23 نوفمبر، 2024 3:36 ص
Search
Close this search box.

رؤىً متباينة عن حرب تشرين 1973

رؤىً متباينة عن حرب تشرين 1973

لابدّ من الإقرار او الإتّفاق بأنّ التمعّن في قراءة تفاصيل ومجريات تلك الحرب في حينها , وحتى بعد السنوات القلائل التي اعقبتها , تختلف بدرجةٍ كبيرةٍ عن قراءتها في الظرف الآني , مع استبعادٍ مؤقّت للجانبين العاطفي والسيكولوجي الذي سادَ المجتمع العربي عموماً , وخصوصاً بعد مضيّ نحو نصف قرنٍ على اندلاعها , ودونما مقارنةٍ ” غير مقبولة ” لتلك الحرب مع الهجوم الثلاثيني على العراق في عام 1991 وايضا حرب غزو العراق في سنة 2003 .

تقتضي الإشارة او اعادة الإشارة أنّ القيادة المصريّة كانت قد خططت مسبقاً وسرّاً التقدّم في سيناء او شرق قناة السويس بمسافة تتراوح بين عشرة الى خمسة عشر كيلومتر عمقاَ فقط , ودونما ابلاغ السوريين بذلك .! حيث كانت تصورات القيادة السورية هو الإستمرار في الحرب حتى تحرير الجولان سوريّاً , وتحرير سيناء وصولاً الى منطقة الممرات < ممرّ متلا و ممرّ الجدي > بالقرب من شمال سيناء على الأقل كمنطقة عسكرية ستراتيجية .. إنّ تحديد المصريين لمسافة 10 – 15 كم فقط ليتوقف عندها تقدم القوات المصرية , إنّما يعود للقُدُرات العسكرية في تأمين هذه المساحة الضيقة بوسائل الدفاع الجوي بشبكة صواريخ سام وسواها ضد الطيران الأسرائيلي , وايّ خروجٍ من هذا العمق فيقود الى مخاطر جمّة للقوات التي نجحت بعبور القناة بمهارة . لكنّه إخفاء ذلك عن السوريين له مئةَ معنى ومعنى ! ننآى عن تسميتها هنا .!

اثناء تصاعد ضغوط ووتيرة الحرب على الجبهة السورية , اتصل الرئيس حافظ أسد بالرئيس السادات طالباً المزيد من الضغط العسكري المصري لتخفيف ضغوطات الأسرائليين على الجبهة السورية , وتعرّض السادات فعلياً للإحراج ووجّه قواته بالتقدم خارج المنطقة المحددة , ومع امتعاض القادة العسكريين المصريين وسيما الفريق الراحل سعد الدين الشاذلي – رئيس اركان الجيش المصري ورفضهم الأوّلي لذلك , ثمّ اضطرارهم لتنفيذ اوامر السادات , فخلال ساعاتٍ قلائل دمّر الأسرائيليون نحو 250 دبابة مصرية , ممّا اضطرّ القوات الى الأنسحاب الى مواقعها السابقة .

من جانب آخرٍ , ورغم الإعداد الدقيق ” الذي سبق الحرب ” بين القادة العسكريين السوريين والمصريين , فلم يكن هنالك مركز مشترك للعمليات الجوية بين الطيران المصري والسوري .! < بحيث كلّما اغارت الطائرات الأسرائيلية على الجبهة المصرية , حتى من المفترض ان تتصدى لها المقاتلات السورية عند عودتها على الأقل , والعكس ايضاً اي عند الإغارة على القوات السورية > ولعلّ ذلك من اسرار الحرب .!

لا شكّ ولا جدال أنّ اخطر ما في حرب اكتوبر – تشرين هو ثغرة الدفرسوار المعروفة والتي غيرت نتائج الحرب الى حدٍ كبيرٍ وخطير وبما كسر شوكة النصر المصري في ذلك , عبر عبور 700 دبابة اسرائيلية الى غرب القناة والألتفاف خلف الجيش الثالث المصري الذي عبر قناة السويس , ورغم محاولاتٍ متشبثة من القوات المصرية ” غرب القناة ” لسحق القوة الأسرائلية , لكنها فوجئت وجوبهت بشبكات من حقول الألغام الأسرائيلية التي اعاقت كليا اي تقدمٍ للدروع المصرية .. النتائج الكارثية لذلك والتي احداها رضخت مصر لقبول وقف اطلاق النار مرغمةً , تجسّدت وتمحورت ببقاء الجيش الثالث محاصراً شرق القناة ومن دون مؤونةٍ وتموين في الذخيرة والغذاء والماء .! ممّا اضطرّ القيادة المصرية للرضوخ الآخر لشروط الأسرائيليين بتأمينهم وتزويدهم الماء للجيش الثالث المحاصر وعلى أن يتولى المصريين ارسال وايصال الغذاء يومياً الغذاء يومياً بالشاحنات المصرية بالقرب نسبياً من حافات القناة ” او الى نحو منتصف الطريق , وتحويلها ونقلها عبر الشاحنات الأسرائيلية .! والى الآن ! لم يجرِ معرفة ماذا واذا ما كان الأسرائيليون ينقصون من تلك الأغذية والطعام او ماذا قد اضافوا له من موادٍ ما .!

أداء الجيش المصري كان فعّالاً في تدمير خط بارليف وعبور القناة بلا شكّ , لكنّ ما حدث في ثغرة الدفرسوار من مأساةٍ كارثيةٍ فتتحمّله القيادة العسكرية العليا , وخصوصاً الفريق الراحل سعد الدين الشاذلي < الذي يحظى بجماهيريةٍ مصرية وعربية واسعة النطاق > وذلك بعدم اتخاذ التحصينات اللازمة والضرورية للمنطقة الرخوة التي تسمى بمنطقة البحيرات جنوب القناة , والتي تسللت منها القوات الأسرائيلية وحدث ما حدث من الأحداث التراجيدية .!

قبل نحوِ سنتين دخلتُ في مداخلةٍ هاتفيةٍ مع احدى الفضائيات المصرية التي كانت تجري مقابلةً مع اثنين من القادة المصريين الذين شاركوا في حرب اكتوبر – تشرين وذكرتُ فيها : < في الحرب العراقية – الأيرانية التي تمتد جبهتها الى اكثر من 1800 كيلومتر طولاً , وإنّ المسافة الممتدة بين محافظة البصرة ومحافظة العمارة هي بنحو 200 كيلومتر , وهي ذات المسافة الممتدة ين محافظة العمارة ومحافظة الكوت , وهي ذات المسافة او الجبهة على طول قناة السويس , فكيف عدا ممّا بدا , ولم تستطع القيادة العسكرية المصرية في في تأمين وتحصين تلك الفجوة .! وبحرب او معركةٍ لم تستغرق سوى ثلاثة اسابيع > .! , وللحديثِ بهذا الشأن شؤونٌ وشجون قد نتعرّض لها في حلقةٍ اخرى .

أحدث المقالات

أحدث المقالات