عندما بصرت عيناي الدنيا وما يدور من حولي رأيت والداي ( رحمهما الله ) كيف يخوضا غمار هذه الحياة بالصلاة والصوم والعبادات الاخرى ليس لي دخلا بها كوني أعيش بداية طفولتي سوى أني أتكلم العربية وأعيش في كنف أبواي في بيت اسرة صغيرة مع أخواني وأخواتي وأول شيء تعلمته منهما هي الصلاة والصوم على طريقتهما الخاصة بهم وأنا على خطاهم فطريا بدون نقاش ولا سؤال كيف أو لماذا والشيء الثاني عندما حصلت على الهوية الشخصية مكتوب عليها ولد في الجمهوريه العراقية حينها عرفت أني أنتمي الى شيء أسمه وطن يقال له ( العراق ) أحتضنني منذ الطفولة كما أحتضن آبائي وأجدادي من قبل وهو الامتداد الطبيعي للوطن الصغير البيت الاسري فكلما كبرت كبر أنتمائي الى هذا البيت الكبير ( الوطن ) الذي أتغنى بأسمه وأقرأ عنه كل ما هو جميل من حضارة وأصالة ولهذا كبر معي حبهما معا الوطن والمذهب والدين في آن واحد لا فرق بينهما والقاسم المشترك بينهما هو الدفاع عنهما .
أن الانتماء للمذهب خصوصية الفرد الذي ينتمي له انتماءا ذاتيا فطريا تربويا عائليا وله حرية الاختيار في القبول او الرفض بشرط الحفاظ على الهوية الاسلامية وتطبيقاتها الصحيحة كشريعة سماوية فالمذهب وأعتناقه حرية شخصية للفرد لا أحد يفرض عليه سلطته في ممارسته وأيمانه والدفاع عنه بالطرق العلمية والحوارية البعيدة عن التعصب له وفرضه على الاخرين .أما ألانتماء الى الوطن فهو أنتماء عام لكل العراقيين الذي أستوطنوا هذه البقعة كشعب واحد خط خارطته الجغرافية ودافع عنه على مر العصور من كل الهزات التي عصفت به كونه جامع لكل المذاهب الاسلامية والديانات الاخرى التي تشكل منه هذه الجمالية المتفرد بها .
أن الوطن هو الجامع المشترك لكل المذاهب والمعتقدات فبقوة تماسك هذه المكونات يفرض الوطن شخصيته وقوته على الاخرين وفي ضعفه يتشظى حيث يؤثر سلبا على كل المعتقدات المنضوية تحته وعندما يفقد الوطن وحدته يكون عرضة للتمزيق وتتأثر بدورها الاديان والمذاهب فالمذهب بلا وطن كأنسان بدون غطاء في ليلة شتاء قارصة البرد تعرضه للهلاك .علما أن فقدان الوطن ونعمة العيش فيه قد يكون عرضة للضغط على معتقدات المذهب وتؤثر عليه سلبا وكذلك الدين والعقيدة وحينما يصبح الشعب بلا وطن وخارج أسواره تتلاقفه الايادي الخفية البغيضة التي تريد به شرا بأسلوب ممنهج ومدروس في أضعافه من خلال المغريات التي تقدم لابنائه لان كل المذاهب والمعتقدات الدينية تجمع في بودقة الوطن الواحد القوي المتماسك وبدونه تكون عرضة لتصدع والضعف ويكون مكبلا بشروط لا تخدمه لانها بأملاء غيره . لهذا علينا الحفاظ على الوطن وحمايته من كل التداعيات المحيطة به والدفاع عنه بكل الوسائل متجاوزين الصعاب والعراقيل والوقوف أمام كل الهجمات البربرية للمساس به ولتدميره وتمزيق أطيافه الذين عاشوا طويلا فيه لديمومة الحياة للاجيال القادمة المسؤلون عنها مستقبلا