وجسده انها راس افعى الفساد فاذا قطع الراس مات الجسد وانتهى الفاسدون الداعشيون في العراق وخارجه وخسر هنالك المبطلون .

أحدث المقالات

أحدث المقالات