ذي قار احدى محافظات جنوب العراق 300كيلومتر جنوب العاصمة بغداد، اكتسبت تسميتها منذ القدم حين دارت فيها معركة ذي قار، بين العرب من اهلها قديما والفرس اول معركة انتصر فيها العرب، كانت هذه المدينة وما زالت تفتخر بتضحياتها الى الوطن، من معركة ذي قار مرورا بثورة العشرين وحتى مقاومة الاحتلال الامريكي والى يومنا هذا، بمقاومة داعش وأعوانهم.
تكاد تتصدر المشهد المقاوم في يومنا هذا، فأغلب اولادها ضمن صفوف الحشد الشعبي والقوات الامنية، وتعد الاكثر حصيلة ضمن شهداء هذه المعارك الاخيرة ضد العصابات الارهابية، فلم يمر يوما تحدث فيه المعارك دون ان تأتي قوافل الشهداء لكي تزف عند بوابة هذه المدينة المعطاء، ورغم كل هذه التضحيات لم يتوانى عزم احد من اهلها بالذود عن الوطن، حتى وصلت الحال بان سبع اخوة يذهبون شهداء ضمن صفوف القوات الامنية و يأبى اباهم الا ان يلحق بهم شهيدا، فكان له ذلك حيث انتهى من عزاء ولده الاخير والتحق بقاطعه و عرج هنالك شهيدا، هنالك الكثير من هذه القصص التي تشيع الفخر بنفس اهل ذي قار.
من اجمل خصال اهلها كرمهم غير المحدود، مثل صحن بدر الرميض ذلك الرجل الذي عرف بمقاومته للبريطانيين ابان ثورة العشرين، والذي تسبب بالكثير من المشاكل لهم ضمن منطقة نفوذه، اشتهر بكرمه وان ابواب مضيفه مشرعة الى من ليس لديهم طعام او شراب، فهذا على الصعيد الشعبي اما ما تتمتع به هذه المحافظة من موارد اقتصادية وسياحية، فهي تمتلك عدة حقول للنفط فيها فضلا عن المناطق السياحية الخلابة، كالأهوار ذات الطابع المائي الرائع حيث هنالك تزدهر تربية الجاموس وتتمتع بكثرة الطيور والاسماك بأنواعها، وتوجد فيها ايضا زقورة اور وبيت النبي ابراهيم الخليل(علية السلام)حيث تشهد الزقوه توافد الحجاج المسيحيين لها من كل بقاع العالم، كل هذه الموارد كفيلة بإيصال هذه البقعة الى اعلى المراتب الاقتصادية.
ما يؤسف له اهل هذه المدينة لم يحظوا بأبسط حقوقهم، فهي تعاني بتوالي الحكومات عليها منذ زمن الملكية والى يومنا هذا، ولعل اكثر حقبة عانى اهلها بها هذه التي لم تقدم اي شيء لها، تعاني ذي قار اليوم من واقع خدمي مزري لا يتناسب مع ابسط التضحيات، اهمال صحي تردي الكهرباء غياب تام لأقل الخدمات، شحة في المياه مما تنذر بجفاف اخر للاهوار ومهاجرة الطيور وانعدام الثروة الحيوانية فيها، رغم كل هذا ولا توجد اذن صاغية من الحكومة المركزية في بغداد، وكان لسان حالها يقول عليكم الواجبات لا المطالبة بالحقوق، لم تكن هذه المدينة تحلم بأكثر من شارع معبد وتجهيز كامل للكهرباء ومياه شرب وري على حد سواء، انها احلام البسطاء التي اصبحت في عراقنا اليوم احلام يقظة لا يمكن تحقيقها من قبل الحكومة.
النتيجة حال ذي قار المأساوي الطامح الى رد الجميل حتى لو بالقليل مما تصبو اليه، واقع خجول ليس من العدل ان تقارنه مع شيء قليل من موارد او تضحيات المدينة، لم تعد المحافظة تنتظر من الحكومات شيء، لكنها تبقى وفية الى العراق حتى وان ظلمت.
منطقة المرفقات