من التقاليد المتعارفة عليها عند العرب انهم يحتفون بمناسبات طالما أريقت خلالها دماء ابرياء.. وبعيدا عن انقلاب 14 تموز الذي كان يحرص عبد الكريم قاسم على بياضه ، لكن الضباط القوميين وتيارهم السياسي الذي برز منذ اوائل القرن الماضي عرف بدمويته ووحشيته وسرعان ماظهرت هذه النزعة المتعطشة للدماء فقام النقيب القومجي النقيب لعنة الله عليه عبد الستار العبوسي من زمرة المقبور عبد السلام عارف بفتح النار على اشرف العوائل العربية والعراقية العائلة الهاشمية المالكة التي خرجت برايات بيضاء وترفع فوق الهامات القرآن لتضمن السلامة من قاطعي الرؤوس وشاربي الدماء ، لكن العبوسي فتح النار بلارحمة على الرجال والنساء والاطفال والخدم وسارع قاسم الى المستشفى لانقاذ الملك الصغير لكن رصاصات القومجي العبوسي قد نالت من جسده الطري وفارق الحياة.
هذه الذكرى الاليمة مناسبة عظيمة للاعتذار قبل الاحتفاء والاستذكار للبطولات الملطخة بدماء الابرياء الاشراف الى ذوي الضحايا والى التاريخ ، كي تفهم الاجيال اننا نؤسس لتاريخ اكثر دقة وواقعية يعتمد على الحقائق مجردة وبعيدة عن التشويه الذي مارسه الاقوياء وكتبه الكذابين.
ان الافعال الوحشية التي مارستها العناصر القومية اجهضت الثورة من محتواها الوطني والانساني والاخلاقي عندما قامت بعمليات تمثيل وتقطيع غريبة للباشا نوري السعيد والوصي عبد الاله رحمهما الله وانتهى بهما معلقين باعمدة ساحة الشهداء بالكرخ وهي منطقة تعتبر معقل لتجمع العناصر القومية ببغداد ، ومازالت (الجناكيل) التي علقت بها الجثث موجودة فوق استديو عارف سابقاً.
اما قاسم الذي نالت منه ورفاقه ذات العناصر القومية الوحشية فانه سيبقى خالدا في نفوس الكثرين ويستحق الاحترام لاعتبارات اولها ، كان حريص قبيل الثورة على عدم اراقة الدماء ، وثانيا جاء من اجل الفقراء والمحرومين ، وثالثا رحل بمشهد قتل لايقل وحشية عن قتل الباشا والوصي ، ورابعا والاهم انه رحل بلا ارصدة مالية او مسكن خاص به.
اما لعنة الله تعالى فقد نالت من الذين قتلوا العائلة المالكة وقاسم وقصص نهاياتهم المخزية معروفة لكن ربما نهاية النقيب العبوسي مبهمة للكثرين ، فقد قام هو شخصيا بقتل نفسه عام 1973 بمزرعته في ديالى حين وجد معلق بحبل بالمروحة داخل غرفته بعد صراع طويل مع مرض نفسي خطير حيث كان تراوده احلام تفزع مضجعه وتجعله يصرخ ويصم اذنيه حين كانت الملكة عالية دوما تأتيه ومعها رجال اشداء فيسحبونه الى قاع من النار محاط بالوحوش بحسب التقرير الطبي الذي كتبه احد الاطباء النفسين المعروفين بالعراق الذي كان يعاينه لحين اعدم نفسه.