18 ديسمبر، 2024 10:15 م

رؤية امس و قراءة اليوم : من أين يأتون أمثال ( ناظم كزار ) ..؟

رؤية امس و قراءة اليوم : من أين يأتون أمثال ( ناظم كزار ) ..؟

نماذج كمثل :
( 1 ) كنت جالسا في حديقة المدينة المشهوره قريب من قلعة اربيل التأريخية ‘ جاء رجل ويده بيد طفل صغير و اخذه لمكان طيور الحمام المنتشرين في ساحة الحديقة ‘ وتركه مع اطفال اخرين بين الطيور وجاء هو وجلس بجانبي ‘ اشعل سيكاره ‘ وبعد نفسين من السيكاره قام يسير امامنا نحن الجالسين على مقاعد الحديقة وينظر على الوجوه كانه في حالة رؤساء عرفاء الجيش ايام زمان يفتشون الجنود بنظره من اخصم القدمين الى الرأس كما كان يقولون ‘ جلب الرجل تصرفاته انتباهي و بدأت انظر اليه وتعجبت من تصرفاته ‘ وبعد جولته امامنا واخر نفس من سيكارته رماها على الارض وذهب باتجاه الاطفال وهم مستأنسين باللعب مع الطيور ‘ سحب ابنه ليبعده عن الطيور و ذهب باتجاه ترك الساحه ‘ انفلت الطفل من يده ورجع بين الطيور ‘ وعاد هو ليرجع الطفل ‘ قبل ذلك و كانه شرطي يفرق المتظاهرين في ساحة الاحتجاج وبحركات من يده على الطيور ‘ طرد الطيور من الساحة ورجع سحب الطفل وهو يبكي ‘ فماكان منه الاان ضربه بصفعه قويه على وجه الطفل قائلا : ذهبت الطيور ولازم احنا ايضا نذهب و سحبه وهو يبكي وترك مكان
( 2 ) في سبعينات القرن الماضي ‘ كان الفندق السياحي الوحيد ودرجة اولى ‘ هو فندق ( هه ورامان ) كان يدره رجل خبير بادارة هكذا فنادق يدعى ( ابوفرات ) تعرفت عليه عن طريق صديقي عبدالرسول حسين كان في تلك المرحلة مسؤول قسم التحقيقات في مجلة ( ألف باء ) حيث نزلت فيه عدد مرات ‘ وعندما حدثت حادثه والتي سأرويها الان كان معي عبدالرسول ‘ اختار لنا غرفة بجانب جناح خاص ( سويت ) وقال لنا ابو فرات : ينزل في هذا الجناح مسؤول بدرجة مدير عام موفد من وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي ‘ واضاف : أن محافظ اربيل اوصاني ان اهتم به خلال تواجده لانة مكلف بعمل رسمي يخص دوائر الزراعة في اربيل ‘ في صباح اليوم الثاني و نحن نتهيأ للذهاب الى فطور الصباح اثناء خروجنا من الغرفة سمعنا صوت عالي عرف عبدالرسول انه صوت ابوفرات وهو يقول : الان تترك الفندق …!!! وخرج من الجناح ضيف وزارة الزراعة …اوقفنا ابوفرات ودخلنا غرفتنا وطلبنا منه ان يشرح لنا ماذا حدث ‘ فاستغربنا جدا حيث روى لنا ماحدث ‘ قال : دخلت جناح سيادة المدير العام المحترم لارى ان كان يحتاج شيء لانه كما قلت لكم أوصاني المحافظ بالاهتمام به شخصيا ‘ عند دخولي عليه رأيت انه يمسح حذائه بستائر الغرفة …!! استغربت من ذلك وقلت له : استاذ هذه ستائر لاتستعمل لمسح الحذاء لو كلفت اي عامل هنا لمسح حذائك بطريقه اصوليه ‘ وبدل ما يخجل من تصرفه قال بصلافه غريبة : انا مؤجر الجناح وادفع مقابل ذلك فافعل ما أشاء …!!! وزاد من صلافته عندما قال لي : لاتأخرني أوصيهم لياتون لي الفطور لان سيد المحافظ ينتظرني ‘ من رده عرفت انه رجل متخلف ليس جدير بعنوان وظيفته فرديت علية : انت نزيل كأي نزيل في الفندق اذهب الى المطعم لتفطر ‘ على ايه حال هدئنا ابوفرات ‘ بعد ساعه من الحادثه طلب محافظ اربيل ابوفرات ان يقابله في مكتبه ‘ عندما وصل الى المكتب رأى الضيف الثقيل جالس عنده ‘ فروى ابوفرات ماحدث ‘ وجه المحافظ كلامه الى الرجل قائلا : يارجل ليس حفاظا على مكان كنت ضيفا فيه وانما احتراما لشخصك وعنوانك ‘ تصرفك معيب …!!
ماذا اقصد من هذين المثالين ؟
اقصد فتح باب مناقشة ظاهرة ( صعود شخصيات جاهله الى مواقع عالية في المسؤولية في بيئة اجتماعية متخلفة ) ‘ من الممكن أن تكون وجود هذه النماذج كظاهرة اجتماعية داخل المجتمع ‘ ليس ذات تأثير مضر بالمصلحة العامة للمجتمع ‘ ولكن الخطوره تكمن عندما ينفتح الباب امامهم بالصعود الى مواقع المسؤولية على حساب مصلحة المجتمع وبالاخص المواقع المرتبطة بتقديم الخدمة العامه .
وعند المهتمين بالامن الاجتماعي العام ‘ ان هذه الظاهرة هي احد اخطر الظواهر التي تهدد دائما استقرار المجتمع ويخلق ويعمق المشاكل السياسية في بيئة الشرق عموما و مع الاسف في بلدنا .
التفسير العلمي يقول : ان الانسان المضطهد الذي يعرقل وضعه الانساني والتوجه وبطريقة سليمة الى كسب الوعي و التطور الفكري ‘ يشعر في اعماقه انه مهدد منمن حوله ..!! لذا عندما تلعب الصدفه او اي وضع مربك في بيئته ليرى نفسه في موقع عالي وذو صلاحيه يستسلم لعقدة الخوف من الخساره ‘ ولنقص الوعي زائدا التراكمات الاجتماعية يدفعه في خطواته ان يتجاوز التعامل الصحيح في تصرفاته خوفا من خسارة الموقع ويؤدي به هذا الى كسر حتى القوانين .
في مجتمعنا ‘ ونتيجة لتراكمات البيئة والعقد الاجتماعية والتخلف و الصراعات السياسية الفاقده للرؤيا الواعية للمستقبل ‘ ومنذ الانقلاب السيء الذي حصل في تموز 1958 الذي قلب كل موازين البناء الى توجهات الصراع على الحكم ‘ من الممكن لحد هذه اللحظه ان يحصل وصول الاب القاسي الذي ارعب الطيور و ضرب بدون رحمه ابنه وحرمه من اللعب أن يظهر انانيته و انتهازيتة وقساوة قلبه ان يتجاوز في عمله مراعاة حق الناس ‘ لذا من الممكن ان نتوقع منه ‘ وأن مزاجه يدفعه ان يطير طيور المصلحة العامة ارضاءا لغريزته ..!و الرجل الذي عرفانه كمسؤول كبير في احد الوزارات المسؤولة عن المصلحة العامة و تم تقديره لموقعه ‘ تصرفه السيء بالعرف الاجتماعي اكد أنه من فصيلة ذلك الاب القاسي ‘ من هنا ياتي الخوف من خطر اخر بالنسبه لصعود هكذا نماذج في مواقع المسؤولية اخطر كالدوائر المسؤولة عن امن الناس ‘علينا أن نتوقع ظهور اكثر من قصر النهاية الذي برز فيه قساوة ناظم كزار تحت عنوان الحفاظ على امن البلد بوجه الاطماع الخارجية ‘ ورأينا مأساة السجون السرية في الجادرية( بعد مرحلة التحرير المزعوم ) ‘ ايام المسؤولين المعقدين بظاهرة روح الانتقام وكان في دهاليز تلك السجون يمارس عشرات من امثال ناظم كزار الظلم تحت عنوان الانتقام …!
في البلدان المتقدمة والمستقره في وضعها الاجتماعي والوعي عند افراده يفهمون معنى الحريه : أنها المسؤولية بمعرفة واعية للحقوق والواجبات ‘‘من الصعب السماح للمعقدين اجتماعيا بالوصول للمواقع المسؤوله عن مصالح الناس وأن الوعي الاجتماعي ومن الدروس التي اخذوا من افرازت الحرب العالمية الثانية ‘ لايسمحون ان يتكرر هكذا تجربة يسمح لصعود انسان معقد كهتلر الى مواقع المسؤولية عن الامن والاستقرار العام.
وقصاري القول :
بعضنا يخاف أن يفكّر، لأنّه إذا فكّر، فقد يتبدّل كلّ كيانه الفكريّ، ويستوحش من كلّ تاريخ التخلّف الذي عاشه. – محمد حسين فضل الله