كل ما سنحت لي ألفرصه لمشاهدة التلفزيون لمتابعة الإخبار, أشاهد إطلالته السمجة والمملة, وبكلامه المائع الغنج وبحركات رأسه المتعالية والمتغطرسة , فتبعث في نفسي القشعريرة والألم, للحالة العراقية التي وصلنا إليها ,وهو يدار من هذه النكرات التي كانت تبحث يوما عن من يسد رمقها ويقوّم بقائها وعيشها, فاتبعت كل أساليب المكر والانحطاط وسخرت كل ما امتلكته من حيل ودهاء وامتهنت الضعة والذلة والمسكنة من اجل إن تجد لها فسحة أو حيزا ضيقا بين الشرفاء والوطنين المخلصين والمناضلين الذين قدموا التضحيات والمثل العليا من اجل إنقاذ هذا الوطن بعز ونكران ذات.
, لكنه لعب أدوارا متلونة متقلبة بين هذا الحزب وذاك تزلفا ومتملقا وحسب الحاجة ودعة النفس لهذه الشخصية وتلك إلا انه ظل كما هو في عيون الجميع شخصية مهزوزة ضعيفة منافقة لا ينظر إليها إلا بالحقارة والدونية .
ولكن بأس هي الأقدار التي جعلت منه اليوم يتصدر مراكز القرار والتنفيذ ويشار إليه بالبنان أينما حل وارتحل.
ومن حيث لا ادري تجرني مشاهدته وبتفكير ذهني وعفوي إلى ما خزنته هذه الذاكرة من قراءات الصبا عن شخصية خارقة مثيرة للجدل تربعت على الإحداث السياسية والاجتماعية والدينية في ألحقبه القيصرية الروسية زمن القيصر نيقولا الثاني .
فظلت في حياتها وبعد مماتها شاغله المفكرين والسياسيين وأصحاب الثقافة والفن والمتدينين وفي عموم إرجاء العالم حيث أشبعوها تحليلا ودراسة ومتابعة بكل حيثياتها وتفاصيل حياتها وتأثيراتها على مجمل الإحداث الروسية في زمنها.
رأس بوتين والذي يعني في اللغة الروسية (الفاسق الداعر) فما هو سر هذه الشخصية الغامضة والخارقة للمألوف الإنساني وما سر هذا الصعود المذهل والسريع الذي مكنه من السيطرة والنفوذ على مقدرات البلاط الملكي الروسي أيام عائلة رومانوف .
فراس بوتين لم يكن في بداية حياته سوى راهبا منحدرا من عائلة فقيرة تعيش في مجاهل سيبريه عرف عنه التنسك والتعبد في النهار والتسكع والعربدة حتى الثمالة في مواخير وملاهي الليل يتربص لتصيد النساء بسحره الوقاد وكاريزميته التي يهيمن بها على قلوبهن رغم هيئته وملابسه الرثة وهندامه المبعثر والمشتت وشعره الكث الطويل والمتسخ ولحيته المتدلية على صدره بإفراط حيث كان مستهترا في حياته وتصرفاته ,لكنه كان يمتلك عينان زرقاوان تقدحان بريقا وشررا فتنفذ إلى قلوب النساء دون إي استئذان بقدرته الخارقة على الجذب والاستهواء, فتسحر الكثير منهن ليقعن فريسة سهلة لشهواته ومجونه.
وبلباقة لسانه وسلاطته امتهن الشعوذة والسحر في شفاء المرضى ,فخلقت له الشهرة بين المجتمعات التي تعرف عليها وعاش في أوساطها مشردا, وهي التي مهدت له الطريق وبالصدفة إن يلتقي في مدينة كيف بالامبراطوره الكساندرا التي كانت تبحث عمن يشفي ولدها الذي حار الأطباء بعلاجه, فوفر الحظ لرأس بوتين فرصة لم تكن له بالحسبان, ليقرءا على ولدها عدة دقائق فيفتح عينيه , وتنفتح كل أبواب المجد والرفعة إمام هذا الراهب الفاسق الشيطان فتبتسم له قلوب النساء في قصر الإمبراطور في بطرس برج ويكون لرأيه ومشورته مثابة ومكانة لاينافسها أعظم واعلي المستشارين المقربين للقيصر الروسي فيركبه الغرور والنرجسية ويعبث بكل مقدرات ألدوله ومقرراتها السياسية لتدخله بكل صغيرة وكبيره تهم شئن الرعية والسلطة, حتى قيل انه كان السبب في النتائج الكارثيه التي حلت على روسيا العظمى في الحرب العالمية الأولى والإخفاقات والفشل الذريع الذي منيت به قيادة وسياسة القيصر, وكانت نهايته وكما توعدها لهم وتنبئ هو بها قبل مقتله على يد معارفه وحساده المحيطين به والمقربين للعائلة المالكة والتي انتهت وبعد مقتله بعشرة أسابيع بالثورة البلشفيه العظمى 1917 التي أقضت مضاجع القياصرة.
أرجو إن أكون قد وفقت للاقتراب من إسقاط شخصية هذا الراهب المشعوذ الداعر الذي قال (سأموت موتا شنيعا وستلحقون بي عاجلا )
على شخصية صاحبنا المستهتر المغرور والانتهازي العابث بأروقة السلطة ومشاعر العراقيين.