14 أبريل، 2024 2:17 ص
Search
Close this search box.

ذي قار تقتل بصمت محافظة خارج حسابات الحكومة

Facebook
Twitter
LinkedIn

عندما تسأل أحدا عن محافظة ذي قار فسوف يسارع إلى تعداد قائمة من المزايا التي تجعلك تتوقع محافظة تتمتع بوفرة الثروات وينعم أهلها بالرفاه، فذي قار مدينة الأدب والشهداء والمقاومة ووفرة المياه والأرض الخصبة والمواقع الأثرية التي كانت ومازالت محط أنظار العالم، كما أن ما تحت أرض ذي قار لا يقل غنى عما يحمله ثراها. إلا أن الواقع بعيد كل البعد عما يمكن أن ترسمه مخيلة السامع من تخيلات.
فلو أنك تجولت في هذه المحافظة سترى جسورا مازالت قيد الإنشاء رغم مرور السنوات على البدء بإنشائها، ومدارسا حكومية أصبحت ساحات منذ سنوات بحجة إعادة بنائها. . كما أن الكثير من أبناء المحافظة أصبح يرسل بأبنائه إلى المدارس الأهلية نتيجة الزحام في المدارس الحكومية التي تجاوز عمرها أرقاما كثيرة من السنوات دون تجديد أو ترميم سوى بعض الأصباغ. وكما تنبت البذور على وجه المريض نبتت على أرض ذي قار الجامعات الأهلية التي شيدت بسرعة قياسية خلافا لما كل هو حكومي في المحافظة!
ستجد مستشفيات حكومية فقيرة الخدمات شحيحة الدواء، تنتشر قريبا منها مستشفيات أهلية يضطر الناس إلى مراجعتها رغم غلاء الخدمات وأسعار الدواء.
القطاع الصناعي لم يشهد أي تطور، فلم تشهد المحافظة ولادة مصنع واحد بعد عام 2003.
الزراعة في ذي قار تحتضر بعد شح المياه وجفاف الأنهار بشكل دفع سكان الأرياف إلى مغادرة قراهم للعيش في المدينة أو الرحيل عن المحافظة إلى محافظات أخرى لعلهم يحظون بفرصة أفضل للعيش.
لا يمكن حصر أوجه الخراب في ذي قار، لكن يمكن ملاحظة أنه يجري لمصلحة أصحاب رؤوس الأموال الذين تحل مشاريعهم بديلا عن المشاريع الحكومية، مما يشير إلى أن عملية خصخصة مشبوهة تجري بهدوء وصمت بعيدا عن الأنظار.
على أرض ذي قار سترى وجوها أنهكها الفقر لأناس يعيشون على بحر من الثروات والإرث التاريخي الكفيل ببناء واقع مختلف ينعم فيه الجميع بالرخاء، كما أن قلب المحافظة يشهد تظاهرات يومية تشتعل فيها الإطارات لقطع الطرق احتجاجا على الواقع المزري دون أن يكون هناك فعل حقيقي من الحكومة لمعالجة الأزمات، وكأن هناك من يريد لدوامة الفوضى أن تستمر ليحقق غرضا معينا.
وآخر ما تشهده المحافظة من الأزمات التي لا يمكن أن تشهدها غيرها من المحافظات، هي اعتصام الخريجين المطالبين بالتعيين على أبواب الشركات النفطية وإغلاق تلك الشركات لأمد غير معلوم دون أن تتدخل أية جهة حكومية لحل مشاكل المعتصمين أو الاستجابة لمطالبهم وفتح الشركات النفطية، وكأن تعطليها أمر مقصود لغرض مبيّت من جهة ما أقوى من حكومتها المحلية، هي التي تمتلك القرار كما تمتلك القدرة على حجب هذه الأحداث المهمة عن وسائل الإعلام ومنعها من تغطيتها.
من المفارقات التي وقعت أثناء كتابتي هذا المقال، أن اقرأ خبرا عن قرار لوزارة الكهرباء بتخفيض حصة محافظة ذي قار من الكهرباء لتصبح ساعة ونصف تشغيل مقابل ساعة ونصف إطفاء! دون أن يبين الخبر أسباب هذا الحكم القرقوشي من الوزارة.

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب